الرئيسيةبحث

تقرير لجنة ميتشل

النص الكامل لتقرير لجنة ميتشل


انهت لجنة تقصي الحقائق في الاراضي الفلسطينية المحتلة تقريراً بخلاصة عملها ، سلمت نسخة منه الي كل من الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية. وشددت اللجنة التي ضمت كلاً من سليمان ديمريل الرئيس التركي السابق وتوربيان ياغلاند وزير خارجية النروج وجورج ميتشل (رئيساً) عضو سابق ورئيس الغالبية في مجلس الشيوخ الأميركي ووارن رودمان عضو سابق في مجلس الشيوخ الأميركي وخافيير سولانا الممثل الأعلي لسياسة الأمن والتعاون في الاتحاد الأوروبي، في توصياتها علي ضرورة ان تعمل الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، عبر اجراءات اقترحتها، علي وقف العنف فوراً ومعاودة التفاوض لتأكيد التزام الاتفاقات الموقعة والتفاهمات المشتركة. وفي ما يأتي نص التقرير لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق ابريل- نيسان 30/4/2001

السيد جورج بوش المحترم

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

البيت الأبيض

واشنطن د-سي

عزيزنا السيد الرئيس:

نرفق طيه تقرير لجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق: لقد طلبنا وتلقينا المعلومات والمشورة من قطاع واسع من الأفراد، والمؤسسات، والحكومات. وعلي رغم ذلك فإن النتائج والتوصيات صادرةٌ عنّا فقط.

نقدم شكرنا للدعم الذي قدمته للجنة أنت وإدارتك

باحترام

سليمان ديميريل

توربيان ياغلاند

وارن رودمان

خافيير سولانا

جورج ميتشل (رئيس اللجنة)


خلاصة التوصيات:

علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تتصرفا بسرعة وحزم لوقف العنف. الأهداف الفورية لكليهما في ما بعد هي بناء الثقة واستئناف المفاوضات. أثناء مهمتنا، كان هدفنا هو إنجاز التفويض الذي اتفق عليه في شرم الشيخ. نثمن الدعم الذي حظي به عملنا من الأطراف المشاركة في المؤتمر، ونقدر الفرقاء علي تعاونهم. إن توصيتنا الأساسية هي التزام الفرقاء بروح شرم الشيخ، وتنفيذ القرارات التي اتخذت هناك في العامين 1999 و2000، إننا نؤمن أن المشاركين في المؤتمر سيدعمون الجهود الشجاعة للفرقاء من اجل تحقيق هذه الاهداف وعليه، فإننا نوصي باتخاذ إجراءات من أجل:

إيقاف العنف:

علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية إعادة تأكيد التزامهما بالاتفاقات القائمة وما يترتب عليها، والتنفيذ الفوري لوقف اطلاق النار غير المشروط. علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية الاستئناف الفوري للتعاون الأمني.

إعادة بناء الثقة:

علي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية أن تعملا معاً لبناء فترة تهدئة ذات معني، وتنفيذ إجراءات إضافية لبناء الثقة، تلك الإجراءات التي تم تفصيلها في تشرين الأول (أكتوبر) 2000 في مذكرة شرم الشيخ، والتي تم تقديم بعضها من قبل الولايات المتحدة في كانون الثاني (يناير) 2001 في القاهرة، لمزيد من التفصيل (راجع الجزء الخاص بالتوصيات) علي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية استئناف جهودهما لتحديد، وشجب، وعدم تشجيع التحريض بكافة أشكاله. علي السلطة الفلسطينية أن توضح للفلسطينيين والإسرائيليين علي السّواء من خلال إجراء ملموس أن الإرهاب غير مقبول، و لا يمكن الموافقة عليه، وأن السلطة الفلسطينية ستبذل جهداً بنسبة 100 في المئة للحيلولة دون القيام بعمليات إرهابية ومعاقبة مرتكبيها، هذا الجهد يتضمن خطوات فورية لاعتقال وسجن الإرهابيين الذين يعملون من مناطق ضمن سيطرة السلطة الفلسطينية. علي الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة النشاطات الإستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات القائمة. علي الحكومة الإسرائيلية ضمان ان جيش الدفاع الإسرائيلي يتبني ويعزز سياسات وإجراءات تشجع استجابات لاعنفية ضد التظاهرات غير المسلحة، وبما يقلص الاصابات والاحتكاكات بين المجتمعين (الإسرائيلي، الفلسطيني). علي السلطة الفلسطينية منع المسلحين من استخدام المناطق المأهولة بالفلسطينيين لإطلاق النار علي مناطق مأهولة بالإسرائيليين ومواقع جيش الدفاع الإسرائيلي. إن ذلك الأسلوب يعرض المدنيين في كلا الجانبين لمخاطر غير ضرورية. علي الحكومة الإسرائيلية أن ترفع الإغلاقات وأن تحول للسلطة الفلسطينية عائدات الضرائب المستحقة، وأن تسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل بالعودة الي أعمالهم، كما علي الحكومة الإسرائيلية أن تضمن عدم قيام قوات الأمن والمستوطنين بتدمير البيوت والشوارع، وكذلك الأشجار والممتلكات الزراعية في الأراضي الفلسطينية. إننا ندرك أن موقف الحكومة الإسرائيلية وإجراءاتها بهذا الشأن اتخذت لأسباب أمنية، ومع ذلك فإن التأثيرات الاقتصادية لتلك الإجراءات ستستمر لسنوات عديدة. علي السلطة الفلسطينية تجديد التعاون مع الجهات الأمنية الإسرائيلية لتضمن، والي اقصي حد ممكن، أن العمال الفلسطينيين المستخدمين في إسرائيل قد تم فحصهم بدقة وليس لهم ارتباطات مع منظمات أو أفراد متورطين في الإرهاب. علي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية النظر في المسؤولية المشتركة للمحافظة علي وحماية الأماكن المقدسة في تقاليد اليهود والمسلمين والمسيحيين. علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تصادقا علي وتدعما بشكل مشترك المنظمات الفلسطينية والإسرائيلية غير الحكومية العاملة في مجال مبادرات التقارب بين الشعبين.

استئناف المفاوضات:

بروحية اتفاقات شرم الشيخ وتفاهمات 1999 و 2000، فإننا نوصي أن يلتقي الفرقاء لتوكيد الالتزام بالاتفاقات الموقعة والتفاهمات المشتركة، واتخاذ إجراءات رديفة. يجب أن يكون هذا هو أساس مفاوضات كاملة وذات مضمون.

