► | ☰ |
رسالة أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده بن الوليد في بيان فضل الأخبار وشرح مذاهب أهل الآثار وحقيقة السنن وتصحيح الروايات
☰ جدول المحتويات
- جمع القرآن
- طوائف الأمة لخدمة علوم القرآن
- طبقات المحدثين
- طبقات الناقلين للآثار بعد الصحابة والتابعين
- الطبقة الأولى من المحدثين
- مدار علم الأسانيد من عصر الزهري وطبقته إلى عصر ابن المديني
- ذكر الطبقة الأولى بعد التابعين الأولين الذين أخرجوا عنهم حديثهم بعدهم واحتجوا بها
- طبقات الرواة من حيث القبول والرد
- شرط أبي داود والنسائي
- المشهورون بوضع الأسانيد والمتون
- ذكر ترتيب الصحابة في العلم والقضاء والقراءة
- طبقة ثانية
قال ابو عبد الله: فباسم الله نبتديء وبه نستعين وإياه نسأل التوفيق والرشاد والعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم {الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير} [سورة سبأ الآية 1]
{الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبداً} [سورة الكهف الآيات 1-3] والحمد لله أفضل الحمد وغاية الشكر ومنتهاه حمدا ينفعنا به ويتمم به علينا نعماه أحمده كما ينبغي لكريم وجهه وعظيم سلطانه وأستعينه وأستهديه بهداه الذي أنعم به على أنبيائه وأهل طاعته.
وأشهد أن لا إله إلا الله إقرارا بربوبيته وتصديقا بوعده ووعيده وإيمانا بملائكته ورسله وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله المصطفى لوحيه المنتخب لرسالته المفضل على خلقه المقرون اسمه باسمه المرفوع ذكره في خلقه بعثه إلى جميع خلقه سفيرا ومبلغا ومبينا {وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} [سورة الأحزاب الآية 46] أكمل صلاة وأشرفها وأعلاها وجزاه عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته فبه استنقذنا الله من الضلالة وهدانا من العمى وأخرجنا من الظلمات إلى النور كما قال تبارك وتعالى فكان بنا رءوفا رحيما كما وصفه الله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [سورة التوبة الآية 128] جعله علما لدينه بما افترض من طاعته وحرم من معصيته وأبان من فضيلته بما قرر من الإيمان برسالته مع الأيمان به فقال تعالى {فآمنوا بالله ورسوله} [الأعراف الآية ]158 وقال {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله] [سورة الحجرات]
أنزل عليه الكتاب الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [سورة فصلت الآية 42] قال الله تعالى {نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} [سورة الشعراء الآية 193] دعا فيه إلى الإيمان به دون غيره وأحكم فيه فرائضه وفصل بالحكمة شرائعه التي تعبد بها خلقه وأمرهم بالفرائض حتما وزجرهم عن محارمه عزما وأعلمهم ما لهم في طاعته من الثواب ليرغبوا وما عليهم في معصيته من العقاب ليرهبوا ثم رغب في التقرب إليه بالنوافل فضلا منه وتعطفا قال الله جل أسمه {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [سورة الأنعام الآية 38] وقال {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} [سورة النحل الآية 89] فجعل المبين عنه نبيه وصفيه وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه فقال تبارك أسمه {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [سورة النحل الآية 44] وقال {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [سورة النحل الآية 64] وقال {ألر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [سورة إبراهيم الآية 1] وقال {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} [سورة الشورى الآية 52] صراط الله، فبلغ المحكم وفسر المجمل وأوضح المشتبه وحذر عن المتشابه فأمر الله بالبلاغ عنه فقال {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} [سورة المائدة الآية 67] فدعاه إلى عبادة ربه جل وعز وتوحيده وتبليغ ما أرسل به من محكمه قال الله جل وعز {لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} [سورة النحل الآية 64] وقال جل وعز {لتبين للناس ما نزل إليهم} [سورة النحل الآية 44] يعني من مبهمه وبيان مجمله وقال {لتبين أي الذي اختلفوا فيه}
وافترض الله على العباد طاعته فقرنها إلى طاعته فقال {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} [سورة محمد الآية 33] وقال {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [سورة النساء الآية 80] وقال {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} [سورة النجم الآيتان 3-4] وقال {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي} [سورة يونس الآية 15] وأمرنا جل وعز بقبول ما جاء به نبينا فقال {يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم} [سورة النساء الآية 170] وقال {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [سورة الحشر الآية 7] فأوجب على العباد اتباع وحيه وسنن رسوله فقرنها إلى كتابه فقال جل وعز {وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم} [البقرة 129] وقال جل وعز {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [آل عمران 164] وقال جل وتقدس {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة 151] وقال {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزلنا عيكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} [البقرة 231] وقال {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما} [النساء 113] وقال تعالى {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} [الأحزاب 34] فكان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وسلم للمحكم مبلغا وللتأويل مبينا وللمجمل مفسرا فلم يبق من دين الله شيء يخرج عن جملة كتابه ولا سنة نبيه.
