صور الكواكب الثمانية والأربعين المقدمة المؤلف: عبد الرحمن بن عمر الصوفي |
الدب الأصغر |
وبه ثقتي الحمد لله الواحد العدل قال عبد الرحمن بن عمر المعروف بابي الحسين الصوفي بعد أن حمد الله واثنى عليه وصلى على رسوله المصطفى وآله أني رأيت كثير من الناس يخوضون في طلب معرفة الكواكب الثابتة ومواقعها من الفلك وصورها، ووجدتهم على فرقتين:-
احداهما تسلك طريقة المنجين ومعولها على كرات مصورة من عمل من لم يعرف الكواكب بأعيانها، وإنما عولوا على ما وجدوه في الكتب من أطوالها وعرضها فرسموها في الكرة من غير معرفة خطائها وصوابها، فإذا تأملها من يعرفها وجد بعضها مخالفاً في النظم والتأليف لما في السماء أو على ما وجدوه في الزيجات، وادعى مؤلفوها أنهم قد رصدوها وعرفوا مواضعها، وإنما عمدوا الى الكواكب المشهورة التي يعرفها كثير من الخاص والعام مثل عين الثور وقلب الأسد والسماك الاعزل والثلاثة التي في جهة العقرب وقلب العقرب وهذه الكواكب هي التي ذكر بطليموس أنه رصدها بأطوالها وعروضها واثبتها في كتابه المعروف بالمجسطي لقربها من منطقة فلك البروج، فرصدوها واثبتوا مواضعها في وقت أرصادهم ثم عمدوا بعد ذلك الى الكواكب الثابتة الآخر التي اثبتها بطليموس في الجداول من كتابه فزادوا على كل واحد منها مقدار ما وجدوا من حركات هذه الكواكب في المدة التي بين رصدهم وتاريخ بطليموس من السنين وزادوا أيضاً على أطوال كواكب كثيرة وعروضها دقائق يسيرة أو نقصوا منها، اوهموا بذلك أنهم قد رصدوا الكل وإنهم وجدوا بين ارصادهم واوضاع بطليموس من الخلاف في أطوالها وعروضها القدر الذي تخالفونه به سوى الزيادة التي وجدوها من حركاتها في المدة التي بينهم وبين بطليموس من السنين من غير ان عرفوا الكواكب بأعيانها مثل البتّاني وعطارد وغيرهما فانا تأملنا نسخاً كثيرة لكتاب المجسطي ووجدنا بعضها يخالف بعضاً في كواكب كثيرة وطلبنا ذلك في كتاب البتّاني وفيما ادعاه من الرصد فوجدناه قد اسقط كل كوكب فيه ادنى خلاف بين النسخ فأسقط كواكب كثيرة من القدر الثالث والرابع واسقط كثيراً من القدر الخامس والسادس ثم ذكر أنه قد رصد كوكبة الرامي وأنه قد وجد موضع الكواكب الذي على عرقوبه المتقدم الأيسر في القوس ثمانيا وعشرين درجة ونصف درجة.
وقد كان زعم في كتابه أنه وجد في وقت رصده من الزيادة لكل كوكب على ما في كتاب المجسطي احدى عشر درجة وعشر دقائق، ويجب على ما حكاه من الزيادة في كل كوكب أن يكون موضع هذا الكوكب في القوس ثمانيا وعشرين درجةوخمس دقيقة لإن موضعه في المجسطي في القوس سبع عشرة درجة واربعون دقيقة، فنقص منها عشرين دقيقة توهم أنه قد رصد هذا الكواكب والدليل على إنه لم يرصده ولم يعرفه ولا غيره من المنجمين ممن ألفوا الزيجات واتخذوا الكرات ورسموا فيها الكواكب انهم اثبتوا هذا الكوكب في كتبهم وعلى الكرات من القدر الثاني وهذا الكواكب هو من القدر الرابع من اصغره، وهو تحت الاكليل الجنوبي يزيد عرضه على عرض أكثر كواكب الاكليل في الجنوب عرضاً مقدار درجة ونصف، وكذلك الكوكب الذي على ركبة هذا الرجل وجد في المجسطي أنه من القدر الثاني من أصغره فاثبته من القدر الثالث، وهذا الكوكب هو ملاصق للكوكب السادس من كوكب الاكليل لانهما جميعاً في الطول في موضع واحد غيران الذي على الركبة اميل الى الجنوب في العرض مقدار خمسين دقيقة، وهما جميعاً في القدر الرابع. ولعل النقلة أو الوارقين اثبتوا لهذين الكوكبين في الاقدار (د) فغلط الوارق وقدر أنه (ب) فاثبتهما في القدر الثاني. والى وقتنا هذا يرسم في الزيجات وعلى الكرات عرقوب الرامي من القدر الثاني. أو لعل الخطأ وقع في نسخة الاصل ولم يكن بعد بطليموس من عرف هذا الكواكب من مؤلفي الزيجات واصحاب الارصاد فقلدوا بطليموس واثبتوه في القدر الثاني. ووجدنا لعطارد كتاباً بخطه قد صور فيه الصور الثماني والاربعين يذكر فيه أنه صورها بعد أن بلغ النهاية في علمها ومعرفتها ووضع هذا الكوكب الذي على عرقوب الرامي من القدر الثاني أيضاً على ما وجده في الكتب وذكر ان الرامي وجهه الى جهة المشرق وصورة في كتابه كذلك، فدل على أنه لم يعرف الرامي ولا القوس وذلك أن النعام الوارد متقدم للنعام الصَّادر، وكواكب القوس ونصل السهم ومقبض الرامي هي من النعام الوارد ومن الكواكب الشمالي الذي فوق النعامين بينهما الذي قدر صارا به شبيها بالقبة. وأما كواكب النعام الصادر فإن بعضها على منكب الرامي وبعضها على مرفقه وبعضها على موضع فوق السّهم ورأس الرامي يتبع النعام الصّادر، وأقرب كوكب إلى هذا النعام هو السحابي الذي على عين الرامي والرأس بعد ذلك والعصابة والذؤابة بعد الرأس، ونصل السهم في سبع عشرة درجة وخمس درجة من القوس، وفوق السهم في خمس وعشرين درجة ونصف وخمس درجة من القوس أيضاً وكواكب الذؤابة كلها في الجدي.
