→ الباب العاشر | علم الملاحة في علم الفلاحة الخاتمة المؤلف: عبد الغني النابلسي |
في كيفية الخزن وادخار الحبوب والبزور والفواكه الطرية واليابسة والقطاني وبعض الخضر والزهور والعصير والخل والمخللات والمملحات والورد وماء الورد.
أما ادخار الفواكه الرطبة واليابسة، نحو العنب والزبيب والمشمش والأجاص فذلك يدخر في المواضع الباردة الريح النظيفة ولا يقرب الفواكه شيء من حبّ السفرجل ولا يخزن معه فإنه يضر بالرطبة منها. والعنب إذا أردت أن تبقى عناقيده زمانا يحرق ورق التين وحطبه وينثر رماده على العناقيد يصمد طويلا وإن غمست العناقيد في عصارة البقلة الحمقاء حفظت مدة طويلة وإن غمست في ماء الشب وعلقت لا تتلف طوال السنة وإن أخذ رماد الجرزون ورماد حطب التين وخلطا بماء وغلي الماء ثم برّد ثم غمست فيه العناقيد وجففت بعد إخراجها منه ثم وضعت في تبن الشعير فإنها تبقى زمانا. وكذا جميع الفواكه الرطبة ونشارة الساج والأرز ورماد الكرم يُضرب أي منها بالماء وتغمس فيه العناقيد وترفع ثم تفرش أو تعلق في غرفة نظيفة معتدلة الجو، تبقى زمانا طويلا وإن صنع إناء من روث البقر المخلوط بقليل من طين ابيض بعد التأكد من عدم وجود شقوق في الإناء فإذا وضعت فيه عناقيد العنب ثم طين رأس الوعاء ووضع في مكان نظيف بارد، فإنه يبقى إلى النيروز. ويؤخذ العنب الشتوي الغليظ القشر الطلب الأبيض أو الأسود الناضج المستحكم الحلاوة في شهر كانون أو غيره بحسب تبكير الأرض وتأخيرها بعد أن يقطف بحديد قاطع يكون ذلك بعد ارتفاع الشمس وذهاب الندى ثم ينقى العنقود من الحب الفاسد أو غير الناضج وتفرش له الخوابي الجدد بتبن الاشتالية أو بتبن السلت ثم توضع العناقيد بين طبقتي التبن إلى أن تمتلئ الخابية ويختم فمها بالطين ليمنع الهواء من التسرب إلى داخلها ثم تحفظ الخوابي في مكان لا تصل إليه الشمس فإن العنب يبقى غضا عاما كاملا. ويحفظ العنقود مدة طويلة في ظرف من فخار على أن لا يكون في العنقود فساد وذلك بأن يطين عليه بطين مصنوع من تراب أحمر. وقيل تغمس العناقيد في ماء وملح وتفرش على تبن الترمس أو تبن الباقلاء أو تبن الشعير وتحفظ في موضع بارد لا تصيبه الشمس ولا توقد فيه نار تبقى زمانا. وقيل إن وضع عنقود العنب في ظرف الفخار الجديد وسدّ رأس الظرف بجلد شدا محكما ودفن في تراب لا يصل إليه الفساد مدة طويلة وإن جعلت الجرة في الماء إلى حلقها لا يلحق العنقود فساد كذلك، وإذا قطع العنقود بقضيبه وورقه وغمس موضع القطع في قار مذاب وعلق بقي غضا الشتاء كله. وقيل إن فرش العنب على تبن الفول لم يقربه الجراد ما دام عليه ويبقى مدة سليما. وإن خلطت نشارة الخشب مع دقيق الجاروس وجعلت في آنية مطلية بالقار طبقة منه وطبقة من العنب فإن العنب يبقى غضا.
