الرئيسيةبحث

خطبة الكتاب متن الشاطبية

بدأت ببسم الله في النظم أولا    تبارك رحمانا رحيما وموئلا

وثنيت صلى الله ربي على الرضا     محمد المهدى إلى الناس مرسلا

وعترته ثم الصحابة ثم من      تلاهم على الإحسان بالخير وبلا

وثلثت أن الحمد لله دائما       وما ليس مبدوءا به أجذم العلا

وبعد فحبل الله فينا كتابه        فجاهد به حبل العدا متحبلا

وأخلق به إذ ليس يخلق جدة     جديدا مواليه على الجد مقبلا

وقارئه المرضي قر مثاله         كالاتروح حاليه مريحا وموكلا

هو المرتضى أما إذا كان أمه       ويممه ظل الرزانة قنفلا

هو الحر إن كان الحري حواريا      له بتحريه إلى أن تنبلا

ص -2-            

وإن كتاب الله أوثق شافع  وأغنى غناء واهبا متفضلا

وخير جليس لا يمل حديثه       وترداده يزداد فيه تجملا

وحيث الفتى يرتاع في ظلماته      من القبر يلقاه سنا متهللا

هنالك يهينه مقيلا وروضة         ومن أجله في ذروة العز يجتلا

يناشد في إرضائه لحبيبه         وأجدر به سؤلا إليه موصلا

فيا أيها القاري به متمسكا       مجلا له في كل حال مبجلا

هنيئا مرئيا والداك عليهما        ملابس أنوار من التاج والحلا

فما ظنكم بالنجل عند جزائه     أولئك أهل الله والصفوة الملا

أولو البر والإحسان والصبر والتقى       حلاهم بها القرآن مفصلا

عليك بها ما عشت فيها منافسا    وبع نفسك الدنيا بأنفاسها العلا

جزى الله بالخيرات عنا أئمة      لنا نقلوا القرآن عذبا وسلسلا

فمنهم بدور سبعة قد توسطت      سماء العلى والعدل زهرا وكملا

لها شهب عنها استنارت فنورت    سواد الدجى حتى تفرق وانجلا

وسوف تراهم واحدا بعد واحد        مع اثنين من أصحابه متمثلا

ص -3-      

       تخيرهم نقادهم كل بارع  وليس على قرآنه متأكلا

فأما الكريم السر في الطيب نافع       فذاك الذي اختار المدينة منزلا

وقالون عيسى ثم عثمان ورشهم      بصحبته المجد الرفيع تأثلا

ومكة عبدالله فيها مقامه      هو ابن كثير كاثر القوم معتلا

روى أحمد البزي له ومحمد       على سند وهو الملقب قنبلا

وأما الإمام المازني صريحهم     أبو عمرو البصري فوالده العلا

أفاض على يحيى اليزيدي سيبه    فأصبح بالعذب الفرات معللا

أبو عمر الدوري وصالحهم أبو     شعيب هو السوسي عنه تقبلا

وأما دمشق الشام دار ابن عامر    فتلك بعبد الله طابت محللا

هشام وعبد الله وهو انتسابه        لذكوان بالإسناد عنه تنقلا

وبالكوفة الغراء منهم ثلاثة         أذاعوا فقد ضاعت شذا وقرنفلا

فأما أبو بكر وعاصم اسمه         فشعبة راويه المبرز أفضلا

وذاك ابن عياش أبو بكر الرضا     وحفص وبالإتقان كان مفضلا

وحمزة ما أزكاه من متورع         إماما صبورا للقران مرتلا

ص -4-     

       روى خلف عنه وخلاد الذي واه سليم متقنا ومحصلا

وأما علي فالكسائي نعته       لما كان في الإحرام فيه تسربلا

روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا       وحفص هو الدوري وفي الذكر قد خلا

