ردوا غمراتها في الواردينا
ردوا غمراتها في الواردينا المؤلف: أحمد محرم |
ردوا غمراتها في الواردينا
وسيروا في الممالك فاتحينا
لكم ما استعمر الأعداء منها
وما استلبت أكف الغاصبينا
لها خلق الصواعق حين تغفى
فما يمسكن حتى يرتمينا
تبيت على مضاجعها المنايا
مولهة تظن بها الظنونا
تقر فتفزع الدنيا وتأبى
ممالكها الهوادة والسكونا
وتبعثها الوغى فيسيل منها
عباب الموت يطوي المعتدينا
يطوح بالكتائب والسرايا
ويلتهم المعاقل والحصونا
سل البونان كيف طغى عليهم
أما كانوا الطغاة القاهرينا
إذا طلبوا النجاة تلقفتهم
يدا عزريل في المتلقفينا
يشق الموج إن فزعوا إليهم
ويزجي من مخالبه سفينا
خطوب زلزلت أزمير منها
وزالت عن مواقعها أثينا
إذا ما ساق قسطنطين جيشا
رمى الغازي فساق له المنونا
وما بجنود قسطنطين نكر
إذا كر الغزاة مكبرينا
يردون السيوف بلا قتال
ويلوون الأعنة معرضينا
إذا نظموا الهزائم أحسنوها
وزفوها روائع يزدهينا
وما تخفي فنون الحرب يوما
على الشعب الذي ورث الفنونا
تولوا كالرياح تهب نكبا
وطاروا كالنعام مشردينا
تكاد الأرض تنكرهم إذا ما
تولوا في الأباطح مدبرينا
تكاد بلادها ترتاب فيهم
إذا مروا بهن مدمرينا
فذلك بأسهم والبأس عجز
إذا رحم الضعاف العاجزينا
وتلك سبيلهم لا عيب فيها
وإن زهقت نفوس اللائمينا
ومن زعم المذابح منكرات
فقد زعم الملائك مجرمينا
كساهن الشحوب بلى عبوس
وكان الحسن مما يكتسينا
سل الأطلال من سفع وسود
أهن إلى النواعب ينتمينا
أتيح لهن من ظلم طلاء
كلون القار هن به طلينا
ديار عمومتي وبلاد قومي
متى درست رسومك خبرينا
أثار عليك من فيزوف سخط
أم اخترمتك أيدي الساخطينا
تفجر فيك طوفان جحيم
هوى بك موجه في المغرقينا
لئن جاش العباب فذبت فيه
لقد ذابت نفوس الساكنينا
جرين على غواربه حيارى
دوائب يفترقن ويلتقينا
تظل النار تأكلهم ألوفا
وليسوا بالعصاة المذنبينا
تصيب المذعنين فتحتويهم
وتعصف في وجوه الجافلينا
وتغشى كل منزلة ومثوى
فيذهب كيدها باللاجئينا
إذا مال السبيل بها فحارت
هدتها صيحة المستصرخينا
وناعمة الشبيبة ذات طفل
يضيء وسامة ويرف لينا
تلوذ بمهده وتضم منه
رياحين الرياض إذا ندينا
دهاها الخطب أحمر في نفوس
لبسن الموت أسود إذ دهينا
فعاد الثدي في فمه لهيبا
وعاد المهد في يدها أتونا
تثور فلا تريد سوى طعام
ولا يفنى القرى في المطعمي
تسيل أكفهم كرما وبرا
إذا جمدت أكف الباخلي
تباروا في السماح فجاوزوه
وفاتوا فيه شأو السابقين
بني الإغريق سدتم كل قوم
وزدتم في الكرام المنعمين
ترامي ذكركم في كل أرض
فجاب سهولها وطوى الحزونا
ذهبتم بالصنائع والأيادي
وجاء الأدعياء مقلدين
تظل النار ملء الأفق تعلو
وتقذف بالحيارى الذاهلينا
تريد حمى النسور فتتقيها
وتطلب في السحاب لها وكونا
فلولا الجو يمنع جانبيه
ملائكة السماء مرفرفينا
هوى القمران من فزع وألقى
حمى المريخ بالمستضعفينا
هضاب قمن من لهب عليها
دخان كالجبال إذا رئينا