وكذلك الكواكب الاربعة التي على ذنب الدابة كلها في الجدي في أكثر من عشر درجات فمن البيّن ان نصل السهم يطلع قبل الفوق والفوق قبل الذؤابة والرأس قبل ذنب الدابة فكيف يكون وجه الرامي الى المشرق.
ووجدنا في كرة عظيمة الشأن من عمل ابن عيسى الحراني قد رسم الكوكب الخامس الذي على جناح العذراء الأيسر في الوجه في ناحية الشمال عن الكوكب الرابع الذي على الوجه وذلك أن عرض هذا الكوكب الذي على الجناح هو في ناحية الشمال عشر دقائق والذي على الوجه عرضه في الشمال خمس درجات ونصف درجة فوجب أن يكون الذي على الجناح الأيسر أميل إلى الجنوب عن الذي على الوجه خمس درجات وثلث درجة ووجدنا في نسخة لكتاب بطليموس من نقل الحجاج عرض الذي على الجناح ست درجات وعشر دقائق في الشمال وكان ذلك من غلط الوراق لإنه كتب الصفر واواًَ فرسمه على الكرة بهذا المعرض فوقع في الوجه في ناحية الشمال عن الرابع الذي على الوجه وقرأ في الكتاب انه على الجناح ولم يميز بين طرف الجناح والوجه وهو على طرف منكب العذراء الأيسر وهو أول كوكب من كواكب العواء الذي ينزل به القمر في القدر الثالث.
ورسم أيضاً الكوكب العظيم الذي على رجل قنطورس على كفل الفرس وكتب عليه رجل قنطورس ولم يميز بين الكفل والرجل وذلك أن هذا الكوكب في هذا الزمان بحسب زيادتنا على مواضعها التي ذكرها بطليموس في زمانه وهي لكل كوكب اثنتا عشرة درجة ونصف وخمس درجة، هو في احدى وعشرين درجة ودقيقتين من العقرب وعرضه في ناحية الجنوب احدى واربعون درجة وعشر دقائق.
ووجد علي بن عيسى والبستّاني واصحاب الممتحن موضع هذا الكوكب في كثير من نسخة المجسطي في ثماني درجات وثلث درجة من الميزان فزاد أصحاب الممتحن على هذا الموضع عشر درجات وربع درجة لما بين زمانهم وزمان بطليموس من السنين واثبتوا مواضعه في ثماني عشرة درجة وخمس وثلاثين دقيقة من الميزان وزاد البستّاني احدى عشرة درجة وعشر دقائق واثبت موضعه في تسع عشرة درجة ونصف درجة من الميزان أيضاً ووجب أن يكون في زمان البستاني في مثل هذه الأجزاء من العقرب لإن موضعه في زمان بطليمس كان في ثماني درجات وثلث درجة من العقرب فإذا رسم على الكرة في هذا الأجزاء من الميزان وقع على كفل الدابة تحت القطن وإذا رسم في مثلها من العقرب وقع على طرف اليد اليمنى من الفرس كما ذكر بطليموس هو الخامس والثلاثون من كوكبة قنطورس في القدر الأول وموضعه في زماننا بحسب زيادتنا في احدى وعشرين درجة ودقيقتين من العقرب.
وأما الفرقة الآخرى فإنها سلكت طريقة العرب في معرفة الانواء ومنازل القمر ومعّولهم على ما وجدوه في الكتب المؤلفة في هذا المعنى، ووجدنا في الانواء كتباً كثيرة اتمها وأكملها في فنه كتاب ابي حنيفة الدينورى فإنه يدل على معرفة تامة بالاخبار الواردة عن العرب في ذلك واشعارها واسجاعها فوق معرفة غيره ممن ألفوا الكتب في هذا الفن ولا ادري كيف كانت معرفة بالكواكب على مذهب العرب عياناً فإنه يحكي عن ابن الاعرابي وابن كناسة وغيرهما أشياء كثيرة من أمر الكواكب تدل على قلة معرفتهم بها، وأن ابا حنيفة أيضاً لو عرف الكواكب لم يسند الخطأ إليهم ثم كل من عرف من الفرقتين احدى الطريقتين لم يعرف الآخرى وألف في كتابه أشياء من غير الفن الذي اخذ فيه نادي بها على نفسه بالخطاء وخفة البظاعة فيه منهم ابو حنيفة فإنه ذكر في كتابه ان البروج الاثني عشر لم تسم بهذه الأسماء لان نظم كواكبها مشاكل للصورة المسماة بأسمها وأن الكواكب ينتقل عن اماكنها واسماء البروج غير زائلة وإن زال نظم الكواكب ولم يعلم ان نظمها لا يزول ولا يتغير وكذلك ابعاد بعضها عن بعض وعروضها في الشمال والجنوب عن منطقة فلك البروج ولا يزيد ولا ينقص ولا يتغير عن جهاتها لإنها باسرها تتحرك بحركتها الطبيعية حركة واحدة حول قطبى فلك البروج ولذلك سميت ثابتة.
