ذكرى لقاء المؤلف: بدر شاكر السياب |
قد انتصف الليل فاطو الكتابعن الريح والشمعة الخابية
فعيناك لا تقرآن السطورولكنها العلة الواهية
فأنت ترى مقلتيها هناكوذكرى من الليلة الماضية
فتطوي على ركبتيك الكتابوترنو إلى الأنجم النائية
هنا أنت بين الضياء الضئيلوبين الدجى في الفضاء الرحيب
وكم من مصابيح تفنى هناكتنير الثرى والفراغ الرهيب
مصابيح كانت تذوب
وتنحل في شعرها:
خطانا ولون الغروب
وما ضاع من عطرها
وتلقي على ذكريات الشتاءستاراً من الأدمع الراجفة
فتخبو مصابيحهن البعادبطيئاً كما تبرد العاطفة
كما افترقت يوم حان الرحيليد صافحتها يد واجفة
كرجع الخطى في الطريق البعيدكما انحلت الرغبة الخائفة
وتصغي ولا شيء إلا السكونوإلا خطى الحارس المتعب
وإلا ارتعاش الضياء الضئيلوخفق الظلال على المكتب
وأسفارك البالية
كأشباح موتى تسير
حيارى إلى الهاوية
وحلم ادكار قصير
وتنساب مثل الشراع الكئيبوراء الدجى روحك الشاردة
ترى وجهها كالتماع النجوموتطويه عنك اليد الماردة
إلى أن يذوب الضباب الثقيلوتنهار ألوانه الجامدة
فها أنت ذا تستعيد اللقاءكما عادت الجثة الباردة
وتمتد يمناك نحو الكتابكمن ينشد السلوة الضائعة
فتبكي مع العبقري المريضوقد خاطب النجمة الساطعة
تمنيت يا كوكب
ثباتا كهذا أنام
على صدرها في الظلام
وافني كما تغرب
ويغشى رؤاك الضياء القديمبطيئاً كما سارت القافلة
ترى الباب مثل انعكاس المغيبعلى صفحة الجدول الناحلة
ويغشى رؤاك الضياء القديمينير لك الغرفة الآفلة
ويغشى رؤاك الضياء القديمفيا لانتفاضتك الهائلة!
ترى الباب ألقى عليه الأصيلظلالاً من الكرمة العارية
فما كان غير اعتناق طويلعصرنا به القوة الباقية
وألقيت عبء السنين
ورأسي على صدرها
فشدت عليه اليمين
وأدنته من ثغرها
وأيقنت أن الحياة الحياةبغير الهوى قصة فاترة
وإني بغير التي ألهبتخيالي بأنفاسها العاطرة
شريد يشق ازدحام الرجالوتخنقه الأعين الساخرة