→ الفصل الثالث | شرح تشريح القانون لابن سينا القسم الأول الجملة الثانية - الفصل الرابع المؤلف: ابن النفيس |
الفصل الخامس ← |
والكلام يشتمل فيه على بحثين البحث الأول السبب في أن الجفن المتحرك هو الأعلى في الإنسان ونحوه هو الجفن الأعلى قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما الجفن فلما كان... إلى قوله: ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتي الارتفاع.
الشرح كل حيوان فإما أن لا يكون له عين ظاهرة كالخلد. فهذا ظاهر أنه لا يحتاج إلى جفن البتة فضلاً عن حركة الجفن، أو تكون له عين ظاهرة، فإما أن يكون جلده صلباً كما في السمك، فهذا لا يمكن أن يكون له جفن يتحرك، فلا يكون له تغميض، فلا بد وأن تكون عينه صلبة لتكون بعيدة عن قبول الآفات أكثر أو لا يكون جلده صلباً. فإما أن يكون من الطيور أو لا يكون كذلك، فإن كان من الطيور كان الجفن المتحرك منه هو الجفن الأسفل، وهذا إما أن يكون من الجوارح فيكون مع ذلك بعينه غشاء صفاقي يتحرك من تحت الجفن يغطي به الحدقة تارة، ويكشفها أخرى، أو لا يكون من الجوارح فلا يكون له ذلك. فإن كان الحيوان الذي جلده لين ليس من الطيور، فلا بد وأن يكون جفنه المتحرك هو الجفن الأعلى. وذلك لأن المتحرك لو كان هو السافل لكانت العضل المشيل له إلى فوق، إما أن يتصل بطرفيه أو بأحدهما فلا يلزم من رفع ذلك رفع وسط الجفن فلا يتم تغميض العين بل يبقى الموضع الذي الحاجة إلى ستره أشد، وهو موضع الباصر مكشوفاً أو يكون اتصال ذلك العضل بوسط الجفن فيلزم ذلك ستر موضع الباصرة بالوتر النازل دائماً. وذلك مبطل لفائدة العين.
فلذلك كانت حركة الجفن الأسفل في هذا الحيوان مما لا يجوز البتة فوجب أن يكون المتحرك هو الجفن الأعلى.
قوله: لكن عناية الصانع مصروفة إلى تقريب الأفعال من مبادئها، وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها، على أعدل طريق وأقوم منهج إن عني ها هنا بالأقوم ما هو أكثر استقامة فذلك ممنوع فإن التعريج قد يكون أو فق وخصوصاً الأعصاب الدماغية المحركة. فإنها بكونها محركة تحتاج أن تكون صلبة، وكونها دماغية يوجب لها أن تكون لينة فتحتاج إلى تعريج مسلكها لتطول المسافة فتصلب، ولو سلم له ذلك لم يفده لأن المتحرك سواء كان الجفن العالي أو السافل فلا بد من عضل نحو الأسفل يحيط الجفن، وعضل من فوق يرفعه. والله ولي التوفيق.
البحث الثاني العضل المحرك للجفن الأعلى وموضعه قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه ولما كان الجفن الأعلى يحتاج إلى حركتي... إلى آخر الفصل.
الشرح إذا جذب طرف الجفن الأعلى إلى أسفل لزم ذلك تغميض العين. ولا كذلك لو جذب طرف الجفن الأسفل إلى فوق. وذلك لأن الثقل الطبيعي الذي للجفن الأعلى يعاون على تلك الحركة، ويمانع منها ثقل الجفن الأسفل. والله ولي التوفيق.