الرئيسيةبحث

عام 1910

عام 1910

عام 1910
المؤلف: إيليا أبو ماضي



أني سكتّ وما عدمت المنطقا
 
لولا أخوك سبقت فيك الأسبقا
وهززت أوتار القلوب بصامت
 
يشتاق كلّ مهذب أن ينطقا
فبعث في أفواههم مثل الطلى
 
ونفشت في أسماعهم شبة الرقى
وألنت قاسي الشعر حتى يبتغي
 
وشددت منه اللين حتى يتّقي
وجلوت للأبصار كلّ خريدة
 
عصماء تحسدها النجوم تألّقا
تبدو فتترك كلّ قلب شيّق
 
خلوا، وتترك كلّ خال شيّقا
ولى أخوك فما أمضى النوى
 
ولقد قدمت فما هششت إلى اللقا
أقبلت والدنيا إلّي بغيضة
 
هلاّ سبقت إلّي أسباب الشّقا؟!
حنقت بلا سبب علّي وإنّه
 
سبب جدير عنده أن أحنقا
علقت أخي كفّ المنون وكدت أن
 
أسعى على آثاره لولا التّقى
ما أشفقت نفسي علّي وإنما
 
أشفقت أن أبكي الصديق المشفقا
ودّعته كالبدر عند تمامه
 
والبدر ليس بآمن أن يمحقا
ولقد رجوت له البقاء وإنما
 
يدنو الحمام لمن يحبّ له البقا
أصبحت مثل النسر قصّ جناحه
 
فهوى، ولو سلم الجناح محلّقا
تائي الرجاء فلا أسير موثق
 
أرجو الفكاك، ولست حرا مطلقا
ولقد لبست من السّواد شعائرا
 
حتى خضبت من الحداد المفرقا
وزجرت عيني أن تسرّ بمنظر
 
ومنعت قلبي بعده أن يخفقا
لا أظلم الأيام فيما قد جنت
 
لا تأمن الأيام أن تتفرّقا
كن كيف شئت فلست لأسكن للمنى
 
بعد الحبيب، ولست أحذر موبقا
علم نسيت سعوده بنحوسه
 
قد يحجب الليل الهلال المشرقا
لم أنس طاغية الملوك وقد هوى
 
عن عرشه وأسيره لما ارتقى
والشاه منخلع الحشاشة واجف
 
أرأيت شاها قطّ أصبح بيدقا؟
ما زال يحتقر الظبى حتّى غدا
 
لا تذكر الأسياف حتى يصغا
بتنا إذا التركّي ضجّ مهلاّ
 
عبث الهوى بالفارسيّ فصفّقا
ذكرى تحرّك كلّ قلب ساكن
 
حتّى ليعشق بعدما أن يعشقا
فيم على النيل النحوس ولم يكن
 
دون الخليج ولا الفرات تدفّقا
إن لم أذّذ عن أرض مصر موفقا
 
أودى بآمالي الزمان موفقا
ما بآلها تشكو زوال بهائها
 
وهي التي كانت تزين المشرقا
قد أخلقت كفّ السياسة عهدها
 
إنّ السياسة لا تراعي موثقا
كذبوا على مصر وصدّق قولهم
 
والشرّ إن يجد الكذوب مصدّقا
وأبو علينا أننا لا ننتهي
 
من مأزق حتى نصادف
سلكوا بنا في كلّ ضيّق
 
حتّى قنطا أن يصيبوا ضيّقا
منعوا الصحافة أن تبثّ شكاتنا
 
منعوا الكواكب تبين وتشرقا
لو أنصفوا رفعوا القيود فإنّما
 
يشكو الأسير إما أرهقا
وسعوا إلى سلب القناة فأخفقوا
 
سعيا، وشاء اللّه أن لا تخفقا
عرض الحساب المستشار ولم يكن
 
لولا السياسة حاسبا ومدّققا
أيكون غاضبنا ويزعم أنّه
 
أمسى علينا محسنا متصدّقا
أبني الكنانة لستم أبناءها
 
حتى تقوا مصر البلاء المطبقا
إن تحفظوها تحفظوا في نسلكم
 
ذكرا يخلّد في الليالي رونقا