الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم النبيين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فإنك يرحمك الله بتوفيق خالقك ذكرت أنك هممت بالفحص عن تعرف جملة الأخبار المأثورة عن رسول الله -ﷺ- في سنن الدين وأحكامه، وما كان منها في الثواب، والعقاب، والترغيب، والترهيب وغير ذلك من صنوف الأشياء بالأسانيد التي بها نقلت وتداولها أهل العلم فيما بينهم، فأردت -أرشدك الله- أن توقف على جملتها مؤلفة محصاة، وسألتني أن ألخصها لك في التأليف بلا تكرار يكثر، فإن ذلك -زعمت مما يشغلك عما له قصدت من التفهم فيها والاستنباط منها، وللذي سألت أكرمك الله حين رجعت إلى تدبره وما تؤول به الحال إن شاء الله عاقبة محمودة ومنفعة موجودة، وظننت حين سألتني تجشم ذلك أن لو عزم لي عليه وقضي لي تمامه كان أول من يصيبه نفع ذلك إياي خاصة قبل غيري من الناس لأسباب كثيرة يطول بذكرها الوصف، إلا أن جملة ذلك أن ضبط القليل من هذا الشان وإتقانه أيسر على المرء من معالجة الكثير منه ولا سيما عند من لا تمييز عنده من العوام إلا بأن يوقفه على التمييز غيره فإذا كان الأمر في هذا كما وصفنا فالقصد منه إلى الصحيح القليل أولى بهم من ازدياد السقيم وإنما يرجى بعض المنفعة في الاستكثار من هذا الشأن وجمع المكررات منه لخاصة من الناس ممن رزق فيه بعض التيقظ والمعرفة بأسبابه وعلله فذلك إن شاء الله يهجم بما أوتي من ذلك على الفائدة في الاستكثار من جمعه، فأما عوام الناس الذين هم بخلاف معاني الخاص من أهل التيقظ والمعرفة فلا معنى لهم في طلب الكثير وقد عجزوا عن معرفة القليل
ثم إنا إن شاء الله مبتدئون في تخريج ما سألت وتأليفه على شريطة سوف أذكرها لك وهو إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله ﷺ فتقسمها على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار إلا أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام فلابد من إعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره إذا أمكن ولكن تفصيله ربما عسر من جملته فإعادته بهيئته إذا ضاق ذلك أسلم فأما ما وجدنا بدا من إعادته بجملته من غير حاجة منا إليه فلا نتولى فعله إن شاء الله تعالى
فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخبارا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان كالصنف المقدم قبلهم على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم كعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد وليث بن أبي سليم وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة لأن هذا عند أهل العلم درجة رفيعة وخصلة سنية.
ألا ترى أنك إذا وازنت هؤلاء الثلاثة الذين سميناهم عطاء ويزيد وليثا بمنصور بن المعتمر وسليمان الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد في إتقان الحديث والاستقامة فيه وجدتهم مباينين لهم لا يدانونهم لا شك عند أهل العلم بالحديث في ذلك للذي استفاض عندهم من صحة حفظ منصور والأعمش وإسماعيل وإتقانهم لحديثهم وأنهم لم يعرفوا مثل ذلك من عطاء ويزيد وليث
وفي مثل مجرى هؤلاء إذا وازنت بين الأقران كابن عون وأيوب السختياني مع عوف بن أبي جميلة وأشعث الحمراني وهما صاحبا الحسن وابن سيرين كما أن ابن عون وأيوب صاحباهما إلا أن البون بينهما وبين هذين بعيد في كمال الفضل وصحة النقل وإن كان عوف وأشعث غير مدفوعين عن صدق وأمانة عند أهل العلم ولكن الحال ما وصفنا من المنزلة عند أهل العلم
وإنما مثلنا هؤلاء في التسمية ليكون تمثيلهم سمة يصدر عن فهمها من غبي عليه طريق أهل العلم في ترتيب أهله فيه فلا يقصر بالرجل العالي القدر عن درجته ولا يرفع متضع القدر في العلم فوق منزلته ويعطي كل ذي حق فيه حقه وينزل منزلته
وقد ذكر عن عائشة رضى الله تعالى عنها أنها قالت أمرنا رسول الله ﷺ أن ننزل الناس منازلهم
مع ما نطق به القرآن من قول الله تعالى { وفوق كل ذي علم عليم }
فعلى نحو ما ذكرنا من الوجوه نؤلف ما سألت من الأخبار عن رسول الله ﷺ
فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مسور أبي جعفر المدائني وعمرو بن خالد وعبد القدوس الشامي ومحمد بن سعيد المصلوب وغياث بن إبراهيم وسليمان بن عمر وأبي داود النخعي وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار
وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط أمسكنا أيضا عن حديثهم وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها
فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبولة ولا مستعملة فمن هذا الضرب من المحدثين عبد الله بن محرر ويحيى بن أبي أنيسة والجراح بن المنهال أبو العطوف وعباد بن كثير وحسين بن عبد الله بن ضميرة وعمر بن صهبان ومن نحا نحوهم في رواية المنكر من الحديث فلسنا نعرج على حديثهم ولا نتشاغل به لأن حكم أهل العلم والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا وأمعن في ذلك على الموافقة لهم فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئا ليس عند أصحابه قبلت زيادته
فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره أو لمثل هشام بن عروة وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره فيروى عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم قد شرحنا من مذهب الحديث وأهله بعض ما يتوجه به من أراد سبيل القوم ووفق لها وسنزيد إن شاء الله تعالى شرحا وإيضاحا في مواضع من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والإيضاح إن شاء الله تعالى
