الرئيسيةبحث

حنة مشتاق

حنة مشتاق

حنة مشتاق
المؤلف: إيليا أبو ماضي



ألا أيّها الباكي فديتك باكيا
 
علام و فيما تستحثّ المآقيا؟
رويدك ما أرضى لك الحزن خلّة
 
و هيهات أن أرضاك بالحزن راضيا
يعنّفني من كنت أدعوه صاحبا
 
فما انفكّ حتّى يتّ أدعوه لاحيا
دعوت لربّي أن دعاني لائم
 
و لم أعصه أن لا يجيب دعائيا
لقد أرخص العذّال عندي قولهم
 
إذا همّت العيان أرخصت غاليا
أأمنع ماء ما يروي أخا صدى
 
و قد كنت لا أحمي المناهل صاديا
عليّ و البكا و النوح ضربه لازب
 
و إنذي لأبكي أنّني لست باكيا
و كيف ارتياحي بعد هند و بيننا
 
مهامه لا تلقى بها الريح هاديا؟
يظلّ بها السرحان يعوي من الطوى
 
نهارا، و يطوي ليلة الخوف طاويا
لقد كنت أخشى أن يفرّق بيننا
 
فأصبحت أخشى اليوم أن لا تلاقيا
فيا من لقلب لا تنام همومه
 
و يا من لعين لا تنام اللّياليا
رأيت اللّيالي ما تزال تروعني
 
بأحداثها، ما للّيالي و ما ليا
و ام يبق عند الدهر خطب أخافه
 
فكيف اعتذار الدّهر إن رحت شاكيا
إذا لم تكن لي آسيا أو مؤاسيا
 
فلا تك لوّاما وذرني و ما بيا
فإنّي رأيت اللّوم يذكي صبابتي
 
كذاك عهدت الزّند بالقدح واريا
ألا حبّذا من سالف العيش ما مضى
 
و يا حبّذا لو كان يرجع ثانيا
زمان كقلب الطّفل صاف و كالمنى
 
لذيذ، و لكن كان كالحلم فانيا
أحنّ إليه في العشيّ و في الضحى
 
حنين جاءه الشّوق داعيا
و أذكره ذكرى العجوز شبابها
 
و أبكي لدى ذكراه أحمر قانيا
و لولا أمور في الفؤاد أسرّها
 
جعلت عليه الدهر وقفا لسانيا
خليليّ أعوام السرور دقائق
 
و أيّامه كادت تكون ثوانيا
و أجمل أيّام الفتى زمن الصبى
 
و خير الصّبا ما كان في الحبّ ناميا
رعى الله أيّامي التي قد أضعتها
 
فكنت كأنّي قد أضعت فؤاديا
ليالي لا هند تصدّق واشيا
 
و لا هي تخشى أن أصدّق واشيا
و يا طالما بتنا و لا ثالث لنا
 
سوى الرّاح ندنيها فتدني الأمانيا
و دار حديث الحبّ بيني و بينها
 
فطورا مناجاة و طورا تشاكيا
ألم تر أنّني قد نظمت حديثها
 
لآليء غنّاها الرواة قوافيا؟
تولّى زمان اللّهو كالطيف في الكرى
 
فلست تراني بعده الدهر لاهيا
شئمت لذاذات الحياة جميعها
 
و لو رضيت هند سئمت شبابيا
سلام على هند و إن فات مسمعي
 
سلام التي أهدي إليها سلاميا
ترى عندها أنّي على العهد ثابت
 
و إن يك هذا البين أوهى عظاميا
فوالله ما أخشى الحمام على النّوى
 
و لكنّني خلودي نائيا