وقال بعض الحكماء إذا أخذ ماء السماء وغلي حتى يذهب ثلثه، ثم برد ووضع في إناء زجاج، وجعل فيه ما يسع الإناء من عناقيد العنب المنقاة من الحب الفاسد ثم غطي فم الإناء بقي العنب فيه غضا. وقال آخر، يسد رأس الإناء بجص ويرفع في موضع لا تقربه شمس ولا الحرارة ولا الدخان. وقيل تترك عناقيد العنب في شعير فلا تفسد. وقيل إن نشرت عناقيد العنب على تبن الفول أو تبن الترمس أو تبن القمح مفرقة لا يمس بعضها بعضا لا تفسد وتبقى ما شئت، وإن علقت كذلك مفرقة تبقى زمانا، لا سيما في مخازن القمح. وقيل تعلق منكسة، وإذا احتيج إلى أكله غسل بماء ساخن، وإن علقت في خوابي تبقى زمانا، وإن وضع رماد شجر التين أو حطب الكرم في ماء وغلي ثم غمست فيه عناقيد العنب وجففت ووضعت في تبن بقيت زمانا غضة. وإذا أردت أن تحفظ العنب على الدالية وتقطعه متى شئت فاعمل أكياسا من كتان وأدخل كل عنقود في كيس واربط رأسه في عموده أو أصل العنقود فيبقى زمانا غضا. وقيل تلف العناقيد بالصوف المنفوش، فإنه يحفظها من الزنابير والنحل وتبقى زمانا. وأن أردت أن يكون معلقا في الدالية حتى آذار أو بعده فخذ قضيبا منها فيه حمل كثير يمكنك أن تحنيه حتى يصل كعب الدالية ثم اجعله في حفرة بعمق ذراعين مفروسة برمل ناعم نقي وأنزل العناقيد في الحفرة من غير أن يصيب الأرض وجوانب الحفرة وشده إلى وتد أو نحوه لئلا يخرج، وغط الحفرة بورق السوسن، وانثر عليها ترابا مثل الدقيق حتى يتلبد عليه فإن العنب يبقى غضا طريا إلى آذار أو بعده. وإن جعل في الحفرة آنية من فخار جديد كبيرة واسعة ودليت فيه العناقيد وهي في غصنها دون أن تمسها ثم غطي فمها بقي العنب غضا طريا الشتاء كله وسلم من كل آفة تفسده. وأن جعل العنقود في وسط قادوس لطيف جديد مثقوب دون أن يمس جوانب القادوس ويعلق في الدالية فإن العنب فيه يبقى زمانا. وإذا قطع أول حمل من عنب الكرمة ثم سقيت الدالية فإنها تحمل مرة أخرى عنبا مؤخرا، فإذا نضج يجعل كل عنقود في آنية من خزف ويعلق بأغصان الكرم لئلا يسقطها الريح ويطين فمها بجص فإن ذلك العنب يبقى غضا إلى أول الربيع دون أن يفسد، وقيل يثقب في الآنية ثقب للهواء دون أن يمس العنقود الآنية.
وأما حفظ العنب وادخاره زبيبا فطريقته أن تلوى العناقيد إذا أدرك العنب أولا حتى يمنع عنها الغذاء من شجرتها وتترك كذلك حتى يتقبض ثمر العنب ثم يقطف ويعلق في ظل حتى ييبس، ثم يجعل في وعاء من خزف فرش بورق يابس من الكرم ويجعل مثله فوقه ثم يطين فم الإناء ويخزن في بيت بارد لا يصيبه دخان، فإنه يطيب ويطول بقاؤه ويحفظ من الندى وهذا الزبيب يكون لذيذا ورطبا يميل بلونه إلى البياض. وقيل يقطف ورق الدالية وتفرش عناقيد العنب عليها حتى تجف وتصير زبيبا. وإذا قطف عنب الزبيب قبل تناهي نضجه وحلاوته وذهاب حموضته ومرارته فإن زبيبه يكون قليل الحلاوة خفيف الوزن، وكذا التين وفي الليل يجمع الزبيب والتين المنشور حتى لا يضر به هواء الليل ونداه. وإن غطي ليلا قبل يبسه بحصير من بردي أو قصب أو شبه ذلك وكشف للشمس نهارا أسرع ذلك في يبسه، وكذا ان فرس في أرض بور. وإذا يبس العنب الغليظ ونحوه صار زبيبا كان وزنه نحو الثلث والرقيق والأخضر يكون وزنه ربع وزنه عنبا أو أقل. والأرض البور الحمراء الخالية من العشب أحسن مكان لنشر العنب للزبيب على أن لا يجعل بعضه فوق بعض، ولا ينشر قرب الطريق والآبار فإنه يتغير لونه.
وطريقة أخرى في عمل الزبيب إذا كان العنب غليظا أو تأخر قطفه أو أردت استعجال يبسه، فخذ رماد الفول ونحوه وصب عليه ماء واتركه بوما وليلة أو أكثر، وضع فيه رمادا واغله ثلاث غليات أو أكثر وادخل فيه عناقيد العنب مدلاة وهو سخن على النار ثم أخرج العنب منه قبل أن يتشقق حبه وانشره في الشمس على حشيش وقلبه من الغد برفق، فإذا جف جيدا فارفعه وأن أردت أن يكون الزبيب أزرق يجعل في الرماد قشور الرمان، وطريقته أن يؤخذ الرمان ويجعل عليه أربعة أمثاله من الماء العذب ويترك ثم يؤخذ أعلاه ويجعل في قدر نحاس كبير ويرفع على النار، فإذا تناهى غليانه يغمس سل العنب في القدر حتى يغيب كله في ماء القدر وهو شديد الغليان غمسة أو غمستين ثم يرفع ويفرش على دبس يابس ولا بد أن يقلب في الغد ويترك بعد ذلك حتى يجف، ثم يقلب مرة أخرى، فإذا يبس خزن في ظروف فيها رماد الفول، وإن جعل في الماء المذكور قليل من الزيت الطيب صلح به الزبيب.