وأمرهم بعد ذلك بالرجوع فيما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنة نبيه فقال {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} [الشورى 10] وقال {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب 36] وقال {إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} [النور 51] وقال {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء 65] وقال {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور 63]
وعلم الله تعالى أنه سيكون في هذه الأمة بعد نبيهم اختلاف وتنازع فأمرهم بالرجوع عند ذلك إلى أهل الذكر وأولي الأمر وهم العلماء الذين ذكرهم الله تعالى فقال {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء 83] وقال جل وعز {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء 59] وقال {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء 59] يريد علماء المسلمين وفقهاءهم وقال {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [الزمر 9] فأما ما نص به الكتاب فهو المحكم الذي لا تنازع فيه ولا خلاف وأما المجمل في الكتاب ذكره فمثل قوله {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة 43] وقوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} [البقرة 183] وقوله {فمن شهد منكم الشهر} [فليصمه 185] وقوله {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة 196] فقد بين أنها دعائم الدين وعليها بني الإسلام فقال ﷺ: "بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت" ثم بين صلوات الله وسلامه عليه عدد الصلوات ووجوب أحوال الزكاة والصيام و الحج وكذلك سائر المفترضات المجملة لأصحابه المختارين لرسوله فقال صلوا كما رأيتموني أصلي فنقلوا ذلك عنه قولا وعملا من حين قيامه والدخول فيها والإحرام بها والنية في أدائها وقيامها وركوعها وسجودها إلى منتهى الخروج منها وكذلك فسر جملة الزكاة وما الذي يجب فيها ومقدار ما يجب فيها ووقت وجوبها ومن يستحقها وكذلك أحوال الصوم وأعمال الحج والعمرة والطواف وأوقاتها وكذلك سائر المفترضات المجملات والمبهمات فقال "إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم ما جهلتم".
فلما أكمل الله تعالى دينه وأعز أمره وفتح لنبيه ما وعده وأعلمه وفاته أنزل عليه {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة 3] علم أنه مقبوض فسأل أصحابه عند ذلك فقال "هل بلغت فقالوا نعم فقال اللهم اشهد فيبلغ الشاهد منكم الغائب" وقال ﷺ "تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك وسيرى من يعيش منكم بعدي اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا عضوا عليه بالنواجذ". فاجتهدوا ونصحوا وبلغوا عن تواتر وآحاد في حياة رسول الله وبعد وفاته كما أمرهم الله تعالى وفرض على العباد طاعة رسوله وأمرهم بأخذ ما آتاهم به والانتهاء عما نهاهم عنه فكان فرضه على من عاين رسول الله ومن بعده إلى يوم القيامة واحدا في أن على كل طاعته في الإبلاغ عنه ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله في حياته وبعد وفاته يعلم أمر رسول الله إلا بالخبر عنه بنقل الصحابة المختارة للإبلاغ عن نبيه إلى من بعدهم من التابعين لهم بإحسان قرنا فقرنا ما دامت الدنيا ودامت الأمة جعلنا الله منهم برحمته.
فلما قبض الله جل وعلا نبيه من بين أصحابه المنتخبة رضى الله عنهم أجمعين جمعهم على خيرهم وأفضلهم في أنفسهم فقام بأمر الله جل وعز وأخذ منهاج رسول الله وقال "ولو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليها" فإن الزكاة واجبه كالصلاة فقاتل بمن أقبل من أهل الإسلام من أدبر منهم وارتد حتى راجعوا دينهم وأطاعوا أمر الله وأدوا ما افترض الله عليهم وأمضى حكم الله تعالى ورسوله فيمن أبى ذلك فرضى الله عنه وعن جميع الصحابة.
جمع القرآن
فكان بعد ذلك أول ما أهمهم جمع القرآن مخافة ذهاب حملته واختلاف من بعدهم فيه وشرح الله صدر الجماعة لذلك لأنهم هم الذين شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل وعلموا الترتيب وقال علي بن أبي طالب رحم الله أبا بكر هو أول من جمع القرآن بين اللوحين فرحمة الله عليهم وصلواته ورضوانه أجمعين.
ثم أخذ التابعون بإحسان عنهم فقاموا بتلاوته وعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقالوا كل من عند الله فلم يختلفوا في آية منه بل يكفرون من كفر بآية منه ويرون من قرأ خلاف ما أجمعوا عليه خارجا من الأمة والإجماع جعلنا الله ممن تبعهم بإحسان فهم الذين بلغوا عن الصحابة ما جاءوا به عن الله ورسوله عليه السلام من الكتاب والسنة ونقلوا فرائضه وحدوده وأوامره ونواهيه وناسخه ومنسوخه وهم الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال تبارك أسمه {كنتم خبر أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران 110] وقال جل وعز {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} [الحشر 10] وقال {والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم} [التوبة 10] فهم الذين وصفهم النبي وقال "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". فهم التابعون لهم بإحسان فرحمة الله عليهم ورضوانه فلقد حفظوا وبلغوا ونصحوا كما أمروا جعلهم الله أئمة يهدي بأمره بصبرهم على اكتساب ما ندبهم إليه واجتهادهم في تعليم حكمته طلب القربة إليه وأرشدهم إلى السبل الدالة على العلم بما أمر به والانتهاء عنه عما عنده زجر ثم فضل بعضهم على بعض فيما علمهم من العلم ليكون التفاوت في الرتب والاختلاف باعثا لهم على الخوض في التعليم وسببا إلى التوسعة في طلب العلم ورحمة بهذا الخلق فقال جل وعز {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات} [الزخرف 32] {وقال جل وعز وفوق كل ذي علم عليم} [يوسف 76]
طوائف الأمة لخدمة علوم القرآن
- فقصدت طائفة تعليم القرآن وحفظه ومعرفة اختلاف القراءات فيه ومعانيه ومشكله ومتشابهه وغريبه ومصادره.
