الرئيسيةبحث

ذكراك بالإكبار والإعجاب

ذكراك بالإكبار والإعجاب

ذكراك بالإكبار والإعجاب
المؤلف: جبران خليل جبران



ذكراك بالإكبار والإعجاب
 
تبقى مجددة على الأحقاب
عام به كر الزمان وفره
 
جاز الحساب ولم يكن بحساب
فإذا الذي عمر اليقين فؤاده
 
في حيرة المتردد المرتاب
ألقى حواصبه على الدنيا فما
 
بلد نجا من حاصب منتاب
طير أبابيل حجارتها اللظى
 
تدع القرى في وحشة وتباب
وتعاقب العزل الضعاف وما جنوا
 
بصواعق ليست بنات سحاب
فالأرض راوية الثرى بدم جرى
 
والدمع ممزوج بكل شراب
هل هذه المثلات وهي روائع
 
فيها لنا عظة وفصل خطاب
ماذا نعد لذودها عن حوضنا
 
يكفي الدعاب لات حين دعاب
فليسأل الأحياء موتاهم فقد
 
تهدي فضائلهم أولي الألباب
اليوم تخلو مصر للذكرى وكم
 
ذكرى تنفس من كروب مصاب
فتعيد سيرة ذلك القطب الذي
 
بجلاله هو قدوة الأقطاب
حمل الأمانة وهي جد ثقيلة
 
وعتاب مودعها أشد عتاب
ومن الأمانة ما يناء بعبئه
 
ويزيد حزم الشيخ عزم شباب
أي الرجال سوى ابن بجدتها لها
 
وسبيلها محفوفة بعقاب
لبى محمد إذ دعته بلاده
 
طوعا لحكم وفائه الغلاب
ورياسة الوزراء هل تحلو وما
 
من سؤرها في الكأس غير الصاب
كانت وكل الأمر مستعص بها
 
والسير بين مخارم وشعاب
فنضالها الرأي النزيه عن الهوى
 
ومضى وبين يديه نور صواب
مستكمل الأخلاق للعلياء في
 
درجاتها مستكمل الآداب
يقظ لكل جليلة ودقيقة
 
حذر ولكن ليس بالهياب
ومجامل يرعى بما فيه الرضى
 
كلا على قدر وليس يحابي
في أي وقت لم يطل وكأنه
 
عمر طويل الهم والأوصاب
وهب المحب قواه وهي مضنة
 
لله در الحب من وهاب
لرخاء أمته وعزة جيشها
 
لم يدخر سببا من الأسباب
فإذا المعاضل واجدات حلولها
 
وإذا المضايق واسعات رحاب
وإذا الحياة تعود ذات بشاشة
 
والبؤس ينظر كاشر الأنياب
يا من نأى عن مصر فاجتمعت على
 
ثكل وما في الثكل من أحزاب
من بدء عهدك ما فتئت مكافحا
 
تطأ الصعاب بعزمك الوثاب
وعلى التنوع في اتجاهك لم ترم
 
مسعاك متصل وشأنك راب
تبكي المكارم أريحيتك التي
 
كانت تحقق أنبل الآراب
تبكي مباني البر أسمح من بني
 
للبر والحاجات جد رغاب
تبكي صروح العلم خير موطيء
 
أكنافها لمطالب الطلاب
يأسى البيان وأي خطب خطبه
 
في أبرع الخطباء والكتاب
تأسى النيابة أن تبين وكنت من
 
حصفائها وثقاتها الصياب
أنجزت في الدنيا كتابك معجلا
 
وحملت للعليا أبر كتاب
فأصبت في الأولى أعز كرامة
 
وأًصبت في الأخرى أجل ثواب