حَيَاكِ الربيعُ من فِصاحٍ أعاجِمِ
حَيَاكِ الربيعُ من فِصاحٍ أعاجِمِ المؤلف: سبط ابن التعاويذي |
حَيَاكِ الربيعُ من فِصاحٍ أعاجِمِ
بأخضَرَ مَيّادٍ من البانِ ناعمِ
وَطِرْتُنَّ فِي خَضْرَاءَ مُونِقَة ِ الثَّرَى
قَرِيبَة ِ عَهْدٍ بِالْعِهَادِ الرَّوَازِمِ
لقدْ هاجَ لي تَغريدُكُنَّ عشيّة ً
لَواعِجَ شوقٍ من هَوى ً مُتقادِمِ
وتَذْكارَ أيامٍ قِصارٍ تَصرَّمَتْ
كما اكْتحلَتْ بالطَّيفِ أجفانُ حالمِ
نَعَمْ وَکكْتَسَى مَغْنَاكِ يَا دَارَة َ الْحِمَى
ملابِنَ من وَشيِ الرِّياضِ النَّواجِمِ
إذَا أَسْبَلَتْ فِيهَا الْغَوَادِي دُمُوعَهَا
حَكَتْ ثَغْرَ مُفْتَرٍّ عَنِ النَّوْرِ بَاسِمِ
وفي عَقِداتِ الرمْلِ ظَبيٌ كِناسُهُ
صدورُ العوالي شُرّعاً والصوارِمِ
وَأَهْيَفُ مَهْزُوزُ الْقَوَامِ إذَا کنْثَنَى
وَهَبْتُ لِعُذْرِي فِيهِ ذَنْبَ اللَّوَائِمِ
بِثَغْرٍ كَمَا يَبْدُو لَكَ الصُّبْحُ بَاسِمٍ
وفَرعٌ كما يَدجو لكَ الليلُ فاحِمِ
مَليحُ الرِّضا والسُّخطِ يَلقاكَ عاتِباً
بألفاظِ مطلومٍ وألحاظِ ظالمِ
وَفِي الْجِيرَة ِ الْغَادِينَ كُلُّ خَرِيدَة ٍ
تَنُوءُ عَلَى ضُعْفٍ بِحِمْلِ الْمَآثِمِ
إذَا جَمَشَتْ أَعْطَافَهُنَّ يَدُ الصَّبَا
تأَوَّدْنَ أَمثالَ الغصونِ النَّواعِمِ
وقابَلْنَ سُقمي بالخصورِ التي وهَتْ
مَعَاقِدُهَا وَأَدْمُعِي بِالْمَبَاسِمِ
ومما شَجاني أنّني يومَ بَينِهمْ
شَكَوْتُ الَّذِي أَلْقَى إلَى غَيْرِ رَاحِمِ
وحمَّلتُ أثقالَ الجَوى غيرَ حاملٍ
وأَودَعتُ أسرارَ الهوى غيرَ كاتِمِ
وأبرَحُ ما قاسَيتُهُ أنَّ مُسقِمي
بِمَا حَلَّ بِي مِنْ حُبِّهِ غَيْرُ حَالِمِ
وَلَوْ كُنْتُ مُذْ بَانُوا سَهِرْتُ لِسَاهِرٍ
لَهَانَ وَلكِنِّي سَهِرْتُ لِنَائِمِ
عذيري من قلب يجاذبني الهوى
إليكَ ومن لاحٍ عليكَ ولائِمِ
يُعيِّرُني مَن لم يذُقْ حرَقَ الأسى
عليكَ ولا فَيضَ الدموعِ السَّواجمِ
ولا باتَ يَرعى شارِدَ النجمِ طَرفُهُ
ولا ظَلَّ يَستَقري رسومَ المَعالِمِ
فَأَخْجِلْ بِأَجْفَانِي وَجُهْدِ مُحَمَّدٍ
إذَا مَا کسْتَهَلاَّ مُثْقَلاَتِ الْغَمَائِمِ
أبي الفرَجِ الفَرّاجِ كلَّ مُلِمّة ٍ
وَخَوَّاضِ مَوْجَ الْمَأْزِقِ الْمُتَلاَطِمِ
إلى بأسِهِ تُعزى الصوارِمُ والقَنا
وَعَنْ جُودِهِ يُرْوَى حَدِيثُ الأَكَارِمِ
لهُ وسجايا الناسِ لُؤمٌ ولكنّهُ
فَصاحة ُ قُسٍّ في سَماحة ِ حاتمِ
عجِبتُ له يَحمي الثغورَ ومالُهُ
تَنَاهَبَهُ السُّوَّالُ نَهْبَ الْغَنَائِمِ
ويَسلَمُ من رَيبِ الحوادثِ جارُهُ
وما في يديهِ بالنَّدى غيرُ سالِمِ
وَمَا زَالَ عَدْلاً فِي الْقَضِيَّة ِ مُنْصِفاً
ولكنّهُ في المالِ أجْوَرُ حاكمِ
تُضيءُ لهُ آراؤُهُ وسيوفُهُ
لدى كلِّ يومٍ مُظلِمِ الجوِّ قاتِمِ
فيَجمعُ بينَ الطَّيرِ والوحشِ في الوغى
وقد فرَقَتْ بينَ الطُّلى والجَماجِمِ