- وقصدت طائفة تعليم فرائضه وأحكامه وحظره وإباحته وأوامره وزواجره وناسخه ومنسوخه وما يستدلون به من ذلك على السنن والآثار.
- وطائفة قصدت حفظ جمله وإدامة تلاوته درسا وقراءة من غير أن يعرفوا منه معنى في الإعراب ولا وجها في قراءة ولا عدد آى ولا معنى ولا مشكلا وكل يثيبه فيما علم وعمل مجازا والله جواد كريم.
طبقات المحدثين
وكذلك أفهام حملة العلم من السنن والآثار متفرقة وإراداتهم متفاوتة وهممهم إلى التباين مصروفة وطبقاتهم فيما حملوه غير متساوية.
- فطائفة منهم قصدت حفظ الأسانيد من الروايات عن رسول الله وأصحابه الذين ندب الله جل وعز إلى الأقتداء بهم فاشتغلت بتصحيح نقل الناقلين عنهم ومعرفة المسند من المتصل والمرسل من المنقطع والثابت من المعلول والعدل من المجروح والمصيب من المخطيء والزائد من الناقص فهؤلاء حفاظ العلم والدين النافون عنه تحريف غال وتدليس مدلس وانتحال مبطل وتأويل جاحد ومكيدة ملحد فهم الذين وصفهم الرسول ودعا لهم وأمرهم بالإبلاغ عنه فهذه الطائفة هم الذين استحقوا أن يقبل ما جوزوه وأن يرد ما جرحوه وإلى قولهم يرجع عند ادعاء من حرف وتدليس مدلس ومكيدة ملحد وكذلك إلى قولهم يرجع أهل القرآن في معرفة أسانيد القراءات والتفسير لمعرفتهم بمن حضر التنزيل من الصحابة ومن لحقهم من التابعين وقرأ عليهم وأخذ عنهم ولعلمهم بصحة الإسناد الثابت من السقيم والراوي العدل من المجروح والمتصل من المرسل.
- وطائفة اشتغلت بحفظ اختلاف أقاويل الفقهاء في الحرام والحلال واقتصروا على ما ذكرت أئمة الأمصار من المتون عن رسول الله وعن الصحابة في كتبهم وقصروا عما سبقت إليه أهل المعرفة بالروايات وثابت الإسناد وأحوال أهل النقل من الجرح والتعديل فهم غير مستغنين عن أهل المعرفة بالآثار عند ذكر خبر عن الرسول أو الصحابة أو التابعين لهم بإحسان فيه حكم ليعرفوا صحة ذلك من سقمه وصوابه من خطئه.
- وطائفة ثالثة أكثرت الجمع والكتابة غير متفقهين في متن ولا عارفين بعلة إسناد فإنهم في الجمع والاستكثار والتدوين فهم داخلون إن شاء الله في قول رسول الله رحم الله امرءا سمع مقالتي حتى يبلغها من هو أفقه منه.
وكل والحمد لله على خير كثير فسبحان من جعل الاختلاف من العلماء تسهيلا على خلقه ورحمة لعباده والحمد لله رب العالمين
طبقات الناقلين للآثار بعد الصحابة والتابعين
ثم اختلفت أحوال الناقلين للآثار بعد الصحابة والتابعين الأولين على ثلاث طبقات كل طبقة على ثلاث منازل في الإتقان والرتب
- فطبقه منها مقبولة باتفاق وهم على رتب ومنازل فليس الحافظ المتقن المؤدي كما سمع كالمؤدي على المعنى الواهم في بعض ما يؤدي ويحدث ولا المؤدي الثقة من كتابه ممن لا معرفة له بما يؤدي كالحافظ المتقن.
- وطبقة منها قبلها قوم وتركها آخرون لاختلاف أحوالهم في النقل والرواية.
- وطبقة أخرى متروكة وهم على مراتب في الضعف فليس الواهم المخطيء الذي دخل الوهم والخطأ عليه من سوء حفظه أو علة لحقته فترك حديثه لكثرة اضطرابه فيها كالمتهم ولا المتهم منهم كالمصرح بالكذب والوضع وسنذكر أحوالهم وطبقاتهم في شرح لكتابنا هذا ونبين أمرهم بيانا واضحا إن شاء الله.
الطبقة الأولى من المحدثين
فالطبقة الأولى من الثلاث هم أئمة الدين وحفاظه الذين تقدم ذكرهم وصفتهم وإليهم انتهى علم الأسانيد وبهم تلزم الحجة على من خالفهم ويقبل انفرادهم إذ كانوا المقدمين في عصرهم لمعرفتهم بما جاء عن الرسول ثم عن الصحابة بعده وعن التابعين ومن بعدهم بإحسان رضى الله عنهم
مدار علم الأسانيد من عصر الزهري وطبقته إلى عصر ابن المديني
قال علي بن المديني نظرت فإذا علم الأسانيد يدور على ستة نفر
- فبالمدينة محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ويكنى أبا بكر توفي سنة أربع وعشرين ومائة رحمة الله عليه وهو بالمدينة.
- ولأهل مكة عمرو بن دينار مولى بني جمح ويكنى أبا محمد توفي سنة ست وعشرين ومائة.