مقدمة: في السابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) 2000، وفي اختتام أعمال مؤتمر الشرق الأوسط للسلام في شرم الشيخ - مصر، تحدث رئيس الولايات المتحدة نيابة عن المشاركين (حكومة إسرائيل، السلطة الفلسطينية، حكومة مصر، الأردن، الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي). من بين أشياء أخري، قال الرئيس: إن الولايات المتحدة سوف تطوّر مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة، لجنة لتقصي الحقائق حول أحداث الأسابيع الماضية وكيفية منع تكرارها، إن تقرير اللجنة سيكون ملكاً لرئيس الولايات المتحدة والأمين العام للأمم المتحدة والفرقاء قبل نشره، وسيتم تقديم تقرير نهائي للنشر تحت رعاية رئيس الولايات المتحدة . وفي السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2000، وبعد التشاور مع باقي المشاركين، طلب منّا الرئيس أن نعمل في ما أصبح يعرف لاحقاً بلجنة شرم الشيخ لتقصي الحقائق، وفي رسالة موجهة إلينا يوم السادس من كانون الأول (ديسمبر) 2000، قال الرئيس: إن هدف اللقاء والاتفاق الناتج عنه هو انهاء العنف، ومنع تكراره، وإيجاد طريق العودة الي مسيرة السلام. في إجراءاتها وطريقة عملها، علي اللجنة أن تسترشد بهذه الأهداف الملزمة: علي اللجنة (وأي عضو من أعضائها) محاولة قيادة الأمور بعيداً عن أي خطوة من شأنها تكثيف اللوم المشترك أو التأشير بإصبع الاتهام بين الفرقاء، وكما أوضحت في رسالتي السابقة، لا ينبغي أن تصبح اللجنة مصدر خلاف أو نقطة تركيز للّوم أو الاتهام، بل عليها أن تخدم ككابحة للعنف والمواجهة وتقديم العبر للمستقبل. إنها لا يجوز أن تكون محكمة هدفها تحديد جُرم أو براءة أفراد أو فرقاء، عوضاً عن ذلك، عليها أن تكون لجنة تقصي حقائق هدفها تحديد ما حدث وكيفية منع تكراره في المستقبل . بعد اجتماعنا الأول، الذي عُقد قبل زيارتنا للمنطقة، طلبنا وقف كل أنواع العنف، أما اجتماعاتنا وملاحظاتنا أثناء الزيارات المتعاقبة للمنطقة فقد زادت من قناعاتنا بهذا الخصوص، وبغض النظر عن المصدر، فإن العنف لن يحل مشاكل المنطقة، إنه فقط سيزيدها سوءاً، إن الموت والدمار لن يأتيا بالسلام، بل سيعمقان الكراهية ويصلّبان العزيمة لدي الجانبين. ثمّة طريق واحد للسلام، وللعدل، والأمن في الشرق الأوسط، ألا وهو المفاوضات، فبالرغم من التاريخ الطويل والجوار ، يبدو أن بعض الإسرائيليين والفلسطينيين لا يتفهمون بشكل كامل مشاكل وهموم الطرف الآخر، يبدو واضحاً أن بعض الإسرائيليين لا يستوعبون الإذلال والإحباط الذي يتحمله الفلسطينيون بشكل يومي نتيجة اضطرارهم للعيش مع نتائج الاحتلال المدعوم بوجود قوات عسكرية إسرائيلية، ومستوطنات مغروسة في وسطهم، ولا يفهمون إصرار الفلسطينيين علي الحصول علي الاستقلال وتقرير مصير حقيقي، ويبدو واضحاً أن بعض الفلسطينيين لا يتفهمون مدي الخوف الذي يخلقونه في أوساط الشعب الإسرائيلي مما يضعف إيمانهم بإمكانية التعايش، أو إصرار الحكومة الإسرائيلية علي عمل كل ما هو ضروري لحماية شعبها. إن الخوف، والكراهية، والغضب، والإحباط قد تصعّد لدي الطرفين. إن الخطر الأعظم هو علي ثقافة السلام، التي تمت تغذيتها عبر العقد السابق، والتي تحطمت، وبدلاً منها هناك إحساس متعاظم من عدم الجدوي واليأس، ولجوء متزايد نحو العنف. إن علي القادة في كلا الطرفين التصرف، والكلام بحزم لكبح هذه التوجهات الخطرة، عليهم أن يعيدوا إضاءة الرغبة والدافعية للسلام. إن ذلك سيكون صعباً، لكنه ممكن ويجب عمله، لأن البديل غير مقبول ولا يجوز أن يكون مجال تفكير. إن شعبين لهما كبرياء يقتسمان الأرض والمصير، وقد أدت ادّعاءاتهما وخلافاتهما الدينية الي صراع مستعر أضعف الروح المعنوية وضرب الفهم بقيمة الإنسان. بإمكانهما أن يستمرا في الصراع، أو أن يتفاوضا لايجاد طريق للعيش جنباً الي جنب بسلام. ثمة سجل من الإنجازات، ففي العام 1991 عقد أول مؤتمر للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في مدريد من أجل انجاز سلام قائم علي أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338. وفي العام 1993 التقت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في اوسلو في مفاوضات وجهاً لوجه وللمرّة الأولي، وأدي ذلك الي اعتراف مشترك والي اعلان المبادئ وقّعته الأطراف في واشنطن دي سي يوم 13 أيلول/ سبتمبر، 1993 وكان ذلك بمثابة خريطة طريق للوصول الي نهاية المطاف المتفق عليه في مدريد. منذ ذلك الوقت، اتخذت خطوات ضرورية في القاهرة وواشنطن وأماكن أخري، وفي السنة الماضية اقترب الفرقاء كثيراً من انجاز حل نهائي. كل ذلك أُنجز لكن الكثير في خطر، اذا نجح الفرقاء في اكمال الرحلة الي هدفهم النهائي، فإن الالتزامات المتفق عليها يجب أن تُنفذ، وأن يتم احترام القانون الدولي، وحماية حقوق الانسان. إننا نشجعهم علي العودة الي المفاوضات، مهما كانت الصعوبات، إنها الطريق الوحيد الي السلام والعدالة والأمن .

النقاش : يفهم من أقوال المشاركين في لقاء أكتوبر (تشرين الاول) الماضي تعبيرهم عن الأمل بأن انفجار العنف، الذي كان قد مضي عليه أقل من شهر، سيزول سريعاً، إن رسائل رئيس الولايات المتحدة لنا، والتي تطلب منا وضع توصيات حول كيفية منع استئناف العنف، توضح النية بازالة العنف. مع ذلك فإن العنف لم يتوقف، وازدادت الأمور سوءاً، وعليه فإن الهمّ الأساسي بالنسبة الي الذين تحدّثنا معهم في المنطقة هو إنهاء العنف، والعودة الي عملية هيكلة السلام المنشود. هذا ما أخبرنا به، وما طُلب منّا أن نعالجه مع كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وكانت تلك أيضاً الرسالة التي فهمناها من الرئيس المصري حسني مبارك والملك عبدالله عاهل الاردن، والأمين العام الأمم للمتحدة كوفي انان. إن همّهم هو همُّنا، فلو كتب لتقريرنا أي تأثير، فإنه يجب أن يتعامل مع الوضع القائم، والذي يختلف عن الوضع الذي تصوره المشاركون في اللقاء، في هذا التقرير سنحاول الإجابة التي كلفنا بها لقاء شرم الشيخ : ماذا حدث ؟ لماذا حدث ما حدث ؟ في ضوء الوضع الحالي، علينا أن نشرح الجزء الثالث من مهمتنا : كيف يمكن منع حدوث العنف؟. إن أهمية عملنا وتأثيره ، في نهاية المطاف، سيقاسان من خلال التوصيات التي نقدمها في ما يتعلق بالأمور الآتية : - إنهاء العنف - إعادة بناء الثقة - استئناف المفاوضات

