غرامكِ لا يبقى على نفسِ إنسانِ
غرامكِ لا يبقى على نفسِ إنسانِ المؤلف: مصطفى صادق الرافعي |
غرامكِ لا يبقى على نفسِ إنسانِ
فسلهُ لماذا غالَ قلبي وأبقاني
أفي كلِّ يومٍ لي من الحبِّ حسرةٌ
وحزنٌ وقد ضاقَ الفضاءُ بأحزاني
وها أنا ذا بينَ الصبابةِ والصبا
تجاذبني الأولى فيدفعني الثاني
ولم يبقِ من جسمي الهوى غير ذرةٍ
كما أبقتِ الكاساتُ من عقلِ نشوانِ
أكادُ لذاكَ الحيِّ إن مرتِ الصبا
أطيرُ وإنْ لم يحتملني جناحانِ
وتنظرُ هذي الشمسُ عيني كأنها
وقد أذكرتني حسنَ وجهكَ شمسانِ
هم عبدوها في الجمالِ ضلالةً
ويمنعني من مثلِ ذلكَ إيماني
على أنهم ذلوا لسلطانِ حسنها
وحسنكَ سلطانٌ على كلِّ سلطانِ
فقالوا حكيتَ الظبيَ جيداً ولفتةً
وأشبهتَ غصنَ البانِ في هيفِ البانِ
وأقسمُ ما الغزلانُ في لفتاتها
ولا هيفُ الأغصانِ إلا الشبيهانِ
لكَ الحسنُ من كلِّ الحسانِ وللذي
يحبكَ في أشعارهِ كلُّ إحسانِ
وأنتَ الذي قربتَ من جسمي الضنا
وأنتَ الذي باعدتَ ما بينَ أجفاني
فإن قيلَ عني أنهُ ماتَ عاشقاً
فقلْ لهم ما رحمةُ الميتِ من شاني
إذا كنتَ لا ترثي وفيَّ بقيةٌ
فكيفَ إذا ماأدرجوني بأكفاني
وإن يقرأ العذالُ ما أنا كاتمٌ
فقد خطَّ في خديَّ بالدمعِ سطرانِ
ولو شئتَ لم يدروا بما دارَ بيننا
ولو أن حسادي عليكَ من الجانِ
أبى الدهرُ أن يلقى أخو الحبِّ صاحباً
من الإنسِ إلا دونهُ ألفُ شيطانِ
فيا ليتَ أن الأفقَ تهوي نجومهُ
على كلِّ واشٍ بالمحبيَن خوَّانِ
ويا ليتَ نيرانَ الجحيمِ تزيدهمْ
قلوباً تلظى حسرةً فوقَ نيرانِ
ويا ليتَ أن الأرضَ دكتْ جبالها
فكم فيهمْ من مثلِ رضوى وثهلانِ
وما كنتُ أدري قبلهمْ أنَ في الورى
من الناسِ أقوامٌ على شكلِ أوثانِ
فيا من لحاني في الصبابةِ ما ترى
ملامكَ هذا بالصبابةِ أغواني
وبي رشاً لم يبقِ مني دلالهُ
سوى ما تراهُ من همومٍ وأشجانِ
تعشقتهُ ظمآنَ للحبِّ فارتوى
فؤادي ولكنْ ردني جد ظمآنِ
وأضحكني دهري زماناً بقربهِ
ولكنهث من بعدِ ذلكَ أبكاني
ولن تجدِ النيا سوى ما وجدتها
ولا سائرَ الأزمانِ إلا كأزماني
ويا جيرتي والنفسُ جمَّ عناؤُها
ألا عاشق عان لذا العاشق العَاني
رأيتُ فؤادي مطبقاً جفنهُ الأسى
كما اكتحلتْ بالنومِ أجفانُ وسنانِ
وقد كانَ لي كأساً لدى مجلسِ الهوى
إذِ الحبُّ راحي والحبائبُ ريحاني
وفي الحبِّ سلوانٌ ولكنني أرى
تأسي ذي الحاجاتِ ليسَ بسلوانِ
وهذا الهوى تاجٌ على كلِّ عاشقٍ
فما شرفُ الأملاكِ من غيرِ تيجانِ