صَحَا قَلْبُهُ عن سُكْرِهِ فَتَأمَّلا المؤلف: أوس بن حجر |
صَحَا قَلْبُهُ عن سُكْرِهِ فَتَأمَّلا
وكانَ بذكرَى أمِّ عمرٍو موكَّلا
وكانَ لهُ الحَينُ المُتاحُ حمولة ً
وكلُّ امرىء ٍ رهنٌ بما قد تحمّلا
ألا أَعْتِبُ ابْنَ العَمِّ إن كانَ ظالماً
وأغْفِرُ عنهُ الجهلَ إن كان أجْهَلا
وإنْ قال لي ماذا ترَى يَسْتشيرُني
يجِدْني ابنَ عمٍّ مِخلَطَ الأمرِ مِزْيَلا
أُقيمُ بِدارِ الحَزْمِ مَا دامَ حَزْمُها
وأحرِ إذا حالَتْ بأنْ أتحوَّلا
وَأسْتَبْدِلُ الأمْرَ القَوِيَّ بِغَيْرِهِ
إذا عَقْدُ مأفونِ الرِّجالِ تَحَلَّلا
وإنّي امْرُؤٌ أعْدَدْتُ للحرْبِ بَعدما
رأيتُ لها ناباً من الشرِّ أعصَلا
أصَمَّ رُدَيْنِيّاً كَأنّ كُعوبَهُ
نوَى القسبِ عرّاصاً مزجّاً منصَّلا
عَلَيْهِ كمِصْباحِ العَزيزِ يَشُبّهُ
لِفِصْحٍ وَيَحشوه الذبالَ المُفَتَّلا
وَأمْلَسَ صُولِيّاً كَنِهْيِ قَرَارَة ٍ
أحسّ بقاعٍ نفحَ ريحٍ فأجفلا
كأنّ قرُونَ الشمسِ عند ارْتفاعِهَا
وَقدْ صَادَفَتْ طَلْقاً منَ النَّجم أعزَلا
تَرَدّدَ فِيه ضَوْؤهَا وَشُعَاعُهَا
فأحسنْ وأزينْ بامرىء ٍ أن تسربلا
وَأبْيَضَ هِنْدِيّاً كَأنّ غِرَارَهُ
تَلألُؤُ بَرْقٍ في حَبِيٍّ تكلّلا
إذا سُلّ منْ جفنٍ تأكّلَ أثرُهُ
على مثلِ مصحلة ِ اللُّجين تأكُّلا
كأنَّ مدبَّ النّملِ يتبعُ الرُّبى
ومدرجَ ذرٍّ خافَ برداً فأسهلا
ومبضوعة ً منْ رأسِ فرعٍ شظيّة ً
بطودٍ تراهُ بالسَّحابِ مجلَّلا
على ظَهْرِ صَفْوَانٍ كأنّ مُتُونَهُ
عُلِلْنَ بِدُهْنٍ يُزْلِقُ المُتَنَزلا
يُطيفُ بها راعٍ يُجَشِّمُ نَفْسَهُ
لِيُكلِىء َ فِيهَا طرْفَهُ مُتَأملا
فلاقَى امرأً من مَيْدَعانَ وَأسمحتْ
قرونتُه باليأسِ منها فعجَّلا
فقالَ لهُ هلْ تذكرنَّ مخبِّراً
يَدُلّ على غُنْمٍ وَيُقصِرُ مُعْمِلا
عَلى خَيْرِ ما أبصرْتَها منْ بِضَاعَة ٍ
لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً بِهَا أوْ تَبَكُّلا
فُوَيْقَ جُبَيْلٍ شامخِ الرّأس لم تكن
لتبلغَهُ حتّى تكلَّ وتعملا
فأبصرَ ألهاباً منَ الطودِ دونَها
ترَى بينَ رَأسَيْ كلِّ نِيقَيْن مَهبِلا
فأشرطَ فيهَا نفسَهُ وهوَ معصمٌ
وَألْقَى بِأسْبابٍ لَهُ وَتَوَكّلا
وَقَدْ أكَلَتْ أظفارَهُ الصّخْرُ كلما
تعايا عليهِ طولُ مرقَى توصَّلا