- ويحيى بن أبي كثير مولى طى ويكنى أبا نصر توفي سنة تسع وعشرين ومائة.
- ولأهل البصرة قتادة بن دعامة السدوسي ويكنى أبا الخطاب توفي سنة ست وعشرين ومائة.
- ولأهل الكوفة أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي توفي سنة سبع وعشرين ومائة.
- وسليمان بن مهران الأعمش مولى بني كاهل من بني أسد يكنى أبا محمد توفي سنة ثمان وأربعين ومائة رحمة الله عليهم اجميعين.
ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أثنى عشر رجلا وهم أصحاب الأصناف ممن صنف العلم منهم من أهل المدينة:
- مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي وعداده في تيم يكنى أبا عبد الله توفي سنة سبع وسبعين ومائة.
- ومحمد بن إسحاق بن يسار مولى بني مخرمة يكنى أبا بكر توفي سنة إحدى وخمسين ومائة وهما من أصحاب الزهري.
- ومن أهل مكة عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح مولى لقريش يكنى أبا الوليد لقي ابن شهاب وعمرو بن دينار وقد رأى الأعمش ولم يرو عنه مات سنة إحدى وخمسين ومائة.
- وسفيان بن عيينه بن ميمون مولى محمد بن مزاحم أخو الضحاك ابن مزاحم يكنى أبا محمد مات سنة ثمان وتسعين ومائة لقي ابن شهاب وعمرو بن دينار وأبا إسحاق والأعمش.
- ومن أهل البصرة سعيد بن أبي عروبة مولى بني عدي بن يشكر وهو سعيد بن مهران يكنى أبا النضر مات سنة ثمان أو تسع وخمسين ومائة.
- وحماد بن سلمة قال أحسبه مولى لبني سليم يكنى أبا سلمة مات سنة سبعين ومائة.
- وأبو عوانة الوضاح مولى يزيد بن عطاء مات سنة خمس وسبعين ومائة.
- وشعبة بن الحجاج أبو بسطام مولى الأشاقر مات سنة ستين ومائة.
- ومعمر بن راشد يكنى أبا عروة مولى لبني حدان مات باليمن سنة أربع وخمسين ومائة سمع ابن شهاب الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبي كثير وأبا إسحاق.
- ومن أهل الكوفة سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري يكنى أبا عبد الله مات سنة إحدى وستين ومائة.
- ومن أهل الشام عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ويكنى أبا عمرو مات سنة إحدى وخمسين ومائة.
- ومن أهل واسط هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار مولى بني سليم يكنى أبا معاوية مات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
ثم انتهى علم هؤلاء الاثنى عشر إلى ستة رحمهم الله:
- إلى يحيى بن سعيد القطان ويكنى أبا سعيد مولى بني تميم مات سنة ثمان وتسعين ومائة.
- ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة ويكنى أبا سعيد مولى بني همدان مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
- ووكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس الرؤاسي ويكنى أبا سفيان مات سنة تسع وتسعين ومائة.
ثم انتهى علم هؤلاء إلى ثلاثة:
- (4) إلى عبد الله بن المبارك وهو حنظلي مولى بني حنظلة يكنى أبا عبد الرحمن مات سنة إحدى وثمانين ومائة بهيت.
- (5) وعبد الرحمن بن مهدي الأسدي يكنى أبا سعيد مات سنة ثمان وتسعين ومائة.
- (6) ويحيى بن آدم ويكنى أبا زكريا مولى خالد بن عبد الله مات سنة ثلاث ومائتين.
أخبرنا بذلك محمد بن الحسين أبو طاهر قال حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي وأخبرنا سلم بن الفضل قال حدثنا محمد بن عثمان العبسي جميعا عن علي بن المديني بهذا. فهذا ما ذكر علي بن المديني من معرفة من دار عليه علم الاسانيد من وقت الزهري وطبقته إلى عصره وكان أحد الأئمة الذي يرجع إلى قوله في علم الحديث وكان أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمة الله عليه أعلى دينا وعلما منه.
وكان أبو زكريا يحيى بن معين وأبو بكر بن شيبة وطبقتهم لا ينكرون فضل معرفته بهذا الشأن وكذلك من تقدمهم مثل سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وكذلك من بعدهم ممن صحبه مثل محمد بن إسماعيل البخاري وأبي حاتم الرازي وأبي زرعة الرازي وأقرانهم ممن لحقوه وأخذوا هذا العلم عنه رحمة الله عليهم.
وأنا ذاكر إن شاء الله مع هذه الطبقة التي ذكرها علي بن المديني ونسب هذا العلم إليهم جماعة من الأئمة كانوا في أزمنتهم ممن قبل انفرادهم وجعلوا حجة على من خالفهم وإن كانوا دون من ذكرهم علي بن المديني في الرواية واللقي فهم في عصرهم أئمة وقبل انفرادهم واحتج بهم الأئمة الأربعة الذين أخرجوا الصحيح وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب
- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.
- وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري وبعدهما.
- أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني.
- وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي.
ومن بعدهم ممن أخذوا طريقتهم وقصدوا قصدهم وإن كانوا دونهم في الفهم:
- عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي.
- وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي.
- ومحمد بن إسحاق بن حزيمة النيسابوري.
- وأحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل رحمة الله عليهم أجمعين.