ماذا حدث ؟ نحن لسنا محكمة. لقد التزمنا ما طلب منّا أن لا نحدّد جرم أو براءة أفراد أو جهات. ولم تكن لدينا قوة إجبار أحد علي الشهادة أو تزويدنا الوثائق. وجاء معظم المعلومات التي تلقيناها من الفرقاء. ومفهوم، إنها تميل الي دعم وجهات نظرهم . في هذا الجزء من تقريرنا، لا نحاول أن نضع الأحداث منذ أواخر سبتمبر (ايلول)2000 وما تبعها بشكل متسلسل. عوضاً عن ذلك، فإننا نناقش تلك الأحداث التي تلقي الضوء علي الأسباب المؤدية للعنف. في أواخر سبتمبر 2000، تلقي الإسرائيليون والفلسطينيون، ومسؤولون آخرون تقارير مفادها أن عضو الكنيست ( الذي يشغل الآن منصب رئيس الوزراء ) أرييل شارون يخطط لزيارة الحرم الشريف،جبل الهيكل في القدس. وحثّ المسؤولون الفلسطينيون والأميركيون رئيس الوزراء آنذاك، ايهود براك، علي (منع) تلك الزيارة. قام السيد شارون بزيارته تلك يوم 28 سبتمبر يرافقه ما يزيد علي ألف من قوات الشرطة الإسرائيلية. ورغم أن الإسرائيليين صوّروا الزيارة ضمن سياق السياسة الداخلية، فقد رآها الفلسطينيون استفزازية. وفي اليوم التالي، وفي المكان نفسه، حدثت مواجهة بين عدد كبير من الفلسطينيين المتظاهرين غير المسلحين وعدد كبير من قوات الشرطة الإسرائيلية، وبحسب تقرير من الخارجية الأميركية قام الفلسطينيون بتظاهرات ضخمة وقذفوا قوات الشرطة بالحجارة في منطقة الحائط الغربي ، واستخدم الجيش الرصاص المطاطي والذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين مما أدي الي قتل أربعة أشخاص وإصابة حوالي مئتي شخص بجروح. ووفقاً لمصادر الحكومة الإسرائيلية فقد تم جرح أربعة عشر شرطياً إسرائيليا. وحدثت تظاهرات عدة خلال الأيام اللاحقة. هكذا بدأ ما عرف فيما بعد بانتفاضة الأقصي ( الأقصي هو مسجد في الحرم الشريف / جبل الهيكل ) الحكومة الإسرائيلية تؤكد أن الدافع الفوري للعنف كان انهيار محادثات كامب ديفيد يوم 25 تموز (يوليو) 2000 و التقدير المتزايد في المجتمع الدولي لمسؤولية الفلسطينيين عن الطريق المسدود ( كامب ديفيد ) . وبحسب وجهة النظر هذه، فإن العنف الفلسطيني كان مخططاً له من قيادة السلطة الفلسطينية، وكان هدفه استفزاز وإيقاع ضحايا فلسطينيين كطريقة لاستعادة المبادرة الديبلوماسية . لقد أنكرت منظمة التحرير الفلسطينية الاتهامات بأن الانتفاضة كان مخططاً لها. وهي تدعي، علي كل حال، أن كامب ديفيد لا تمثل أكثر من محاولة من قبل إسرائيل لمدّ نفوذها الذي تمارسه علي الأرض الي المفاوضات و ان فشل القمة ومحاولات إلصاق الاتهام بالجانب الفلسطيني أضاف الي الاحتقان علي الأرض . من خلال وجهة نظر منظمة التحرير ، استجابت إسرائيل لأحداث الشغب بعنف زائد واستخدام غير قانوني للأسلحة الفتاكة ضد المتظاهرين، وهو تصرّف، من جهة نظر منظمة التحرير عكس احتقار إسرائيل لحياة وأمن الفلسطينيين _ بالنسبة للفلسطينيين، فإن المشاهد التي نشرت بكثافة لمقتل ابن الثانية عشرة ( محمد الدرة ) في غزة يوم 30 سبتمبر، والذي قُتل وهو يحتمي بوالده، يعزز ذلك التصوّر. ومن منظور الحكومة الإسرائيلية، فإن التظاهرات كانت تُنظم وتوجه من القيادة الفلسطينية لخلق حال من التعاطف الدولي مع قضيتهم من خلال استفزاز قوات الأمن الإسرائيلية لإطلاق النار علي المتظاهرين، خاصة الصبية الصغار. وبالنسبة للإسرائيليين، فإن تنفيذ حكم الموت بإسرائيليين من قوات الاحتياط هما الملازم الأول فاديم نوفيتش والعريف الأول يوسف أفراهايمي، في رام الله يوم 12 أكتوبر 2000، عكس كراهية متأصلة عميقة لإسرائيل واليهود. وما بدأ كسلسلة من المواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية، والذي كانت نتيجته أن فرضت الحكومة الإسرائيلية قيوداً علي حركة الناس، والبضاعة في الضفة الغربية وقطاع غزة ( الإغلاقات ) تطوّر منذ ذلك الحين الي مجموعة من الأعمال العنفية وردود الفعل. كان هناك تبادل لإطلاق النار في مناطق مكتظة، وحالات قنص، وصدامات بين المستوطنين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكانت هناك أيضاً حوادث إرهابية وردود فعل إسرائيلية ( صنّفتها الحكومة الإسرائيلية علي أنها كبح للإرهاب ) بما في ذلك عمليات قتل وتدمير للأملاك وإجراءات اقتصادية). وأخيرا كانت هناك هجمات بقذائف المورتر علي مواقع إسرائيلية تلتها غارات لجيش الدفاع الإسرائيلي علي المناطق الفلسطينية. من وجهة النظر الفلسطينية، فإن قرار إسرائيل توصيف الأزمة الراهنة علي أنها صراع مسلّح يقترب من الحرب يعتبر ببساطة وسيلة لتبرير سياسة الاغتيال، وسياسة العقوبة الجماعية، واستخدام الأسلحة الفتاكة . ومن وجهة النظر الإسرائيلية إن القيادة الفلسطينية حرّضت ونظمت ووجهت العنف. لقد استخدمت وتستمر في استخدام الارهاب والاستنزاف كأدوات استراتيجية . وفي العروض والوثائق التي قدموها ، تبادل كل من الفرقاء الاتهامات حول الدوافع ودرجة الضبط التي يمارسها الطرف الآخر. علي أي حال لم نزوّد أدلة مقنعة بأن زيارة شارون كانت أكثر من عمل سياسي داخلي، كذلك لم نزوّد أدلة مقنعة علي أن السلطة الفلسطينية خططت للإنتفاضة. بناء عليه، لا يوجد لدينا أساس للإستنتاج أنه كانت هناك خطة متعمدة من السلطة الفلسطينية للبدء في حملة عنف واستغلال أول فرصة مواتية لذلك، أو للإستنتاج بأنه كانت هناك خطة متعمدة للحكومة الإسرائيلية للرد بأسلحة فتاكة. مهما يكن الأمر، لا توجد آدلة للإستنتاج بأن السلطة الفلسطينية قامت بجهد متواصل للسيطرة علي التظاهرات وعلي العنف لحظة حدوثه، أو أن الحكومة الإسرائيلة قامت بجهد متواصل لإستخدام وسائل غير فتّاكة للسيطرة علي التظاهرات وعلي الفلسطينيين غير المسلحين. ووسط الغضب المتزايد والخوف وعدم الثقة، افترضت كل جهة ما هو أسوأ عن الآخري وتصرفت بناء علي ذلك. إن زيارة شارون لم تكن سبب انتفاضة الأقصي ، لكن توقيتها لم يكن موفقاً. وكان بالإمكان التنبؤ بما يمكن أن تسببه من استفزاز. وحقاً، تنبأ بنتائجها أولئك الذين طلبوا منع الزيارة. والأمر الأكثر أهمية هو الأحداث التي تلت : قرار الشرطة الإسرائيلية يوم 29 سبتمبر باستخدام وسائل فتاكة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، وما ترتب علي ذلك من فشل، كما أشرنا سابقاً ، لدي الطرفين في ممارسة الضبط.

لماذا حدث ما حدث ؟ ان جذور العنف الحالي تمتد أكثر عمقاً. واي قمة أو مؤتمر لا يحل الأمور من جذورها. لقد عمل كلا الجانبين بوضوح علي خلق وهم عميق في ما يتعلق بتصرف الآخر وفشله في ارضاء التوقعات المنبثقة عن مسيرة السلام التي بدأت في مدريد سنة 1991 ثم في أوسلو سنة 1993، واتهم كل طرف الآخر بانتهاك تعهدات محددة وبالنيل من روح التزامه لحل الخلافات السياسية بطرق سلمية.