بقايا الظلم من حمر وسود
يفارقن البلاد وينقضينا
تطلعت السماوات ارتياعا
وألقت نظرة تصف الشجونا
ترى الأرضين كيف عنا بنوها
لآلهة عليها قائمينا
فتلك قيامة الأحياء قامت
ولما يأت وعد السالفينا
وتلك النار تلقي الناس فيها
بأرض الترك أيدي المضرمينا
رأوا أن يطفئوا نارا بنار
فهل بردت قلوب الحاقدينا
أبادت قومنا إلا بقايا
أقاموا بالعراء معذبينا
نفوس ما سقين به شرابا
سوى الأسف المذيب ولا غذينا
نظرن الموت ثم نظرن أخرى
أتدركهن أيدي الراحمينا
تضج الأمهات مفجعات
وينتحب البنون مفجعينا
حنانك ربنا ماذا لقينا
أيجزى الصالحون كما جزينا
أقاموها لأنفسهم شفاء
فما صدقوا ولا شفت الجنونا
لئن ظنوا بجالينوس شرا
لقد عرفوا النطاسي الأمينا
متى يلمس مكان السوء منهم
يمته وينزع الداء الدفينا
مسيح من بني عثمان سمح
يرينا الحق أسطع واليقينا
أعز الله دولته وأحيا
به أمم المشارق أجمعينا
وهد ببأسه أمما شدادا
نهيب بها وتأبى أن تلينا
بنى هامانها للبغي صرحا
تهاب قواه أيدي الهادمينا
رمى الغازي فزلزل جانبيه
ودمر ركنه الضخم المكينا
تطير العاصفات به شعاعا
وتنفضه على الدنيا طحينا
ترى هبواته في كل أفق
يرحن على الجواء ويغتدينا
يرعن مسابح العقبان فيه
ويفزعن الغياهب والدجونا
حوالك لو جمعن لكن ليلا
يخاف صباحه أن يستبينا
إذا ما الظلم ذو الزلزال أمسى
يهز الأرض بالمستضعفينا
فحسب المؤمنين دفاع رام
يداه يدا أمير المؤمنينا
تطلع والهلال يميل غربا
وأعلام الخلافة ينطوينا
فأشرف يستقيم على يديه
وعدن به خوافق يعتلينا
يظللن الممالك شاخصات
يصلن به الجوانح والعيونا
يرف رجاؤهن على رجاء
يناشد يثرب العهد المصونا
إلى الحرمين مفزعه وفيه
حمى الدنيا ومحيا العالمينا
بني عثمان من يك ذا امتراء
فإن نفوسنا لا يمترينا
ومن يرع الذمام لكم فيصدق
فإن الله مولى الصادقينا
نصون العهد إلا ما نسينا
وكيف يضيع حق الله فينا
أفي عرض الخلافة وهو بسل
تجول مطامع المتألبينا
ومن أبطالها وهم الضواري
تنال مخالب المتنمرينا
رموا بجنودهم من كل فج
وجاءوا بالسفائن مهطعينا
وضجوا بالوعيد دما ونارا
وما يغني ضجيج الموعدينا
هو البأس المصمم لا نكوص
ولو ملأوا الفجاج مناجزينا
نسوا بالدردنيل لهم قبورا
تفيض لها دموع الذاكرينا
ترى الأسطول يفزع حين يمشي
بساحتها ويخشع مستكينا
وما وادي الجحيم بمستطاع
وإن عزبت حلوم الغافلينا
لئن جحدوا المصارع داميات
لقد شهدت منايا الهالكينا
لبئس القوم كالقطعان سيقوا
إليه وبئس مرعى المصطلينا
أطاعوا الآمرين فأنزلوهم
بأرض لا تحب النازلينا
تدور بهم جوانبها وتهوي
وتصعد في مطار الصاعدينا
تطاردهم إذا ذهبوا شمالا
وتطلبهم إذا انقلبوا يمينا
إذا ملأوا الفضاء محلقينا
إذا انطوت الجنود بها رمتها
فراعنة الشعوب بآخرينا
كأن بها إلى المهجات يمضي
بها عزريل شوقا أو حنينا
فما تضع السلاح وإن تشكى
ولا تدع النفوس وإن عيينا
عباب دم يقل سنين حمرا