وأما التين فيخزن غضا بأن يؤخذ التين بعوده ويوضع في قدر جديد في صفوف متباعدة ويجعل في موضع بارد، فإن حمض يوضع تحت القدر أعواد قرع يابس وتوقد عليه النار والدخان وقيل أن أخذ التين غضا ووضع على ورقة وألقي عليه غطاء زجاج أو رصاص أو إناء مقير بقي غضا. وأما خزنه يابسا وتنشيفه فإنه يجمع التين إذا سقط على الأرض بعد تناهي نضجه ويفرش وييبس في الشمس جيدا ويترك ليلة منشور للندى ويرفع قبل طلوع الشمس ويستر بعد ذلك عن الشمس ويحفظ في البيوت من الندى وإن جعل في الفخار يرفع من المنشر وفيه ندازة يسيرة. وقيل أن وضع بين التين اليابس في وعائه الذي خزن فيه ورق السرو لا يدود. وقيل إن غمست ثلاث تينات في قار رطب وجعل منها واحدة في أسفل الإناء وأخرى في وسطه وأخرى في أعلاه سلم من العفن. وقيل يرش عند اختزانه بماء مذاب فيه ملح رشا خفيفا فذلك يحفظه من السوس ولا يلحقه تغير.
وأما خزن نحو التفاح والكمثري والسفرجل والأترج ونحوها فخذ أيها شئت من شجرته برفق لئلا يتهشم وليكن فجا إلى حد ما وسليما من الآفات وإن كانت الحبة بعنقها فأحسن ثم تلف كل حبة بورق الحور أو في خرقة كتان ويربط عليها بالخيوط ويطين فوقه بطين لزج مصنوع من تراب أبيض وبجص معجون بماء تجفف في الظل وترفع على لوح معلق أو تعلق بأعناقها في موضع بارد لا تصيبه الشمس ولا الريح ولا الدخان ولا حرارة نار، أو تدفن في شعير، فإنها تبقى زمانا طويلا. وإذا احتيج إليها تنقع في الماء حتى ينحل ذلك الطين عنها، والفواكه الشتوية أصبر وأكثر صمودا وتجمع في تشرين الأول وتجنى باليد وطريقة حفظها أن تؤخذ قطع كتان جافة تفرش في آنية فخار جديدة جافة ويجعل فيها من التفاح طبقة ومن الكتان طبقة ليحول ذلك بين ملامستها بعضها بعضا، وتغطى بقطعة الكتان كما ويغطى الإناء ثم يطين بالطين الموضوف سابقا ويعلق في غرفة كبيرة مظلمة باردة فإنها تبقى ولكن لا بد من تفقدها مرة في الشهر لإزالة العفن أن وجد وبذلك تبقى إلى حزيران موعد الموسم الجديد.
ويحفظ السفرجل كذلك، ويخزن منفردا لا يقرب من شيء من الفواكه، وقيل إذا جفت التفاحة في طين الفخار ورفعتها وفتحتها متى شئت تجدها صحيحة، وإن شئت فاجعل ذلك الطين في ظرف من فخار أو من طين يابس أو شبهه وغيب فيه التفاح دون أن يلصق بعضه ببعض فإنك تأكل منه تفاحا رطبا متى شئت، وأن ألقيته في خابية وصببت عليه صعترا بقي غضا زمانا طويلا، وأما الكمثري وهو الانجاص فيفرش ملح جريش أو نشارة خشب في أسفل إناء جديد ثم يصف عليه حب الكمثري يحفظه زمنا. وكذا إن جعل في آنية فيها عسل، فإنه يبقى زمانا، وإن جعل في جرة فخار جديدة ثم سد رأسها بإحكام ودفنت في التراب فإنها تبقى فيها صحيحة سليمة، وكذلك أن دفنت الجرة إلى حلقها في الماء. وكذا التفاح والرّطب من التمر. وقيل تجمع الكمثري وفيها فجاجة وتطلى أعناقها بقار مذاب وتوضع على نشارة خشب متفرقة بعضها عن بعض. وأما خزنها يابسة فخذ السليم منها وقطعه أرباعا ثم انشره في الشمس على ألواح وقلبه كل أربعة أيام حتى يجف ولا يبقى فيها رطوبة، ثم ضعه في قفف طبقة فوق طبقة ويرش على كل طبقة شيء من العسل رشا رقيقا حتى تمتلئ الظروف ويؤكل في الربيع والشتاء لكنه قليل الذغاء.
وأما السفرجل فتلف كل حبة في ورق تين ويطين بالطين الحلو الأبيض ويجفف في الظل ويوضع في غرفة ليس فيها غيره من الفواكه لأن رائحته تضر الفواكه الرطبة، لا سيما العنب غضا ويابسا. وقيل يدفن السفرجل في تبن الشعير. وقيل يوضع في نشارة خشب، وإن وضع في عصير حلو في آنية كان أبقى له. وكذا التفاح، وإن حفظ بطين الفخارين كان عجبا. وبهذه الطريقة يخزن يابسا.
