الرئيسيةبحث

صورةٌ ما أراه أم ذاك حلمٌ

صورةٌ ما أراه أم ذاك حلمٌ

صورةٌ ما أراه أم ذاك حلمٌ
المؤلف: زكي مبارك



صورةٌ ما أراه أم ذاك حلمٌ
 
زارني طيفه بوادي الفتون
كدت أهوى على سناها بقلب
 
سادرٍ في ضلاله مجنون
عذّبتني فاسرفت في عذابي
 
وهي أحنى من الفؤاد الحزين
رقةٌ تنثرُ القساوة نثرا
 
كشعاع الحنان عند العيون
إن هذي الخدود وهي زهور
 
تبعث الرعب في فؤاد المنون
يخنق الزهرُ عاشقيه بليلٍ
 
آه من قسوة الحبيب الحنون
كل شيء يهون إلا هلاكاً
 
يتلقاه عاشق من خدين
يا جمال الجمال أقبل وأقبل
 
إن روض الصفاء ملك يميني
ليلة العيد ليلة لك فيها
 
عند قلبي طوائفٌ من ديون
قبلاتٌ تسقيك ناراً ونوراً
 
ثم تفديك بالنفيس الثمين
آه من ليلة على البحر هانت
 
عند أقدامها كبار الليالي
نسهر الليل بين رعد وبرق
 
إن مهر الحبيب في الحب غالي
كان صدري فداك من هول ليل
 
خشيت هوله رواسي الجبال
إنني قد نجوت والهول يطغي
 
حين أنجيت روض ذاك الجمال
للناس عيد ولى عيد وأعياد
 
إني متى شئت للأعياد صيّاد
في كل يوم لقلبي في صبابته
 
بروضة الحسن عند الحسن ميعادُ
يا غادرين ولم نغدر بهم أبداً
 
وباضطرام غرامي في الهوى سادوا
جرتم على الصب في أيام محنته
 
ليت الجحودين يوم الجحد قد بادوا
خلعت حبي على من ليس يفهمه
 
وللكريم على الأموات أجواد
كنتم معي يوم أن كان الزمان معي
 
واليوم أنتم مع الأعداء أجناد
لا تجهلوا أن لي حظّا ستعرفهُ
 
بعد الأحايين غزلانٌ وآساد
لو شئت لا شئت كان الغدر طوع يدي
 
بغادرين لهم في الغدر ميلاد
إني أزلزل أكبادي لأذكركم
 
إن كان لي بعد ذاك الغدر أكباد
لا تذكروا كيف كنا تلك آونةٌ
 
جهلت فيها وللأقدار أرصاد
لا تذكروا البحر نمضي في غواربه
 
والبحر يطغيه إرغاءٌ وإزباد
لا تذكروا الليلة الأولى وقد عريَت
 
عند التعانق أرواح وأجساد
لا تذكروها فإني لست أذكرها
 
مضت على عصفها بالقلب آماد
رأيتك رأي القلب والعيد يقبل
 
وأنت بنور الروح والقلب تقبل
تسائلني عما أريد عفا الهوى
 
عفا عنك يا روحا يجود فيبخل
إذا برقت عيناك كاد متيّم
 
من البرق في عينيك بالسحر يقتل
وإن لمعت تلك الخدود رأيتني
 
على غير وعي بالأزاهير أخبل
معاصم من ماء الشباب روية
 
وجيدٌ كجيد الظبي بل هو أجمل
وصوت رخيم اللحن في نبراته
 
أغاريد يهديها إلى القلب بلبل
تبارك من سوّاك روحا لطيفة
 
لها كل قلب يعبد الحسن منزل
أضلل قلبي في هواك لعله
 
إذا كثُر التضليل في الحب يجهل
يسائلني قلبي وأنت غريمه
 
غريم عن الجانبين في الحب يسأل
عن اللَه وهو اللَه أكتم لوعةً
 
بها كلّ يوم في حياتي أزلزل
أساورُ أحلامي عساني أروضها
 
على غفوة تعنو لها ثمّ تذهل
أضاليلُ أرويها لروحي دعابة
 
وهل مثل روحي في الغرام يضلّل
أسيتُ لروحي كيف يشقى بحبه
 
وما كان لولا نضرة الحسن يفعل
أأنت الذي بالأمس عاقرت روحهُ
 
وروحي من نور الصباحة ينهل
أأنت لعل الدهر يسمح مرةً
 
فيصبح لي في ذلك الروض موئل
أصابر روحي في هواك لعلني
 
إذا عيل صبري في رحابك أنزل
أحارب آلامي لأنسى صبابتي
 
وبعض الحروب السود للقلب يشغل
أيخلف ميعادي الجمال وإنه
 
ليعرف أن الموت إن خان أسهل
عواطف سقناها إلى غير أهلها
 
فلا تعذلوني إنني أتفضل
خلعت على أهل الجمال غوايتي
 
وإني إذا ما شئت في الحب أبذل
ألوفٌ من الأرواح هانت فصنتها
 
وأكرمتها إني أقول وافعل
إذا ضاق جيبٌ من جميل فإنني
 
اشقّ جيوبي ما أراد وأفضل
إذا كان للعشاق في الحب شرعةٌ
 
فإني بحمد العشق والحب أول
تأوّل أقوام كلامي وأسرفوا
 
على وزرهم ذاك الكلام المؤول
لهم أن يقولوا ما أرادوا وما اشتهوا
 
فشعري وإن ماتوا كتابٌ منزّل
ليلةُ العيد أهذي ليلةٌ
 
أم ليالٍ بالجوى الغالي فصاح
عربد الصفو على أمواجها
 
وتراءى فوق أجياد الملاح
ليلة العيد أهذي ليلة
 
إنها ليل إلى غير صباح
قد سقيناها فلم تعرف هدى
 
نشوة الأيام راح بعد راح
وإذا رحت على أنغامها
 
ذهب الهمّ بعيداً ثم طاح
سكر الشعر فغنّى وشدا
 
وبأسرار الهوى المكنون باح
ما لقلب غير قلبي نشوةٌ
 
إنه يسكر بالماء القراح
الرحيقُ الصرف في روحي وفي
 
خاطري والسكر بالروح مباح
لا تسلني عن تباريح الهوى
 
إنها في القلب والروح جراح
آه من قلب تعالت ناره
 
فاشتوى المضمور منه ثم فاح
كان ظني والأماني ضلّة
 
أن حبى للمليحات مزاح
إن يكن حبي مزاحاً فاسألوا
 
عن غريب السر في هذا المزاح