توقعات متباينة : لقد صدمتنا التوقعات المتباينة التي عبّر عنها الفرقاء في ما يتعلق بتطبيق مسيرة أوسلو. ان النتائج التي انجزت من خلال تلك المسيرة لم يكن يتخيلها أحد قبل أقل من عشر سنوات. وخلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، كان الفرقاء أكثر قربا من أي وقت مضي من حلٍ نهائي. مع ذلك، فإن كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين أبلغونا أن الأساس الذي بنيت عليه مسيرة أوسلو - الوضع الصعب للحل النهائي يؤجل الي نهاية المسيرة - قد وقع بالتدريج تحت ضغط خطير. إن مسيرة الخطوة - الخطوة التي تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف بنيت علي الإفتراض بأن كل خطوة في مسيرة التفاوض ستؤدي الي تعزيز الثقة. ومن أجل انجاز ذلك كان علي كل فريق أن يطبق الالتزامات المتفق عليها وعدم اتخاذ ما قد يراه الآخر محاولات إساءة للمسيرة من أجل التحديد المسبق لشكل الحل النهائي. وإذا لم تتم مراعاة هذا المطلب، فإن خارطة طريق أوسلو لن تؤدي بنجاح الي مآلها المتفق عليه. واليوم يلوم كل فريق الآخر لأنه يتجاهل هذه السمة الجوهرية، مما تسبب في أزمة في الثقة، وهذه المشكلة أصبحت أكثر إلحاحاً مع افتتاح محادثات الوضع النهائي. لقد أعطت الحكومة الإسرائيلية أولوية للتحرك نحو اتفاق للوضع النهائي ضمن مناخ من عدم العنف، يتمشي مع الالتزمات المدرجة في الاتفاقات بين الفرقاء، حتي لو سارت الأمور أبطأ مما تم تصوره في البداية، فقد كان هناك منذ بداية مسيرة السلام في مدريد سنة 1991، تقدّم متواصل نحو اتفاق الوضع النهائي من دون اللجوء الي العنف المتصاعد الذي وسم الأسابيع القليلة الماضية . وتري منظمة التحرير أن اعاقة العملية نجم عن محاولات إسرائيل إطالة الاحتلال وتعزيزه، واعتقد الفلسطينيون أن اتفاق أوسلو سيؤدي الي نهاية الاحتلال الإسرائيلي في غضون خمس سنوات وهي المدة الزمنية التي حدّدت كمرحلة انتقالية في وثيقة اعلان المبادئ. وبحسب وجهة النظر الفلسطينية، بدلاً من ذلك وصلت الاعاقات الإسرائيلية المتكررة الي ذروتها في قمة كامب ديفيد حيث عرض الإسرائيليون ضم ما يقارب 2،11 في المئة من أراضي الضفة الغربية ( باستثناء القدس ) كما عرض الإسرائيليون عرضاً غير مقبول بشأن القدس والأمن واللاجئين. وفي المجمل فإن العروض الإسرائيلية في كامب ديفيد تضمنت بالإضافة الي ضم أفضل المناطق الفلسطينية لإسرائيل، السيادة الدائمة لإسرائيل علي القدس الشرقية واستمرار التواجد العسكري الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية والسيطرة الإسرائيلية علي المصادر الطبيعية الفلسطينية، والأجواء والحدود الفلسطينية وأخيراً عودة أقل من 1 في المئة من اللاجئين الي موطنهم . لقد ارتأي الطرفان أن عدم التزام الإتفاقات التي تم التوصل إليها منذ بدء العملية السلمية يعود الي ضعف الايمان بها. وأدت هذه النتيجة الي انعدام الثقة تماماً حتي قبل مرحلة المفاوضات النهائية.



منظورات متباينة : لقد تحولت وجهات النظر هذه خلال الاشهر السبعة الماضية الي حقائق متباينة، اذ ينظر كل طرف الي الآخر وكأنه تصرف بسوء نيه : تحول تفاؤل أوسلو الي معاناة وأحزان علي الضحايا، وجسد كل طرف، سواء بالتصريحات أو الأفعال، منظوراً عجز عن إدراك اي حقيقة في وجهة نظر الآخر. المنظور الفلسطيني : في ما يتعلق بالفلسطينيين، بشّرت مدريد وأسلوا بإمكان قيام الدولة، وضمان نهاية الاحتلال وقرارات حول القضايا الهامة ضمن مدة زمنية محدّدة. الفلسطينيون غاضبون بصدق من النمو المستمر للمستوطنات. كذلك لدي الفلسطينيين مشاعر غاضبة تجاه تجاربهم اليومية المريرة والمذلة والناجمة عن استمرار الوجود الإسرائيلي علي الأراضي الفلسطينية. ويري الفلسطينيون أن وجود المستوطنات والمستوطنين في مناطقهم لا يشكل فقط انتهاكاً لروح عملية أوسلو بل أيضاً تطبيقاً للقوة بشكل يتناسب مع عقلية الهيمنة الإسرائيلية العسكرية والتي تبقي علي هذه المستوطنات وتحميها. ينص الاتفاق الانتقالي علي أنه يري الطرفان بأن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة مناطقية واحدة، يتم تحديد وضعها والسيادة عليها في المرحلة الانتقالية . ويترافق مع ذلك نص في الاتفاق النهائي يمنع اتخاذ أي خطوات تعمل علي تغير وضعية المفاوضات الانتقالية، اذ تمنع إسرائيل من الحق في الاستمرار بالسياسة غير المشروعة في التوسع الاستيطاني، بالاضافة الي الاتفاق المرحلي فإن القانون الدولي المعروف، بما يتضمن معاهدة جنيف الرابعة يمنع إسرائيل ( كقوة محتلة ) من انشاء مستوطنات في أراضٍ محتلة، بانتظار انهاء الصراع. وتزعم منظمة التحرير أن القادة السياسيين الإسرائيليين لم يخفوا أن التفسير الإسرائيلي لأوسلو تمت صياغته بحيث يتم فصل الفلسطينيين في مناطق غير متواصلة محاطة بحدود يسيطر عليها الإسرائيليون مع وجود مستوطنات وطرق خاصة بها، تنتهك السيادة الفلسطينية. وبحسب ما تدعيه منظمة التحرير الفلسطينية فإنه في السنوات السبع الاخيرة ومنذ إعلان المباديء تضاعف عدد المستوطنين الإسرائيليين الي ما يقارب 000 200 نسمة باستثناء القدس. أما في ما يخص القدس الشرقية فقد ارتفع عدد المستوطنيين الي 000 170 مستوطن. وقد قامت إسرائيل بانشاء 30 مستوطنة جديدة ووسعت عدداً كبيراً من المستوطنات القائمة لاستيعاب المستوطنيين الجدد. كما تدّعي منظمة التحرير ان حكومة إسرائيل فشلت في الاذعان لالتزامات اخري مثل الانسحاب اللاحق من الضفة الغربية والافراج عن المعتقلين الفلسطينيين، بالاضافة الي ذلك عبّر الفلسطينيون عن غضبهم تجاه الطريق المسدود بخصوص مسألة اللاجئين وتدهور الظروف الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة. المنظور الإسرائيلي : ان توسيع النشاط الاستيطاني واتخاذ اجراءات لتسهيل حياة المستوطنين وأمنهم لا يعتبر ماساً بمفاوضات الوضع النهائي. وتتفهم إسرائيل معارضة الجانب الفلسطيني للمستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي تعترف بان المستوطنات قضية مهمة يجب ان يتم التوصل لاتفاق بشأنها كجزء من أي حل للوضع النهائي دون تحيّز للوضع الرسمي الراهن للمستوطنات. هذه المسألة تم الاعتراف بها والاتفاق عليها في اعلان المباديء في 13 أيلول 1993 وايضاً في اتفاقات اخري بين الجانبين. في واقع الامر، جري الكثير من الحوار حول قضية المستوطنات بين الطرفين أثناء المفاوضات التي يمكن ان تؤدي الي اتفاق الوضع النهائي . حقاً، تشير إسرائيل الي انه خلال قمة كامب ديفيد وأثناء المحادثات اللاحقة لها عرضت حكومة إسرائيل تقديم تنازلات مهمة في ما يختص بالمستوطنات في ظل اتفاق شامل. إن الامن هو الهم الاول لحكومة إسرائيل. وتدعي الحكومة الإسرائيلية ان منظمة التحرير الفلسطينية أخلت بالتزاماتها التي قطعتها علي نفسها وذلك بالاستمرار في استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية. إن الامن كان وما يزال الهمّ الرئيسي في عملية السلام بالنسبة لإسرائيل، و الامن هو مسألة لن تساوم إسرائيل بشأنها او تقدم تنازلات حولها. إن فشل الجانب الفلسطيني في التزام بنص وروح البنود المتعلقة بالامن في العديد من الاتفاقيات كان ولأمد طويل مصدراً لعدم الاستقرار والانزعاج في إسرائيل . وحسب ما ترتأيه الحكومة الإسرائيلية فان الفشل الفلسطيني يتمثل بعدة وجوه : تحريض مؤسساتي ضد إسرائيل واليهود، اطلاق سراح الارهابيين من السجون، والفشل في السيطرة علي الاسلحة غير المرخصة، والقيام بعمليات عنف تراوح بين إدخال عناصر مسلحة في التظاهرات، بالإضافة الي اعتداءات ارهابية علي مدنيين إسرائيليين. وتؤكد الحكومة الإسرائيلية أن منظمة التحرير خرقت بوضوح إدانتها للارهاب وأعمال العنف الاخري وبهذا زعزعت الثقة بشكل كبير بين الفرقاء. ان الحكومة الإسرائيلية تدرك ان هناك خيطاً ضمنياً لكنه واضح يدور في الطروحات الفلسطينية، مفاده ان العنف الفلسطيني ضد إسرائيل والإسرائيليين هو أمر شرعي ومبّرر ويمكن تفسيره .

