الرئيسيةبحث

دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى

دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى

دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى
المؤلف: محمود سامي البارودي



دَعانِى إلى غَى ِّ الصِبا بَعدَ ما مَضى
 
مَكانٌ كَفِردوسِ الجِنانِ أنيقُ
فَسِيحُ مَجَالِ الْعَيْنِ، أَمَّا غَدِيرُهُ
 
فَطَامٍ، وَأَمَّا غُصْنُهُ فَرَشِيقُ
كَسَا أَرْضَهُ ثَوْباً مِنَ الظِّلِّ بَاسِقٌ
 
مِنَ الأيكِ فِينانُ السَراة ِ وريقُ
سَمَتْ صُعُداً أَفْنَانُهُ، فَكَأَنَمَا
 
لَهَا عِنْدَ إِحْدَى النَّيِّرَاتِ عَشِيقُ
يَمَدُّ شُعاعُ الشمسِ فى حجراتِها
 
سَلاَسِلَ مِنْ نُورٍ لَهُنَّ بَرِيقُ
وَيَشْدُو بِهَا الْقُمْرِيُّ حَتَّى كَأَنَّهُ
 
أَخُو صَبْوَة ٍ، أَوْ دَبَّ فِيهِ رَحِيقُ
تَمُرُّ طُيُورُ الْمَاءِ فِيها عَصَائِباً
 
كَرَكبٍ عِجالٍ ضَمَّهُنَّ طَريقُ
إِذَا أَبْصَرَتْ زُرْقَ الْمَوَارِدِ رَفْرَفَتْ
 
عَليها: فَطافٍ فَوقَها، وغَريقُ
غَدَوْنَا لَهُ وَالْفَجْرُ يَنْصَاحُ ضَوْؤُهُ
 
فَيَنْمُو، وَأَقْطَارُ الظَّلاَمِ تَضِيقُ
وللطَّيرِ فى مَهدِ الأراكَة ِ رَنَّة ٌ
 
ولِلطَّلِّ فى ثَغرِ الأقاحَة ِ ريقُ
مَلاعِبُ زانَتها الرِفاقُ، ولَم يَكُن
 
لِيَحسُنَ لَهوٌ يَزِنهُ رَفيقُ
ومَنزِلُ أنسٍ قَدْ عَقدنا بِجوِّهِ
 
رَتائمَ لَهوٍ عَقدُهُنَّ وَثيقُ
جَمعنا بهِ الأشتاتَ مِنْ كُلِّ لَذَّة ٍ
 
وما كلُّ يَومٍ بِالسرورِ حَقيقُ
وَغَنَّى لَنَا شَادٍ أَغَنُّ مُقَرْطَقٌ
 
رَفِيقٌ بِجَسِّ الْمِلْهَيَاتِ لَبِيقُ
إِذَا مَدَّ مِنْ صَوْتٍ وَرَجَّعَ أَقْبَلَتْ
 
عَلينا وجوهُ العَيشِ وهوَ رَقيقُ
فيا حُسنَهُ مِن مَنزِلٍ لَم يَطُف بهِ
 
غَوِى ٌّ، ولَم يَحلل حِماهُ لَصيقُ
جَعَلْنَاهُ تَارِيخاً لأَيَّامِ صَبْوَة ٍ
 
إِذَا ذُكِرَتْ مَسَّ الْقُلُوبَ حَرِيقُ
أقمنا بهِ يوماً طَليقاً، وليلَة ً
 
دُجاها بِلألاءِ المُدامِ طَليقُ
فَلمَّا اتَّعدنا لِلرواحِ تَروَّعَتْ
 
قُلُوبُ النَّدَامَى، وَالْمُحِبُّ شَفِيقُ
فَلِلَّهِ قَلبٌ بِالفِراقِ مُروَّعٌ
 
حَزينٌ، وجَفنٌ بالدُموعِ شَريقُ
وقالَ لِى َ الخُلاَّنُ: صِف حُسنَ يومِنا
 
فَأَنْتَ بِنَجْدِيِّ الْكَلاَمِ خَلِيقُ
فَروَّيتُ شيئاً، ثُمَّ جِئتُ بِمنطِقٍ
 
ذَكِى ٍّ يَفوقُ المِسكَ وهوَ فَتيقُ
وكيفَ يَغبُّ الفَولُ عَنِّى وفى فَمِى
 
لِسانٌ كَغَربِ المَشرَفِى ِّ ذَليقُ؟