طوى الأجيال فيها والقرونا
هوى صرح الدهور فذاب فيه
كما ذابت جهود المبتنينا
وما فضل الشعود إذا أضاعت
أواخرها تراث الأولينا
رموا باسم الصليب فما أصابوا
ولا وجدوا الصليب لهم معينا
وما يرضى المسيح إذا استباحت
دم الضعفاء أيدي الآثمينا
ولا العذراء حين ترى العذارى
جوازع ينتحبن ويشتكينا
رأى جللا من الأحداث نكرا
هراق العين واعتصر الجبينا
رأت حور الجنان مصرعات
يقربن النفوس ويفتدينا
يقلن لها حنانك أدركينا
فقد أزرى بنا ما تعلمينا
أقومك أم ذئاب عاديات
وأمر يسوع أم ما تأمرينا
أقاموها على الخلطاء حربا
تدك مزاعم المتحضرينا
جنوها ظالمين وغاب عنها
أعز أولي الحفيظة غائبينا
فما هابوا الفتى والشيخ فيها
ولا رحموا الرضيع ولا الجنينا
ولا تركوا بناتك ناجيات
ولا خفروا ذمامك مجملينا
إذا ضج الدم المهراق ضجت
شعوبك رحمة للمهرقينا
وتأخذنا الخطوب فإن صبرنا
تداعوا في الكنائس جازعينا
رمونا بالتعصب فاشهديه
وكوني حجة المتعصبينا
ذريهم إذ عصوك ولم يثوبوا
إلى الوحي المنزل أو ذرينا
همو جعلوا الصليب أذى وبغيا
عليك صلاة ربك أنصفينا
سما الغازي المجاهد في جنود
لربك ما لهم من غالبينا
وجاء الفتح أسطع ما يوارى
وطار الذعر بالمتقهقرينا
تمر الخيل بالأبطال رهوا
وتمضي في مواكبها ثبينا
يرددن الصهيل مبشرات
ويتلون الكتاب مبشرينا
مشى جبريل يدعو القوم شتى
فلبوه وخروا ساجدينا
ونادى القائد الأعلى فجاءوا
إليه مكبرين مهللينا
وهب الشعب ملء الأرض يجزي
يد الغازي ويلقى الوافدينا
مواكب من يغب في الدهر عنها
فما شهد الملوك متوجينا
ولا عرف الهلال يسير فخما
ولا نظر السهى يمشي رصينا
مشاهد خانت الأنباء فيها
وضاق بها بيان الواصفينا
يظل الكاتب العربي فيها
يجور به لسان الأعجمينا
قنعنا بالرواية وانكفأنا
نهيب بقومنا في القاعدينا
يهيجنا الحديث وتعترينا
خيالات يلحن ويختفينا
ربى أزمير ماذا تنظرينا
وأي عطاء ربك تشكرينا
صبرت على الأذى فجزاك نصرا
وساق إليك عقبى الصابرينا
ورد عليك قومك بعد يأس
فمن غادين فيك ورائحينا
أتوك مسلمين فما شجاهم
سوى خبب العداة مودعينا
تود سيوفهم أن لو أقاموا
وإن أخذوا الأعنة زاهدينا
بقية مفسدين عتوا فأمسوا
حصيدا في المصارع خامدينا
رمت أيدي التباب بهم فبانوا
وما تأبى البقية أن تبينا
أتوا أزمير يستعلون عزا
ويستبقونها متخايلينا
يهزون السيوف بها اغترارا
ويزجون الجياد مخدعينا
نشاوى يحسبون الأسد تغضي
إذا أجماتها يوما غشينا
وأقرب ما يكون الذئب حتفا
إذا هاج الضراغم مستهينا
نزوها نزوة لم يعرفوها
وكانوا قبل ذلك جاهلينا
أشادوا بالفتوح محجلات
وصاحوا صيحة المتبجحينا
فكان حماتهم حربا عليها
وكانوا الفاتحين الكاذبينا
وعادوا بالهوان مخيبينا
ألا بعدت ديار الظاعنينا
ولا عطفوا الركائب راجعينا
تظل الأرض تقذفهم سراعا
فما ندري أخلقا أم كرينا
تطاير جمعهم فرقا وزالوا
عصائب كالجراد مطردينا
إذا بلغوا الديار تجهمتهم