ذكر الطبقة الأولى بعد التابعين الأولين الذين أخرجوا عنهم حديثهم بعدهم واحتجوا بها
- من أهل المدينة محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ويحيى وعبد ربه وسعد بنو سعيد بن قيس الأنصاري وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر وهشام بن عروة بن الزبير بن العوام وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وعبد الله ومحمد أبنا أبي بكر بن محمد وعبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبو طوالة ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وأبو حازم سلمة بن دينار وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب وشريك بن عبد الله بن أبي نمر وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن وصالح بن كيسان وموسى ومحمد وإبراهيم بنو عقبة وربيعة بن أبي عبد الرحمن وبكير بن عبد الله بن الأشج
- ومن بعدهم من أهل المدينة مالك بن أنس الأصبحي أبو عبد الله وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر وعمر وواقد وعاصم بنو محمد بن زيد ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري ومحمد وإسماعيل ابنا جعفر بن أبي كثير وسليمان بن بلال أبو أيوب وفليح بن سليمان وعبد العزيز بن أبي حازم بن دينار ويعقوب بن عبد الرحمن الزهري وحفص بن ميسرة الصنعاني ومغيرة بن عبد الرحمن المخزومي وعبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد
- ومن بعدهم من أهل المدينة حاتم بن إسماعيل أبو إسماعيل أصله كوفي ومعن بن عيسى القزاز وإسماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس.
- ومن أهل مكة عمرو بن دينار وعبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن طاوس وإسماعيل بن أمية وأيوب بن موسى وحنظلة بن أبي سفيان وسيف بن سليمان.
- ومن بعدهم من أهل مكة عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح وزكريا بن إسحاق وسفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي وفضيل بن عياض أبو علي.
- ومن بعدهم من أهل مكة عبد الله بن يزيد المقريء أصله بصري وسعيد بن منصور البلخي ومحمد بن إدريس أبو عبد الله الشافعي وعبد الله بن زبير الحميدي ومحمد بن يحيى بن أبي عمر.
- ومن أهل اليمن عبد الله بن طاوس ذكرته في المكيين ويعلى ابن مسلم ذكرته في البصريين وهشام بن يوسف قاضي صنعاء وعبد الرزاق بن همام بن نافع.
- ومن أهل الكوفة أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي وسليمان بن مهران أبو محمد الأعمش والحكم بن عتيبة أبو عبد الله وإسماعيل بن أبي خالد أبو عبد الله وعبد الملك بن عمير اللخمي القبطي وعبد الملك بن ميسرة الزراد ومنصور بن معتمر السلمي أبو عتاب وسلمة بن كهيل يكنى أبا محمد وحبيب بن أبي ثابت يكنى أبا يحيى وحصين بن عبد الرحمن السلمي وأبو حصين عثمان ابن عاصم وسيار بن وردان أبو الحكم وطلحة بن مصرف اليامي وزبيد بن عبد الرحمن اليامي وسعيد بن مسروق الثوري وفراس بن يحيى الخارفي وواصل بن حيان الأحدب وبيان بن بشر أبو بشر البجلي ومغيرة بن مقسم أبو هشام الضبي ومطرف بن طريف الحارثي وأبو مالك سعد بن طارق الأشجعي
وأبو حيان يحيى بن سعيد بن الحيان وعمارة بن القعقاع ابن شبرمة وزكريا بن أبي زائدة وسعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري وبريد بن عبد الله بن أبي بردة وقيس بن مسلم الجدلي تابعي ومالك بن مغول وأبو العميص عتبة بن عبد الله.
- ومن بعدهم من أهل الكوفة سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ومسعر بن كدام الهلالي وزهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفي وشيبان بن عبد الرحمن أبو معاوية وزائدة بن قدامة أبو الصلت الثقفي وجرير بن عبد الحميد الضبي نزل الري.
- ومن بعدهم من أهل الكوفة وكيع بن الجراح أبو سفيان ويحيى ابن زكريا بن أبي زائدة وعلي بن مسهر وحفص بن غياث ومحمد ابن خازم أبو معاوية ومحمد بن فضيل وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر وعبد الله بن إدريس بن يزيد الأودي ومروان بن معاوية الفزاري وحماد بن سلمة أبو سلمة وعبد الله بن نمير أبو هشام ومحمد بن بشر أبو عبد الله العبدي وأبو نعيم الفضل بن دكين.
- ومن بعدهم من أهل الكوفة أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير الهمداني وأبو كريب محمد بن العلاء ابن كريب الهمداني وهناد بن السري أبو السري وأبو سعيد عبد الله بن الأشج.
- ومن أهل البصرة وواسط قتادة بن دعامة يكنى أبا الخطاب ويحيى بن أبي كثير يكنى أبا نصر وثابت بن أسلم البناني أبو محمد وعبد العزيز بن صهيب وحميد بن تيرويه الطويل ويونس ابن عبيد بن دينار وأيوب بن أبي تميمة السختياني وخالد بن مهران الحذاء وعبد الله بن عون بن أرطبان ومنصور بن زاذان وسعيد بن يزيد أبو سلمة وسعيد بن إياس الجريري وهشام ابن حسان القردوسي وقرة بن خالد السدوسي وعوف بن أبي جميلة الأعرابي وأشعث بن عبد الملك وحبيب بن شهيد أبو محمد.
