→ البحث الثامن | شرح تشريح القانون لابن سينا القسم الثاني معرفة الرأس وأجزائه - البحث التاسع المؤلف: ابن النفيس |
تشريح العين ← |
من قوله: ولدفع فضول الدماغ... إلى آخر الفصل.
الشرح يحيط بالدماغ عظام القحف وهي صلبة لا تسمح بنفوذ الفضول من خلالها إلا ما يمكن أن يمر في سنون القحف وهذه لا تكفي لتحلل فضول الدماغ الكثيرة ولذلك يعسر تحلل ما يتحلل منها بخلاف الأعضاء التي تحيط بها مثل اللحم ونحوه. فإن فضولها تجد سبيلاً إلى النفوذ في ذلك المحيط فتكون تلك الأعضاء نقية من الفضول ولا كذلك الدماغ ومع كثرة فضول الدماغ فإن الحاجة إلى كثرة بقائه تشتد وذلك لأن ما يحتبس فيه من فضول مع أنه يحدث له سوء المزاج والسدد في مجاريه ونحوها فإنه يكدر أرواحه ويغلظها، ويفسد أمزجتها، فلذلك اضطر إلى أن يكون له طرق ينتقي منها فضوله. وهذه الطرق منها ما منفعتها تنقية الدماغ من الفضول فقط فتكون مخلوقة لذلك فقط.
وهذه كالمجاري المذكورة في الكتاب. ومنها ما هي مخلوقة مع ذلك لمنفعة أخرى إما للإحساس بشيء كالعين، وإنها تنتفع بها في إدراك المبصرات، وينتفع بها أيضاً في تحلل بعض فضول الدماغ بها بالدموع ونحوها، وكذلك الأذن ينتفع بها في إدراك المسموعات، وفي تنقية الدماغ من المادة الحادة الصفراوية التي تندفع إليها فيكون منها وسخ الأذن، وكذلك الأنف ينتفع به في إدراك الرائحة وفي إخراج الفضول المخاطية التي تتولد في الدماغ.
وأما تكون تلك المنفعة ليست هي الإحساس لشيء كالسنون التي في عظام القحف فإن هذه ينتفع بها المنافع التي ذكرناها عند تشريحنا لعظام القحف وينتفع بها مع ذلك في تحلل الفضول البخارية التي في الدماغ منها وكذلك النخاع فإنه خلق لما ذكرناه في تشريح عظام الصلب من منافعه ومع ذلك فإنه ينتفع به في تحلل بعض فضول الدماغ منه، وكذلك فإن الذي يعتريه الجرب يكون جربه في اسافل ظهره عند عجزه، وطرف عصعصه. لأن الذي يقربه الجرب لا بد من أن تكون مواده حارة بورقية فيكون ما يتبخر منها كذلك فلذلك يكثر هذا التبخر منها في دماغه، ويكثر ما يندفع من ذلك في النخاع إلى طرفه، وذلك عند آخر العصعص ولذلك فإن كثيراً مما تكثر فيه السوداء يعرض له عند طرف عصعصه غلظ. وعبارة الكتاب في باقي الفصل ظاهرة. والله ولي التوفيق.