فساروا في البلاد مباعدينا
خلائق ما يقاربها حساب
وإن بعد المدى بالحاسبينا
تراموا في السفائن واستمروا
يجوبون البقاع مولهينا
فضج البحر من فزع بكاء
وماج البر من جزع أنينا
جناية معشر طلبوا محالا
فهموا بالشعوب مغررينا
أبادوا الناس شعبا بعد شعب
وقاموا في المآتم ساخرينا
تنفست المشارق حين صاحوا
بأبطال الخلافة بارزينا
لتلك أحب ما تهب الأماني
من النعمى وأبهج ما ترينا
إلى أيامنا في الدهر بيضا
نخوض غياهب الأحداث جونا
وما للقوم كالهيجاء ورد
إذا وردوا الحتوف مسالمينا
وما في الأرض أعدل من حسام
إذا جمح الهوى بالحاكمينا
وما حق الحياة لنا بحق
إذا خفنا وعيد المبطلينا
ولولا البأس ما وفت الأماني
ولا نهضت جدود العاثرينا
أمن جعل الهوان له حليفا
كمن جعل العنان له قرينا
ولولا النقع ينهض مكفهرا
لما نهضت عروش المالكينا
بني عثمان من يضرب بسيف
فما زلتم سيوف الضاربينا
ومن يعبث به نزق الأماني
تعده سيوفكم ثبتا رزينا
وما لذوي الجهالة من عذير
إذا ركبوا الحتوف مجربينا
إذا ما النصح لم يك ذا غناء
فإن السيف خير الناصحينا
خلقتم للجلاد وأرضعتكم
ثدي الأمهات مدربينا
وما للقوم في الهيجاء كفء
إذا ولدوا فوارس معلمينا
سموتهم في الشعوب بمنجبات
يفئن إلى غطارف منجبينا
مطهرة البطون مباركات
يربين الرجال مباركينا
نمتهن المنابت ممرعات
يطيب بها غراس المنبتينا
فإن يجهل بني عثمان قوم
فما عرفوا الأبوة والبنينا
أولئك أفضل الأقوام خلقا
وأصدق أمة الفرقان دينا
يحلون الكتاب حمى نفوس
حللن من السماء بحيث شينا
أهاب بهم رسول الله هبوا
فهبوا بالسيوف مجاهدينا
ينادون الخلافة لا تراعي
فلن نرضى لتاجك أن يهونا
إذا بات العرين بغير حام
وريع حمى الخلائف فاذكرينا
لك المهجات نبذلها فداء
ولسنا في الفداء بمسرفينا
أمانة ربنا صينت لدينا
وكنا للأمانة حافظينا
دعوت فأقسم الجيش اليمينا
وحسبك أن يبيد الظالمينا
نجاهد وحدنا ونراه حقا
وإن نكصت شعوب المسلمينا
ونحن القوم لا نخشى المنايا
ولا نتهيب الحرب الزبونا
علينا أن نجيب إذا دعينا
ونصدق في الوغى من يبتلينا
نذم القائلين ولا حياة
لمن يأبى سبيل العاملينا
إذا الخطباء للتعليم هبوا
خطبنا بالسيوف معلمينا
ونكتب في الملاحم ما أردنا
إذا التحمت صفوف الكاتبينا
وأضعف ما يكون القوم جندا
إذا حشدوا الصحائف صائحينا
تجادل بينات البأس عنا
إذا ضج الرجال مجادلينا
لنا الحجج التي لا ريب فيها
إذا ارتابت قلوب المنكرينا
لنصرك ربنا خضنا المنايا
وفيك وفي رسولك ما لقينا
دعوت إلى الجهاد ونحن صرعى
فما أبت السيوف ولا عصينا
نهضنا تخذل الأوصال منا
مناكب يستقمن ويلتوينا
ننوء من الجراح بما حملنا
ونمشي للكفاح مصفدينا
ونستبق الجنان إذا رمينا
إذا لم نملإ الدنيا سلاما
فلسنا للسيوف بمغمدينا
نقاذف عن ذوي الأرحام طرا
ويقذفنا العدى ببني أبينا
ونعلم أنهم قوم ضعاف
شقوا بالغاصبين كما شقينا
يسامون الهوان أذى وبغيا
ويأتون الدنية صاغرينا