- ومن بعدهم من أهل البصرة شعبة ق 5 ب بن الحجاج بن الورد وسعيد بن أبي عروبة ومعمر بن راشد وحماد بن زيد بن درهم وحماد بن سلمة بن دينار وأبو عوانة الوضاح وهشيم بن بشير أبو معاوية ووهيب بن خالد وروح بن القاسم وهشام الدستوائي وهمام بن يحيى وعبد الوارث ابن سعيد وسليمان بن مغيرة وعبد العزيز بن المختار وصخر بن جويرية وجويرية بن أسماء وخالد بن عبد الله والربيع بن مسلم.
- ومن بعدهم من أهل البصرة يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وإسماعيل بن علية وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ومعتمر بن سليمان وخالد بن الحارث ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي ومعاذ بن معاذ العنبري ويزيد ابن زريع وأبو داود سليمان بن داود وبهز ومعلي ابنا أسد ومحمد بن بكر البرساني ومحمد بن الفضل بن النعمان عارم ومحمد بن جهضم وأبو عاصم الضحاك بن مخلد وحجاج ومحمد ابنا المنهال وسليمان بن حرب وهدبة بن خالد القيسي.
- ومن بعدهم من أهل البصرة علي بن عبد الله بن جعفر المديني وعمرو بن علي بن بحر ومحمد بن بشار بندار ومحمد بن المثنى أبو موسى العنزي.
- ومن أهل الشام والجزيرة عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ومحمد بن الوليد الزبيدي وعبد الرحمن ابن يزيد بن جابر وزيد ومعاوية ابنا سلام وشعيب بن أبي حمزة.
- ومن بعدهم من أهل الشام الوليد بن مسلم أبو العباس القرشي ويحيى بن حمزة الحضرمي ومحمد بن حرب وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر الغساني ويحيى بن صالح الوحاظي.
- من بعدهم من أهل الشام عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ومحمد بن عوف بن سفيان وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو النصري الدمشقي.
- ومن أهل مصر وأيلة يزيد بن أبي حبيب وسعيد بن أبي هلال وعمرو بن الحارث بن يعقوب وعقيل بن خالد الأيلي ويونس بن يزيد بن الأيلي والليث ابن سعد.
- وبعد هؤلاء حيوة بن شريح وبكر بن مضر ومفضل بن فضالة.
- وبعد هؤلاء عبد الله بن وهب بن مسلم وسعيد بن الحكم بن أبي مريم ويحيى بن عبد الله بن أبي بكير.
- ومن أهل خراسان والري والجبل إبراهيم بن طهمان أبو سعيد وأبو حمزة محمد بن ميمون وحسين بن واقد.
- ومن بعد هؤلاء عبد الله بن المبارك المروزي والنضر بن شميل والفضل بن موسى.
- ومن بعد هؤلاء قتيبة بن سعيد البغلاني وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ومحمد بن يحيى الذهلي ومسلم بن الحجاج النيسابوري
ثم انتهى علم جميع من ذكرناهم من المتقدمين إلى هؤلاء الأئمة وهم أحمد بن محمد بن حنبل أبو عبد الله ويحيى بن معين أبو زكريا وعلي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح المديني أبو الحسن وأبو بكر وعثمان ابنا شيبة وأبو خيثمة زهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير.
طبقات الرواة من حيث القبول والرد
ومن بعدهم انتهى علم جميع من ذكرناهم من أهل الأمصار وأئمة البلدان إلى هؤلاء النفر:
- وهم أهل المعرفة والصحيح وهم هؤلاء: محمد بن إسماعيل البخاري أبو عبد الله والحسن بن علي الحلواني ومحمد بن يحيى الذهلي وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان ومسلم بن الحجاج القشيري أبو الحسين وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي.
- الطبقة الثانية وهم الذين قبلهم جماعة من أهل المعرفة والتمييز وردهم آخرون: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس وسهيل بن أبي صالح و العلاء بن عبد الرحمن وأبو نضرة المنذر بن مالك بن قطعة وسماك الحنفي وطلحة الأيامي وداود بن الحصين المدني ومطر الوراق وزياد الأعلم وخالد بن دينار أبو خلدة البصري ومحمد بن عمرو بن علقمة ومحمد بن إسحاق بن يسار وحمزة بن حبيب الزيات وعكرمة بن عمار وحماد بن الجعد وشريك بن عبد الله القاضي وأبو بكر بن عياش وغيرهم جماعة يكثر تعدادهم لكثرتهم قد أخرج عنهم محمد بن إسماعيل البخاري وتركهم مسلم بن الحجاج أو أخرج عنهم مسلم وتركهم البخاري لكلام في حديثه أو غلو في مذهبه.
شرط أبي داود والنسائي
وتبعهم في ذلك أبو داود السجستاني وأبو عبد الرحمن النسائي وجميع من أخذ طريقتهم في الحديث. وقد ذكرت في شرح الرسالة جميع من اتفق محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج على الإخراج عنهما في كتابيهما الصحيح ومن تفرد البخاري بالإخراج عنه ممن لم يخرج عنه مسلم بن الحجاج أو أخرج عنه مسلم ولم يخرج عنه البخاري أو أخرج عنه واحد منهما واستشهد به الآخر وكل هؤلاء مقبولون على مذهب أبي داود السجستاني وأبي عبد الرحمن النسائي إلا نفر نذكرهم ونبين مذهبهم فيهم إن شاء الله تعالى:
سمعت أبا علي الحسين بن علي النيسابوري يقول ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج.