وأما الرمان فيجمع بأعناقه وفيه فجاجة وقيل بعد نضجه ويربط بالخيوط ونحوها ويعلق في غرفة باردة دون أن يمس الحائط أو بعضه بعضا، فأنه يبقى كذلك زمانا. وكذا، إن علق في الهواء حتى يجف فشره، وقيل أن غمس الرمان بماء شديد الحرارة وترك فيه إلى أن يبرد الماء ثم علقت كل رمانة وحدها مربوطة بخيط أو ملفوفة بقطعة من شبكة ونحوها، فإنها تبقى سنة لا تتغير ولا تعفن، وقيل إن طلي رأسها وأسفلها بزفت وعلقت، بقيت زمانا، وإن غمسه بالماء الحار وتركه فيه حتى يبرد الماء فإذا رفع منه وعلق عاش سنة سليما. وقيل إذا يبست قشور الرمانة وأردت أن ترطبها فاعرضها للنار أو أدخلها الفرن بعد أن تسخنها، فإنها تعود رطبة.
وأما الأجاص وهو عيون البقر والقراصيا والعناب والخوخ، وهو المسمى بالراقن فتيبس في الشمس بعد أن تقلب مرارا ولا يكون ذلك إلا فيما نضج منها ثم تجعل في أزبار فخار جدد وتسد بالجص وتحفظ إلى وقت الحاجة فإذا أريد أكلها رشت بالماء ولفت بخرقة حتى تترطب. وييبس العناب ونحوه منظوما في خيط ويعلق في الهواء في الغرف ونحوها، فإنه يبقى العام كله. وأما الخوخ فيفرع من نواه دون تقطيعه ثم ينظم في خيط ويعلق في الهواء ويترك حتى يجف أو يعلق في زير من فخار أحمر فيبقى العام كله وعند أكله يرش بالماء ويجعل في قطعة من قماش حتى يطرى. وأما الفستق والجوز واللوز فتجفف في الشمس بقشورها والجوز والفستق إذا جف يخزن في أواني الفخار الجديدة واللوز المقشور يغسل بعد أن يجفف بالماء المالح وييبس جيدا فيكون أبيض ناصعا. وإذا أردت أن يكون الفستق والجوز واللوز والبلوط وشبهها بعد يبسه أخضر أدفنها بقشرها أو مقشرة مصرورة في خرقة نظيفة في رمل مبلول أو في طين ورشها بالماء العذب مرات ثم اتركها أياما فتصير غضة كالأخضر. وقيل يكسر الجوز اليابس برفق ويؤخذ لبه صحيحا ويلف في خرقة كتان نظيفة ويدفن في تراب نقي ويسقى بالماء في كل يوم مرة عدة أيام، فإنه يعود أخضر فريكا. والقسطل والبلوط يحفظ بعد جفافه في الخوابي وتطين رؤوسها بعد سدها فيبقى كل منهما على رطوبته إلى شهر أيار، وإذا اخرج من الأواني للأكل جعل في قفة كيس وضرب بالمرازب برفق حتى يتكسر عنه قشره، وإذا أحببت أكله رطبا فافرشه على أرض ندية نظيفة وغطه بطبقة رقيقة من الرمل ورشه بالماء العذب مدة ثمانية أيام فإنه يصير غضا كأنه جني من يومه. والبلوط ييبس بالدخان وذلك بأن يفرش على حصير من قصب أو قش ويبقى حتى يجف، ثم يقشر ويخزن. وقيل يغلى بالماء ثم يرفع من الماء ويترك حتى يجف وينقى من قشره ويطحن ويخبز كما تقدم. والقسطل لا يتحمل ذلك، بل يؤخذ غضا طريا ساعة جمعه ويدفن في حفرة عمقها ثلاثة أشبار مفروشة بالرمل في موضع لا يصيبه مطر أو يطين عليه بالجص لئلا يصيبه المطر.
وأما خزن الحبوب والبزور والخضروات فكما يأتي: يخزن القمح أما في حفرة أو مطامير بعيدا عن الريح والهواء وأما في اهراءات معرضا للهواء، فإذا خزن في الاهراءات وضع تحته من تبنه ما سمكه نحو ذراعين وكذلك على أفواه المطامير مثل ذلك ان كان مخزونا فيها. ويكون للاهراء كوى من جهة المشرق والمغرب فهواء هاتين الجهتين تذهب عنه الآفات ولا يكون لها من جهة الجنوب منفس ولا كوى. ومما يطيل في بقاء القمح خزنه في سنابله، ويقال أنه إذا خزن في سنابله بقي مائة عام، وإن أخذ ورق الرمان أو رماد حطب البلوط المنخول ووضع من أي منهما مع القمح مقدار جزء واحد من مائة جزء من القمح يسلم من الآفات، وكذا رماد عيدان الكرم أو بعر الضأن اليابس فكلها تحفظ القمع من الآفة وكذلك ورق السرو إذا خلط بورق السلق المجفف ووضع مع القمح أبعده عنه السوس، وقيل أن قشور الأترج والفوتنج النهري يقتل السوس، وكذا ان وضعت في الثياب أبعد عنها العث.
