سَقى مَنزِلاً بينَ الشَّقيقة ِ والضالِ
سَقى مَنزِلاً بينَ الشَّقيقة ِ والضالِ المؤلف: سبط ابن التعاويذي |
سَقى مَنزِلاً بينَ الشَّقيقة ِ والضالِ
جَنا كلِّ سَحّاحٍ من المُزنِ هَطّالِ
وحَيّا رسومَ العامريّة ِ باللِّوى
تَحِيَّة َ لاَ سَالٍ هَوَهَا وَلاَ قَالِ
وَلَمَّا وَقَفْنَا بِالدِّيَارِ بَدَتْ لَنَا
أَوَابِدُ مِنْ حِيرَانِ وَحْشٍ وَآجَالِ
فَمَا خَدَعَتْنَا عَنْ حَوَالٍ أَوَانِسٍ
بِنَافِرَة ٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَة َ مِعْطَالِ
ألا حبّذا بالبانِ مَغنى ً ومَلعَبٌ
عَصَيْتُ بِهِ عَصْرَ الْبَطَالَة ِ عُذَّالِي
فَكَائِنْ لَنَا مِنْ وَقْفَة ٍ فِي ظِلاَلِهِ
ومن غَدَواتٍ مُوبِقاتٍ وآصالِ
وهل تشتكي الأوطانَ عمّنْ تُحبُّهُ
وَمَا نَفْعُ آثَارٍ خَوَالٍ وَأَطْلاَلِ
وَكَيْفَ تَسَلَّيْنَا بِقُضْبَانِ إسْحِلٍ
وأَحقافِ رمْلٍ عن قُدودٍ وأَكْفالِ
لَيَالِيَ عُودُ اللَّهْوِ فَيْنَانُ مُورِقٌ
وَوِرْدُ الْهَوَى صَفْوٌ وَجِيدُ الصِّبَي حَالِ
فَلِلَّهِ ثَوْبٌ مِنْ شَبَابٍ سُلِبْتُهُ
وَغُودِرْتُ فِي ثَوْبٍ مِنَ الشَّيْبِ أَشْمَالِ
صحِبتُ زماني وادِعَ البالِ قلّما
خطَرْتُ لهَمٍّ أو لبؤسٍ على بالِ
جَدِيدَ سَرَابِيلِ الشَّبِيبَة ِ رَافِلاً
من العَيشِ في ضافي المَساحِبِ ذَيّالِ
وها أنذا من بعدِ أمنٍ وصِحّة ٍ
مُسَامِرُ أَوْجَاعٍ مُشَاوِرُ أَوْجَالِ
أُرَقِّعُ عمُراً أخْلَقَتْهُ بِكَرِّها
اللَّيَالِي إلَى كَمْ يُرْقَعُ الْخَلَقُ الْبَالِي
عَزَفْتُ عَنِ الدُّنْيَا فَمَا أَنَا طَامِحٌ
بطَرفي إلى وَفْرٍ عَداني ولا مالِ
وأعرضْتُ عنها غيرَ مُكتَرِثٍ لها
وسِيّانَ إكْثاري لديَّ وإقلالي
وَلَمْ يَبْقَ لِي عِنْدَ اللَّيَالِي لُبَانَة ٌ
كَأَنِّيَ قَدْ مَاتَتْ مَعَ الشَّيْبِ آمَالِي
فَلَسْتُ أُبَالِي الْيَوْمَ كَيْفَ تَقَلَّبَتْ
عَلَى عَقِبِ الأَيَّامِ وَالدَّهْرِ أَدْوَالِي
ولولا زمانٌ أخَّرَتْني صُروفُهُ
لَطَارَتْ بِرَحِلِي كُلُّ هَوْجَاءَ مِرْقَالِ
أُجَشِّمُهَا الأَخْطَارَ فِي غَسَقِ الدُّجَى
وَأُقْذِفُهَا رَأْدَ الضُّحَى لُجَجِ الآلِ
وما كنتُ أرضى بالقُعودِ وإنّما
خطوبٌ رمَتْني من أذاها بأَهوالِ
وإنّي من جُودِ الوزيرِ لواثقٌ
بِأَنْ سَيَرِيشُ الْيَوْمَ مَا کنْحَطَّ مِنْ حَالِي