أوقفوا العنف إن ما مرّ به الإسرائيليون والفلسطينيون سوّيا خلال الشهور الماضية كان الي حد كبير تجربة شخصية لكل فرد. فمن خلال صلة القرابة والصداقة والدين والمجتمع والمهنة كان لكل شخص في كلا الجانبين صلة بشخص قتل أو أصيب اصابة خطيرة في أحداث العنف الأخيرة. ورواياتهم مؤثرة جداً: في آخر زيارة لنا للمنطقة التقينا عائلات ضحايا فلسطينين وإسرائيليين. كانت هذه الروايات الشخصية للأسي والحزن تفطر القلوب وتملؤها بحزن لا يوصف. وقد استعملت العائلات الفلسطينية والإسرائيلية الكلمات نفسها للتعبير عن أحزانها. فعندما تتحدث ارملة طبيب إسرائيلي قتل، وهو رجل سلام تضّمن عمله تقديم العلاج لمرضي فلسطينيين، فهي تقول : يبدو ان الفلسطينيين مهتمون بقتل اليهود لانهم يهود وحسب. علي الفلسطينيين ان يعيروا انتباها لذلك. ويستخلص أبوان فلسطينيان النتيجة نفسها لدي مقتل طفلهما وهو نائم في فراشه بان الإسرائيليون لا يحترمون حياة الفلسطينيين. علي الإسرائيليين ان ينصتوا لذلك. وحين نري أجساد الاطفال المتناثرة، تدرك ان آن الوقت كي يوقف الكبار العنف. وفي خضم انتشار العنف صوّر الطرفان بعضهما بعضا بالعدائية بشكل تعميمي. ولا يمكن كسر هذه الدائرة بسهولة من دون تصميم جديّ واستعداد للمصالحة، وسوتكون إعادة الثقة أمراً مستحيلاً.

وقف العنف منذ 1991 التزم الطرفان وبصورة مستمرة في كل اتفاقاتهما اللاعنف، وقد قاموا بالشيء نفسه اخيرا في قمتي شرم الشيخ، أيلول 1999 وتشرين الاول 2000. ولوقف العنف الان، فان علي السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل عدم معاودة الكرّة ثانية، بل يجب اتخاذ خطوات فورية لانهاء الصراع والتأكيد من جديد علي الالتزامات المتبادلة والبدء في المفاوضات.

استئناف التعاون الامني قال لنا المسؤولون الامنيون الفلسطينيون ان هذا الامر يتطلب بعض الوقت، ربما عدة اسابيع، كي تستعيد السلطة الفلسطينية سيطرتها الكاملة علي العناصر المسلحة التي تقع تحت إمرتها، وعليها ان تمارس تأثيراً فعالاً علي العناصر المسلحة الاخري العاملة في المناطق الفلسطينية _ ولم ينازع المسؤولون الامنيون الإسرائيليون هذه التأكيدات. المهم ان تقوم السلطة الفلسطينية بكل ما تستطيع من جهد لتطبيق وقف شامل للعنف وان يكون هذا جلياً للحكومة الإسرائيلية _ وبشكل مماثل، علي الحكومة الإسرائيلية ان تقوم هي الاخري ببذل جهد كامل (100 في المئة) لضمان عدم جعل نقاط الاحتكاك المحتملة حيث يحتك الفلسطينيون بالمسلحين الإسرائيليين مسرحاً لعداء متجدّد. ان انهيار التعاون الأمني في بداية أكتوبر (تشرين الاول) قد عكس القناعة لدي كل طرف بأن الآخر قد الزم نفسه بطريق العنف تجاه الاخر. ولو ان الفريقيين يرغبان في الوصول الي مئة في المئة من الجهود لمنع العنف، فان الاستئناف الفوري للتعاون الامني يكون إلزامياً. إننا نتفهم تردد السلطة الفلسطينية في أن تُري وكأنها تسّهل عمل قوات الأمن الإسرائيلية في غياب سياق سياسي واضح (أي مفاوضات ذات مغزي) وتحت تهديد التوسع الاستيطاني الإسرائيلي _ حقاً، التعاون الامني لا يمكن دعمه بدون مثل تلك المفاوضات علاوة علي اجراءات تُفسر علي انها سلبية علي نتيجة المفاوضات. زد علي ذلك انه من دون تعاون أمني فعّال، فإن الفريقين سيمضيان في اعتبار كل عمل من أعمال العنف قانونياً رسمياً. ولكي يتم التغلب علي الطريق المسدود الراهن، فإن علي الجانبين التفكير بالطريقة المثلي لاحياء التعاون الامني. اننا نثمن الجهود الحالية في ذلك الشأن، والتعاون الفعّال يعتمد علي خلق ودعم مناخ من الثقة وعلاقات شخصية طيبة. ان الامر متروك للفرقاء أنفسهم ليتحملوا عبء التعاون اليومي، الا ان عليهم ان يبقوا منفتحين لقبول مساعدة من آخرين لتسهيل عملهم - ومثل تلك المساعدة الخارجية يجب ان تحظي بموافقة مشتركة، وان لا تهدد الترتيبات الثنائية الجيدة، وأن لا تكون بمثابة محكمة او تدخلاً بين الطرفين. كان هناك تعاون أمني جيد حتي السنة الماضية استفاد من المساعي الحميدة للولايات المتحدة، واعترف الجانبين بأنها مثمرة، وقد تم دعمها بشكل غير مباشر بمشاريع أمنية ومساعدة من الاتحاد الأوروبي. إن دور المساعدة الخارجية يجب أن يتمثل في خلق الإطار المناسب، ودعم النوايا الحسنة لدي الجانبين، في أمن ورفاهية كلا الشعبين إذا أريد لتلك الجهود أن تحظي بموافقة الجانبين.

إعادة بناء الثقة لقد عبرت المصافحة التاريخية بين الرئيس عرفات ورئيس الوزراء اسحق رابين التي تمت في البيت الابيض في سبتمبر (ايلول) 1993، عن آمال الطرفين بأن الباب نحو حل سلمي للخلافات قد بات مفتوحاً. وعلي رغم العنف الراهن وفقدان الثقة المتبادل، عبر الجانبان مراراً عن رغبتهما في السلام - وقد تأكدت صعوبة تحويل هذه الرغبة الي تقدم حقيقي. إذ ان استعادة الثقة أمر ملح، ويتعين علي الجانبين اتخاذ خطوات ثابتة لتحقيق هذا الغرض. وفي ضوء المستوي العالي من العداء وفقدان الثقة، فإن توقيت وتعاقب هذه الخطوات يتسم بالاهمية الواضحة، وهو ما يمكن اقراره من جانب الاطراف. ونحن ندعوهم للبدء في اتخاذ القرارات اللازمة فوراً.