وأما الشعير فيحفظه الرماد - أي رماد كان - أو الجص المنخول بقدر ما يري بياضه في الشعير، أو بدفن جرة مملوءة بخل طيب في وسطه. والعدس والماش وشبههما إذا جعلت في وعاء من خزف دهن جوفه بدهن ووضع على الوعاء رماد سلم من الآفة، وقيل إن نشرت الحبوب والقطاني في ليلة مظلمة ندية وجمعت من الغد وهي طرية وخزنت سلمت. وأما الدقيق فمما يحفظه ويبقيه زمانا طويلا أن يؤخذ خشب الصنوبر ويدق ويجعل في صرر وتدس في الدقيق فذلك يحفظه من التغير ويبعد عنه الدود، أو يسحق الكمون والملح بكمية متساوية ويذر على وجه الدقيق يحفظه، أو يعجنان بالخل وتصنع منهما أقرص تجفف وتدس في الدقيق متفرقة، فلا يتغير. وإن أخذ عود السرو الأحمر وقطع قطعا صغارا وألقيت في الدقيق حفظ من الآفات، وإن أخذ الفوتنج والسذاب وبزر الخمطي وبزر الخشخاش فخلطته وسحقت وصنع منها أقراص ووضعت متفرقة في الدقيق حفظته.
وأما البزور، فبزر البصل والثوم والكراث والجزر لا يخزن شيء منها على الأرض بل في أواني لم يصبها دهن، وتعلق على الحيطان مخلوطة بقليل من الملح المسحوق. وأما بزر الباذنجان والخيار والقثاء والبطيخ والتين والعنب وشبهها فتؤخذ بعد تناهي نضجها وتغسل وتجفف ثم تخزن في آنية جديدة ويطين فمها وتعلق في موضع ليس رطبا. وأما البطيخ فتوضع كل واحدة في شبكة من حبل وتعلق في موضع بارد، فيبقى غضا، وقيل يطلى بطبقة من طين بزبل ونخالة شعير معجونة بعصارة العوسج أو القرع فإنه يبقى زمانا. والقرع أو الخيار إذا جعل في عصل بقي غضا زمانا، وقيل وكذا إن جعل في خل طيب. وإن سلق القرع بماء عذب وجعل في إناء مع خل وزيت لا يفسد، وإن قطع القثاء رطبا وجعل في ماء وملح بقي الشتاء كله، والقنبيط والرازيانج يخزن في الخل فيبقى.
وأما المخللات، فالخردل عمدة المخلل وأجوده الأبيض يخلط بقليل من الملح حتى لا يكون مرا. وطريقة صنع اللفت أن يقشر ويقطع قطعا كبيرة ويذر عليه الملح ويترك ليلة حتى ينصل منه الماء ثم يرفع ويجعل في مصفاة ويعصر باليد حتى يخرج الماء ويذر عليه الخردل والملح وهو فاتر ثم يصب عليه الخل وملحقاته وما يؤكل في أيام يسيرة يقشر ويسلق حتى ينضج ويهيأ كما ذكرنا. والباذنجان ينقع في ماء وملح ليلة ثم يرفع ويصب عليه الخل وملحقاته، أما إذا أريد أن يخزن بالماء المغلي، والذي يؤكل في يومه يغلى حتى ينضج. وطريقة صنع اللفت الأبيض المكبوس بالخميرة يعجن دقيق الشعير أو النخالة بخميرة وماء ساخن قد سلق فيه اللفت، ثم يهرق ماؤه ويصفى ويذر عليه الخردل ويترك في المرقة بالخميرة مع كثير من النعنع والسذاب وورق النارنج. واللفت المصنوع بحب رمان، يدق حب الرمان ويصفى ويمزح بالخل ويرفع على النار حتى يقارب الجمود، ويجعل فيه نعنع وسذاب وفلفل وزنجبيل وخشخاش وسمسم مقشور وشهدانج وقلب جوز غير مدقوق، فإذا عقد يقشر الثوم ويقطع ويقلى بالشيرج حتى يحمر ويرمى عليه بعد ذلك قطع اللفت المقشر المسلوق ويوضع حب الرمان ويغلى على النار ثم يحفظ في الماء.
والباذنجان له طرق منها أن يؤخذ ورق الكرفس والنعنع والمقدونس وتجعل في إناء ويذر عليه كزبرة يابسة وكراويا محمصين مدقوقين وفلفل وأسنان ثوم صحاح مقشورة، ويقطع من الباذنجان رؤوس أقماعه ويشق ويحشى بالخليط المذكور ثم يوضع في إناء ويصب عليه الخل. أو يصنع كما ذكرنا ثم يصفى مع الخل بزبيب أسود مدقوق مخلوط بخميرة ويصب ذلك على الباذنجان أو يصنع كما ذكرنا ثم يزاد عليه الخل الممزوج بالزعفران المحلى بعسل مع خردل كثير. وطريقة أخرى أن يؤخذ الرمان والزبيب فيدقان ويصفيان بخل ويضاف عسل أو سكر ثم يرفع على النار حتى يتماسك فيزاد فيه النعنع والسداب والزنجبيل والسمسم المقشور والخشخاش والشهدانج المحمص ثم يقطع الباذنجان والثوم لكن كل واحد منهما على انفراد، فإذا نضج يجعل في الخل وحب الرمان ويغلى قليلا ثم يرفع ويؤكل فهو شهي لذيذ، أو يقطع الباذنجان ويسلق نصف سلقة، ثم يقلى بصل بشيرج بحيث ينضج ويدق جوز محمص مقشور دقا ناعما يضاف إليه الخل والزنجبيل ثم يلقى فيه الباذنجان مع الثوم المقشر ويرفع على النار حتى ينضج.
