الرئيسيةبحث

جنازتي في الغرفة الجديدة

جنازتي في الغرفة الجديدة

جنازتي في الغرفة الجديدة
المؤلف: بدر شاكر السياب


جنازتي في الغرفة الجديدة

تهتف بي أن أكتب القصيدة

فأكتب

ما في دمي و أشطب

حتى تلين الفكرة العنيدة

و غرفتي الجديدة

واسعة أوسع لي من قبري

إذا اعتراني تعب

من يقظة فالنوم منها أعذب

ينبع حتى من عيون الصّخر

حتى من المدفأة الوحيدة

تقوم في الزاوية البعيدة

    و ترفع الجنازة اليابسة المهدّمه

    من رأسها ترنو إلى الجدران

    و السقف و المرآة و القناني

    ما للزوايا مظلمة

    كأنهنّ الأرض للإنسان

    تريد أن تحطّمه

    بالمال و الخمور و الغواني

    و الكذب في القلب و في اللسان

    تريد أن تعيده

    للغابة البليدة

    وصفحة المرآة ما لها تطلّ خاوية

    ما أثمرت بغانية

    بالشفة المرجان

    تنيرها كالشفق العينان

    و بالنهود العرية

    كهذه المرآه

    ستصبح الأرض بلا حياة

    و في الليالي الداجية

    في ذلك السكون ليس فيه

    إلا الرياح العاوية

    سيفرغ الله من الأموات

    و يسحب الموت و يغفو فيه

    مثل دثار الليالي الشاتية

      و هكذا الشاعر حين يكتب القصيدة

      فلا يراها بالخلود تنبض

      سيهدم الذي بنى يقوّض

      أحجارها ثم يملّ الصمت والسكونا

      و حين تأتي فكرة جديدة

      يسحبها مثلّ دثار يحجب العيونا

      فلا ترى إن شاء أن يكونا

      فليهدم الماضي فالأشياء ليس تنهض

      إلا على رمادها المحترق

      منتثرا في الأفق

      وتولد القصيدة