خلعتُ عليكم خلعة الحب حقبةً
خلعتُ عليكم خلعة الحب حقبةً المؤلف: زكي مبارك |
خلعتُ عليكم خلعة الحب حقبةً
وقلبى بأثواب الهوى يتصدّق
وقد خاب ظني في هواكم فليتني
لخلعة أشواقي عليكم أمزّق
أساطيرُ من حب تهاوت نجومهُ
فأصبح تاريخاً على الوهم يعشق
ولو أنكم متم لهانت فجيعتي
وكنت عليكم من أذى اللوم أشفق
ولكنكم في العائشين وحسنكم
يعيش بمصقول الخداع ويرزق
كفرت بروحي يوم همت بحسنكم
فحسنكم اللماح حسن مزوّق
تزاويق صغتم من سداها حبالةً
بأمراسها الصب المتيّم يشنَق
أمن خطواتٍ بين داري وداركم
أبلغ فيها الرمز حين أصفّق
ترون بأن البعد اصبح شاسعاً
وأن مجال اللوم في الهجر ضيّق
بخمسة أرقام تدار دعابة
يراكم حبيب هائم الروح شيّق
إذا صلصل الهتاف قلت لعلهم
إلى سمع صوتي بالغرام تشوقوا
فيسمعني الهتاف ما لا أريده
خومٌ بأصوات الكراهة تزعق
وما يصنع الهتاف والكون غابةٌ
بها الليث يضوى والحمام يطوّق
تعالوا أعينوني على وأد فتنةٍ
يمزق روحي ظلمها ويشقّق
إذا لم تغيثوني فإني لذاهبٌ
إلى أبدٍ فيه لمن ضميمَ موثق
تطول الليالي هل تطول فما رأى
بأني لشيءٍ بعدكم أتشوق
غرائبُ من دنيا الغرام رأيتها
فأنكرتها والقلب بالدم يشرق
وحلوان ما حلوان تلك مدينة
لها بفؤادي في الصبابة جوسَقُ
أقمت بها حيناً فطابت إقامتي
وكدت بأحلامي من الحب أغرق
إذا بلدُ العشّاق خان فإنني
بأمر هواه في الوفاء لمعرق
إذا جزت أشواقي إليه فإنني
أصافح أزهار المعادي وأنشق
أحبّ المعادي أرضها وسماءها
وصحراءها إني عليها لمشفق
يقيم بها جيلٌ من الناس أمرهم
غريبٌ كأمري في الغرام وأخفق
تجاور فيها الخلق من كل ملة
وقد غرّبوا فيما أرادوا وشرّقوا
ألا إنما مصر الجديدة دارنا
نرَدُّ إليها حالمين فنوثق
بها نهضت داري قبالة داركم
فأصبح منكم بالجمال وأغبق
تلوذون بالتاريخ تاريخ صبوتي
وهل يسمع التاريخ يوما فينطق
إذا لحاضر الوهاج خابت ظنونه
فأمر الهوى الماضي حديث ملفق
وما لي وللذكرى أعيش بروحها
ومن جيبها المعمور بالوهم أنفق
إذا ما الهوى قد صار ذكرى فإنني
عليه بأطياف الجوى أتصدّق
فلا تحسبوني سادراً في ضلالةٍ
أغرّبُ فيها تارة وأشرّق
لقد خلت الدنيا خلت من أحبتي
فيا لك من دنيا تضيم وترهق
ومن أنت يا دنيا لحا اللَه زوجة
بأيسر أسباب الخلاف تطلّق
أعندك يا دنيا دواءٌ لعاشق
يرى أن وأد العشق بالحر أليق
أحباء في السراء يرجى وصالهم
فإن غدر الدهر الغدور تفرّقوا
وفيّون في حبي لمالي فإن رأوا
سحابة فقرٍ أسرعوا فتمزقوا
لصحراء يوم البؤس أعددت حبهم
وقد يظمأ النبع الأصيل فيورق
أأسأل عنهم قد سألت فما الذي
أجابوا به إني عليهم لمشفق
سراعٌ إذا النعماء طاب رحيقها
فإن لمحوا ضرى بدهر يتعوّقوا
تعالوا تعالوا ما زماني بغادر
ولا أنا في سعي إلى المجد مخفق
أنا الأسد الضاري الذي تعرفونه
ومن صولتي يعيا الزمان فيحنق
تعالوا تعالوا قبل أن يخمد الجوى
فأنسى وقد أنسيت حبّي فصدّقوا
نسيت الذي قد كان بيني وبينكم
أفي الحق أني كنت أهوى وأعشق
أطابت ليالي العيد حيناً فلم تكن
سوى جمرة للهائم الصب تحرق
على ليلة العيد التي تذكرونها
سلامٌ وإن لم يبق للعيد موثق
لقد طاب ليل العيد ما طاب وانقضت
أحاديث نرويها فنأسى ونُطرق
أكانت لياليى العيد حلماً صنعته
بوهمي فاضحى وهو زورٌ مزوّق
ليالٍ قضيناها وكان يروضها
أزاهيرُ يرويها الغرام يتعبَق
ليالٍ قضيناها وللدهر غفوةٌ
وما كلّ ليل مقلة الدهر تأرق
طربنا وغنّينا وكان غناؤنا