وسمعت محمد بن يعقوب الأخرم وذكر كلاما معناه هذا قل ما يفوت البخاري ومسلما مما يثبت من الحديث.
وسمعت محمد بن سعد البارودي بمصر يقول كان من مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه.
وكان أبو داود السجستاني كذلك يأخذ مأخذه ويخرج الإسناد الضعيف لأنه أقوى عنده من رأي الرجال.
3 - الطبقة الثالثة وهي المتروكة باتفاق من محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج وغيرهما لأحوال شتى هذه الطبقة متروكة إما لكثرة الوهم في حديثهم ق 6 ب أو لسوء حفظهم أو لعلة دخلت عليهم فاضطربوا في الروايات أو لجهالة فيهم أو للتهمة الواقعة عليهم أو لشهرتهم بالكذب وهم عاصم بن أبي النجود وعمرو بن شعيب ويزيد بن أبي زياد ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وليث بن أبي سليم وصالح مولى التوأمة ومجالد بن سعيد وعطاء بن السائب وفطر بن خليفة ويعقوب بن عطاء ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي وعبد الرحمن بن أبي الزناد والحجاج بن دينار وشهاب بن خراش والجراح بن مليح أبو وكيع وقيس بن الربيع وعبد الرحمن المسعودي ومندل وحبان ابنا علي المجاهيل والأغراب وقبيصة بن هلب وابن التلب عن أبيه وعبيد الله بن عبد الله بن أقرم وبهز بن حكيم عن أبيه عن جده وحسين بن عبد الله بن ضميرة المتهمين بالمناكير والحارث بن عبد الله الأعور وشرحبيل بن سعد وشعبة مولى ابن عباس وشهر بن حوشب ويزيد بن أبان الرقاشي وزياد ابن ميمون وجابر الجعفي وموسى بن عبيدة ويحيى بن أبي أنيسة وأبو العطوف وعباد بن كثير وعمر بن صهبان وعبد الله بن محرر وصالح بن بشير المري وحرام بن عثمان وهشام بن أبي المقدام وسالم الخياط وعمرو بن عبيد وخالد بن مجدوع وعثمان بن مقسم وموسى بن دهقان بصري وعمرو بن ثابت وعيسى بن أبي عيسى وزمعة بن صالح ومحمد بن عبيد الله العرزمي وأشباههم وفيهم كثرة وقد اقتصرنا على ذكر جماعة منهم وملنا إلى الإيجاز والاختصار وبالله التوفيق.
المشهورون بوضع الأسانيد والمتون
المشهورون بوضع الأسانيد والمتون: عبد الله بن مسور وعمرو بن خالد وأبو داود النخعي سليمان بن عمرو وغياث بن إبراهيم ومحمد بن سعيد الشامي وعبد القدوس بن الحبيب وغالب بن عبد الله الجزري.
سمعت أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي يقول حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي يقول سمعت نعيم بن حماد يقول سمعت ابن مهدي يقول سألت أو سئل شعبة عمن يترك حديثه فقال إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر طرح حديثه ومن أكثر الغلط ترك حديثه ومن روى حديثا غلطا مجتمعا عليه فلا يدع روايته ترك حديثه ومن اتهم بالكذب وما كان غير هؤلاء فارو عنهم.
قال أبو موسى محمد بن المثنى قال لي ابن مهدي يا أبا موسى اهل الكوفة يحدثون عن كل أحد قلت يا أبا سعيد هم يقولون إنك تحدث عن كل أحد قال عمن أحدث فذكرت له محمد بن راشد فقال احفظ عني الناس ثلاثة رجل حافظ متقن فهذا لا يختلف فيه وآخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك لأنه لو ترك حديث هذا لذهب حديث الناس وآخر يهم والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك.
وفيما بينا من أمر الناقلين للآثار كفاية لمن أراد معرفة أهل النقل وتدبر أحوالهم وسنذكر من أحوال الناقلين للآثار في الشرح ومراتبهم في الأخذ والسماع والجرح والتعديل ما يكتفي به الناظر إذا أراد الله رشده وبالله التوفيق.
وبعد رحمك الله فلولا ما روينا عن المصطفى في التشديد في الرواية عنه ونطق به الكتاب في التثبت عن شهادة المتهم وقبول العدل وأهل الرضا ثم عن الصحابة المختارة لصحبته والتابعين بعدهم من التوقف والتشديد في هذا الأمر ووجدنا جماعة من أهل العلم بعدهم اقتصروا على الأخبار الثابتة الصحيحة عندهم من روايات الثقات المعروفين بالصدق والأمانة فرووها وطرحوا كثيرا من الحديث الضعيف والروايات المنكرة لما استجرأت على ذلك ولكني اقتديت في هذا الأمر بمن تقدم ذكرهم في صدر هذا الكتاب وسنعيد ذكرهم في الشرح إن شاء الله تعالى.
ذكر ترتيب الصحابة في العلم والقضاء والقراءة
أخبرنا مسلم بن عقيل قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال سمعت علي بن المديني يقول كان يقال إن قضاة الأمة أربعة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبو موسى قال علي وكان القضاء في أصحاب رسول الله في ستة في عمر وعلي وعبد الله وزيد بن ثابت وأبي موسى وأبي بن كعب رضى الله عنهم.