والليمون يشق كالباذنجان ويوضع في شقه ملح مدقوق ويجعل في إناء نظيف كان فيه زيت ويعصر الليمون حتى يغمر بعصارته وقد يزاد عليه العسل المزعفر ويضاف إليه خل محلى بعسل وزيت طيب ويؤكل، أو يقشر الليمون ويدهن بزعفران ويجعل في إناء فيه ماء ليمون وملح ويختم ويغمر بزيت طيب. والليمون المراكبي بقطع حزوزا بقشره ويذر عليه قليل من الملح ويخرط سذاب ويلت به ويوضع عليه زيت طيب ويؤكل بعد أيام، ويضاف إليه قليل من الكراويا المدقوقة المحمصة والزيتون الأسود بعد إخراج نواه، ويجعل على منخل ويبخر تحته بعود قاقلي وقشور جوز يابس، فإذا أخذ حدّه من الدخان تذر عليه كزبرة يابسة وقلب جوز محمص مدقوق، وقطع ليمون مملح ويعجن به ويوضع في إناء مبخر بعود.
والزيتون الأخضر المرضوض ينزع نواه ويدق له جوز محمص ويضاف إليه عصير ليمون وقطع صغيرة من ليمون مملح ومقدونس مفروم مخلوط بنعنع وسذاب تضاف إليه كزبرة يابسة وكراويا وفلفل.
والعنب يؤخذ العاصمي الجبلي يشمع رؤوس العروق بشمعة ثم يصب عليه خل حامض مخلوط بماء عذب محلى بدبس، فإنه لا يفسد لنه من جنسه ولا بأس إن حلي بالعسل، وبالدبس أجود، وإذا وضعت العروق دون تشمع فالعنب يهترئ وكذلك العنب الأبيض البلدي. والزيت ينقى ويغسل ويدق في جرن ثم يضاف إليه نعنع وخل حامض حتى يصير ناعما ويصفى بمنخل مرات حتى لا يبقى من الزبيب شيء في المنخل، ثم يؤتى بورق نعنع أخضر وإناء يوضع فيه طبقة من الزبيب ثم يضاف إليه الخل المصفى فيه الزبيب، فإن كان حامضا يزاد حلوه ويجعل فيه زنجبيل ويستعمل بعد ستة أيام وقد يوضع معه ورق ورد إذا كان في أوانه. أو يوضع زبيب في إناء مع النعنع كما ذكر، ويجعل عليه خل محلى وفستق فيكون منه طعم لذيذ. ويمكن أن يصنع مثل ذلك في اللفت. والسفرجل والورد والخيار يؤخذ منه التشريني الصغير وينقع في ماء وملح يومين ثم يحفظ في إناء ويصب عليه خل حامض وقلوب كرفس ونعنع وسذاب ويحفظ فيبقى نحو عام. ونوع آخر من مخلل الخيار يدق الخيار ويؤخذ ماؤه ثم يصفى ويخلط بالخل والكرفس والنعنع والسذاب وتضاف رؤوس ثوم كبيرة وعروقا من الطرخون ويحفظ، ونوع آخر: يقطع الخيار قطعا صغيرة مستديرة ثم تنقع يومين وليلتين حتى تزول مرارتها ثم تضاف إلى الخيار ويوضع عليه لبن حامض مصفى بكيس وبعض الملح ويحفظ في قدر فخار جديد ويترك يومين ثم يؤكل. ونوع آخر: يدق الخيار ويجعل ماؤه في إناء فيه خميرة ثم يرفع ويقطع ويضاف إليه اللبن الذي أزبل ماؤه ويؤكل فهو شهي.
والهليون ينقى الغض منه ويغلى بالماء غليانا شديدا ويلقى عليه ملح كثير ثم ترمى فيه كمية أخرى من الهليون ويغطى ويترك حتى ينضج ثم يرفع من الماء ويضاف إليه زيت وكزبرة يابسة، وبعد قليل يلقى عليه البيض. والسفرجل يقطع بعد أن ينظف من عراميشه ويوضع في السكنجين ويلقى عليه بعض الخل ويغلى على النار حتى ينضج، أو يؤخذ عسل نحل أو سكر ويوضع على النار حتى يغلي قليلا ثم يقطع السفرجل ويرمى فيه حتى ينعقد وينضج ويوضع فيه قلب الفستق المقشر وكذا اللوز المصبوغ بالزعفران ويحفظ في إناء. والجوز الأخضر إذا ما عقد لبه ويقطع في نيسان ويفزر بالمسلة في جميع أنحائه ثم ينقع في ماء وملح مدة عشرين يوما أو أقل، ويبدل ماؤه بحيث لا يسود فيحلو عند ذلك يرفع من الماء ويغسل وينشف ويضاف إليه خل حامض فيه أبزار وثوم غير مفروم ونعنع وكرفس.