وبعد يرحمك الله فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة والروايات المنكرة وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة مما نقلة الثقات المعروفون بالصدق والأمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيرا مما يقذفون به إلى الأغبياء من الناس هو مستنكر ومنقول عن قوم غير مرضيين ممن ذم الرواية عنهم أئمة أهل الحديث مثل مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة لما سهل علينا الانتصاب لما سألت من التمييز والتحصيل ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة بالأسانيد الضعاف المجهولة وقذفهم بها إلى العوام الذين لا يعرفون عيوبها خف على قلوبنا أجابتك إلى ما سألت
☰ جدول المحتويات
باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله ﷺ
وأعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله جل ذكره { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }، وقال جل ثناؤه { ممن ترضون من الشهداء }، وقال عز وجل { وأشهدوا ذوي عدل منكم }
فدل بما ذكرنا من هذه الآي أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول وأن شهادة غير العدل مردودة والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه فقد يجتمعان في أعظم معانيهما إذ كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم ودلت السنة على نفي رواية المنكر من الأخبار كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق وهو الأثر المشهور عن رسول الله ﷺ من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سمرة بن جندب ح وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن شعبة وسفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة قالا: قال رسول الله ﷺ ذلك
باب تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ
[1] وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش أنه سمع عليا رضى الله تعالى عنه يخطب قال: قال رسول الله ﷺ: لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار
[2] وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل يعني ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أنه قال إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثا كثيرا أن رسول الله ﷺ قال: من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار
[3] وحدثنا محمد بن عبيد الغبري حدثنا أبو عوانة عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
[4] وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عبيد حدثنا علي بن ربيعة قال أتيت المسجد والمغيرة أمير الكوفة قال، فقال المغيرة سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن كذبا علي ليس ككذب على أحد فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وحدثني علي بن حجر السعدي حدثنا علي بن مسهر أخبرنا محمد بن قيس الأسدي عن علي بن ربيعة الأسدي عن المغيرة بن شعبة عن النبي ﷺ بمثله ولم يذكر إن كذبا علي ليس ككذب على أحد
باب النهي عن الحديث بكل ما سمع
[5] وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا علي بن حفص حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ بمثل ذلك وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي قال: قال عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع وحدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال لي مالك اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع وحدثنا محمد بن المثنى قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول لا يكون الرجل إماما يقتدى به حتى يمسك عن بعض ما سمع وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا عمر بن علي بن مقدم عن سفيان بن حسين قال سألني إياس بن معاوية، فقال إني أراك قد كلفت بعلم القرآن فأقرأ علي سورة وفسر حتى أنظر فيما علمت قال: ففعلت، فقال لي أحفظ علي ما أقول لك إياك والشناعة في الحديث فإنه قلما حملها أحد إلا ذل في نفسه وكذب في حديثه وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة
باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها
[6] وحدثني محمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب قالا: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني أبو هانئ عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم
[7] وحدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني أبو شريح أنه سمع شراحيل بن يزيد يقول أخبرني مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: يكون في آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنوكم وحدثني أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبدة قال: قال عبد الله إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا وحدثني محمد بن عباد وسعيد بن عمرو الأشعثي جميعا عن ابن عيينة قال سعيد أخبرنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس قال جاء هذا إلى بن عباس يعني بشير بن كعب فجعل يحدثه، فقال له بن عباس عد لحديث كذا وكذا فعاد له ثم حدثه، فقال له عد لحديث كذا وكذا فعاد له، فقال له ما أدري أعرفت حديثي كله وأنكرت هذا أم أنكرت حديثي كله وعرفت هذا، فقال له بن عباس إنا كنا نحدث عن رسول الله ﷺ إذ لم يكن يكذب عليه فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال إنما كنا نحفظ الحديث والحديث يحفظ عن رسول الله ﷺ فأما إذ ركبتم كل صعب وذلول فهيهات وحدثني أبو أيوب سليمان بن عبيد الله الغيلاني حدثنا أبو عامر يعني العقدي حدثنا رباح عن قيس بن سعد عن مجاهد قال جاء بشير العدوي إلى بن عباس فجعل يحدث ويقول: قال رسول الله ﷺ: قال رسول الله ﷺ: فجعل بن عباس لا يأذن لحديثه ينظر إليه، فقال: يا ابن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله ﷺ ولا تسمع، فقال ابن عباس إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله ﷺ: ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف حدثنا داود بن عمر والضبي حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال كتبت إلى بن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفي عني، فقال: ولد ناصح أنا أختار له الأمور اختيارا وأخفي عنه قال: فدعا بقضاء علي فجعل يكتب منه أشياء ويمر به الشيء فيقول والله ما قضى بهذا علي إلا أن يكون ضل حدثنا عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس قال أتي بن عباس بكتاب فيه قضاء علي رضى الله تعالى عنه فمحاه إلا قدر وأشار سفيان بن عيينة بذراعه حدثنا حسن بن علي الحلواني حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن إدريس عن الأعمش عن أبي إسحاق قال لما أحدثوا تلك الأشياء بعد علي رضى الله تعالى عنه قال رجل من أصحاب علي قاتلهم الله أي علم أفسدوا حدثنا علي بن خشرم أخبرنا أبو بكر يعني ابن عياش قال: سمعت المغيرة يقول لم يكن يصدق على علي رضى الله تعالى عنه في الحديث عنه إلا من أصحاب عبد الله بن مسعود
باب بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات
وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة حدثنا حسن بن الربيع حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد وحدثنا فضيل عن هشام قال وحدثنا مخلد بن حسين عن هشام عن محمد بن سيرين قال إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عيسى وهو ابن يونس حدثنا الأوزاعي عن سليمان بن موسى قال لقيت طاوسا فقلت: حدثني فلان كيت وكيت قال إن كان صاحبك مليا فخذ عنه وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا مروان يعني ابن محمد الدمشقي حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى قال: قلت لطاوس إن فلانا حدثني بكذا وكذا قال إن كان صاحبك مليا فخذ عنه حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا الأصمعي عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث يقال ليس من أهله حدثنا محمد بن أبي عمر المكي حدثنا سفيان ح وحدثني أبو بكر ابن خلاد الباهلي واللفظ له قال: سمعت سفيان بن عيينة عن مسعر قال: سمعت سعد بن إبراهيم يقول لا يحدث عن رسول الله ﷺ إلا الثقات وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد من أهل مرو قال: سمعت عبدان بن عثمان يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، وقال محمد بن عبد الله حدثني العباس بن أبي رزمة قال: سمعت عبد الله يقول بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد، وقال محمد سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال: قلت لعبد الله بن المبارك يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء إن من البر بعد البر أن تصلي لأبويك مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك قال، فقال عبد الله يا أبا إسحاق عمن هذا قال: قلت له هذا من حديث شهاب بن خراش، فقال ثقة عمن قال: قلت: عن الحجاج بن دينار قال ثقة عمن قال: قلت: قال رسول الله ﷺ: قال: يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي ﷺ مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي ولكن ليس في الصدقة اختلاف، وقال محمد سمعت علي بن شقيق يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف وحدثني أبو بكر ابن النضر بن أبي النضر قال: حدثني أبو النضر هاشم بن القاسم حدثنا أبو عقيل صاحب بهية قال: كنت جالسا عند القاسم بن عبيد الله ويحيى بن سعيد، فقال يحيى للقاسم يا أبا محمد إنه قبيح على مثلك عظيم أن تسأل عن شيء من أمر هذا الدين فلا يوجد عندك منه علم ولا فرج أو علم ولا مخرج، فقال له القاسم وعم ذاك قال لأنك بن إمامي هدى بن أبي بكر وعمر قال يقول له القاسم أقبح من ذاك عند من عقل عن الله أن أقول بغير علم أو آخذ عن غير ثقة قال: فسكت فما أجابه وحدثني بشر بن الحكم العبدي قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول أخبروني عن أبي عقيل صاحب بهية أن أبناء لعبد الله بن عمر سألوه عن شيء لم يكن عنده فيه علم، فقال له يحيى بن سعيد والله إني لأعظم أن يكون مثلك وأنت بن إمامي الهدى يعني عمر وابن عمر تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم، فقال أعظم من ذلك والله عند الله وعند من عقل عن الله أن أقول بغير علم