قال وقال مطرف عن الشعبي لأهل الكوفة يسعهم علي وعبد الله وأبو موسى. قال وكان أصحاب رسول الله يدل بعضهم على بعض وكان الناس يأخذون عن ستة عن عمر وعلي وعبد الله وأبي موسى وأبي بن كعب وزيد بن ثابت قال فقلت للشعبي وكان هذا العلم عند أبي موسى قال كان فقيها ولم يكن في أصحاب رسول الله من يذهبون مذهبه ويفتون بفتواه ويسلكون طريقته إلا ثلاثة عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس رضى الله عنهم مراتب التابعين في ذلك فأصحاب عبد الله الذين يفتون بفتواه ويقرأون بقراءته علقمة بن قيس والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع وعبيدة بن عمرو والحارث بن قيس وعمرو بن شرحبيل قال وقال محمد بن سيرين أصحاب عبد الله خمسة كان منهم من يبدأ بعبيدة ويثني بالحارث ومنهم من يبدأ بالحارث ويثني بعبيدة ثم بمسروق وعلقمة وشريح بن هانيء وكان في كل واحد منهم عيب لأن الحارث كان أعور وكذلك كان عبيدة أعور وكان مسروق أحدب وعلقمة يقولون أنه مقعد وكان شريح كوسجا قال علي هكذا رواه ابن سيرين وجعلهم خمسة وأدخل فيهم شريح بن هانيء والحارث الأعور وخاله إبراهيم النخعي قال علي وكان إبراهيم النخعي عندي أعلم الناس بأصحاب عبد الله وأبطنهم به وكان أصحاب عبد الله الذين يقرأون ويفتون ستة علقمة والأسود ومسروق وعبيدة وعمرو بن شرحبيل والحارث ابن قيس.
قال علي وما أرى أبن سيرين أراد إلا الحارث بن قيس لأني نظرت الأعور كان في غير طريق أصحاب عبد الله فإن روايته ومذهبه إلى علي رضى الله عنه وما أعلم روى عن عبد الله إلا حديثين خالف في أحدهما.
طبقة ثانية
فأصحاب هؤلاء الستة من أصحاب عبد الله ممن يقول بقولهم ويفتى بفتواهم إبراهيم بن يزيد النخعي وكان قد لقي من هؤلاء الأسود بن يزيد وعلقمة ومسروق وعبيدة بن عمرو ولم يسمع من الحارث ولا من عمرو بن شرحبيل وروى عن همام عنه وعامر الشعبي سمع منهم كلهم إلا الحارث وقتل الحارث مع علي بن أبي طالب وأعلم الناس بهؤلاء من أهل الكوفة ممن يفتي بفتواهم ويذهب مذهبهم في القراءة وغيرها الأعمش وأبو إسحاق والأعمش أعلم الناس بمن مضى من هؤلاء غير رجل ولم يلق الأعمش أحدا من هؤلاء ولقي أبو إسحاق منهم الأسود ومسروقا وعبيدة وعمرو بن شرحبيل ولم يلق علقمة ولا الحارث بن قيس.
ومن بعد هؤلاء سفيان بن سعيد الثوري كان يذهب مذهبه ويفتي بفتواه.
ومن بعد سفيان يحيى بن سعيد القطان كان يذهب مذهب سفيان وأصحاب عبد الله أصحاب ابن عباس قال علي وأصحاب عبد الله بن عباس الذين يذهبون مذهبه ويسلكون طريقه عطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة وسعيد بن جبير.
وأعلم هؤلاء وأثبتهم سعيد وكان أعلم بهؤلاء عمرو بن دينار وقد كان لقيهم وكان يحب ابن عباس ويحب أصحابه وكان ابن جريج وسفيان بن عيينة يحبان ابن عباس ويحبان طريقته سمع ابن جريج من طاوس ومجاهد وعطاء ولم يلق منهم جابر بن زيد ولا عكرمة ولا سعيد بن جبير أصحاب زيد بن ثابت وأصحاب زيد بن ثابت الذين كانوا يأخذون عنه ويفتون بفتياه منهم من لقيه ومنهم من لم يلقه وهم اثنا عشر رجلا سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذويب وخارجة بن زيد بن ثابت وسليمان بن يسار وأبان بن عثمان بن عفان وعبيد الله بن عبد الله والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة بن عبد الرحمن وطلحة بن عبد الله بن عوف ونافع بن جبير.
فأما من لقيه وثبت عندنا لقيه فسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وقبيصة بن ذؤيب وخارجة وأبان بن عثمان وسليمان بن يسار ولم يثبت عندنا من الباقين سماع من زيد فيما ألقي إلينا إلا أنهم كانوا يذهبون مذهبه في الفقه والعلم ولم يبق بالمدينة بعد هؤلاء أعلم بهم من ابن شهاب الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبي الزناد وبكير بن عبد الله الأشج ثم لم يكن أحد أعلم بهؤلاء وكان يذهب مذهبهم من مالك بن أنس. ومن بعد مالك عبد الرحمن بن مهدي فإنه كان يذهب مذهبهم ويقتدي بطريقتهم.
قال علي وكان أعلم أهل الكوفة بأصحاب عبد الله وطريقتهم إبراهيم النخعي وعامر الشعبي بعده والله أعلم.
تمت الرسالة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه والحمد لله وحده