وقدر ابو حنيفة انها ثابتة على الاغلب من الامر لان حركاتها بطيئة باضافتها الى حركات الكواكب السريعة السير وهو لم يعرف هذه الاحوال لانها تخفى الا على من قد سلك طريقة المنجمين وارتاض بعلم الهيئة والارصاد.
وقد كنت أظن بابى حنيفة ان له رياضة بعلم الهيئة والرصد وقد كنت في بالدينور في خمس وثلاثين وثلاثمائة من سنى الهجرة في صحبة الاستاذ الرئيس ابى الفضل محمد بن الحسين اطال الله بقاءه نازلاً في حجرته وحكى لي جماعة من المشايخ أنه كان يرصد الكواكب على سطح هذه الحجرة سنين كثيرة فلما ظهر تأليفه وتأملت ما اودعه كتابه علمت أن الذي كان يراعيه أنما كان طلب الظاهر المشهور من الكواكب وما كان يجده في كتب الانواء من ذكر المنازل وما اشبهها والناس كلهم متفقون على أن لهذه الكواكب حركة الى توالى البروج.
أما على رأى بطليموس ومن تقدمه ففي كل مائة سنة درجة، وإما على رأى اصحاب الممتحن ومن رصد بعد بطليموس ففي كل ست وستين درجة، فما تنكر أنه لما كانت مواضع هذه الصور التي على منطقة البروج منذ ثلاثة آلاف سنة في غير هذه الاقسام أن اساميها كانت بحسب ذلك وأن صورة الحمل كانت في القسم الثاني عشر وصورة الثور كانت في القسم الأول فكان يسمى القسم الأول من البروج الثور والثاني الجوزاء والثالث السرطان.
ولما جددوا الارصاد في أيام طيموخارس وقبله ووجدوا صورة الحمل قد انتقلت الى القسم الأول من الاقسام الاول الاثني عشر الذي هو بعد نقطة التقاطع غيروا أساميها فسموا القسم الأول الحمل والثاني الثور والثالث التوأمين والرابع السرطان ولا يخالفنا احد في ان هذه الصور تنتقل بحركاتها على مر الدهور عن اماكنها حتى يصير صورة الحمل في القسم السابع الذي للميزان وصورة الميزان في القسم الأول الذي للحمل وصورة السرطان في القسم العاشر الذي للجدي وصورة الجدي في القسم الرابع الذي للسرطان فيسمى أول الاقسام الميزان والثاني العقرب والثالث القوس والرابع الجدي والخامس الدلو والسادس الحوت والسابع الحمل والثامن الثور والتاسع الجوزاء والعاشر السرطان والحادي عشر الأسد والثاني عشر السنبلة ويسمى أول الميزان الاعتدال الربيعي وأول الجدي الانقلاب الصيفي وأول الحمل الأعتدال الخريفي وأول السرطان الانقلاب الشتوي لإنه من المحال ان يسمى القسم الذي عليه صورة الجدي بالسرطان والقسم الذي عليه صورة السرطان بالجدي، وذلك أنهم لما قسموا الفلك باثني عشر قسماً وجعلوا ابتداء الأقسام من نقطة الاعتدال الربيعي لاعتدال الليل والنهار عند مرور الشمس بهذه النقطة وأخذ النهار في الزيادة على الليل وابتداء النشو في الحيوانات والنمو في النبات والمياه وتورق الاشجار واعتدال الهواء.
ووجدوا في كل قسم من هذه الاقسام صورة من الصور التي على منطقة البروج سموا كل قسم باسم الصورة التي وجدوها عليه وكان في زمن طيموخارس وقبله على هذه الاقسام هذه الصور بأعيانها التي سميت الاقسام بها وكانت على القسم الاول صورة الحمل فسموه بجميع اللغات بهذا الاسم وكواكبها معروفة مشهورة لا يخفى على من له ادنى رياضة بمعرفة الكواكب ان الشرطين على قرنيه وانما سمي الشرطين لانه اول المنازل واول العلامات واول البروج والاشراط العلامات.
والبطين سمى بهذا الأسم لأنه على موضع البطن منه وهو من ثلاثة كواكب على مثلث أحدها على فخذه المؤخرة وآخر على آخر ظهره وآخر على التيه.
ووجدوا على القسم الثاني صورة الثور والثريا على ظهره والدبران على عينه اليسرى وفي القسم الثالث صورة التوأمين والذراع المبسوطة على رأسيهما والهنعة على قدميهما، وأما الهقعة فليست من صورة البروج وأنما هي رأس الجبار بين المنكبين يرتفع عنهما الى الشمال قليلاً.
ووجدوا في القسم الرابع صورة السرطان وهي صورة صغيرة إلا أنه لم يوجد غيرها على هذا القسم والنثرة على صدرها، ووجدوا في القسم الخامس صورة الأسد وكانت صورة كبيرة كثيرة الكواكب بعضها بالقسمة في آخر أجزاء السرطان وهو الطرف وآخرها وهو الصرفة في آخر أجزاء الأسد فسموا هذا القسم أيضاً بأسم الصورة التي وجدوها عليه.
