حديقة الجو غضي هذه الحدقا
حديقة الجو غضي هذه الحدقا المؤلف: بديع الزمان الهمذاني |
حديقة الجو غضي هذه الحدقا
يا ويح طرفك ما أغرى به الأرقا
غوري لطيبة الأردان تمطلني
مطل الغني حياء منك أو فرقا
يا قرة العين ما هذا الشماس فقد
حسنت خلقاً فهلا مثله خلقا
تصرّم الليل إلا معلتى نفس
هلا قضيناه تقبيلاً ومعنتقا
والليل منسدل الأعراف منتظم ألا
محتمل الأعطاف ما وسقا
بحر ولكنه طاف جواهره
طام علينا ولكن نأمن الغرقا
كأنما البدر معشوق وقد نثرت
يد الثريا عليه العين والورقا
نفسي فداؤك من ليل على قمر
على قضيب على مُنثالِ حقف نقا
فرب آهة وجدلو لفحت بها
إلى المودّع قيد الرمح لاحترقا
أتبعها زفرات بعد ما ظعنوا
فهن يغمرن في أجفاني الطرقا
أللحبيبة أمشي وهي ظاعنة
أمك للشبيبة أنضو بردها خلقا
جاء الشباب بليل لم يكن ظلماً
وأطلع الشيب صبحاً لم يكن فلقا
هو الزمان أتى إلا على رمقي
وقد تطاول يبغي ذلك الرمقا
وهمة في المعالي قد سحبت لها
على المكاره من أذيالها سرقا
أمطت عنها لثام الشك معترفا
ونطتها بسواد الليل منفلقا
فمل أقل لهموم النفس قد كذبت
ولم أقل للسان الفجر قد صدقا
ولم يرُعني طرف البيد مطرّفاً
ولا ثناني طرف الليل منطبقا
وما شريت بكاس العز مصطبحاً
حتى تجشت ورد الليل مغتبقا
ولم ابت بيد الحسناء معتصما
حتى ظللت بعرف الليل معتنفا
ولا أبيت الحشايا ما حييت فقد
هجعت في صهوات الخيل مرتفقا
فليهنني المجد مرفوعاً دعائمه
فقد تصبب فيه سالفي عرقا
ولتهنني الحضرة الشماء أخدُمها
فقد سريت إليها الوخْد والعنقا
ولتهن شمس المعالي أنك کبنُ أب
ورثته خرزات الملك والخرقا
يا ملء عِطف الليالي من مِلك
وملء عين المعالي منظراً أنقا
صغ المجرة طوقاً والسها شنقاً
لما ركضت فقد أعيا وقد سبقا
واجعل له فلك الجوزاء مرتبطاً
وأجره فوق قرن المشتري طلقا
وکحلل عن الملك شداً أنت عاقده
على مطامح نفس تملأ الأفقا
بهمة تطأ الجوزاء مفتَرَعا
وعزمة تسع الدَّهناء مخترقا
ثم کبْنِ فوق الطباق الخضر من شرف
يفرخ الدهر في أظلاها طبقا
يا من روي لِيَ من أخباره سِيَراً
وناط بالشمس من آثاره أفقا
لو أنها شجر لادّاركت زهراً
واسّاقطت ثمراً واثّاقلت ورقا
فانهض إلى الملك طلاّباً إليه يداً
واتلع إلى المجد طلاعاً له عنقا
يا عائف الورد لم تعذب موارده
فإن وردت فلا طرقاً ولا نزقا
لله أنت وأمر أنت باله
وبالحرى في المنى بالله أن تثقا
لله مكنون سر أنت بالغه
يوماً أغر يناجي صبحه فلقا
ليدنِيَ اللَّه أمراً ظل مبتعداً
ويفتح الله باباً بات منغلقا
كأنني بين أيام وقد كشفت
غطاءه ولسان الدهر قد نطقا