أو أخبر عن غير ثقة قال وشهدهما أبو عقيل يحيى بن المتوكل حين قالا ذلك وحدثنا عمرو بن علي أبو حفص قال: سمعت يحيى بن سعيد قال: سألت سفيان الثوري وشعبة ومالكا وابن عيينة عن الرجل لا يكون ثبتا في الحديث فيأتيني الرجل فيسألني عنه قالوا أخبر عنه أنه ليس بثبت وحدثنا عبيد الله بن سعيد قال: سمعت النضر يقول سئل ابن عون عن حديث لشهر وهو قائم على أسكفة الباب، فقال إن شهرا نزكوه إن شهرا نزكوه قال مسلم رحمه الله يقول أخذته ألسنة الناس تكلموا فيه وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا شبابة قال: قال شعبة وقد لقيت شهرا فلم أعتد به وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد من أهل مرو قال: أخبرني علي بن حسين بن واقد قال: قال عبد الله بن المبارك قلت لسفيان الثوري إن عباد بن كثير من تعرف حاله وإذا حدث جاء بأمر عظيم فترى أن أقول للناس لا تأخذوا عنه قال سفيان بلى قال عبد الله فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد أثنيت عليه في دينه وأقول لا تأخذوا عنه، وقال محمد حدثنا عبد الله بن عثمان قال: قال أبي قال عبد الله بن المبارك انتهيت إلى شعبة، فقال هذا عباد بن كثير فاحذروه وحدثني الفضل بن سهل قال: سألت معلى الرازي عن محمد بن سعيد الذي روي عنه عباد فأخبرني عن عيسى بن يونس قال: كنت على بابه وسفيان عنده فلما خرج سألته عنه فأخبرني أنه كذاب وحدثني محمد بن أبي عتاب قال: حدثني عفان عن محمد بن يحيى بن سعيد القطان عن أبيه قال لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث قال ابن أبي عتاب فلقيت أنا محمد بن يحيى بن سعيد القطان فسألته عنه، فقال عن أبيه لم تر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث قال مسلم يقول يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب حدثني الفضل بن سهل قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرني خليفة بن موسى قال دخلت على غالب بن عبيد الله فجعل يملي علي حدثني مكحول حدثني مكحول فأخذه البول فقام فنظرت في الكراسة فإذا فيها حدثني أبان عن أنس وأبان عن فلان فتركته وقمت قال وسمعت الحسن بن علي الحلواني يقول رأيت في كتاب عفان حديث هشام أبي المقدام حديث عمر بن عبد العزيز قال هشام حدثني رجل يقال له يحيى بن فلان عن محمد بن كعب قال: قلت لعفان إنهم يقولون هشام سمعه من محمد بن كعب، فقال إنما ابتلي من قبل هذا الحديث كان يقول حدثني يحيى عن محمد ثم ادعى بعد أنه سمعه من محمد حدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد قال: سمعت عبد الله بن عثمان بن جبلة يقول قلت لعبد الله بن المبارك من هذا الرجل الذي رويت عنه حديث عبد الله بن عمرو يوم الفطر يوم الجوائز قال سليمان بن الحجاج انظر ما وضعت في يدك منه قال ابن قهزاد وسمعت وهب بن زمعة يذكر عن سفيان بن عبد الملك قال: قال عبد الله يعني ابن المبارك رأيت روح بن غطيف صاحب الدم قدر الدرهم وجلست إليه مجلسا فجعلت أستحي من أصحابي أن يروني جالسا معه كره حديثه حدثني ابن قهزاد قال: سمعت وهبا يقول عن سفيان عن ابن المبارك قال بقية صدوق اللسان ولكنه يأخذ عمن أقبل وأدبر حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال: حدثني الحارث الأعور الهمداني وكان كذابا حدثنا أبو عامر عبد الله بن براد الأشعري حدثنا أبو أسامة عن مفضل عن مغيرة قال: سمعت الشعبي يقول حدثني الحارث الأعور وهو يشهد أنه أحد الكاذبين حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: قال علقمة قرأت القرآن في سنتين، فقال الحارث القرآن هين الوحي أشد وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا أحمد يعني ابن يونس حدثنا زائدة عن الأعمش عن إبراهيم أن الحارث قال تعلمت القرآن في ثلاث سنين والوحي في سنتين أو قال الوحي في ثلاث سنين والقرآن في سنتين وحدثني حجاج قال: حدثني أحمد وهو ابن يونس حدثنا زائدة عن منصور والمغيرة عن إبراهيم أن الحارث اتهم وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حمزة الزيات قال سمع مرة الهمداني من الحارث شيئا، فقال له اقعد بالباب قال: فدخل مرة وأخذ سيفه قال وأحس الحارث بالشر فذهب وحدثني عبيد الله بن سعيد حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي حدثنا حماد بن زيد عن ابن عون قال: قال لنا إبراهيم إياكم والمغيرة بن سعيد وأبا عبد الرحيم فإنهما كذابان حدثنا أبو كامل الجحدري حدثنا حماد وهو ابن زيد قال: حدثنا عاصم قال كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ونحن غلمة أيفاع فكان يقول لنا لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص وإياكم وشقيقا قال: وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج وليس بأبي وائل حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو الرازي قال: سمعت جريرا يقول لقيت جابر بن يزيد الجعفي فلم أكتب عنه كان يؤمن بالرجعة حدثنا الحسن الحلواني حدثنا يحيى بن آدم حدثنا مسعر قال: حدثنا جابر بن يزيد قبل أن يحدث ما أحدث وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال: كان الناس يحملون عن جابر قبل أن يظهر ما أظهر فلما أظهر ما أظهر اتهمه الناس في حديثه وتركه بعض الناس فقيل له وما أظهر قال الإيمان بالرجعة وحدثنا حسن الحلواني حدثنا أبو يحيى الحماني حدثنا قبيصة وأخوه أنهما سمعا الجراح بن مليح يقول: سمعت جابرا يقول عندي سبعون ألف حديث عن أبي جعفر عن النبي ﷺ كلها
وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا أحمد بن يونس قال: سمعت زهيرا يقول: قال جابر أوسمعت جابرا يقول إن عندي لخمسين ألف حديث ما حدثت منها بشيء قال ثم حدث يوما بحديث، فقال هذا من الخمسين ألفا وحدثني إبراهيم بن خالد اليشكري قال: سمعت أبا الوليد يقول: سمعت سلام بن أبي مطيع يقول: سمعت جابرا الجعفي يقول عندي خمسون ألف حديث عن النبي ﷺ
وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال: سمعت رجلا سأل جابرا عن قوله عز وجل { فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين }، فقال جابر لم يجيء تأويل هذه قال سفيان وكذب فقلنا لسفيان وما أراد بهذا، فقال إن الرافضة تقول إن عليا في السحاب فلا نخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء يريد عليا أنه ينادي اخرجوا مع فلان يقول جابر فذا تأويل هذه الآية وكذب كانت في إخوة يوسف ﷺ
وحدثني سلمة حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال: سمعت جابرا يحدث بنحو من ثلاثين ألف حديث ما أستحل أن أذكر منها شيئا وأن لي كذا وكذا قال مسلم وسمعت أبا غسان محمد بن عمرو الرازي قال: سألت جرير بن عبد الحميد فقلت: الحارث بن حصيرة لقيته قال: نعم شيخ طويل السكوت يصر على أمر عظيم حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثني عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد قال: ذكر أيوب رجلا يوما، فقال لم يكن بمستقيم اللسان وذكر آخر، فقال هو يزيد في الرقم حدثني حجاج بن الشاعر حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد قال: قال أيوب إن لي جارا، ثم ذكر من فضله ولو شهد عندي على تمرتين ما رأيت شهادته جائزة وحدثني محمد بن رافع وحجاج بن الشاعر قالا: حدثنا عبد الرزاق قال: قال معمر ما رأيت أيوب اغتاب أحدا قط إلا عبد الكريم يعني أبا أمية فإنه ذكره، فقال رحمه الله كان غير ثقة لقد سألني عن حديث لعكرمة، ثم قال: سمعت عكرمة حدثني الفضل بن سهل قال: حدثنا عفان بن مسلم حدثنا همام قال قدم علينا أبو داود الأعمى فجعل يقول: حدثنا البراء قال وحدثنا زيد بن أرقم فذكرنا ذلك لقتادة، فقال كذب ما سمع منهم إنما كان ذلك سائلا يتكفف الناس زمن طاعون الجارف وحدثني حسن بن علي الحلواني قال: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام قال دخل أبو داود الأعمى على قتادة فلما قام قالوا إن هذا يزعم أنه لقي ثمانية عشر بدريا، فقال قتادة هذا كان سائلا قبل الجارف لا يعرض في شيء من هذا ولا يتكلم فيه فوالله ما حدثنا الحسن عن بدري مشافهة ولا حدثنا سعيد بن المسيب عن بدري مشافهة إلا عن سعد بن مالك حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن رقبة أن أبا جعفر الهاشمي المدني كان يضع أحاديث كلام حق وليست من أحاديث النبي ﷺ وكان يرويها عن النبي ﷺ
حدثنا الحسن الحلواني قال: حدثنا نعيم بن حماد قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان وحدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا نعيم بن حماد حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن يونس بن عبيد قال: كان عمرو بن عبيد يكذب في الحديث حدثني عمرو بن علي أبو حفص قال: سمعت معاذ بن معاذ يقول قلت لعوف بن أبي جميلة إن عمرو بن عبيد حدثنا عن الحسن أن رسول الله ﷺ قال: من حمل علينا السلاح فليس منا قال كذب والله عمرو ولكنه أراد أن يحوزها إلى قوله الخبيث وحدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا حماد بن زيد قال: كان رجل قد لزم أيوب وسمع منه ففقده أيوب فقالوا يا أبا بكر إنه قد لزم عمرو بن عبيد قال حماد فبينا أنا يوما مع أيوب وقد بكرنا إلى السوق فأستقبله الرجل فسلم عليه أيوب وسأله، ثم قال له أيوب بلغني أنك لزمت ذاك الرجل قال حماد سماه يعني عمرا قال: نعم يا أبا بكر إنه يجيئنا بأشياء غرائب قال يقول له أيوب إنما نفر أو نفرق من تلك الغرائب وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا سليمان بن حرب حدثنا ابن زيد يعني حمادا قال قيل لأيوب إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن قال لا يجلد السكران من النبيذ، فقال كذب أنا سمعت الحسن يقول يجلد السكران من النبيذ وحدثني حجاج حدثنا سليمان بن حرب قال: سمعت سلام بن أبي مطيع يقول بلغ أيوب أني آتي عمرا فأقبل علي يوما، فقال أرأيت رجلا لا تأمنه على دينه كيف تأمنه على الحديث وحدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال: سمعت أبا موسى يقول: حدثنا عمرو بن عبيد قبل أن يحدث حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي قال كتبت إلى شعبة أسأله عن أبي شيبة قاضي واسط فكتب إلي لا تكتب عنه شيئا ومزق كتابي