والعرب لم يستعمل صورة البروج على حقيقتها وإنما قسمت دور الفلك على مقدار الأيام التي تقطع القمر فيها الفلك وهو ثمانية وعشرون يوماً على التقريب وطلبت في كل قسم منها علامة تكون ابعاد ما بينها في رأى العين مقدار سير القمر فيها الفلك وهو ثمانية وعشرون يوماً عليه التقريب وطلبت في كل قسم منها علامة تكون ابعاد ما بينها في رأى العين مقدار سير القمر في يوم وليلة وبدأت بالشرطين وكانت أول العلامات من نقطة الاعتدال الربيعي ثم طلبت بعد الشرطين علامة آخرى يكون بعدها من الشرطين مقدار سير القمر في يوم وليلة فوجدت البطين وبعد البطين الثريا ثم الدبران وكذلك المنازل كلها ولم تلتفت الى البروج وأقسامها ومقادير صورها لإنها ادخلت الهقعة في جملة المنازل وليست من البروج وإنما هي من الصورة الجنوبية على رأس الجبار، وكذلك الفرغان هما من صورة الفرس في الناحية الشمال ونسبت كواكب كثيرة الى اعضاء الأسد هي من صور غير صورة الأسد فجعلت الكوكبين اللذين على رأسي التؤمين واللذين يسميان الكلب المتقدم ذراعى الأسد والطخة التي على صدر السرطان سمتها نثرة الأسد وهي مخطمة وصيرت العواء وركيه والسماكين ساقيه فصيرت صورة الأسد ثمانية منازل من ثلاثة أبراج فقدر ابو حنيفة أن هذه المنازل كلها على الحقيقة من صورة الأسد فأنكر أن يكون صورة واحدة على ثلاثة أبراج كل برج منها يسمى بأسم آخر ولم يعرف صورة السرطان ولا صورتي الأسد والعذراء.
والذي من صورة الأسد من هذه المنازل أربعة على ثلاث وثلاثين درجة أولها الطرف وهما كوكبان أحدهما على وجه الأسد في موضع منفخ الفم والآخر من الكواكب التي هي حوالي صورة السرطان خارج الصورة معترضان في السماء شبهتهما العرب بعيني الأسد.
والذي على منفخ الفم هو في زماننا في ثلاث درجات وثلثي خمس درجة من الأسد ثم الجهة وهي من أربعة كواكب ثلاثة منها على رقبته وواحد على موضع القلب الذي يقال له الملكي وهو خمس عشرة درجة وخمس درجة من الأسد بينه وبين الذي على منفخ الفم احدى عشرة درجة.
ثم الزبرة وهي كوكبان على كاهله وبين الملكي وبين انور كوكبي الزبرة احدى عشرة درجة وثلثا درجة وهو على ست وعشرين درجة وثلثي وخمس درجة من الأسد والصرفة وهو الكوكب النيّر الذي ذنبه وهو في سبع درجات وخمس درجة من السنبلة وبين انور كوكبي الزبرة وبينه عشرة درجات وثلث درجة وكل هذه الأبعاد متقاربة وكل واحد منها مقدار سير القمر في يوم وليلة على التقريب.
فأما العواء فهي خمسة كواكب على جناح العذراء والسماكان أحدهما وهو الاعزل على يد العذراء اليسرى والرامح فيما بين فخذي العواء الذي يقال له الضياج وليس في شيء من الصور ولم يعرف العذراء.
وقدران البرج السادس داخل في جملة صورة الأسد وأنه سمى السنبلة للكواكب المجتمعة المتقاربة التي فوق ذنب الأسد التي يسميها المنجمون الضفيرة وإنها تشبة السنبلة وقد ذكر مثل ذلك في برج القوس أيضاً لم يسم بالقوس لأن هنالك صورة القوس وانه سمي بهذا الاسم للكواكب المقوسة التي على ذؤابة الرامي التي تسميها العرب القلادة ولم يعرف القوس والنبل ولا شيئا من الكواكب على طريقة المنجمين وذلك انه وصف العوايد.
وأكثر ما قال فيها أنها عند المنجمين رأس التنين وأنهم يسمون الردف ذنب الدجاجة ولم يعرف صورة الدجاجة ووصف الفوارس ولم يعلم إنها من صورتها أيضاً على جناحيها.
وذكر أن بنات النعش الكبرى سبعة كواكب أيضاً على مثال الصغرى وأن المنجمين يسمون الدب الأكبر ولم يعلم أنها من صورة الدب وذكر أن فيها بين عرش السماك والاعزل وبين الزبانين اسفل منهما كواكب نيّرة مجتمعة على غير نظم تسمى الشماريخ، اراد بذلك كواكب صورتي قنطورس والسبع ثم ذكر بعد ذلك حضار والوزن وانهما يسميان محلفين ولم يعلم انهما من جملة الشماريخ وذكر الذنبين ولم يعلم انهما من جملة كوكبة التنين وذكر عرش السماك الاعزل، وحكى عن ابن كناسة أن القمر ربما عدل فنزل بعجز الأسد وهو عرش السماك وهذه الكواكب عددها سبعة خمسة منها نيرة في القدر الثالث وواحد في القدر الرابع وواحد من الخامس يسميها المنجمون الغراب، وعرض أكثر كواكبها عن فلك البروج في الجنوب خمس عشرة درجة الى احدى وعشرين درجة وأكثر ما يعدل القمر عن فلك البروج على رأي بطليموس خمس درجات وعلى رأى اصحاب الارصاد اربع درجات ونصف وربع درجة وعرض السماك الاعزل في الجنوب درجتان فهو يعدل عن مدار السماك الاعزل الى الجنوب إذا كان في نهاية عرضه درجتين ونصف وربع درجة وذلك في كل ثماني عشرة سنة مرة ولا يعدل إلى شيء من كوكبة الغراب.
