→ الفصل الثاني | شرح تشريح القانون لابن سينا القسم الأول الجملة الرابعة - الفصل الثالث المؤلف: ابن النفيس |
الفصل الرابع ← |
قال الشيخ رحمة الله عليه أما الجزء الصاعد.. إلى آخر الفصل.
الشرح
القسم الأكبر من القسم الصاعد من أورطي أخذ نحو اللثة كما قاله. وأما الأصغر فإنه يتفرق في كتف اليد اليسرى وفي الجانب الأيسر من الرقبة وفي سائر ما هناك من الأعضاء. قوله: حتى إذا بلغ اللحم الرخو التوتي الذي هناك انقسم ثلاثة أقسام: اثنان منها هما الشريانان المسميان بالسباتيين. السبب في انقسامه ها هنا إلى هذه الأقسام الثلاثة أنه يحتاج أن يصعد إلى الدماغ مقدار كبير من هذا الشريان لأجل إمكان حدوث الروح النفساني من الروح الحيواني النافذ فيه، ولا يمكن ذلك بأن يكون صعوده، وهو قسم واحد، إذ لو كان واحداً لكان صعوده إما في جانب واحد فيكون بعيداً عن الأعضاء التي في الجانب الآخر فيكون قسمة الروح غير عادلة أو في الوسط فيكون غير موافق لشيء من الأوداج في سلوكه فإن الأوداج موضوعة في الجانبين على ما تعرفه بعد، ولو كان كذلك لبطل استمداده الدم من الأوداج الذي لا بد منه كما بينا فيما سلف أن سلوك الشرايين يحتاج أن يكون مع الأوردة فلذلك احتيج أن يكون الصاعد إلى الدماغ قسمين، ولا بد من قسم آخر يتفرق في الأعضاء التي ذكرناها وهي القص والأضلاع والرقبة واليدان. قوله: وأما القسم الأصغر من قسم أورطيا لصاعد فإنه يأخذ إلى ناحية الإبط ولقائل أن يقول: ما السبب في احتياج هذه الأعضاء العالية إلى قسمين من الشرايين وهلا لها قسم واحد منهما? أما هذا الذي ينفصل أو لاً من الشريان الصاعد أو الذي هو الثالث من تلك الأقسام الثلاثة فإن قيل إن الواحد من هذين لا يكفي لصغره فتحتاج تلك الأعضاء إلى الآخر قلنا قد كان يمكن أن يكون أحد هذين عظيماً يقوم مقام الاثنين.
وجوابه: أن هذين القسمين يصعد الأول منهما وهو المفضل قبل صعود الشريان إلى اللثة إلى تلك الأعضاء من الجانب الأيسر لأنه أقرب إلى هذا الجانب ويصعد الآخر وهو المنفصل عن اللثة إلى تلك الأعضاء من الجانب الأيمن، لأن هذا الجانب أقرب إلى هذا القسم الأول.
ولو كان الأول يصعد إلى الجانبين بأن يتفرق إليهما لكان وصول أجزائه إلى الجانب الأيسر قبل وصلها إلى الجانب الأيمن، لأن هذا القسم صعوده هو من الجانب الأيسر ويلزم ذلك أن تكون قسمة الروح على الجانبين غير عادلة.
قوله: اثنان منها هما: الشريانان المسميان بالسباتيين ويصعدان يمنة ويسرة، مع الوداجين الغائرين أما وجوب صعود هذين مع وداجين أي صحبتهما فلما قلناه في وجوب مصاحبة الشريانين للأوردة وأما وجوب أن تكون هذه الصحبة للوداجين الغائرين دون الظاهرين فلأن نفوذ هذين إلى داخل الدماغ إنما هو في مؤخره، ومن قرب مؤخره فيجب أن يكون سلوكهما مما هو أقرب إلى مؤخر الدماغ. والوداجان الغائران كذلك بخلاف الظاهرين فلذلك وجب أن يكون سلوك هذين السباتيين في صحبة الوداجين الغائرين لا الظاهرين. والله ولي التوفيق.