دَعَوْتُكَ للجَفْنِ القَرِيحِ المُسَهّدِ
دَعَوْتُكَ للجَفْنِ القَرِيحِ المُسَهّدِ المؤلف: أبو فراس الحمداني |
دَعَوْتُكَ للجَفْنِ القَرِيحِ المُسَهّدِ
لَدَيّ، وَللنّوْمِ القَلِيلِ المُشَرّدِ
وَمَا ذَاكَ بُخْلاً بِالحَيَاة ِ، وَإنّهَا
لأَوّلُ مَبْذُولٍ لأوّلِ مُجْتَدِ
وَمَا الأَسْرُ مِمّا ضِقْتُ ذَرْعاً بحَملِهِ
و ما الخطبُ مما أنْ أقولَ لهُ:قدِ
وَما زَلّ عَني أنّ شَخصاً مُعَرَّضاً
لنبلِ العدى؛ إنْ لمْ يصبْ؛ فكأن ْقدِ
وَلَكِنّني أخْتَارُ مَوْتَ بَني أبي
على صهواتِ الخيلِ، غيرَ موسدِ
وَتَأبَى وَآبَى أنْ أمُوتَ مُوَسَّداً
بأيدي النّصَارَى مَوْتَ أكمَدَ أكبَدِ
نضوتُ على الأيامِ ثوبَ جلادتي؛
ولكنني لمْ أنضُ ثوبَ التجلدِ
و ما أنا إلا بينَ أمرٍ، وضدهُ
يجددُ لي، في كلِّ يومٍ مجددِ
فمِنْ حُسنِ صَبرٍ بالسّلامَة ِ وَاعِدي،
ومنْ ريبِ دهرٍ بالردى، متوعدي
أقلبُ طرفي بينَ خلٍّ مكبلٍ
وَبَينَ صَفِيٍّ بِالحَدِدِ مُصَفَّدِ
دَعَوْتُكَ، وَالأبْوَابُ تُرْتَجُ دونَنا،
فكُنْ خَيرَ مَدْعُوٍّ وَأكرَمَ مُنجِدِ
فمثلكَ منْ يدعى لكلِّ عظيمة ٍ
و مثليَ منْ يفدى بكلِّ مسودِ
أناديكَ لا أني أخافُ منَ الردى
و لا أرتجي تأخيرَ يومٍ إلى غدِ
وَقَد حُطّمَ الخَطّيّ وَاختَرَمَ العِدى
و فللَ حدُّ المشرفيِّ المهندِ
و لكنْ أنفتُ الموتَ في دارِغربة ٍ،
بأيدي النّصَارَى الغُلفِ مِيتَة َ أكمَدِ
فلا تتركِ الأعداءَ حولي ليفرحوا
وَلا تَقطعِ التّسآلَ عَني، وَتَقْعُدِ
وَلا تَقعُدنْ، عني، وَقد سيمَ فِديَتي،
فلَستَ عن الفِعْلِ الكَرِيمِ بِمُقْعَدِ
فكمْ لكَ عندي منْ أيادٍ وأنعمٍ؟
رفعتَ بها قدري وأكثرتَ حسدي
تَشَبّثْ بها أكرُومَة ً قَبْلَ فَوْتِهَا،
وَقُمْ في خلاصي صَادق العزْمِ وَاقعُدِ
فإنْ مُتُّ بَعدَ اليَوْمِ عابكَ مَهلكي
معابَ الزراريين، مهلكَ معبدِ
هُمُ عَضَلُوا عَنهُ الفِدَاءَ فأصْبَحُوا
يهدونَ أطرافَ القريضِ المقصدِ
و لمْ يكُ بدعاً هلكهُ؛ غيرَ أنهمْ
يُعَابُونَ إذْ سِيمَ الفِداءُ وَما فُدي
فَلا كانَ كَلبُ الرّومِ أرأفَ مِنكُمُ
وَأرْغَبَ في كَسْبِ الثّنَاءِ المُخَلَّدِ
و لا يبلغِ الأعداءُ أنْ يتناهضوا
وَتَقْعُدَ عَنْ هَذَا العَلاءِ المُشَيَّدِ
أأضْحَوْا عَلى أسْرَاهُمُ بيَ عُوّداً،
وَأنْتُمْ عَلى أسْرَاكُمُ غَيرُ عُوّدِ؟!