وكذلك البتّاني اما احب أن يظهر من نفسه معرفة بمنازل القمر والكواكب على مذهب العرب وأخذ فيما لم يكن من شأنه ظهر نقصه، وذلك أن ذكر في كتابه عدد كوكبه كل برج من البروج الاثنى عشر كما ذكر بطليموس في كتاب المجسطي وذكر أن في جملة كوكبة الحمل الشرطين على قرنية والبطين على التيه وغلط في ذلك لإن البطين ثلاثة كواكب على مثلث قد تقدم ذكره وأن في كوكبه الثور الثريا على ظهره والدبران أصل اذنه، وغلط في ذلك أيضاً لإن الدبران على عينه الجنوبية وهو النير الأحمر من الخمسة التي على الوجه وأن في كوكبه التؤمين الهقعة والهنعة ومقدم الذراعين، وغلط أيضاً لإن الهقعة من كوكبه الجبار على رأسه بين المنكبين ولم يذكر الهنعة والذراع على أي مواضع هما من صورة التؤمين والهنقة كوكبان على قدميها، والذراع كوكبان نيران على رأسيهما، وأن في كوكبة الميزان الغفر، وغلط لإن الغفر ثلاثة كواكب اثنان منهما على ذيل العذراء وواحد على رجلها اليسرى وهو اميل الثلاثة إلى الجنوب، وذكر أن في كوكبة العقرب الزبانين وكذلك الاكليل وغلط فيهما جميعاً لأنّ الزبانين من كوكبة الميزان وهما على كفتى الميزان، وذهب إلى أنهما زبانيا العقرب أي قرناها على مذهب العرب، والاكليل قدرانه الثلاثة التي في جهة العقرب من الصورة وهو ثلاثة كواكب معترضة فوق جبهة العقرب، أحدهما وهو الشمالي منها على الزبانا الشمالي من صورة الميزان وهو الكوكب الثامن من جدول بطليموس في القدر الرابع والثاني وهو الأوسط من الثلاثة من الكواكب التي حوالي الميزان خارجة عن الصورة وهو السادس منها، والثالث وهو الجنوبي من الثلاثة من الكواكب الخارجة عن صورة الميزان أيضاً وهو الكوكب الثامن منها وهي كلها من القدر الرابع على تقويس شبيه بتقويس الثلاثة التي على جبهة العقرب، وزعم أن في كوكبة القوس النعايم والبلدة وغلط في ذلك لإن البلدة قطعة من السماء لا كوكب فيها ولذلك سميت بلدة، وقد رأيت في كرات كثيرة قد رسم على النعام الوارد النعايم وعلى النعام الصادرة البلدة، وأنما صيرت العرب وسط ما بين النعامين منزلا وزعم أن في كوكبة الجدي سعد الذابح وسعد بلع، وغلظ لإن سعد بلع على يد ساكب الماء اليسرى فوق ظهر الجدي.
وذكران في كوكبة الحوت الفرع الأول والفرع الثاني وغلط في ذلك أيضاً لإن الفرعين هما من صورة الفرس في ناحية الشمال أما الفرع الأول فالشمالي منهما على منكبة الأيمن ومنشأ قائمته والجنوبي على ظهره عند منشأ العنق، وأما الفرع الثاني فالشمالي منها على سرته وعلى رأس المرأة المسلسلة مشترك بينهما والجنوبي على متن الفرس وليس شيء منهما من صور البروج ولم يعرف الحوت ولا الفرس ثم ذكران جميع عدد الكواكب التي أثبتها بطليموس في كتاب المجسطي ألف واثنان وعشرون كوكباً سوى الذؤابة والفرد والمرزم، والفرد هو الكوكب النير الذي على عنق الشجاع سمته العرب فرداً لا نفراده عن أشباهه لانه منفرد في الجنوب وكذلك المرزم من تسمية العرب لكل كوكب تقدم كوكبا نيرا مثل تقدم الشعرى اليمانية وهو على يد الكلب، والذي يقدم الشعرى الغميصاء يسميان مرزمى الشعريين، وكذلك الذي على المنكب الأيسر من صورة الجبار يسمى المرزم.
فأما الذؤابة فهو واحد الكواكب الثلاثة الذي سماها بطليموس الصغيرة واسقطها من جملة عدد الكواكب فدل على أنه لم يعرف الفرد ولا المرزم ولو مر على طريقته واقتصر على مذهبه واكتفى بما اودعه كتابه من علم الأفلاك والكواكب السبعة وحركاتها وكسوفات النيرين وغير ذلك من الاسباب النجومية لم يلحقه هذه الشناعة وحكم له لاتساعه وتقدمه في الصناعة على مذهب المنجمين بمعرفة بمذهب العراب أيضاً.