أبو عمرهم واليحصبي ابن عامر        صريح وباقيهم أحاط به الولا

لهم طرق يهدى بها كل طارق       ولا طارق يخشى بها متمحلا

وهن اللواتي للمواتي نصبتها       مناصب فانصب في نصابك مفضلا

وها أنا ذا أسعى لعل حروفهم       يطوع بها نظم القوافي مسهلا

جعلت أبا جاد على كل قارئ        دليلا على المنظوم أول أولا

ومن بعد ذكري الحرف أسمي رجاله       متى تنقضي آتيك بالواو فيصلا

سوى أحرف لا ريبة في اتصالها     وباللفظ أستغني عن القيد إن جلا

ورب مكان كرر الحرف قبلها      لما عارض والأمر ليس مهولا

ص -5-        

  ومنهن للكوفي ثاء مثلث     وستتهم بالخاء ليس بأغفلا

عنيت الألى أثبتهم بعد نافع       وكوف وشام ذالهم ليس مغفلا

وكوف مع المكي بالظاء معجما       وكوف وبصر غينهم ليس مهملا

وذو النقط شين للكسائي وحمزة    وقل فيهما مع شعبة صحبة تلا

صحاب هما مع حفصهم عم نافع    وشام سما في نافع وفتى العلا

ومك وحق فيه وابن العلاء قل      وقل فيهما واليحصبي نفر حلا

وحرمي المكي فيه ونافع       وحصن عن الكوفي ونافعهم علا

ومهما أتت من قبل أو بعد كلمة       فكن عند شرطي واقض بالواو فيصلا

وما كان ذا ضد فإني بضده         غني فزاحم بالذكاء لتفضلا

كمد وإثبات وفتح ومدغم        وهمز ونقل واختلاس تحصلا

وجزم وتذكير وغيب وخفة       وجمع وتنوين وتحريك اعملا

حيث جرى التحريك غير مقيد     هو الفتح والإسكان آخاه منزلا

وآخيت بين النون واليا وفتحهم        وكسر وبين النصب والخفض منزلا 

ص -6-      

      وحيث أقول الضم والرفع ساكتا    فغيرهم بالفتح والنصب أقبلا

وفي الرفع والتذكير والغيب جملة       على لفظها أطلقت من قيد العلا

وقبل وبعد الحرف آت بكل ما         رمزت به في الجمع إذ ليس مشكلا

وسوف أسمي حيث يسمح نظمه     به موضحا جيدا معما ومخولا

ومن كان ذا باب له فيه مذهب      فلا بد أن يسمى فيدرى ويعقلا

أهلت فلبتها المعاني لبابها         وصغت بها ما ساغ عذبا مسلسلا

وفي يسرها التيسير رمت اختصاره       فأجنت بعون الله منه مؤملا

وألفافها زادت بنشر فوائد         فلفت حياء وجهها أن تفضلا

وسميتها حرز الأماني تيمنا         ووجه التهاني فاهنه متقبلا

وناديت اللهم يا خير سامع      أعذني من التسميع قولا ومفعلا

إليك يدي منك الأيادي تمدها       أجرني فلا أجري بجور فأخطلا

أمينا وأمنا للأمين بسرها        وإن عثرت فهو الأمون تحملا

أقول لحر والمروءة مرؤها          لإخوته المرآت ذو النور مكحلا 

ص -7-      

      أخي أيها المجتاز نظمي ببابه    ينادى عليه كاسد السوق أجملا

وظن به خيرا وسامح نسيجه       بالاغضاء والحسنى وإن كان هلهلا

وسلم لإحدى الحسنيين إصابة        والاخرى اجتهاد رام صوبا فأمحلا

وإن كان خرق فادركه بفضلة         من الحلم وليصلحه من جاد مقولا

وقل صادقا لولا الوئام وروحه         لطاح الأنام الكل في الخلف والقلا

وعش سالما صدرا وعن غيبة فغب    تحضر حظار القدس أنقى مغسلا

وهذا زمان الصبر من لك بالتي      كقبض على جمر فتنجو من البلا

ولو أن عينا ساعدت لتوكفت        سحائبها بالدمع ديما وهطلا

ولكنها عن قسوة القلب قحطها        فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا

بنفسي من استهدى إلى الله وحده      وكان له القرآن شربا ومغسلا

وطابت عليه أرضه فتفتقت       بكل عبير حين أصبح مخضلا

فطوبى له والشوق يبعث همه     وزند الأسى يهتاج في القلب مشعلا

هو المجتبى يغدو على الناس كلهم      قريبا غريبا مستمالا مؤملا 

ص -8-       

      يعد جميع الناس مولى لأنهم    على ما قضاه الله يجرون أفعلا

يرى نفسه بالذم أولى لأنها      على المجد لم تلعق من الصبر والألا

وقد قيل كن كالكلب يقصيه أهله    وما يأتلي في نصحهم متبذلا

لعل إله العرش يا إخوتي يقي        جماعتنا كل المكاره هولا

ويجعلنا ممن يكون كتابه      شفيعا لهم إذ ما نسوه فيمحلا

وبالله حولي واعتصامي وقوتي       ومالي إلا ستره متجللا

فيا رب أنت الله حسبي وعدتي     عليك اعتمادي ضارعا متوكلا