وحدثنا الحلواني قال: سمعت عفان قال: حدثت حماد بن سلمة عن صالح المري بحديث عن ثابت، فقال كذب وحدثت هماما عن صالح المري بحديث، فقال كذب وحدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود قال: قال لي شعبة ايت جرير بن حازم فقل له لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة فإنه يكذب قال أبو داود قلت لشعبة وكيف ذاك، فقال: حدثنا عن الحكم بأشياء لم أجد لها أصلا قال: قلت له بأي شيء قال: قلت للحكم أصلى النبي ﷺ على قتلى أحد، فقال لم يصل عليهم، فقال الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس إن النبي ﷺ صلى عليهم ودفنهم قلت للحكم ما تقول في أولاد الزنا قال يصلى عليهم قلت: من حديث من يروى قال يروى عن الحسن البصري، فقال الحسن بن عمارة حدثنا الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي وحدثنا الحسن الحلواني قال: سمعت يزيد بن هارون وذكر زياد بن ميمون، فقال حلفت ألا أروي عنه شيئا ولا عن خالد بن محدوج، وقال لقيت زياد بن ميمون فسألته عن حديث فحدثني به عن بكر المزني ثم عدت إليه فحدثني به عن مورق ثم عدت إليه فحدثني به عن الحسن وكان ينسبهما إلى الكذب قال الحلواني سمعت عبد الصمد وذكرت عنده زياد بن ميمون فنسبه إلى الكذب وحدثنا محمود بن غيلان قال: قلت لأبي داود الطيالسي قد أكثرت عن عباد بن منصور فما لك لم تسمع منه حديث العطارة الذي روى لنا النضر بن شميل قال لي اسكت فأنا لقيت زياد بن ميمون وعبد الرحمن بن مهدي فسألناه فقلنا له هذه الأحاديث التي ترويها عن أنس، فقال أرأيتما رجلا يذنب فيتوب أليس يتوب الله عليه قال قلنا نعم قال: ما سمعت من أنس من ذا قليلا ولا كثيرا إن كان لا يعلم الناس فأنتما لا تعلمان أني لم ألق أنسا قال أبو داود فبلغنا بعد أنه يروي فأتيناه أنا وعبد الرحمن، فقال أتوب ثم كان بعد يحدث فتركناه حدثنا حسن الحلواني قال: سمعت شبابة قال: كان عبد القدوس يحدثنا فيقول سويد بن عقلة قال شبابة وسمعت عبد القدوس يقول نهى رسول الله ﷺ أن يتخذ الروح عرضا قال: فقيل له أي شيء هذا قال يعني تتخذ كوة في حائط ليدخل عليه الروح
قال مسلم وسمعت عبيد الله بن عمر القواريري يقول: سمعت حماد بن زيد يقول لرجل بعدما جلس مهدي بن هلال بأيام ما هذه العين المالحة التي نبعت قبلكم قال: نعم يا أبا إسماعيل وحدثنا الحسن الحلواني قال: سمعت عفان قال: سمعت أبا عوانة قال: ما بلغني عن الحسن حديث إلا أتيت به أبان بن أبي عياش فقرأه علي وحدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر قال: سمعت أنا وحمزة الزيات من أبان بن أبي عياش نحوا من ألف حديث قال علي فلقيت حمزة فأخبرني أنه رأى النبي ﷺ في المنام فعرض عليه ما سمع من أبان فما عرف منها إلا شيئا يسيرا خمسة أو ستة حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا زكريا بن عدي قال: قال لي أبو إسحاق الفزاري اكتب عن بقية ما روى عن المعروفين ولا تكتب عنه ما روى عن غير المعروفين ولا تكتب عن إسماعيل بن عياش ما روى عن المعروفين ولا عن غيرهم وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال: سمعت بعض أصحاب عبد الله قال: قال ابن المبارك نعم الرجل بقية لولا أنه كان يكني الأسامي ويسمي الكنى كان دهرا يحدثنا عن أبي سعيد الوحاظي فنظرنا فإذا هو عبد القدوس
وحدثني أحمد بن يوسف الأزدي قال: سمعت عبد الرزاق يقول: ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذاب إلا لعبد القدوس فإني سمعته يقول له كذاب
وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: سمعت أبا نعيم وذكر المعلى بن عرفان، فقال: قال: حدثنا أبو وائل قال خرج علينا بن مسعود بصفين، فقال أبو نعيم أتراه بعث بعد الموت حدثني عمرو بن علي وحسن الحلواني كلاهما عن عفان بن مسلم قال كنا عند إسماعيل بن علية فحدث رجل عن رجل فقلت: إن هذا ليس بثبت قال، فقال الرجل اغتبته قال إسماعيل ما اغتابه ولكنه حكم أنه ليس بثبت وحدثنا أبو جعفر الدارمي حدثنا بشر بن عمر قال: سألت مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيب، فقال ليس بثقة وسألته عن صالح مولى التوأمة، فقال ليس بثقة وسألته عن أبي الحويرث، فقال ليس بثقة وسألته عن شعبة الذي روى عنه ابن أبي ذئب، فقال ليس بثقة وسألته عن حرام بن عثمان، فقال ليس بثقة وسألت مالكا عن هؤلاء الخمسة، فقال ليسوا بثقة في حديثهم وسألته عن رجل آخر نسيت اسمه، فقال هل رأيته في كتبي قلت لا قال لو كان ثقة لرأيته في كتبي وحدثني الفضل بن سهل قال: حدثني يحيى بن معين حدثنا حجاج حدثنا ابن أبي ذئب عن شرحبيل بن سعد وكان متهما وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد قال: سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول: سمعت ابن المبارك يقول لو خيرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه وحدثني الفضل بن سهل حدثنا وليد بن صالح قال: قال عبيد الله بن عمرو قال زيد يعني ابن أبي أنيسة لا تأخذوا عن أخي حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثني عبد السلام الوابصي قال: حدثني عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو قال: كان يحيى بن أبي أنيسة كذابا حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثني سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال: ذكر فرقد عند أيوب، فقال إن فرقدا ليس صاحب حديث وحدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان ذكر عنده محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فضعفه جدا فقيل ليحيى أضعف من يعقوب بن عطاء قال: نعم، ثم قال: ما كنت أرى أن أحدا يروي عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير حدثني بشر بن الحكم قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى وضعف يحيى بن موسى بن دينار قال حديثه ريح وضعف موسى بن دهقان وعيسى بن أبي عيسى المدني قال وسمعت الحسن بن عيسى يقول: قال لي ابن المبارك إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله إلا حديث ثلاثة لا تكتب حديث عبيدة بن معتب والسري بن إسماعيل ومحمد بن سالم قال مسلم وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهمي رواة الحديث وإخبارهم عن معايبهم كثير يطول الكتاب بذكره على استقصائه وفيما ذكرنا كفاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا وإنما الزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك غاشا لعوام المسلمين إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام ولأن يقال: ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى علم وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين والأقوال الساقطة عند العلماء رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أجدى على الأنام وأحمد للعاقبة إن شاء الله وزعم القائل الذي افتتحنا الكلام على الحكاية عن قوله والإخبار عن سوء رويته أن كل إسناد لحديث فيه فلان عن فلان وقد أحاط العلم بأنهما قد كانا في عصر واحد وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي عمن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به غير أنه لا نعلم له منه سماعا ولم نجد في شيء من الروايات أنهما التقيا قط أو تشافها بحديث أن الحجة لا تقوم عنده بكل خبر جاء هذا المجيء حتى يكون عنده العلم بأنهما قد اجتمعا من دهرهما مرة فصاعدا أو تشافها بالحديث بينهما أو يرد خبر فيه بيان اجتماعهما وتلاقيهما مرة من دهرهما فما فوقها فإن لم يكن عنده علم ذلك ولم تأت رواية صحيحة تخبر أن هذا الراوي عن صاحبه قد لقيه مرة وسمع منه شيئا لم يكن في نقله الخبر عمن روى عنه ذلك والأمر كما وصفنا حجة وكان الخبر عنده موقوفا حتى يرد عليه سماعه منه لشيء من الحديث قل أو كثر في رواية مثل ما ورد
باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن
وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع مستحدث غير مسبوق صاحبه إليه ولا مساعد له من أهل العلم عليه وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه أو لم يسمع منه شيئا فأما والأمر مبهم على الأمكان الذي فسرنا فالرواية على السماع أبدا حتى تكون الدلالة التي بينا فيقال لمخترع هذا القول الذي وصفنا مقالته أو للذاب عنه قد أعطيت في جملة قولك أن خبر الواحد الثقة عن الواحد الثقة حجة يلزم به العمل ثم أدخلت فيه الشرط بعد فقلت: حتى نعلم أنهما قد كانا التقيا مرة فصاعدا أو سمع منه شيئا فهل تجد هذا الشرط الذي اشترطته عن أحد يلزم قوله وإلا فهلم دليلا على ما زعمت فإن ادعى قول أحد من علماء السلف بما زعم من إدخال الشريطة في تثبيت الخبر طولب به ولن يجد هو ولا غيره إلى إيجاده سبيلا وإن هو ادعى فيما زعم دليلا يحتج به قيل له وما ذاك الدليل فإن قال: قلته لأني وجدت رواة الأخبار قديما وحديثا يروي أحدهم عن الآخر الحديث ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط فلما رأيتهم استجازوا رواية الحديث بينهم هكذا على الإرسال من غير سماع والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة احتجت لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوي كل خبر عن راويه فإذا أنا هجمت على سماعه منه لأدنى شيء ثبت عنه عندي بذلك جميع ما يروي عنه بعد فإن عزب عني معرفة ذلك أوقفت الخبر ولم يكن عندي موضع حجة لإمكان الإرسال فيه فيقال له فإن كانت العلة في تضعيفك الخبر وتركك الاحتجاج به إمكان الإرسال فيه لزمك أن لا تثبت إسنادا معنعنا حتى ترى فيه السماع من أوله إلى آخره وذلك أن الحديث الوارد علينا بإسناد هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فبيقين نعلم أن هشاما قد سمع من أبيه وأن أباه قد سمع من عائشة كما نعلم أن عائشة قد سمعت من النبي ﷺ وقد يجوز إذا لم يقل هشام في رواية يرويها عن أبيه سمعت أو أخبرني أن يكون بينه وبين أبيه في تلك الرواية إنسان آخر أخبره بها عن أبيه ولم يسمعها هو من أبيه لما أحب أن يرويها مرسلا ولا يسندها إلى من سمعها منه وكما يمكن ذلك في هشام عن أبيه فهو أيضا ممكن في أبيه عن عائشة وكذلك كل إسناد لحديث ليس فيه ذكر سماع بعضهم من بعض وإن كان قد عرف في الجملة أن كل واحد منهم قد سمع من صاحبه سماعا كثيرا فجائز لكل واحد منهم أن ينزل في بعض الرواية فيسمع من غيره عنه بعض أحاديثه ثم يرسله عنه أحيانا ولا يسمي من سمع منه وينشط أحيانا فيسمي الرجل الذي حمل عنه الحديث ويترك الإرسال وما قلنا من هذا موجود في الحديث مستفيض من فعل ثقات المحدثين وأئمة أهل العلم وسنذكر من رواياتهم على الجهة التي ذكرنا عددا يستدل بها على أكثر منها إن شاء الله تعالى فمن ذلك أن أيوب السختياني وابن المبارك ووكيعا وابن نمير وجماعة غيرهم رووا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت كنت أطيب رسول الله ﷺ لحله ولحرمه بأطيب ما أجد فروى هذه الرواية بعينها الليث بن سعد وداود العطار وحميد بن الأسود ووهيب بن خالد وأبو أسامة عن هشام قال: أخبرني عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة عن النبي ﷺ، ، وروى هشام عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي ﷺ إذا أعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وأنا حائض فرواها بعينها مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة عن النبي ﷺ، ، وروى الزهري وصالح بن أبي حسان عن أبي سلمة عن عائشة كان النبي ﷺ يقبل وهو صائم، فقال يحيى بن أبي كثير في هذا الخبر في القبلة أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن عروة أخبره أن عائشة أخبرته أن النبي ﷺ كان يقبلها وهو صائم، ، وروى ابن عيينة وغيره عن عمرو بن دينار عن جابر قال أطعمنا رسول الله ﷺ لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر فرواه حماد بن زيد عن عمرو عن محمد بن علي عن جابر عن النبي ﷺ وهذا النحو في الروايات كثير يكثر تعداده وفيما ذكرنا منها كفاية لذوي الفهم فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله من قبل في فساد الحديث وتوهينه إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئا إمكان الإرسال فيه لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه إلا في نفس الخبر الذي فيه ذكر السماع لما بينا من قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالا ولا يذكرون من سمعوه منه وتارات ينشطون فيها فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا فيخبرون بالنزول فيه إن نزلوا وبالصعود إن صعدوا كما شرحنا ذلك عنهم وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها مثل أيوب السختياني وابن عون ومالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومن بعدهم من أهل الحديث فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد كما ادعاه الذي وصفنا قوله من قبل وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه كي تنزاح عنهم علة التدليس فمن ابتغى ذلك من غير مدلس على الوجه الذي زعم من حكينا قوله فما سمعنا ذلك عن أحد ممن سمينا ولم نسم من الأئمة
فمن ذلك أن عبد الله بن يزيد الأنصارى وقد رأى النبي ﷺ قد روى عن حذيفة وعن أبي مسعود الأنصارى وعن كل واحد منهما حديثا يسنده إلى النبي ﷺ وليس في روايته عنهما ذكر السماع منهما ولا حفظنا في شيء من الروايات أن عبد الله بن يزيد شافه حذيفة وأبا مسعود بحديث قط ولا وجدنا ذكر رؤيته إياهما في رواية بعينها ولم نسمع عن أحد من أهل العلم ممن مضى ولا ممن أدركنا أنه طعن في هذين الخبرين اللذين رواهما عبد الله بن يزيد عن حذيفة وأبي مسعود بضعف فيهما بل هما وما أشبههما عند من لاقينا من أهل العلم بالحديث من صحاح الأسانيد وقويها يرون استعمال ما نقل بها والاحتجاج بما أتت من سنن وآثار وهي في زعم من حكينا قوله من قبل واهية مهملة حتى يصيب سماع الراوي عمن روى ولو ذهبنا نعدد الأخبار الصحاح عند أهل العلم ممن يهن بزعم هذا القائل ونحصيها لعجزنا عن تقصي ذكرها وإحصائها كلها ولكنا أحببنا أن ننصب منها عددا يكون سمه لما سكتنا عنه منها وهذا أبو عثمان النهدي وأبو رافع الصائغ وهما من أدرك الجاهلية وصحبا أصحاب رسول الله ﷺ من البدريين هلم جرا
ونقلا عنهم الأخبار حتى نزلا إلى مثل أبي هريرة وابن عمر وذويهما قد أسند كل واحد منهما عن أبي بن كعب عن النبي ﷺ حديثا ولم نسمع في رواية بعينها أنهما عاينا أبيا أو سمعا منه شيئا وأسند أبو عمرو الشيباني وهو ممن أدرك الجاهلية وكان في زمن النبي ﷺ رجلا وأبو معمر عبد الله بن سخبرة كل واحد منهما عن أبي مسعود الأنصارى عن النبي ﷺ خبرين وأسند عبيد بن عمير عن أم سلمة زوج النبي ﷺ عن النبي ﷺ حديثا وعبيد بن عمير ولد في زمن النبي ﷺ وأسند قيس بن أبي حازم وقد أدرك زمن النبي ﷺ عن أبي مسعود الأنصارى عن النبي ﷺ ثلاثة أخبار وأسند عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد حفظ عن عمر بن الخطاب وصحب عليا عن أنس بن مالك عن النبي ﷺ حديثا وأسند ربعي بن حراش عن عمران بن حصين عن النبي ﷺ حديثين وعن أبي بكرة عن النبي ﷺ حديثا وقد سمع ربعي من علي بن أبي طالب، ، وروى عنه وأسند نافع بن جبير بن مطعم عن أبي شريح الخزاعي عن النبي ﷺ حديثا وأسند النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري ثلاثة أحاديث عن النبي ﷺ وأسند عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري عن النبي ﷺ حديثا وأسند سليمان بن يسار عن رافع بن خديج عن النبي ﷺ حديثا وأسند حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أحاديث فكل هؤلاء التابعين الذين نصبنا روايتهم عن الصحابة الذين سميناهم لم يحفظ عنهم سماع علمناه منهم في رواية بعينها ولا أنهم لقوهم في نفس خبر بعينه وهي أسانيد عند ذوي المعرفة بالأخبار والروايات من صحاح الأسانيد لا نعلمهم وهنوا منها شيئا قط ولا التمسوا فيها سماع بعضهم من بعض إذ السماع لكل واحد منهم ممكن من صاحبه غير مستنكر لكونهم جميعا كانوا في العصر الذي اتفقوا فيه وكان هذا القول الذي أحدثه القائل الذي حكيناه في توهين الحديث بالعلة التي وصف أقل من أن يعرج عليه ويثار ذكره إذ كان قولا محدثا وكلاما خلفا لم يقله أحد من أهل العلم سلف ويستنكره من بعدهم خلف فلا حاجة بنا في رده بأكثر مما شرحنا إذ كان قدر المقالة وقائلها القدر الذي وصفناه والله المستعان على دفع ما خالف مذهب العلماء وعليه التكلان.