وكنت باصفهان في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة في صحبة الأستاذ الرئيس ابي الفضل أطال الله بقاءه وحضر عندي رجل من أهلها يعرف بابن رواحة وكان المشهور بتلك الناحية والمشار إليه بعلم التنجيم واخذ في وصف اصطرلاب كان معه بكثرة الكواكب المرسومة عليه فسألته عما عليه من الكواكب فقال الدبران والنيران من الجوزاء وقلب الأسد والشعريان والسماكان والنسران والفرد، فعرفته أنه الفرد والعلة فيه لم سمي فرداً ثم سألته عن موقعه من الفلك فلم يعرفه وقصد حضرة الأمير الجليل عضد الدولة أطال الله بقاه في سنة تسع واربعين وثلاثمائة وسئل بحضرته زاد الله في جلالتها عن النسر الواقع وأنا حاضر وقد كان ارتفع عن افق المشرق ارتفاعاً صالحاً، فقال هو العيّوق والغزالات في بيوتهن في جميع الأمصار يعرفن هذا الكوكب وتسمّينه الاثافى وهو لم يعرفه إلا بالأسم وكذلك حكم غيره ممن تقدم ذكرهم.
ولما رأيت هؤلاء القوم مع ذكرهم في الآفاق وتقدمهم في الصناعة واقتداء الناس بهم واستعمالهم مؤلفاتهم قد تبع كل واحد منهم من تقدّمه من غير تأمل لخطائه وصوابه بالعيان والنظر حتى ظن كل من نظر في مؤلفاتهم أن ذلك عن معرفة بالكواكب ومواقعها.
ووجدت في كتبهم من التخلف ولا سيما في الانواء من حكاياتهم عن العرب والرواة عنهم أشياء من أمر المنازل وسائر الكواكب ظاهرة الفساد ولو ذكرتها لطال الكتاب بلا فائدة عزمت مرات كثيرة على اظهار ذلك وكشفه فكان يعترني فتور في حال واشغال تصدني عن المراد في اخرى إلى أن شرفني الله بخدمة الملك الجليل عضد الدولة ابي شجاع بن ركن الدولة ابي على أطال الله بقاءهما وسلطانهما وانعم على بادخالي في جملة حوله وحشمه ووجدته من فنون العلم متمكنا وفي المعرفة بها منبسطا وعلى عامة العلماء مقبلا وإلى جميعهم محسنا ورأيته ادام الله تعالى دولته كثير الذكر لاحوال الكواكب مائلاَ إلى امتحانها والوقوف على مواقعها من الصور ومواضعها من البروج والدرج بالرصد والعيان، ولم أجد بحضرته زاد الله في جلالتها من المنجمين من يعرف شيئاً من الصور الثماني والأربعين التي ذكرها بطليموس في كتابه المعروف بالمجسطي على حقيقتها ولا شيئاً من الكواكب التي في الصور مذهب المنجمين ولا على مذهب العرب إلا اليسير من الظاهر المشهور الذي يعرفه الخاص والعام ولم أجد لمن يقدمني من العلماء أيضاً في احد الفنين كتاباً يؤثق بمعرفة مؤلفه إلا كما تقدم ذكره ولا يمكن الرصد إلا بمعرفة الصور وكوكبة كل صورة بالنظر والعيان، فرأيت أن أتقرب إليه بتأليف كتاب جامع يشتمل على وصف الصور الثماني والأربعين وعلى كوكبة كل صورة منها وعددها ومواقعها من الصور ومواضعها في فلك البروج بأطوالها وعروضها وعدد كواكب الفلك كلها المرصودة التي من الصور والتي حوالى الصور وليست منها وذلك أن كثيراً من الناس قد ظنوا أن كواكب السماء كلها على الاطلاق التي تسمى ثابته ألف وخمسة وعشرون كوكباً وفي ذلك غلط بيّن وانما رصد الأوائل هذا القدر من الكواكب ورتبوها ست مراتب في العظم فجعلوا أعظمها في القدر الأول والذي دونها في العظم في القدر الثاني والذي دون ذلك في القدر الثالث حتى انتهوا الى القدر السادس ثم وجدوا ما دون القدر السادس في العظم من الكواكب أكثر مما يقع عليه الاحصاء فتركوه، ومعرفة ذلك يسهل من قرب فانا متى تأملنا صورة من الصور وكواكبها مشهورة معدودة وجدنا في خلال تلك الكواكب كواكب كثيرة لم تعد من الصورة مثل الدجاجة فانها سبعة عشر كوكباً من الصورة أولها على منقارها وآخرها على رجلها النيّر الذي على ذنبها وباقي ذلك على جناحيها وعنقها وصدرها، وكوكبان تحت جناحها الأيسر ليسا من الصورة فإذا تأملنا وجدنا في خلالها من الكواكب ما لا يمكن احصاؤه لصغرها وكثافة جمعها وكذلك يوجد في جميع الصور ثم وجدوا من هذه الكواكب التي رصدوها تسعمائة وسبعة عشر كوكباً ينتظم منها ثمان واربعون صورة كل صورة منها تشتمل على كوكبتها وهي الصورة أثبتها بطليموس في كتاب المجسطي بعضها في النصف الشمالي من الكرة وبعضها على منطقة البروج التي هي طريقة الشمس والقمر والكواكب السريعة السير وبعضها على صورة الإنسان مثل في النصف الجنوبي منها فسموا كل صورة منها بإسم الشيء المشبه لها بعضها على صورة الإنسان مثل كوكبة الجوزاء وكوكبة الجاثي على ركبتة وكوكبة الحواء، وبعضها على صورة الحيوانات البرية والبحرية مثل الحمل والثور والسرطان والأسد والعقرب والحوت والدب الأكبر والأصغر وبعضها خارج عن شبه الانسان وسائر الحيوانات مثل الاكليل والميزان والسفينة.