وساوس يحكيها الشراب المروّق
تضجّ بنا النجوى فنخرس صوتها
ويبدو لنا طيف الجمال فنزعق
هتكنا حجاب السر في الحب دونه
نمائمُ بالقول الأثيم تلفّق
وما أثم الواشون هيهات إنهم
بآثامهم فينا أبرّ وأصدق
وما العيدُ عيد الناس فالعيد عيدنا
ونحن عليهم رحمة نتصدق
إذا فاز خلّ من خليل بنظرة
فعن أمرنا في الحب يحيا ويرزق
لقد ضاع ماضيكم لديّ أضعته
بأمري وأمري في الجحودين مطلق
إذا خاب ظني في حبيب هجرته
وأنكرته والغدر بالغدر يرشَق
لقد كذب الماضي ومان فخنتهُ
وصيرتُه أكذوبة تتفيهق
إلى النار صيروا أو على البحر فاذهبوا
فكل غدورٍ محرق أو مغرّق
أمثلى يرى منكم عقوقاً لحبه
وشعري بعد الله للحسن يخلق
سأذكر ليل العيد أني عشقتكم
ولم أك يوما لاعباً يتعشق
سأذكر ليل العيد ما كان من هوىً
نعمنا به والدهر كالصل مطرق
سأذكر ليل النحر والبدر يرتمى
بأمواجه والنور كالزهر يخنق
سأنحر قلبي في غد قد نحرتهُ
فلم يبق لي قلبٌ يميم فيوثق
سلامٌ على قلبي سلامٌ ورحمةٌ
وأنشودةٌ كالزهر أو هي أعبق
وهل كان لي قلبٌ أراجع عهده
وأزعم يوما أنه كان يخفق
وهل كنت أهواكم وأدخل داركم
أشبّب فيها بالجمال وأعشق
لقد تبت تاب القلب إني ذبحته
وصيرته بالدمع والدم يدفُق
إلى أين صرتم هل نزلتم بدارةٍ
لها من سناكم في دجى الليل مشرق
خبلتم فؤادي أو خبلتُ فؤادكم
ألا ليتني من محنتي أتحقق
أأنتم رحلتم عامدين كأنكم
مللتم جواري والملالة تصلق
أحاول نسيان الذي كان بيننا
أحاول أمراً ما أراه يوفق
أأنسى ولن أنسى لياليَ أُنسكم
وأنتم بقلب الصب أدنى وألصق
أعود إلى الذكرى أعود فإنها
بقية ما أبقى الفراق المفرّق
ستذهب أيام طوال وينقضى
زمان وقلبي من هواكم ممزّق
تنامون عني يغضب الحب غضبةً
عليكم وسهم الحب أمضى وأمرق
بكيت بقلبي لا بدمعي من النوى
وفي جوف قلبي جمرة تترقرق
تنامون عني كيف طاب نعاسكم
أجيبوا فإني لا أكاد أصدّق
تظنون أني سوف أبكي ودادكم
كما كنت أبكي والهوى البكر محرِق
تظنون والظنّ الأثيمُ ضلالةٌ
بأني بما أسرفت في الصدق أحمق
ألم تعلموا أني أريد خداعكم
خذوا الدرس عني إنني أتحمّق
سأسهر ليل العيد وحدي لعلني
أصدق أني من جوي الوجد معتق
سأنسى سأنسى قد نسيت صبابتي
وطلّقتها والعزم كالسهم يمرق
لمن أمركم بعدي وأين زمامكم
أضعتم زكيّا وهو أحنى وأرفق
إلى اليتم ما صرتم إليه بجهلكم
فذوقوا عذاب اليتم أو فتذوقوا
قتالُ الجمال السهل رأيٌ رأيتهُ
وأبصرتهُ إني امرؤ يتحقق
ستقضون ليل العيد في عضّ كربة
إذا بسمَت كانت جحيماً يطقطق
خذوا ليلة العيد الجديد بصرخة
يكاد لها غافٍ من الدهر ينطق
خذوها خذوها واشربوها صريحة
هي الدهر صرفاً وهي أدهى وأوبق
خذوا ليلة العيد السعيد بحسرة
تكاد بها الشم الشواهق تصعَقُ
خذوها خذوها إنني لا أريدها
وإن كان قلبي بالتوله يشمق
تظنون أني سوف أذكر عهدكم
وأحرم من طيب المنام وآرق
بهذا الخيال الحلو ضاعت حلومكم
لكل خيالٍ كاذب الوهم خيفق
أعاتبكم هيهات ما أنا عاتبٌ
ولا أنا بالحب الكذوب مصدّق
أعاتبكم من ذا أعاتب إنني
لأجهل من بالحب والعتب أرشق
إلى بهرة النسيان سهمى يفوّق
فلا تسكتوا عني فما لي إطاقة
على لجة في مائها المر أغرق
تعالوا تعالوا إنني في بليةٍ
أكاد بها من رجفة الهول أصعق
يحاول أو شابٌ من الخلق صحبتي
ولى مهجة كالماس بالختل تسرَق
إلى أين صرتم آه إني أبحكم
ومن صدكم عني أخاف وأفرق
تعينون أيامي عليّ بصدكم
عفا الحب عنكم وهو بالحسن يرفق