الارهاب : في مذكرة شرم الشيخ التي صدرت في سبتمبر 1999، تعهدت الاطراف بأن تبدأ العمل ضد أي عمل او تهديد بالارهاب او القصف او التحريض ، ومع ان المستويات الثلاثة من العدوانية تستحق الشجب، فإنه لم يكن من قبيل المصادفة ان الارهاب قد تبوأ رأس القائمة. ويشمل الارهاب القتل والجرح المتعمد لاشخاص غير محاربين يتم اختيارهم عشوائياً لأهداف سياسية، وهو يهدف الي الوصول الي نتائج سياسية من خلال بث الرعب واشاعة الفوضي في أوساط الجمهور. انه لأمر غير أخلاقي وسوف يرتد في النهاية علي أصحابه. اننا نشجبه وندعو الاطراف لتنسيق جهودها الامنية للتغلب عليه. في التقارير والمذكرات التي قدمتها الحكومة الإسرائيلية، وجهت اتهامها الي السلطة الفلسطينية بدعم الارهاب عبر اطلاق سراح ارهابيين كانوا قيد الاحتجاز، والسماح لأفراد من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بالتحريض، وفي بعض الحالات بالقيام بعمليات ارهابية، ووقف التعاون الامني مع الحكومة الإسرائيلية. ونفت السلطة الفلسطينية بشدة هذه الاتهامات، لكن الإسرائيلين يصرون علي الاعتقاد أن قيادة السلطة الفلسطينية لم تبذل أية جهود حقيقية علي امتداد الشهور السبعة الماضية للجم الارهاب الموجه ضد إسرائيل. ان مثل هذا الاعتقاد في حد ذاته يشكل عائقاً رئيسياً أمام إعادة بناء الثقة. إننا نعتقد أن علي السلطة الفلسطينية مسؤولية في المساعدة في إعادة بناء الثقة عبر الايضاح لكلا الشعبين بأن الارهاب مدان ومرفوض، وعبر اتخاذ الاجراءات كافة لمنع العمليات الارهابية ومعاقبة مرتكبيها. ويجب ان يشمل هذا الجهد خطوات فورية بمنع الارهابين من العمل داخل المناطق التي تخضع للسلطة الفلسطينية.

المستوطنات: كما ان علي الحكومة الإسرائيلية مسؤولية في إعادة بناء الثقة. اذ يكون من الصعب تكريس وقف العنف الفلسطيني - الإسرائيلي ما لم تجمد الحكومة الإسرائيلية نشاطات البناء الاستيطاني كافة. ويتعين علي الحكومة الإسرائيلية ان تفكر ملياً في انه إما ان تكون المستوطنات التي تشكل نقاط اثارة لخلافات جوهرية، موضوعاً لمقايضات ذات قيمة في المفاوضات اللاحقة، او ان تحول استفزازات محتملة دون الشروع في أية مفاوضات مثمرة. هذا الموضوع مثير للخلاف طبعاً، فسوف ينظر كثير من الإسرائيليين الي توصيتنا علي انها تعبير عن الواقع وسوف يدعمونها، وسوف يعارضها آخرون، ولكن يجب عدم السماح للنشاطات الاستيطانية بأن تحبط استعادة الهدوء والعودة الي المفاوضات. علي امتداد نصف قرن من وجودها، تلقت إسرائيل دعماً قوياً في الولايات المتحدة. وفي المحافل الدولية، كانت الولايات المتحدة أحياناً الدولة الوحيدة التي تصوت الي جانب إسرائيل. ومع ذلك، وحتي في اطار مثل هذه العلاقة القوية، فإن هناك بعض الخلافات. وفي مقدمة هذه الخلافات، تأتي معارضة دائمةمن حكومة الولايات المتحدة لسياسات وممارسات الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيطان. وكما علق وزير الخارجية الامريكية في حينه، جيمس بيكر في 22 أيار (مايو) 1991: في كل مرة من المرات الاربع التي ذهبت فيها الي إسرائيل بشأن عملية السلام، ووجهت بالاعلان عن نشاط استيطاني جديد، أنه أمر يخالف سياسة الولايات المتحدة، انه الامر الاول الذي يطرحه العرب والحكومات العربية، الامر الاول الذي يطرحه الفلسطينيون في المناطق، والذين يعيشون فعلاً أوضاعاً مزرية، الامر الاول الذي يطرحونه عندما نتحدث اليهم. انا لا أعتقد ان هناك عقبة في وجه السلام أكبر من النشاط الاستيطاني الذي يتواصل ليس فقط بكل قوة ولكن بسرعة. السياسة التي وضعت من جانب الوزير بيكر، بالنيابة عن إدارة الرئيس جورج بوش، مثلت في جوهرها سياسة كل الادارات الاميركية علي امتداد ربع القرن الماضي.

خفض التوتر: لقد أبلغنا من جانب كل من الفلسطينيين والإسرائيليين بان الانفعالات التي نجمت نتيجة العدد الكبير من الوفيات والجنازات الاخيرة قد خلقت مواجهات جديدة، وأدت بالنتيجة الي استمرار دائرة العنف. ليس بوسعنا ان نحض أياً من الطرفين علي التوقف عن تنظيم التظاهرات، ولكن علي الطرفين ان يجعلا من الواضح انه لم يتم التساهل مع المظاهرات العنيفة. ان في وسعنا بل سنعمل علي حض الاطراف علي ان تبدي احتراماً أكبر لحياة الانسان عندما يتصادم المتظاهرون مع قوات الأمن. وعلاوة علي ذلك، فإن تجديد الجهود لوقف العنف يمكن ان يمثل، ولوقت محدود، فترة تهدئة يمكن من خلالها عدم تشجيع التظاهرات الجماهيرية في/ أو بالقرب من نقاط الاحتكاك، من أجل كسر دائرة العنف. وفي حال استمرار التظاهرات، فاننا نحض علي ان يحافظ كل من المتظاهرين ورجال الامن علي المسافة التي تفصل بينهما من أجل خفض احتمالات المواجهة المميتة.