ووجدوا من هذه الصور ما لم يكن تام الخلقة ولم يكن بالقرب منها كواكب تتم بها واثبتوا ما وجدوا من خلقتها وذلك مثل قطعة الفرس فأنها أربعة كواكب مستطيلة على هيئة وجه الفرس ولم يكن بالقرب منها من الكواكب ما ينتظم به تمام الصورة فسموها قطعة الفرس وكذلك كوكبة الفرس ليس للصورة رجلان ولا كفل وإنما هي من رأسه إلى السرة وآخر الظهر، وصورة الثور انما هي من رأسه إلى آخر ظهره عند الأربعة المصطفة التي على موضع القطع ومنها ما بعضه من صورة انسان وبعضه من صورة دابة مثل كوكبة الرامي وكوكبة قنطورس فان كل واحدٍ منها بعض صورة انسان من رأسه إلى منطقته وبعض صورة الدابة من متنه إلى ذنبه ومنها ما لم تتم صورته حتى جعل كوكب من صورة بالقرب منه مشتركاً بينها مثل ممسك الأعنّة فأنها لم يتم جعل الكوكب النيّر الذي على طرف القرن الشمالي من الثور مشتركاً بينهما فصار على قرن الثور وعلى رجل ممسك الأعنّة وكذلك الكوكب النير الذي على سرة الفرس هو الشمالي من الفرع الثاني جعل أيضاً مشتركاً بين الفرس وبين رأس المرأة المسلسلة ولم يتم صورة المرأة إلا به، وإنما الفوا هذه الصورة وسموها بأسمائها وذكروا كوكباً من كل صورة ليكون لكل كوكب اسم يعرف به متى اشاروا إليه وذكروا موقعه من الصور وموضعه من فلك البروج ومقدار تنحيه في الشمال أو الجنوب عن الدائرة التي تمر بأوساط البروج لمعرفة أوقات الليل والطالع في كل وقت وأشياء عظيمة المنفعة تعرف بمعرفة هذه الكواكب، وأما الكواكب الآخر وهي مائة وثمانية عشر كوكباً فانها لم تنتظم مع شيء من الصور وأضافوا كلما وجدوا منها قريباً من صورة إلى تلك الصورة وسموها خارج الصورة مثل الخمسة التي تتلو الكوكبين اللذين على منكب الحواء الايمن، النيّر الذي فوق رأس الحمل الذي تسمه العرب الناطح والأربعة التي فوق قطنة، مثل الكواكب الحفية التي فوق ذنب الأسد التي تسميها المنجمون الضفيرة وتسميها العرب الهلبة ومثل النيّر الذي فيما بين فخذي العواء وليس من الصورة هو السماك الرامح والاثنين الذين تحت جناح الدجاجة، واما عدد الصور ومواقعها من الفلك فهي ثمان واربعون صورة منها في النصف الشمالي من الكرة احدى وعشرون صورة واسماؤها:
الدب الأصغر، والدب الأكبر، والتنين، وقيقاوس، والعواء الذي يقال له الصنّاج، والاكليل الشمالي وهو الفكة، والجاثي على ركبته، والشلياق وهو النسر الواقع، والطائر وهو الدجاجة، وذات الكرسي، وبرشياوس وهو حامل رأس الغول، وممسك الاعنة، والحواء الذي يمسك الحية، وحية الحواء، والسهم، والعقاب وهو النسر الطائر، والدلفين وقطعة الفرس، والفرس الثاني، والمرأة المسلسلة، والمثلث.
وعدد كواكب هذه الصورة التي من نفس الصور ثلاثمائة واحد وثلاثون كوكباً والتي حوالى الصور وليست من الصور تسعة وعشرون كوكباً فجميع الكواكب التي في هذا النصف من الكرة ثلاثمائة وستون كوكباً ومنها على فلك البروج اثنا عشرة صورة واسماؤها:
الحمل، والثور، والتوأمان، والسرطان، والأسد، والعذراء، والميزان، والعقرب، والرامي، والجدي، وساكب الماء وهو الدلو، والسمكتان وهما الحوت.
وكواكبها التي من نفس الصور مائتان وتسعة وثمانون كوكباً والتي حوالى الصور وليست من الصور سبعة وخمسون كوكباً سوى الضفيرة فانها خارجه من العدد فجميع الكواكب التي على منطقة البروج ثلاثمائة وستة واربعون كوكباً سوى الضفيرة، ومنها في النصف الجنوبي من الكرة خمس عشرة صورة واسماؤها:
قيطس، والجبار وهو الجوزاء، والنهر، والأرنب، والكلب الأكبر، والكلب المتقدم، والسفينة، والشجاع، والباطية، والغراب، وقنطورس، والسبع، والمجمرة، والاكليل الجنوبي، والحوت الجنوبي، وكواكبها التي من نفس الصور مائتان وسبعة وتسعون كوكباً والتي حوالى الصور وليست منها تسعة عشر كوكباً.
فجميع التي في النصف الجنوبي من الكرة من الكواكب ثلاثمائة وستة عشر كوكباً، فجميع الكواكب التي وقع عليها الرصد الف واثنان وعشرون كوكباً سوى الضفيرة وهي ثلاثة كواكب، واما مواضعها من فلك البروج فانا وجدنا بطليموس قد عول على ارصاد مانالاوس وكان رصد في سنة ثمانمائة وخمس واربعين من سني بخت نصر، والسنة التي جعلها بطليموس تاريخاً لمواضع الكواكب الثابته في كتابه هي أول سنة من سنى انطنينس وهي سنة ثمانمائة وست وثمانين من سنى بخت نصر، وبين رصد مانالاوس وبين تاريخ بطليموس احدى واربعون سنة.