والبصل يؤخذ الصغير منه ويقشر، ويجعل في إناء ويوضع عليه خل خمر وقليل من الملح ويترك عشرين يوما يغير ماؤه كل عشرة أيام ثم يصفى من الماء ويوضع في الخل، وإذا أريد أكله يصفى من خله ويقشر. والبصل الكبير يقشر ويقطع على شكل صليب بحيث يبقى متماسكا ويوضع عليه ملح وماء مدة يوم وليلة ثم يزال عنه الماء ويعصر، ويحشى بالنعنع والكرفس والمقدونس وقليل من السذاب والكزبرة اليابسة المدقوقة والكراويا، ويوضع في إناء ثم يصب عليه خل حاذق وزيت ويترك أياما ويؤكل. والقنبيط تؤخذ رؤوسه الكبار يقطع أسفلها وتجعل عروقه في الماء ويوضع عليه الخل والدبس والطيب والسذاب والنعنع. والكباد يؤخذ منه الكبير الناضج الكثير الشحم فيقشر ويقطع قشره وتقطع قطعا كبيرة ثم تغلى بشيرج حتى تنضج ثم يفصص جون أن يزال عنه القشر اللاصق به، ويجعل في غناء ويفرغ عليه خل خمر حاذق محلى بسكر أو عسل ويجعل في الخل جريش من بندق محمص مقشور ويضاف إلى ذلك القشور المقلية المذكورة والطيب والنعنع وهو ما زال حارا بحيث تزول حموضته ويترك أياما ثم يؤكل.
والورد يؤخذ منه النصيبي ويعرك بالعسل حتى يذبل ويوضع في الشمس أياما ثم يضاف إليه خل خمر وقليل من نعنع أو يؤخذ الورد المربى بالعسل ويجعل عليه الخل المذكور. والجزر يؤخذ منه الصغير الغض ويقطع قطعا صغيرة ثم يؤتى بعسل نحل مخلوط بخل خمر وزنجبيل وطيب ويرفع جميعه على النار حتى يغلي قليلا ثم يرمى في هذا الخليط بالجزر ويطبخ على نار هادئة حتى ينعقد كالحلاوة، ويزاد إليه المسك والزعفرن ويؤكل. والشمر يؤخذ الأخضر منه ويقطع قطعا متوسطة ويجعل في وعاء ويصب عليه الخل الحامض وإذا أريد أكله يحلى بعسل أو سكر أو تؤخذ قلوب الشمر وتقطع قطعا صغيرة جدا ويذر عليه ملح مدقوق، وتعرك عركا قويا حتى تذبل وتترك في قصعة مائلة على جنبها فيخرج منه ماء كثير ويترك في الملح يوما وليلة، وبعد ذلك يعصر عصرا جيدا ويجعل في إناء ويوضع عليه لبن حامض، وقليل من القنبريس المذاب في اللبن الحامض ويفرع بصل ويخلط به مع نعنع وسذاب وأصول خس وقلوب طرخون، وزيت طيب، ولا وضع فيه ثوم، فإنه يضر به، ولا يوضع فيه من البصل إلا لبه الأبيض وهو من أطيب المآكل.
وأما الخل فيصنع من العنب الحلو الناضج بعد نزول المطر فيكون طيب الرائحة طويل البقاء وما كان من العنب الرقيق يكون أضعف، وإذا جعل الماء البارد في الخمر تخلل بعد أن يعرض الإناء للشمس ويخطئ من يستعمل الماء الحار وكذا أصول السلق المقطعة تخلل الخمر في ثلاثة ايام، وكذا الكرنب وورقه. وإذا طبخ عصير العنب حتى يذهب ثلثه أو نصفه ثم وضع في خابية فإنه يتخلل ويبقى زمانا. وأما صنع العنب نفسه خلا فيؤخذ الناضج منه في تشرين الأول فينقى حبه من عناقيده ويجعل في خابية نظيفة، أو وعاء زجاج ويترك خمسة عشر يوما ويملأ كلما نقص إلى أن يتخلل، ويعرف ذلك من رائحته، ثم يعصر العنب أو يؤخذ ما أفرزه أولا ويعاد التفل إلى الخابية ويترك خمسين يوما، ثم يجعل عليه من الماء العذب بقدر ما أخذ منه أولا، ويترك شهرا ثم يعصر بعد عركه جيدا، ويحفظ خله وحده ويترك حتى يصفو. والخل الأول أن بقي عشرة أعوام لا يفسد. أو تؤخذ عناقيد العنب فتوضع في الخابية كما تقدم فإن أردت استعجاله اجعله في أوعية صغيرة واتركه في الشمس يتخلل في خمسة عشر يوما، وما كان في الظل قد لا يتخلل إلا في نحو عام، أو تجعل عناقيد العنب في خابية حتى يملأ ثلثها ثم تملأ الخابية ماء عذبا ويطين رأسها فيكون منه خل في منتهى الحموضة. ومما يزيد في كمية الخل أن ينقع شعير في ماء ثلاثة أيام ثم يصفى ثم يجعل منه على مثله خلا مع حفنة ملح، فإنه يزيد مقدار الخل دون أن ينقص من طعمه وحموضته. وأما جعل الخل ثقيفا فيؤخذ ثلاثة أربع من خل يطبخ على نار معتدلة حتى يذهب ثلثه، ثم يرد إليه ربعه ويشمس ثمانية أيام فيصير ثقيفا شديد الحموضة.