الفعل والرد: لقد شاهد اعضاء من اللجنة واقعة شملت القاء الحجارة في رام الله، من مواقع الجانبين علي الارض. كان الاشخاص المتواجهون غالباً من الشباب وقد كان غياب قيادة عالية المستوي في جانب جيش الدفاع الإسرائيلي أمراً مثيراً للاستغراب تماماً كما كان واضحاً غياب مسؤولين أمنيين او رسميين يمكن ان ينصحوا بالتعقل في الجانب الفلسطيني. وبشأن مثل هذه المواجهات، تقول الحكومة الإسرائيلية أن إسرائيل منخرطة صراع مسلح يقترب من الحرب. انه ليس شغباً او تظاهرات او تمرداً مدنياً تعبر عنه خمس عمليات اطلاق نار كبيرة الحجم. وقد نفذت الهجمات من جانب ميليشيا مسلحة ومنظمة جيداً. ومع ان جيش الدفاع الإسرائيلي يعترف بأن بينها 9000 هجوم قام بها الفلسطينيون ضد إسرائيل، فإن ما يقرب من 700 شملت استخدام اسلحة اوتوماتيكية، بنادق، مسدسات، قنابل ( و) متفجرات من أنواع اخري . وهكذا، وعلي مدي الشهور الثلاثة الاولي من الانتفاضة الحالية، فان معظم الحوادث لم يشمل استخدام الفلسطينيين للاسلحة النارية والمتفجرات. وقد أشارت منظمة بتسيلم الي انه وفقاً لمصادر جيش الدفاع الإسرائيلي، فان 73 في المئة من الحوادث (من 29 سبتمبر وحتي 2 ديسمبر) لم تتضمن استخدام الفلسطينيين للاسلحة النارية. وبرغم ذلك فإن معظم الفلسطينيين الذين قتلوا وجرحوا في هذه الاحداث، وعلي امتداد الشهور السبعة المتطرفة، فان حوالي 500 شخص منهم قتلوا وما يزيد علي 10 آلاف جرحوا، وان الغالبية الساحقة من الفئتين هم من الفلسطينيين. ان الكثير من عمليات القتل هذه كان يمكن تجنبها، وكذلك الامر بشأن القتلي الإسرائيليين. إن توصيف االصراع كما ورد آنفاً، هو عام أكثر مما ينبغي لانه لا يصف تنوع لأحداث منذ سبتمبر 2000. إضافة الي ذلك، فإنه عبر تعريف كهذا للصراع، قام جيش الدفاع الإسرائيلي بوقف العمل لسياسة اجراء التحقيق من جانب دائرة تحقيقات الشرطة العسكرية عندما يتعرض أحد الفلسطينيين للقتل علي أيدي جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في حادث لا يتعلق بالارهاب. ووفقاً للجانب الإسرائيلي فانه حيث تري إسرائيل هناك سبباً للتحقيق في حادثة معينة فانها تفعل ذلك، مع انها في ضوء ظروف الصراع المسلح لا تفعل ذلك بشكل روتيني. إننا نعتقد انه بالتخلي عن هذا التوصيف الاجمالي صراع مسلح يقترب من الحرب ، وعبر العودة الي التحقيق الالزامي من جانب الشرطة العسكرية، فان الحكومة الإسرائيلية يمكن ان تساعد في خفض العنف القاتل وفي اعادة بناء الثقة المتبادلة. وعلي رغم الخطر الذي يمثله لقد برز الخلاف بين الاطراف حول ما تسميه إسرائيل استهداف العدو الفرد المقاتل ، وتصف منظمة التحرير هذه الاعمال بأنها عمليات اعدام غير قانونية ، وتقول أن إسرائيل تمارس العمل بـ سياسة الاغتيال التي تخالف بوضوح المادة 32 من اتفاقية جنيف الرابعة. وتقول الحكومة الإسرائيلية أن اي عمل قامت به إسرائيل، فانها قامت به تماماً في حدود المباديء وذات الصلة بالاعمال العدوانية . في ما يتعلق بالتظاهرات، تقر الحكومة الإسرائيلية بأن حالات فردية من الردود المفرطة يمكن ان تكون قد حدثت. فبالنسبة الي جندي او وحدة عسكرية تحت هجوم فلسطيني، فإن المعادلة ليست الجيش الإسرائيلي ضد عدد من المحتجين الفلسطينيين، انها معادلة شخصية . إننا نتفهم هذا الامر، خصوصا ان الصخور يمكن ان تؤدي الي الاعاقة او حتي ان تقتل. انه ليس امراً سهلاً بالنسبة لعدد من الجنود الشباب، تواجههم اعداد كبيرة من المتظاهرين المعادين، ان يتمكنوا من اجراء تمييز قانوني دقيق وفوري. ومع ذلك تتعين ملاءمة هذه المعادلة الشخصية مع الاخلاقيات التنظيمية، وفي هذه الحالة القواعد الاخلاقية لجيش الدفاع الإسرائيلي، والتي تنص في جزء منها علي : إن قدسية الحياة الانسانية في نظر العاملين في جيش الدفاع الإسرائيلي يتم تجسيدها في كل الافعال التي يقومون بها، في التخطيط المدروس والشديد الدقة، في التدريب الآمني والعقلاني وفي التنفيذ الملائم لمهامهم، ولدي تقويم الخطر المحدق بالذات والآخرين، فانهم يستخدمون المعايير الملائمة، وسيظهرون عناية دائمة لعدم إيقاع الاذي بالحياة الا بالحد الذي يتطلبه إنجاز مهامهم. ان اولئك المدعوين لاحترام القواعد الاخلاقية لجيش الدفاع الإسرائيلي هم في معظمهم من المجندين، كون جيش الدفاع الإسرائيلي قوة من المجندين الالزاميين. ان المجندين وضباط الصف وصغار الضباط، وهي الفئات التي تتواجد في الغالب علي نقاط الاحتكاك، هم من الشباب، وكثيراً ما يكونوا من المراهقيين. وما لم يتواجد افراد محترفون او من قوات الاحتياط علي هذه النقاط، فان أياً من افراد جيش الدفاع الإسرائيلي المتواجدين في هذه المناطق الحساسة لا يملك الخبرة للاستفادة من المواجهات الإسرائيلية الفلسطينية السابقة. نحن نعتقد بانه من الجوهري، وخاصة في سياق استعادة الثقة، عبر تخفيض المواجهات المميتة الي الحد الادني، ان يموضع جيش الدفاع الإسرائيلي جنوداً قدماء واكثر خبرة علي هذه النقاط الحساسة. لقد كانت هناك حالات استخدم جيش الدفاع الإسرائيلي القوة المميتة، بما في ذلك الذخيرة الحية والرصاص المطاطي ذي القلب المعدني المعدل ضد متظاهرين عزل يلقون بالحجارة. إن علي جيش الدفاع الإسرائيلي تبني أنظمة السيطرة علي الحشود التي تقلل والي الحد الادني، احتمالات الموت والاصابة، وسحب الرصاص المطاطي ذي القلب المعدني المعدل من الاستخدام العام وان تستخدم بدلاً منها الرصاص المطاطي من دون قلب معدني. إننا نعبر عن قلقنا الشديد في شأن تعريض السلامة العامة للخطر بسبب تبادل إطلاق النيران بين المناطق المأهولة بالسكان ، وخصوصاً بين المستوطنين الإسرائيليين والقري الفلسطينية المجاورة. لقد وجه المسلحون الفلسطينيون نيران أسلحة خفيفة في اتجاه مستوطنات إسرائيلية وعلي مواقع للجيش الإسرائيلي من داخل أو قرب مساكن في المناطق الفلسطينية. وبهذا عرضوا مدنيين أبرياء إسرائيليين وفلسطينيين علي حد سواء للخطر. وفي كثير من الأحيان يرد جيش الدفاع الإسرائيلي علي مثل هذه النيران بأسلحة ثقيلة، نتج عنها أحياناً قتلي وجرحي من الفلسطينيين الأبرياء. لقد أخبرنا ضابط في الجيش الإسرائيلي في وزارة الدفاع في 31 آذار (مارس) 2001 أنه عندما تطلق النار من بناية فإننا نرد ، وأحياناً يكون هناك أناس أبرياء داخل البناية . من الواضح أن أناساً أبرياء يصابون ويقتلون أثناء مثل هذا التبادل لإطلاق النيران. إننا ننادي بوقف مثل هذه الاستفزازات وبأن يمارس جيش الدفاع الإسرائيلي أقصي درجات ضبط النفس في استجابته إذا حدثت. إن الاستخدامات المفرطة وغير المتناسبة للقوة كثيراً ما تقود إلي التصعيد. إننا ندرك حساسية الجيش الإسرائيلي في شأن هذه المواضيع. لقد طُلب منا أكثر من مرة وماذا في شأن القوانين الفلسطينية للقتال ؟ ماذا عن القانون الأخلاقي للفلسطينيين حول سلوك أفراد قواتهم ؟ . وهذه أسئلة مشروعة. في الجانب الفلسطيني هناك جوانب غامضة بشكل مقلق في الأسس الخاصة بالمسؤولية والمساءلة. إن انعدام السيطرة الذي تمارسه السلطة الفلسطينية علي قوات الأمن التابعة لها والعناصر المسلحة المرتبطة بقيادة السلطة الفلسطينية أمر مثير للقلق. إننا نحث السلطة الفلسطينية علي اتخاذ كل الخطوات الضرورية لتأسيس نظام تسلسل سلطة واضح وصلب للقوات العاملة تحت سيطرتها. ونوصي بأن تنشيء السلطة الفلسطينية وتفرض معايير فعالة للسلوك والمساءلة ، سواء ضمن قواتها الرسمية أو بين الشرطة والقيادة السياسية المدنية التي تقدم تقاريرها إليها.



