الرئيسيةبحث

رجوع الشيخ إلى صباه/الباب الأول

رجوع الشيخ إلى صباه الباب الأول في ذكر مزاج الإحليل
المؤلف: ابن كمال باشا


اعلم أن الإحليل مركب من أعصاب تشبه الرباطات ومن عروق وهذه الرباطات ثابتة من عظم على أوردة مجوفة لتمتلئ من البخار عند الحاجة ومع أصل الإحليل غده تولد منياً منشأ غير المنى المتولد في الاثنين ومنفعته أن ينصب في الذكر قليلاً في ثقب الذكر ليدفع حدة البول وحركته إذا مر بالذكر وهو بمنزلة الدهن الذي يدهن به العضو لئلا تسرع إليه آفة من الأشياء الحارة الحريفة ولذلك إذا أكثر الإنسان الجماع أصابه حرقه في البول لأن هذا المنى يفنى وللإحليل منفعتان (أحدهما) إخراج الفضول المائية التي في الكبد والعروق والكليتين (والثانية) إبلاغه المنى ألي الرحم في طوله واستدارته وذلك أن الاثنين لهما طرق من الكبد وطرق من الدماغ وطرق من القلب ويصير إليهما من الكبد دم كثير ليجتمع فيهما قوة الغذاء الذي يكون به النمو ولتكون الثمرة مثل الولد ومن القلب القوه الحيوانية لقبول الحس الحركة اللذين بهما الحياة ومن الدماغ قوة الحس و الحركة فإذا صار إليهما من الكبد دم أحالته إلى لونها وطبعها فصار أبيض وتغذى بمشاكلها وما كان غير مشاكل لها صار منياً فإذا اشتد حميه لذع موضعه منها فحميت وجذبت العروق المتصل بها من الكبد دم كثير ومن القلب هواء كثير فيرتفع الذكر بهذا البخار ويصلب وينتصب ويشتاق إلى الولوج في الفروج وإلى الحركة لينتقص عنه ما فيه من الفضلة التي تلدغه بالحك والحرارة و الحركة تشعل الحرارة ويحمى جميع البدن لذلك فإذا تحركت أعضاء الإنسان يهتاج جميع الرطوبة التي في الجسد فيجذب الرطوبة الجوهرية من جميع الأعضاء المتشابهة الأجزاء أعنى العظام والعصب واللحم والشحم والعروق وما سوى ذلك فإذا اجتمع المنى في الدماغ نزل في العروق التي خلف الإذنين وإن انقطعت هذه العروق انقطع ماء صاحبها ثم ينزل المنى في مخ عظم الظهر في هذه الطريق فإذا وصل إلى مخ عظم الظهر نزل إلى الكليتين ثم يصير إلى الاثنين فعند ذلك يخرج من القضيب وليس يجرى من مجرى البول لكن له مجرى آخر غير مجرى البول فتتحلل بذلك تلك الفضلة البخارية فيجد عند ذلك التحليل شديدة وراحة عظيمة لآن البدن كله في تلك الحالة يحمى ويلتهب ويمتلئ بخاراً رطباً فإذا انفض هذه الفضلة يكون في الآخر مثل فضلة الحيوان فاللذة مشيده للحيوان ذلك تقدير العزيز العليم فأما الأعراض التي تعرض للإنسان ثلاثة (أحدها) مرض الأعضاء المتشابهة وهو فساد المزاج (الثاني) مرض الأعضاء الآلية التي هي 3 الودع والسدة (والثالث) تفرق الاتصال الذي هو الشق والقطع في عرض للدماغ أو القلب أو الكبد أو الكليتين فساد مزاج يلحق الإحليل ضرر ذلك لآن له من كل واحد من هذه طرقاً تنبعث فيه قوة من قوى هذه الأعضاء وذلك أنه إذا امتنع العصب الذي يؤدى إليه الحس و الحركة من الدماغ امتنع الإحليل عن فعله وربما كانت القوى سليمة ويعرض فساد وكذلك إذا امتنعت القوة التي تصل له من القلب وتؤدى إليه الحرارة الغريزية لم يسخن الإحليل ولم يتحرك ولم يصلب وكذلك إذا لم يصل إليه من العروق والكبد والآليتين من الدم ما يغذيه نقصت عند ذلك شهوة الإحليل وأمتنع عن فعله وربما كانت القوى سليمة ويعرض فساد المزاج في مزاج الإحليل فيضر بفعله وقد يعرض الإحليل علة يقال لها برياشيموس وهو امتداد الإحليل وانتفاخه وارتفاعه وصلابته في غير وقته ومن غير إرادة الإنسان وسبب ذلك بخار غليظ رطب يتولد في جوف عروق الإحليل غير البخار الذي يصل إليه قبل الحرارة الغريزية التي تجرى من القلب فأما الأمراض والأعراض الآلية ومرض تفرق الاتصال الذي هو 3الأوذم والسداد والشق والقطع إذا عرض الإحليل فذلك ظاهر للحس فأما علاج ما ذكرناه متى فسد فعل الإحليل فينظران كل ذلك من قبل الدماغ أو من فقار الظهر عولج الدماغ وفقار الظهر وأن كان سببه فساد مزاج حدث بالقلب عولج القلب وما يرد الحار الغريزي إلى حالة فإن كان ذلك من قبل الكبد أو المعدة عولج الكبد أو المعدة لآن الكبد تضعف لسوء مزاج المعدة فتعالج كل ما كان من فساد المزاج مفرداً بخلافه فما كان حاراً فبالبارد وما كان رطباً فباليابس وأما فساد المزاج الذي يعرض في نفس الإحليل فيعالج إن كان بارداً باستعمال المروخ بالأدهان المسخنة مثل دهن الرازقي والبان والقط ودهن الشب ودهن الناردين ويكون غذاؤه ما كان سانحاً مثل الشوايا والقلايا بتوابل (من الأدوية) جوارش العنبر وجوارش المسك والشقاقل المربى والجزر المربى وما أشبه ذلك ويعالج ما كان من فساد المزاج الحار بأن يمرغ الإحليل بدهن البنفسج والورد ويشرب لبن البقر أو لبن إناث أو الطباشير أو البزر قطوناً بماء بارد ويطعم السفرجل المربى والأملج المربى وما أشبه ذلك ويعالج ما عرض من فساد المزاج اليابس بالعمل في الحمام والمروخ بالدهن وما عرض فيه من سوء المزاج الرطب بالحمية والصوم ويتجنب كثرة الطعام ويعالج ما كان من فساد المزاج الحار المؤلف مع الفضل بالخيارشنبر وأيارج فيقرا وبماء الجبن وأيارح فيقرا وبالكنجبين الذي يلين البطن ويعالج ما كان من فساد المزاج البارد المركب مع الفضل بالحبوب آلتي تسخن وتخرج الفضل مثل حب الكبينج وما أشبهه ويعالج ما ذكرنا من امتداد الذكر وانتفاخه من غير حركة الجماع وغير إرادة منه بل من ريح يتولد من رطوبات غليظة لزجه وحرارة يسيره بالأشياء التي تبرد برفق وذلك متصل الشمع ودهن الورد يضرب بالماء البارد أو بالشمع ودهن البابونج ويوضع على المذاكير وعلى الصلب وتكون الأشياء التي يعالج بها لطيفه من غير أن تسخن سخونة بينه ويطعم النيلوقر ويكشت ويخلط مع طعامه وبطعم في آخر العلة مذاب والله الشافي لعباده وهو على كل شيء قدير