الرئيسيةبحث

زازا

زازا

زازا
المؤلف: إبراهيم ناجي



أنا وحدي في البيدِ حيرانُ هائمْ
 
فمتى تذكرُ القفارُ الغمائمْ
رحمةً يا سماء إن فمي جفّ
 
وحلقي عن المواردِ صائمْ
غاض نبع المُنى ولم يبقَ حتى
 
ومضة الحلم في محاجر نائمْ
أيها الطاعم الكرى ملء جفنيك
 
وجفني من الكرى غيرُ طاعمْ
أَبكني واستبِد بي واقضِ ما شاء
 
لك الحسنُ فيَّ وظلِمْ وخاصمْ
غير هذا النوى فإن لياليه
 
ظلالٌ من المنايا حوائمْ
تضمحلُّ الحياةُ فيه وتنهدُّ
 
كأن النهارَ معْولُ هادمْ
لا تكلْني لذلك الأبد الأسود
 
في قاع مُزبدِ اللُّج قاتمْ
لا تكلني لِهُوَّة تعصف الأشباحُ
 
في جوفها وتعوي السمائمْ
لا تكلْني إلى جناحِ عُقابٍ
 
في ضلوعي محَلِّق الرعبِ جاثمْ
لا تكلْني إلى جناحِ عُقابٍ
 
في ضلوعي محَلِّق الرعبِ جاثمْ
لا تكلْني لضائع في حنايا
 
ها غريب في مهمهٍ من طلاسمْ
يسأل الزهرُ والخمائلُ والأنْوارُ
 
عن تِربها الضحوك الباسمْ
ذاق ما ذاق في الصبابة إلا
 
ذبحة الروح وانفصال التوائمْ
إن تَعُدْ محسناً إليّ فعُد بي
 
للعهود المقدسات الكرائمْ
وإذا ما رأيتَ عزميَ ينهارُ
 
فثِّبتْ بالذكريات الدعائمْ
جئتني في الخريف والروضُ عارٍ
 
فكسوتَ الربى عذارى البراعمْ
وأجال الربيع أخضرَ كفّيهِ
 
ليمحو اصفرارَه المتراكمْ
رحلة للنجوم لم تك أوهاماً
 
وبعضُ النعيمِ أوهامُ حالمْ
آه كم ليلة أراجع أيامي
 
أعُدُّ العُلى وأُحصي العظائمْ
وحسبت الخسران فيها فكان
 
الغبنُ عندي زمانيَ المتقادمْ
قبل أن نلتقي فلما تلاقينا
 
عرفت الغنى وذقت المغانمْ
حيثما أغتدي فإن الدراري
 
ملءُ روحي وفي خيالي بواسمْ
إن أبتْ جائعاً فثمّة زادي
 
أو أبتْ معسراً فثمَّ الدراهمْ
وعجيبٌ قد كنت لي حسد الحساد
 
فيها وكنت أنت التمائمْ
بالذي صنتُ عهدَه لم أخنْهُ
 
ومتى خانتِ الأكفُّ المعاصمْ؟
والذي حكمه كأقدار عينك
 
فما منهما ولا منه عاصمْ
أيُّ صوتٍ من الغيوب يناديني
 
فأطوي له الدُّنى والمعالمْ
قدر مشعلٌ على شفةٍ تدعو
 
فأخطو على اللظى غيرَ نادمْ
وفؤادي يحومُ بالنار لا يحفل
 
أني على المنيَّة حائمْ
الهوى مصرعي وكم من حِمامٍ
 
كان باباً إلى الخلود الدائمْ
وطريقاً من الأسنّةِ والشوكِ
 
روتْ أرضَه الدموعُ السواجمْ
شهد اللهُ ما قضيتُ الليالي
 
ناعمَ الجنب فوق مهدٍ ناغمْ
أيُّ جَيشيك مغرقي ليلي الطاغي
 
أم الشوق وحدهُ وهو عارم؟
آهِ مِن رُبما ومن أملٍ يُمْسكُ
 
نفسي رجاء يومٍ قادم
قد تجيءُ الأنباءُ من شاطئ النيل
 
غداً والمبشراتُ النسائمْ
وتكونُ النجاةُ في القمر الساري
 
على زورقٍ من النورِ حالمْ