فما زالَ حتّى نالَها وهوَ معصمٌ
عَلى مَوْطِنٍ لَوْ زَلّ عَنْهُ تَفَصَّلا
فأقبلَ لا يرجو التي صعدَت بهِ
ولا نفسَهُ إلا رجاءً مؤمَّلا
فلمّا نجا من ذلك الكربِ لمْ يزَلْ
يُمَظِّعُها مَاءَ اللِّحاءِ لِتَذْبُلا
فَأنْحى عَلَيْها ذاتَ حَدٍّ دَعَا لهَا
رَفيقاً بِأخْذٍ بالمَداوِسِ صَيْقَلا
على فَخِذَيْهِ من بُرَاية ِ عُودِهَا
شبيهُ سفى البُهمى إذا ما تفتَّلا
فجرّدَها صَفْرَاءَ لا الطّولُ عابَها
ولا قصرٌ أزرَى بها فتعطّلا
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دون مَلئِها
ولا عَجْسُها عن موضعِ الكفِّ أفضَلا
إذا مَا تَعاطَوْهَا سمِعْتَ لِصَوْتِها
إذا أنبضُوا عنْهَا نئيماً وأزمَلا
وإن شدّ فيها النَّزعُ أدبرَ سهمُها
إلى مُنتهى ً منْ عجسِها ثمّ أقبَلا
فَلَمّا قَضَى مِمّا يُريدُ قَضَاءَهُ
وَصَلّبَها حِرْصاً عَلَيْهَا فَأطْوَلا
وَحَشْوَ جَفِيرٍ من فُرُوعٍ غَرائبٍ
تنطَّعَ فيها صانعٌ وتنبَّلا
تخيِّرْنَ أنضاءً وركّبنَ أنْصُلاً
كجمرِ الغضَا في يومِ ريحٍ تزيَّلا
فلمّا قضَى في الصُّنعِ منهنّ فهْمَهُ
فلمْ يبقَ إلاّ أن تُسنّ وتُصقَلا
كساهُنّ من ريشٍ يمانٍ ظواهراً
سُخاماً لُؤاماً لَيّنَ المسِّ أطْحَلا
يخُرْنَ إذا أُنفزِنَ في سقاطِ الندى
وإنْ كان يوْماً ذا أهاضِيبَ مُخْضِلا
خُوَارَ المَطافِيلِ المُلمَّعَة ِ الشَّوَى
وأطلائها صادفْنَِ عرنانَ مبقِلا
فذاكَ عَتادي في الحروب إذا التظتْ
وَأرْدَفَ بأسٌ مِن حُرُوبٍ وأعْجلا
وذلكَ منْ جمعي وباللهِ نلتُهُ
وإنْ تلقَني الأعداء لا ألقَ أعزلا
وَقوْمي خِيارٌ مِنْ أُسَيّدَ شِجْعَة ٌ
كرامٌ إذا ما الموتُ خبّ وهرُولا
ترَى النَّاشىء َ المجهولَ منّا كسيّدٍ
تبحبحَ في أعراضهِ وتأثّلا
وقد علموا أنْ من يُردْ ذاك منهمُ
مِن الأمرِ يرْكَبْ من عِنانيَ مِسحَلا
فإنّي رَأيْتُ النّاسَ إلاّ أقلَّهُمْ
خِفافَ العُهودِ يُكثِرُونَ التنقّلا
بَني أُمِّ ذي المالِ الكثيرِ يَرَوْنَهُ
وإن كان عبداً سيّدَ الأمرِ جحفَلا
وهُمْ لمقلّ المالِ أولادُ علّة ٍ
وإنْ كان محْضاً في العُمومة ِ مُخْوَلا
وَلَيْسَ أخوكَ الدائمُ العَهْدِ بالذي
يذمُّك إنْ ولّى ويُرضيكَ مقبلا
وَلكنه النّائي ما دمتَ آمِناً
وصاحبُك الأدنى إذا الأمرُ أعضَلا