مَتى تُخلِفُ الأيّامُ مِثلي لكُمْ فَتى ً
طَوِيلَ نِجَادِ السَّيفِ رَحْبَ المُقَلَّدِ؟
مَتى تَلِدُ الأيّامُ مِثْلي لَكْمْ فَتى ً
شَدِيداً عَلى البأساءِ، غَيرَ مُلَهَّدِ؟
فإنْ تَفْتَدُوني تَفْتَدُوا شَرَفَ العُلا،
و أسرعَ عوادٍ إليها، معوَّدِ
وَإنْ تَفْتَدُوني تَفْتَدُوا لِعُلاكُمُ
فتى غيرَ مردودِ اللسانِ أو اليدِ
يطاعنُ عنْ أعراضكمْ؛ بلسانهِ
وَيَضْرِبُ عَنْكُمْ بِالحُسَامِ المُهَنّدِ
فَمَا كُلّ مَنْ شَاءَ المَعَالي يَنَالُها،
و لاَ كلُّ سيارٍ إلى المجدِ يهتدي
أقِلْني! أقِلْني عَثْرَة َ الدّهْرِ إنّهُ
رماني بسهمٍ، صائبِ النصلِ، مقصدِ
وَلَوْ لمْ تَنَلْ نَفسي وَلاءَكَ لمْ أكُنْ
لأِورِدَهَا، في نَصرِهِ، كُلّ مَوْرِدِ
وَلا كنتُ ألقى الألفَ زُرْقاً عُيُونُهَا
بسَبْعِينَ فِيهِمْ كُلّ أشْأمَ أنكَدِ
فلاَ، وأبي، ما ساعدانِ كساعدٍ،
وَلا وَأبي، ما سَيّدَانِ كَسَيّدِ
وَلا وَأبي، ما يَفْتُقُ الدّهْرُ جَانِباً
فَيَرْتُقُهُ، إلاّ بِأمْرٍ مُسَدَّدِ
و إنكَ للمولى، الذي بكَ أقتدي،
و إنك للنجمُ الذي بكَ أهتدي
وَأنتَ الّذِي عَرَّفْتَني طُرُقَ العُلا،
وَأنْتَ الّذِي أهْدَيْتَني كلّ مَقْصدِ
وَأنْتَ الّذي بَلّغْتَني كُلّ رُتْبَة ٍ،
مشيتُ إليها فوقَ أعناقِ حسدي
فَيَا مُلبسي النُّعمَى التي جَلّ قَدرُهَا
لَقَد أخلَقَتْ تِلكَ الثّيابُ فَجَدّدِ
ألمْ ترَ أني، فيكَ صافحتُ حدها
وَفِيكَ شرِبتُ المَوْتَ غَيرَ مُصرَّدِ
يَقولونَ: جَنّبْ عادَة ً مَا عَرَفْتَها،
شَدِيدٌ عَلى الإنْسَانِ ما لمْ يُعَوَّدِ
فَقُلتُ: أمَا وَاللَّهِ لا قَالَ قَائِلٌ:
شَهدْتُ لَهُ في الحَرْبِ ألأمَ مَشهَدِ
وَلَكِنْ سَألقَاهَا، فَإمّا مَنِيّة ٌ
هيَ الظنُّ ، أو بنيانُ عزِّ موطدِ
و لمْ أدرِ أنَّ الدهرَ في عددِ العدا؛
و أنَّ المنايا السودَ يرمينَ عنْ يدِ
بَقيتَ ابنَ عبد الله تُحمى من الرّدى،
وَيَفْدِيكَ مِنّا سَيّدٌ بَعْدَ سَيّدِ
بعيشة ِ مسعودٍ؛ وأيامِ سالمٍ
و نعمة ِ مغبوطٍ؛ وحالِ محسدِ
ولاَيحرمني اللهُ قربكَ ! إنهُ
مرادي منَ الدنيا؛ وحظي؛ وسؤددي