حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما
حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما المؤلف: ابن سهل الأندلسي |
حُثَّ الكؤوسَ وَلا تُطِعْ منْ لاما
فالمزنُ قد سقتِ الرياضَ رهاما
رقَّ الغمامُ لما بها إذ أملحتْ
فغدا يُريقُ لها الدُّموعَ سِجاما
و البرقُ سيفٌ والسحابُ كتائبٌ
تبدي لوقعِ غراره إحجاما
والدَّوح مَيّادُ الغُصونِ كأنَّما
شربَ النَّباتُ من الغمام مُداما
و الزهرُ يرنو عن نواظرَ سددتْ
لَحَظَاتُهُنَّ إلى الشُّجونِ سهاما
هُنَّ الكواكبُ غيرَ أن لم تستطِعْ
شمسُ النهارِ لضوئها إبهاما
تُثْني على كَرَمِ الوليِّ بنفحة ٍ
عن مِسْكِ دارينٍ تَفُضُّ خِتاما
فكأنَّما غضَّ الحياءُ جُفُونَها
إذْ لا تقومُ بشكرها إنعاما
خِيْرِيُّهَا يُخْفي شَميمَ نسيمه
لنهارهِ ويبيحهُ الإظلاما
فكأنما ظنَّ الدجنة َ نفحة ً
فبدا يعارضُ عرفها البساما
أو كالكعابِ تبرَّجَتْ لخليلها
في الليلِ، وارتقبتْ له الإلماما
فإذا رأتْ وجهَ الصباحِ تسترتْ
خوفاً وصيَّرت الْجُفونَ كِماما
تُهْدِي الصَّبا منها أريجاً مثلما
يُهْدي المحبُّ إلى الحبيبِ سلاما
فكأنَّها نَفَسُ الحبيب تضوُّعاً
و كأنها نفسُ المحبَّ سقاما