→ الجملة الثانية | شرح تشريح القانون لابن سينا القسم الأول الجملة الثانية - الفصل الأول المؤلف: ابن النفيس |
الفصل الثاني ← |
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه لما كانت الحركة الإرادية... إلى آخر الفصل.
الشرح غرضه الآن بيان فائدة كل واحد من هذه الأعضاء.
قوله: إذ كانت العظام صلبة، والعصب لطيفاً. يريد باللطيف ها هنا الرقيق الدقيق الصغير الحجم، و كان كذلك لا يحسن اتصاله بالصلب لأن الصلب يلزمه أن يكون ثقيلاً، والثقيل لا يقوي اللطيف على إقلاله، ويريد بهذا أن العظام مع كونها صلبة كبيرة المقدار، إذ لو كانت صغيرة جداً لم يكن إيصال العصب بها ضاراً لكن الصغير وإن كان صلباً فهو خفيف لقلة جرمه.
قوله: ولما كان الجرم الملتئم من العصب والرباط على كل حال رقيقاً إنما كان كذلك لأن هذا الرباط لا يجوز أن يكون غالباً على العصب جداً وإلا كان ثقيلاً وكان العصب فهولا محالة يحمله عند تحريكه فيعود المحذور المذكور.
والعصب لا بد وأن يكون دقيقاً لما ذكره بعد هذا. ويلزم ذلك أن لا يكون المجتمع منهما غليظاً جداً. والأولى أنه كان يقول: والقوة المحركة إنما هي في العصب. فلو لم يحدث العضل لكان العصب إذا حمل حركة العضو احتاج إلى حمل ما معه من الرباط وجذبه إلى جهة مبدئه فيكون ذلك زيادة ثقل على العضو المتحرك فلا بد من حدوث العضل حتى يكون جذب العصب إلى موضعها فتكون المسافة قريبة فيكون في ذلك أمن من انقطاعها الذي أو جبه بعد المسافة وزيادة الثقل حينئذٍ محتملة لأنها حينئذٍ يسيرة جداً بالنسبة إلى الوهن الذي كان يوجبه بعد المسافة. وفائدة حشو العضلة باللحم أن يبقى وضع أليافها محفوظاً وإنما جعل من اللحم لأنه لو جعل من عضو صلب لم يمكن تقلص تلك الليف عند إرادة تحريك العضو. ولو جعل من الشحم ونحوه لكان يزيد تلك الألياف برداً فجعل من اللحم لأنه مع لينه يسخن تسخيناً معتدلاً لبرد العصب والرباط، وإنما جعل في وسط العضلة كالمحور من جوهر العصب ليكون جوهر العصب ليس بكثير الانتعاش فيضعف وإنما جللت العضلة بالغشاء ليكون لها حس من خارج ولا بد وأن يكون الرباط الذي يحدث منه، ومن العصب العضلة رباطاً متصلاً بعظم قريب منها حتى تكون مرتبطة بها فلا يزول عن مكانها عند جذب الوتر ذلك العضو المتحرك. والله ولي التوفيق.