فيَبسُطُ آمالي ويُنهِضُ عَثْرَتي
وَيَغْرَمُ مَا قَدْ فَاتَ مِنْ زَمَنِي الْخَالِي
سَأَجْعَلُهُ لِي عُدَّة ً وَذَخِيرَة ً
أَعِزُّ بهِ والعِزُّ خيرٌ من المالِ
أَصُونُ به عِرْضي وأمنَعُ جانِبي
ومِثلُ جلالِ الدينِ من صانَ أمثالي
وَإنْ طَرَقَتْنِي فِي الزَّمَانِ مُلِمَّة ٌ
نزلْتُ بحاجاتي عليهِ وأثقالي
فَأَسْرَحُ فِي رَوْضِ السَّمَاحِ رَكَائِبِي
وَأَسْحَبُ فِي رَبْعِ الْمَكَارِمِ أَذْيَالِي
وعندَ عُبَيْدِ اللهِ ما اقترحْتُهُ
عَلَى الدَّهْرِ مِنْ فَضْلٍ عَمِيمٍ وَإفْضَالِ
وَزِيرٍ كَسَا دَسْتَ الْوِزَارَة ِ بَهْجَة ً
وَكَانَ زَمَانَاً عَاطِلاً جِيدُهَا الْحَالِي
وَقَامَ بِتَدْبِيرِ الأُمُورِ فَلَمْ يَبِتْ
بِهِ بَيْنَ تَضْيِيعٍ يُخَافُ وَإهْمَالِ
لئنْ غبَرَتْ حيناً من الدهرِ حائلاً
لَقَدْ طَرَّقَتْ بَعْدَ الْحِيَالِ بِرِئبَالِ
بِأَغْلَبَ مَسْبُوحِ الذِّرَاعَيْنِ بَاسِلٍ
يُزلْزِلُ أقدامَ العِدى أيَّ زَلزالِ
يَخُوضُ سَوَادَ النَّقْعِ وَالْبِيضُ شُرَّعٌ
بِأَيْدِي مَغَاوِيرٍ كُمَاة ٍ وَأَبْطَالِ
هُوَ الذَّائِدُ الْحَامِي إذَا کشْتَجَرَ الْقَنَا
وَإنْ صَوَّحَتْ سَنْهَاءُ فَالْهَانِىء ُ الطَّالِي
هو المُتبِعُ القَولَ الفِعالِ تكرُّماً
وَمَا كُلُّ قَوَّالٍ سِوَاهُ بِفَعَّالِ
لَهُ عَمَلٌ بِالْعِلْمِ يَزْدَادُ زِينَة ً
وَيَا رُبَّ ذِي عِلْمٍ وَلَيْسَ بِعَمَّالِ
بَلاَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَكُنْ
بمُنْحَرِفٍ عن مَنهَجِ الحقِّ مَيّالِ
وحمَّلَهُ أَعباءَهُ فأقَلَّها
بكاهلِ عزمٍ للعظائمِ حَمّالِ
ليَهْنِكُمُ يا قالَة َ الشِّعرِ أنّكمْ
نَزَلْتُمْ عَلَى عَذْبِ الْمَوَارِدِ سَلْسَالِ
وأنّكمُ بعدَ الإياسِ سُقيِتُمُ
ظِماءً بنَوءٍ من عطاياهُ مِفْضالِ
فأثْرَيْتُمُ من بعدِ دهرٍ وضِيقة ٍ
وَأَخْصَبْتُمُ مِنْ بَعْدِ جَدْبٍ وَإمْحَالِ
غَنِيتُمْ بِهِ عَنْ جَوْبِ كُلِّ تَنُوفَة ٍ
بِكَلِّ الْمَطَايَا بَيْنَ حَلٍ وَتَرْحَالِ
وَعَنْ بَرِمٍ مَا زَالَ يَبْرَمُ بِالنَّدَى
ويَشْغَلُهُ المَدحُ الرخيصُ عنِ الغالي
وَذِي شَنَآنٍ مُشْرَجَاتٍ ضُلُوعُهُ
عَلَى الْغِلِّ مَطْبُوعٍ عَلَى الْغَدْرِ مُحْتَالِ
بَنَا بِغُرُورٍ أَمْرَهُ فَكَأَنَّمَا
بَناهُ على حِقْفٍ من الرملِ مُنْهالِ
