جاء الشّتاء جيئة المفاجي
جاء الشّتاء جيئة المفاجي المؤلف: إيليا أبو ماضي |
جاء الشّتاء جيئة المفاجي
كأنّما قد كان في الرّتاج
فجمد السائل في الزجاج
واكتست الأرض بمثل العاج
فامتنع المرعى على النّعاج
وامتنع الحبّ على الدّجاج
وامتنع الّسير على النّواحي
ربّ جواد لاحق هملاج
معود الإلجام والإسراج
والوخد والذّميل والإهماج
أصبح مثل العرق في اختلاج
متعرجا في غير ذي انعراج
لو هاجه الرّاكب بالكرباج
لما مشى به سوى اعوجاج
لولا الجليد طار بالمهتاج
مثل البراق بفتى المعراج
وحطّه والشّمس في الأبراج
لكنّه منه على الزّجاج
وأمسك النّاس عن اللجاج
أما ترى نداءهم تناجي
كأنّما الجموع في الملاجي
على ((منى)) مواكب الحجّاج
ورغب المثري عن الدّيباج
إلى اللّباس الخشن النّساج
وكان أن جيء له يالتّاج
أعرض عنه وارم الأوداج
وانقبض النّهر عن الهياج
وكان مثل الزّاخر العجّاج
يصارع الأمواج بالأمواج
يا مسبح الإوز والدّرّاج
كيف غدوت موطىء الأحداج
ومعبر الخلق إلى الخراج
مالي والصّبح على انبلاج
أخبط كالعشواء في الدّياجي
إذا أردت السّير في منهاجي
طال عثاري فيه وانزلاجي
كأنّني أمشي على زجاج
محتذيا بالزّئبق الرّجراج
خيّل لي، لشدّة ارتجاجي
أنّ دمي يرتج في أوشاجي
أرى الدّنى ضيّقة الفجاج
ولم تضق، لكنّما احتياجي
إلى طريق واضح الشّجاج
أسلك فيه غير ما انزعاج
وحاجتي بالكوكب الوّهاج
كحاجة الأعمى الى سراج!
إنّ لجّ هذا القرّ في إحراجي
لأرفعنّ للسّما احتجاجي!