→ الفصل الثاني | شرح تشريح القانون لابن سينا القسم الأول الجملة الثالثة - الفصل الثالث المؤلف: ابن النفيس |
الفصل الرابع ← |
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه العصب النابت من النخاع... إلى آخر الفصل.
الشرح قد جعل الأزواج النابتة من نخاع العنق ثمانية وذلك لأنه عد الزوج الخارج مما بين الفقرة الأخيرة من فقار العنق والفقرة الأولى من فقار الصدر من جملة أزواج هذه الأزواج والفقرة الأولى من فقار العنق يخرج منها زوج من ثقب فيها، وزوج مما بينها وبين الثانية. ويلزم ذلك أن تكون هذه الأزواج ثمانية.
قوله: وهو صغير دقيق، إذ كان الأحوط في مخرجه أن يكون ضيقاً. هذا يختلف بحسب اختلاف حال الحيوانات. فما كان من الحيوان سلاحه في رأسه إما في نفس رأسه كما في ذوات القرون أو في فكه كما في ذوات الأنياب الحادة كالسباع، وهذا يحتاج أن تكون الفقرة الأولى من فقار العنق قوية جداً ليكون متمكناً من استعمال سلاحه بقوة، وإنما تكون هذه الفقرة كذلك إذا كانت مع صلابتها عظيمة وحينئذٍ يمكن أن يكون ما فيها من الثقوب متسعاً، فلذلك كان هذا الزوج أعني الأول يكون في هذا الحيوان كبيراً عظيماً وخاصة وحاجة مثل هذا الحيوان إلى قوة العضل التي هناك شديدة، تكون تلك العضلات فيه عظيمة أيضاً، وذلك محوج إلى كثرة الأعصاب التي تكون فيها، وذلك محوج إلى زيادة عظم هذا الزوج وما لم يكن من الحيوان كذلك كالإنسان والقرد ونحوهما. فإن هذه الفقرة تكون فيه ضعيفة لأنها تكون فيه أصغر من بقية فقار العنق لأن الحامل ينبغي أن يكون أعظم من المحمول إذا لم يكن سبب آخر يقتضي زيادة عظم المحمول وثقبها الذي ينفذ فيه النخاع يجب أن يكون اكثر سعة مما لغيرها لأن أو ل النخاع أغلظ، ويلزم ذلك أن يكون جرمها رقيقاً جداً وذلك موجب لزيادة ضعفها فلا بد وأن يكون ما فيها من الثقوب ضيقة جداً لئلا يفرط بها الضعف، ويلزم ذلك أن يكون العصب الخارج منه دقيقاً جداً، وخصوصاً ومثل هذا الحيوان غير شديد الحاجة إلى زيادة عظم العضلات التي يكون فيه هناك فلذلك يكون هذا الزوج دقيقاً قصيراً.
قوله: والزوج الثاني مخرجه مما بين الفقرة الأولى والثانية أعني الثقبة المذكورة في باب العظام.
قال جالينوس: إن هذا الزوج ليس يخرج من ثقب بل في كل ثقب واحدة من ناحيتي الزائدة المشبهة بالشوكة موضع معرى من عظام النقرة فيما بين الفقرة الأولى والثانية منه تخرج أعصابه. والحق كما قاله جالينوس.
قوله: ويوصل أكثره إلى الرأس حس اللمس بأن يصعد مؤرباً إلى أعلى الفقار، وينعطف إلى قدام.
الذي قاله جالينوس: إن أعظم جزء من هذا الزوج ينقسم في عضل خلف الرقبة، ويصير من جزء إلى العضلات العراض المحركة للخدين والجزء الباقي من هذا العصب بعضه يرتقي إلى الرأس، وينبث في مؤخره. وكذلك الجزء الذي يرتقي من قدام ينبث في مقدم الرأس.
قوله: وفي غير الإنسان ينتهي إلى الأذنين فيحرك عضل الأذنين، يريد بذلك غير الإنسان مما له أذن بارزة. وإنما اختص غير الإنسان مما له أذن يحركها دون أكثر الناس، لأن الإنسان لا كلفة عليه في تحريك رأسه بحيث يحاذي كل جهة يريد بأذنه فيتمكن بذلك من سماع الصوت من أي جهة كانت ولو كذلك باقي ما له أذن فإن الفرس مثلاً ليس يتمكن من تحريك رأسه بانفراده إلى حيث يصير أحد أذنيه إلى خلف والأخرى إلى قدام وإذا كان كذلك فلو لم يمكن هذا الحيوان أن يحرك أذنيه إلى الجهات تعذر عليه سماع كثير من الأصوات ولذلك خلقت أذن أكثر هذا النوع من الحيوان طويلة لتكون عند التحريك إلى جهة ما كالباذهنج يحصر الهواء الوارد بالصوت ويعم هذا والأزواج الأخر التي بعده، أن كل واحد منها ينقسم عند خروجه كل فرد منه إلى قسمين أصغرهما يتفرق في النواحي إلى قدام.
قوله: لكن الصائر من السادس إلى ناحية اليد لا يجاوز الكتف ومن السابع لا يجاوز العضة وأما الذي يجيء الساعد من الكتف فهو من الثامن.
وقد قال في التعليم الثالث من الكتاب الأول: كما يستدل على ألم في الأصبع من سبب سابق أنه لآفة عارضة في الزوج السادس من أزواج عصب العنق وبين الكلامين تباين.
والأول هو الحق. فإن الأصابع لا يأتيها من الزوج السادس شيء وبذلك قال جالينوس.
قوله: وإنما قسم الحجاب من هذه الأعصاب دون أعصاب النخاع الذي تحت هذه ليكون الوارد عليها منحدراً من مشرف فيحسن انقسامه فيها. سبب هذا هو أن العضلات المحركة للحجاب تحتاج أن تكون العصب آتياً إليها من وسط الحجاب. وإنما يمكن ذلك أن تكون نازلة من هذه الأزواج إذ ما هو أسفل منها إنما يأتي إلى هناك بتأريب فلا يكون تحريكها كما هو الواجب في الحجاب والله ولي التوفيق.