وَكَمْ غَارَة ٍ شَعْوَاءَ ضَرَّمَ نَارَهَا
بِكُلِّ أَشَمِّ الْمَنْكِبَيْنِ ضُبَارِمِ
فَوارِسُ أمثالُ الأُسودِ فوارِساً
على ضُمَّرٍ مثلِ السِّهاءِ سَواهِمِ
لَقَدْ سِيسَ مِنْهُ الْمُلْكُ وَهْوَ مُضَيَّعٌ
برأيِ بصيرٍ بالعواقبِ حازِمِ
وَأَضْحَتْ بِهِ الدُّنْيَا وَقَدْ رُدَّ أَمْرُهَا
إلى مُحصَدِ الآراءِ ثَبْتِ العزائمِ
رآهُ أميرُ المؤمنينَ لِدَائِها
وَقَدْ أَعْضَلَتْ أَدْوَاؤُهَا خَيْرَ حَاسِمِ
تَخَيَّرَهُ مِنْ نَبْعَة ٍ كِسْرَوِيَّة ٍ
أَبَى عُودُهَا أَنْ يَسْتَلِينَ لِعَاجِمِ
وَصَالَ عَلَى الأَعْدَاءِ مِنْ حَدِّ بَأْسِهِ
بِأَبْيَضَ مَضَّاءِ الْغِرَارَيْنِ صَارِمِ
وَأَلْقَى مَقَالِيدَ الأُمُورِ مُفَوِّضاً
إلَيْهِ فَلَمْ يَقْرَعْ لَهَا سِنَّ نَادِمِ
وَحَمَّلَ أَعْبَاءَ الْوِزَارَة ِ كَاهِلاً
حَمُولاً لاَِعْبَاءِ الأُمُورِ الْعَظَائِمِ
وَزِيراً يَحِنُّ الدَّسْتُ شَوْقاً وَصَبْوَة ً
إليهِ حَنينَ المُطْفِلاتِ الرَّوائمِ
رأى الناسُ بحرَ الجُودِ ملآنَ فانْثَنوا
إليهِ بآمالٍ عِطاشٍ حَوائمِ
فأضحَوْا على الإطلاقِ في أَسرِ جُودشهِ
ببِيضِ الأيادي لا بسُودِ الأَداهِمِ
أَقائدَها قُبَّ البطونِ إذا سمَتْ
إلَى طَلَبٍ طَارَتْ بِغَيْرِ قَوَادِمِ
تُدافِعُ الأبطالَ في كلِّ مأزِقٍ
تَدافُعَ سَيلِ العارضِ المُتَراكِمِ
إذا أصبحَتْ أرضَ العدوِّ لغارة ٍ
أَقَامَتْ مَعَ الإمْسَاءِ سُوقَ الْمَآتِمِ
تُدَمِّي خدودَ الغانياتِ كأنّما
رَكَضْتَ بِهِنَّ فِي وُجُوهِ اللَّوَاطِمِ
بِعَدْلِكَ أَمْسَى الدِّينُ بَعْدَ کعْوِجَاجِهِ
قَوِيماً وأضحى المُلكُ عالي الدَّعائمِ
وَمَا كُنْتَ إلاَّ الْعَارِضَ الْجَوْنَ جَلْجَلَتْ
رَواعِدُهُ حتى ارْتوى كلُّ حائِمِ
تَمَنَّى الأَعَادِي أَنْ يُصِيبَكَ كَيْدُهُمْ
وَمِنْ دُونِ مَا رَامُوهُ حَزُّ الْغَلاَصِمِ
وَدَسُّوا لَكُمْ تَحْتَ التُّرَابِ مَكَائِداً
فَلَمْ يَظْفَرُوا إلاَّ بِعَضِّ الأَبَاهِمِ
أَرَيْتَهُمُ حُمرَ المنايا سَوافِراً
تُطَالِعُهُمْ مِنْ بَيْنِ زُرْقِ اللَّهَاذِمِ
وَكُنْتَ لَهُمْ لَمَّا رَمَوكَ بِمَكْرِهِمْ
قَذًى فِي الْعُيُونِ بَلْ شَجًى فِي الْحَلاَقِمِ
حرَمْتضهُمُ طِيبَ الحياة ِ فلمْ تدَعْ
لَهُمْ عِيشَة ً فِيهَا تَلَذُّ لِطَاعِمِ
فماتوا بها موتَ الكلابِ أذِلّة ً
وَعَاشُوا بِهَا فِي الْجَهْلِ عَيْشَ الْبَهَائِمِ
فَيَا عَضُدَ الدِّينِ کسْتَمِعْهَا غَرَائِباً
مِنَ الْمَدْحِ تَسْتَغْنِي عَلَى كُلِّ نَاظِمِ
إذا سُمْتَها تَقريظَ مَدحِكَ أصبحَتْ
مَصاعبُها تَنقادُ طَوعَ الخَزائمِ
تَزُورُكَ أَيَّامَ التَّهَانِي فَتَجْلِبُ الـ
ـثَّنَاءَ إلَى أَسْوَاقِكُمْ فِي الْمَوَاسِمِ
وعِشْ في نعيمٍ لا يَحُولُ جديدُهُ
وَمَجْدٍ يَجُولُ فِي ظُهُورِ النَّعَائِمِ