خلت المنازل منك والأوطان
خلت المنازل منك والأوطان المؤلف: أحمد محرم |
خلت المنازل منك والأوطان
وقضى عليك قضاءه الحدثان
أو لم تكن بالأمس صرحا قائما
لصروف دهرك حوله رجفان
جثمت جوانبه على آساسها
وسمت إلى غاياتها الأركان
ما زالت الأقدار تعصف ريحها
حتى تهدم ذلك البنيان
يا منصف الإسلام من أعدائه
لا الظلم جاوزه ولا العدوان
أتنام عن حال تظل لمثلها
تهفو القبور وتفزع الأكفان
قم للكفاح فلات حين هوادة
ضج الصريخ وجالت الفرسان
الحرب يقظى والجنود بواسل
فمتى يفيق القائد الوسنان
قم في سلاحك ما لمثلك صاحب
إلا حسام قاطع وسنان
ماذا يظن أولوا الحفاظ بباسل
عالى اللواء سلاحه القرآن
متجرد لله حشو قميصه
تقوى وملء فؤاده إيمان
يرمي ويرمى لا يضن بنفسه
إن الضنين بنفسه لجبان
ينهاه عن حرص الغبي وجبنه
أن المحارم بالدماء تصان
سيف بأعناق الغواة موكل
تغفى السيوف وحده يقظان
غضب المضارب مشرق ذو رونق
تهفو الحلوم إليه وهي رزان
لله فيه يد يضيء شعاعها
سبل الحياة وللنبي لسان
أو ما رأيتم كيف كان يزينه
للحق نور ساطع وبيان
عبد الحميد ألا تهزك صيحة
فزعت لها الأقطار والبلدان
ألقى بها الإسلام نارا ترتمي
فإذا الجوانح والقلوب دخان
جاشت لفقدك نفسه وطغى الأسى
في قلبه فكأنه البركان
أو لم تكن للمسلمين مثابة
يأوي إليها الشيب والشبان
لك في مقارعة الخطوب مواقف
فيها لقومك عصمة وأمان
يؤذيك أن يرمى الضعيف بظالم
شرس الخلائق دأبه الطغيان
ويثير سخطك أن يضيع لمسلم
حق ويغشاه أذى وهوان
ما كنت كالجافي يبيت منعما
وتبيت تعول حوله الجيران
المسجد الأقصى لموتك خاشع
والبيت بعدك جازع أسوان
وعلى المدينة من مصابك آية
هي للأسى وكتابه عنوان
لما خلت منك المنابر بغتة
لم يخل من أسف عليك مكان
لك من زمانك بالبقاء وطوله
ومن الحوادث ذمة وضمان
تتنازع الجيال ذكرك طيبا
عبقا وتهتف باسمك الأزمان
ما للبلى في العبقريات العلى
أمر يطاع ولا له سلطان
سر في الدهور وقم على هاماتها
علما يضيئ فتهتدي الركبان
واطو الجواء إلى مكانك صاعدا
فمداك حيث تحلق العقبان
ما زلت تجتاز المنازل تبتغي
ما يبتغي المتزود العجلان
حتى حللت من الإله محلة
ما جازها عمر ولا عثمان
أنعم به جارا وطب نفسا فما
سقط اللواء ولا خلا الميدان
الجند سمح والخليفة صالح
والأمر واف ما به نقصان
والله نعم المستعان إذا الهوى
غلب النفوس وقلت الأعوان
للحق صولته وشدة بأسه
ولمن يحارب جنده الخذلان
لولا صرامته وقوة بطشه
ما عز مظهره وجل الشان
الأرض حيرى ما يزال هداتها
في غمرة وكأنهم عميان
للشر زلزال تبيت شعوبها
ترتج منه وللأذى طوفان
الوحش تعجب أسدها وذئابها
مما يجيء ويصنع الإنسان
انظر إلى الدنيا وسل ساداتها
أيصان فيها للضعيف كيان
أهي المطامع أهلكت عبادها
دنيا الحضارة أم هي الأوثان