ولم يدْرِ أنَّ الدهرَ تجري صروفُهُ
وأنَّ الليالي لا تدومُ على حالِ
فَأَعْمَلَ رَأْياً كَانَ فِيهِ وَبَالُهُ
وأوقَدَ ناراً عادَ وهْوَ لها صالِ
وغرَّتْهُ من حُسنِ ارْتِيائِكَ وَنْيَة ٌ
وَيَا رُبَّ إبْطَاءٍ كَفِيلٍ بِإعْجَالِ
وَمَا تَرَكُكَ الأَعْدَاءَ بَقْيا عَلَيْهِمِ
وَلكِنَّهُ تَرْكُ کجْتِيَازٍ وَإهْمَالِ
تَمَلَّيْتَهَا مِنْ خِلْعَة ٍ نَاصِرِيَّة ٍ
تَسَرْبَلْتَ منها اليومَ أفضلَ سِرْبالِ
فمَمزوجة ٌ وَشْيٌ بها من ضيائِها
شِعاعٌ كبرقِ الشمسِ كاشفة ُ البالِ
وَدَّرَاعَة ٌ مِنْ تَحْتِهَا وَعِمَامَة ٌ
سَوَادُهُمَا فِي وَجْنَة ِ الدَّهْرِ كَالْخَالِ
وَإبْيَضُ حَالٍ بِالنُّضَارِ مُهَنَّدٌ
عَتادٌ ملوكٍ أورَثوهُ وأَقْيالُ
لِصُ النُّجَارِ كَرِيمُ الْ
جَدِّ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ
تُسَرُّ بمَرْآهُ العيونُ كأنّهُ
عَقِيلة ُ خِدْرٍ كاعبٌ ذاتُ خَلْخالِ
يَمُرُّ عَلَى وَجْهِ الثَّرَى فَتِخَالُهُ
تَدَفُّقَ رَقْرَاقٍ مِنَ الْمَاءِ سَلْسَالِ
تبخْتَرَ مَحتوماً إليكَ وإنّهُ
لمَشيُ دَلالٍ لا تَبخْتُرُ إدْلالِ
يَتِيهُ بِسَرْجٍ عَسْجَدِيٍّ كَأَنَّمَا
هلالانِ منهُ في المُقدَّمِ والتالي
وليسَ كما ظنُّوهُ مَركوبَ زينة ٍ
وَلكِنَّهُ مَرْكُوبُ عِزٍّ وَإجْلاَلِ
ومُثْقَلَة ٌ بالحَلْيِ سَوداءُ حُرّة ٌ
عراقيّة ٌ بَحريّة ٌ أمُّ أطفالِ
إذَا مَا دَرَجْنَ حَوْلَهَا يَرْتَضِعْنَهَا
جَرَيْنَ بِأَرْزَاقٍ تَدِرُّ وَآجَالِ
فَمِنْ حَاسِرٍ يَخْشَاهُ كُلُّ مُدَجَّجٍ
ومنْ صامتٍ يُزْري على كلِّ قَوّالِ
ومن مُرْهَفاتِ الحَدِّ تهزأُ بالظُّبى
وَيَفْرَقُ مُنْهَا كُلُّ أَسْمَرَ عَسَّالِ
وَمُشْتَرِفٌ مِنْ نَسْلِ أَعْوَجَ خَا
وكائنْ لدَيْها من وفودٍ وسُؤّالِ
فَهُنِّئْتَهَا يَابَا الْمُظَفَّرِ رُتْبَة ً
تبَوَّأْتَ منها مَرقَبَ الشرَفِ العالي
ولا زالَ مَعقولاً بسيفِكَ شارِدُ الممالكِ مَوسوماً بهِ بعدَ إغْفالِ
الْمَمَالِكِ مَوْسُوماً بِهِ بَعْدَ إغْفَالِ
وَلاَ عَدِمَتْ أَذْوَادُهَا وَسُرُوحُهَا
قَبائلَ من راعٍ عليها ومنْ والِ
ومُلِّيتَ عيداً مُوذِناً بوفودِهِ
عليكَ بأعوامٍ تَكُرُّ وأَحوالِ
إذَا خَلِقَتْ أَثْوَابُهُ وَبُرُودُهُ
فَغَيِّرْ بِعِزٍّ مُسْتَجِدٍّ وَإقْبَالِ