ويصنع الخل من نعنع بري ونعنع بستاني وبزرهما من كل واحد جزء، ويجعل الكل في إجانة ثم يغمر بالماء ويغلى حتى يهب الربع ثم يرفع ويحفظ، فإذا أريد عمل خل أبيض خالص قاطع يوضع منه أوقية في ثلاثة أرطال ماء عذب ثم يعرض للشمس الحارة ثلاثة أيام، وفي الشتاء يوضع على النار خمسة أيام، فإنه يعود خلا حاذقا قاطعا، ولونه كماء الورد، وإذا علق ورق الكرم في إناء الخل دون أن يمس الخل لا يعرض للخل فساد. وقيل إن وضع في الخل عصارة حصرم صار ثقيفا، وكذا إن جعل فيه شعير مقلي. وقيل إذا حمي حجر الرحى بالنار وقذف في الخل زادت حموضته. وإذا دوّد الخل وضع فيه الملح فيموت الدود. وإذا خيف على الخل من الدود والفساد يجعل فيه عصارة ورق الخردل وأغصانه وبزره مدقوقا، فإنه يحفظه ويزيد في حموضته. والخل يصنع كذلك من الخروب والانجاص والسفرجل والتين والجميز والمشمش اليابس والتفاح والتمر وغيرها كما تقدم وصفه.
وأما خزن العصير حلوا طوال السنة فطريقته أن يجعل حين يعصر في أوعية من فخار حتى نصفها وتسد أفواهها بجلد وتربط وتوضع أياما في بئر فيها ماء. ومنهم من يضعها في الماء إلى حافتها. وأما الدبس فأحسن طريقة لصنعه أن يلقى على كل ثلاثة أكيال عصير كيل ماء ويطبخ على نار هادئة حتى ترتفع رغوته ثم تنزع الرغوة بمغرفة مثقوبة كلها ثم تقوى ناره ويستمر في تحريكه كيلا يحترق، وتنزل القدر بين الحين والحين عن النار ثم تعاد وهكذا حتى ينعقد. ويطبخ الدبس في موضع فسيح لئلا يصيبه الدخان، وكثرة تحريكه تحسن لونه. ويقال أن قطف العنب في نقصان الشهر والقمر بأول منزلة السرطان أو الأسد أو الميزان أو العقرب أو الدلو كان عصيره أكثر. وأما الورد فإنه يخزن في أواني الفخار الجدد، ويطين رأسها فتبقى رائحته ولونه كما هما. وإن أردت الورد الطري في غير أوانه تقطف أزراره بعيدانها طول كل عود أربعة أصابع مضمومة، او يجفف في الظل ويخزن فإذا أردت إظهاره طريا تجعله في إناء وتسده بشمع وتتركه في الماء ليلة تجده في الصبح وردا طريا. وماء الورد المقطر من الورد البعل أزكى رائحة من الورد المسقي، وإن كانت ناره فحما كان أزكى رائحة. والشب إذا خلط بماء الورد حسن لونه ورائحته ومنع فساده حتى أنه يبقى أعواما دون أن يتغير.
قال مؤلفه قدس الله تعالى سره وأعاد علينا وعلى المسلمين من بركاته: وهذا مقدار ما اخترناه وانتقيناه من كتاب الفلاحة على حسب الامكان، وتركنا ما لا يليق ذكره مما لا يحتاج إليه الإنسان، وبالله المستعان، وعلى كرمه وإحسانه التكلان في كل عصر وزمان، والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وقد كمل ما سميناه علم الملاحة في علم الفلاحة وكتبه جامعه العبد الفقير إلى مولاه الخبير عبد الغني بن النابلسي، ختم الله تعالى له بالحسنى، وأمده بالمدد الأسنى، وذلك في صبيحة نهار الاثنين من شهر شوال سنة سبع وعشرين ومائة وألف من الهجرة النبوية، حامدا الله تعالى، ومصليا ومسلما على رسول الله وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحزابه أجمعين آمين. وقد تم طبعه وأنجزت مقابلته وضبطه مصححا على نسخة مؤلفه الهمام التي بخطه الشريف وذلك في اليوم السابع والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام سنة تسع وتسعين ومائتين وألف من هجرة من له العز والشرف، صلى الله عليه وعلى آله وأتباعه وأحزابه وأنصاره آمين.