وحكى بطليموس عن مانالاوس انه وجد بعد السماك الاعزل عن رأس السرطان ستة وثمانين جزءاً وربع جزء وانه وجد بعد الكوكب الاميل إلى الشمال من الكواكب الثلاثة التي في جبهة العقرب عن الاعتدال الخريفي خمسة وثلاثين جزاءاً وثلثي جزء وربع جزء فلذلك يكون موضع السماك الاعزل في ستة وعشرين جزاءاً وربع جزء من العذراء وموضع الشمالي من الثلاثة التي في جبهة العقرب في خمسة اجزاء وربع جزء من العقرب.
وكان عند بطليموس ان الكواكب الثابته تسير في كل مائة سنة درجة فزاد على كل واحدٍ من هذين الكوكبين مقدار حركة كل واحد منها في المدة التي بينه وبين مانالاوس من السنين وهي لاحدى واربعين سنة خمس وعشرون دقيقة بالتقريب، فوضع موضع السماك الاعزل في ست وعشرين درجة وثلثي درجة من العذراء وموضع الكواكب الشمال الذي في جبهة العقرب العقرب في ست درجات وثلث درجة من العقرب ثم زاد هذه الزيادة على جميع الكواكب ووضعها في كتاب المجسطي في الجدول ثم رصدا اصحاب الممتحن فوجدوها قد تحركت عن مواضعها التي ذكرها مانالاوس في كل ست وستين سنة درجة في المدة التي بين ارصادهم وارصاد مانالاوس من السنين وكان بين الوقت الذي جعلناه تاريخاً لمولضع الكواكب في هذا الكتاب وهو أول سنة ألف ومائتين وست وسبعين من سنى ذي القرنين، وبين رصد مانالاوس من السنين ثمانمائة وست وستون سنة، وتكون حركات الكواكب في هذه السنين على ان حركتها في كل ست وستين سنة درجة ثلاث عشر درجة وسبع دقائق بالقريب، فإذا انقصنا من ذلك مقدار ما قد زاد بطليموس على كل كوكب وهو خمس وعشرون دقيقة يبقى ما يجب أن يزاد على مواضعها التي وضعها بطليموس في كتابه وهو اثنتا عشرة درجة واثنان واربعون دقيقة فيصير لذلِكَ موضع السماك الاعزل في اول سنة الف ومائتين وست وسبعين من سنى ذي القرنين في تسع درجات واثنين وعشرين دقيقة من الميزان وموضع الشمالي من الثلاثة التي في جبهة العقرب في تسع عشرة درجة ودقيقين من العقرب وكذلك يكون الزيادة على سائر الكواكب واما عروضها فعلى ما ذكره بطليموس لانها تدول حول قطبي فلك البروج ولا يتغير أبداً.
واما اقدارها ومراتبها في العظم والصغر فعلى ما وجدناه بالعيان فنذكر الآن كوكبة كل صورة على الانفراد وعدد كواكبها واسمائها وألقابها على مذهب المنجمين ومذهب العرب ليستدل بأحدهما على الآخر ونعمل صورها المسمَّاة بأسمها المشبهة لها ونرسم كل كوكب على موقعه من الصورة ليكون مشاكلاً لما يرى في السماء، ونعمل لها جدولاً نثبت فيه أسماءها ومواضعها من فلك البروج في الزمان المذكور واجزاء عروضها في الشمال والجنوب ومقادير عظمها ونعلم على كل كوكب منها في الجدول وفي الصورة علامة بحرف الجمل على مراتب موقعه من الجدول ليسهل اصابته منها متى اشرنا إليه، ونبدأ بأقربها إلى القطب الظاهر ثم بما يتلوه الأقرب فالاقرب على ما رتبه بطليموس في كتابه ونستعين بالله على التوفيق والعون على ما يرضي الأمير الجليل عضد الدولة أطال الله بقاءه ويقرب إليه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
ونبين أولاً ان الذي نسميه شمالياً من هذه الكواكب نريد بذلك الاقرب إلى قطب فلك البروج الشمالي والذي نسميه جنوبياً نريد بذلك الأبعد من هذا القطب بعينه، ونبين ذلك من السطر الذي أثبتنا فيه عروض الكواكب من الجدول وذلك أن الكواكب الشمالية عن فلك البروج كل ما كان منها عرضه أكثر فهو أقرب إلى قطب فلك البروج الشمال وهو الذي نسميه شمالياً والذي يكون عرضه أقل فهو ابعد من هذا القطب وهو الذي نسميه جنوبياً وكل كوكب يكون عرضه جنوبياً عن فلك البروج فأن الذي يكون أقل عرضاً نسميه شمالياً والذي يكون عرضه أكثر نسميه جنوبياً وكذلك كل كوكب نسميه المتقدم لكواكب ما نريد بذلك الكوكب الذي يكون أقرب إلى المغرب في الطول، والذي نسميه التالي نريد الذي يكون أقرب إلى المشرق ونبين ذلك من الجدول الذي وضعناه للطول، وذلك ان كل كوكب يكون أقل درجات في برجه الذي هو فيه فهو المتقدم وهو إلى المغرب أقرب والذي يكون درجاته أكثر فهو التالي لذلك المتقدم وهو إلى المشرق أقرب، فليحفظ هذه الاستثناء أن شاء الله تعالي.