التحريض : في التقارير والأوراق التي قدمت الي اللجنة ، عبر كل من الطرفين عن قلقه في شأن اللغة والتصورات الكريهة التي يبثها الطرف الآخر ، مع تحديد العديد من الأمثلة علي الخطاب الديني والعرقي المعادي في الإعلام الفلسطيني والإسرائيلي ، في المناهج الدراسية وفي تصريحات القيادات الدينية والسياسيين وغيرها. إننا ندعو الطرفين إلي مراجعة التزاماتهم الرسمية رعاية التفاهم المتبادل والتسامح والابتعاد عن التحريض والدعاية المعادية. اننا نستنكر لغة الكراهية والتحريض بكل أشكاله ، ونقترح علي الطرفين أن يكونا حذرين بشكل خاص في شأن استخدام الكلمات بطريقة توحي بالمسؤولية الجماعية.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية للعنف : لقد فرض المزيد من القيود من قبل إسرائيل علي حركة الناس والبضائع في الضفة الغربية وقطاع غزة. هذه الإغلاقات تتخذ ثلاثة أشكال : تلك التي تقيد الحركة بين المناطق الفلسطينية وإسرائيل ، وتلك التي تقيد الحركة داخل المناطق الفلسطينية ( بما في ذلك حظر التجول)، وتلك التي تقيد الحركة من المناطق الفلسطينية إلي البلدان الأخري. لقد تسببت هذه الإجراءات في تمزيق وبث الفوضي في حياة مئات الآلاف من الفلسطينيين ، ورفعت معدّل البطالة بين الفلسطينيين الي ما يقدر بـ 40 في المئة ، وذلك من خلال منع حوالي 41 الف فلسطيني من العمل في إسرائيل ، كما أطاحت بحوالي ثلث إجمالي الإنتاج الفلسطيني المحلي. وعلاوة علي ذلك ، فقد تم تعليق تحويل واردات الضرائب والجمارك التي تدين بها إسرائيل للسلطة الفلسطينية ، مما أدي إلي أزمة مالية جديدة لدي السلطة الفلسطينية. كان من بين الهموم الرئيسية للسلطة تدمير قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين لعشرات الآلاف من أشجار الزيتون وأشجار الفاكهة وغيرها من الممتلكات الزراعية. وقد كان للإغلاقات آثار ضارة أخري ، مثل منع المدنيين من الحصول علي العناية الطبية ومنع الطلبة من التوجه الي مدارسهم.

الأماكن المقدسة : من المؤسف ، بشكل خاص، أن الاماكن المقدسة مثل جبل الهيكل / الحرم الشريف في القدس، قبر يوسف في نابلس، وقبة راحيل في بيت لحم كانت مسرحاً للعنف والموت والاصابات. هذه أماكن للسلام، للصلاة، للتأمل، ويجب أن تكون متاحة لجميع المتدينيين. إن الاماكن التي تعتبر مقدسة من قبل المسلمين ، واليهود والمسيحين تستحق الاحترام والحماية والحفظ، والاتفاقيات التي سبق وان تم التوصل اليها بين الاطراف ( المعنية ) علي الأماكن المقدسة يجب ان يتم التزامها. علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة التنفيذية صوغ مبادرة مشتركة لنزع السمة المذهبية عن خلافهما السياسي، وذلك عبر صون مثل هذه الاماكن وحمايتها. ويجب تشجيع الجهود الامنية لتطوير الحوار بين الاديان.

القوة الدولية : لقد كان أحد أكثر المواضيع التي أثيرت خلال عملنا إشكالية موضوع نشر قوة دولية في المناطق الفلسطينية. كانت السلطة الفلسطينية تقف بقوة مع قدوم مثل هذه القوة لحماية المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم من جيش الدفاع الإسرائيلي ومن المستوطنين. وعارضت الحكومة الإسرائيلية، وبالاصرار ذاته، قوة حماية دولية، معتقدة أنها لن تستجيب هموم إسرائيل الأمنية ، وستؤثر علي المفاوضات الثنائية لحل الصراع. اننا نري أن مثل هذه القوة تحتاج ، من أجل أن تكون فاعلة ، إلي دعم الطرفين. ونشير إلي أن القوات الدولية المنتشرة في هذه المنطقة كانت ، أو ما تزال ، في وضع يمكنها من أن تحقق مهامها وتسهم إيجابياً ، فقط عندما نشرت بموافقة كل الأطراف المدنية. أثناء زيارتنا لمدينة الخليل ، تلقينا تقريراً من طاقم القوة الدولية الموقتة فيها (TLPH) ، وهي قوة وافق عليها الطرفان. مهمة هذه القوة هي مراقبة وضع متفجر وكتابة التقارير حول مشاهداتها. فإذا وافق الطرفان ، كخطوة لبناء الثقة ، علي الاستفادة من تجربة قوة الخليل لمساعدتهم علي السيطرة علي نقاط الاحتكاك الأخري ، فإننا نأمل أن يلبي المساهمون في قوة الخليل هذا الطلب.

مبادرات التقارب بين الشعبين : كثيرون وصفوا لنا الفقدان شبه التام للثقة. ولهذا فقد كان مؤثراً أن نجد مجموعات ( مثل حلقة الآباء ، ومؤسسة التعاون الاقتصادي ) معنية بالتفاهم المتبادل بين المجتمعين ، علي الرغم من كل ما جري. لقد أثنينا علي هذه المجموعات وثمنا عملها. من المؤسف أن معظم هذا النوع من العمل قد توقف أثناء الصراع الجاري. ومن أجل المساعدة في إعادة بناء الثقة ، علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن ترعيا وتدعما ، بشكل مشترك ، عمل المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية والفلسطينية المنخرطة في عملية بناء الثقة من خلال مبادرات تربط الطرفين. ومن المهم أن تدعم السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية المنظمات والمبادرات المشتركة ، بما في ذلك توفير الدعم الإنساني للقري الفلسطينية من المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية. إن توفير تصاريح التنقل للمشاركين أمر أساسي. ويجب تشجيع ومأسسة (تنظيم ) التعاون بين المنظمات الانسانية والأجهزة العسكرية - الأمنية لدي الطرفين. إن مثل هذه البرامج يمكن أن تساعد ، ولو ببطء ، في بناء قاعدة جماهيرية للسلام في صفوف الفلسطينيين والإسرائيليين ، وتوفير شبكات أمان في أوقات الإضطرابات.إن للمنظمات المنخرطة في هذا العمل دوراً حيوياً في ترجمة النوايا الطيبة إلي أفعال.

اسئناف المفاوضات : لا يرغب القادة الإسرائيليون أن ينظر إليهم باعتبارهم يكافئون العنف ، والقادة الفلسطينيون لا يرغبون في أن ينظر إليهم باعتبارهم يكافئون الاحتلال . إننا نعي القيود علي القادة في كلا الطرفين. ولكن ، إذا كان لدائرة العنف أن تكسر وللبحث عن السلام أن يستأنف ، فإن هناك حاجة لعلاقة ثنائية جديدة تتضمن التعاون الأمني والمفاوضات علي حد سواء. نحن لا نستطيع أن نقدم للأطراف المعنية وصفة بالطريقة المثلي للسعي في سبيل أهدافها السياسية. مع ذلك، فإن علاقة ثنائية جديدة ترسخ اتفاقاً علي وقف العنف تتطلب مخاطرة ذكية. ومن جانب آخر ، فإن الشراكة تتطلب ، في هذه المرحلة ، شيئاً أكثر مما اتفق عليه في إعلان المباديء والاتفاقات التي تلته. فبدل الإعلان أن عملية السلام قد أصبحت ميتة علي الطرفين أن يقررا كيف يختمان رحلتهما المشتركة علي طول خريطة الطريق التي اتفق عليها ، الرحلة التي بدأت في مدريد واستمرت - رغم المشكلات - حتي وقت قريب جداً. إن تحديد نقطة الانطلاق أمر يقرره الطرفان. لقد أعلن كلا الطرفين عن استمرارهما بالتزام اتفاقاتهما وتعهداتهما. وقد حان الوقت للبحث في المزيد من التطبيقات. علي الطرفين اعلان عزمهما علي اللقاء علي هذا الأساس ، من أجل استئناف مفاوضات شاملة وذات معني ، وبروحية تعهداتهما في شرم الشيخ في عامي 1999 و 2000. إن أياً من الطرفين لن يتمكن من تحقيق أهدافه الأساسية من طرف واحد أو من بدون مخاطرة سياسية. إننا نعرف كم هو صعب علي القادة أن يتصرفوا من دون الحصول علي شيء بالمقابل ، خصوصاً إذا كانت الخطوات يمكن أن توصف من المعارضين علي أنها تنازلات. إن علي السلطة الفلسطينية - كما فعلت في ظروف دقيقة سابقة - أن تتخذ خطوات تطمئن إسرائيل في شأن القضايا الأمنية. وعلي الحكومة الإسرائيلية - كما سبق وفعلت في السابق - أن تتخذ خطوات تطمئن السلطة الفلسطينية في شأن القضايا السياسية. وعلي الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتجنبوا، في أفعالهم وموافقهم، إعطاء الكلمة النهائية في تحديد مستقبلهم المشترك للمتطرفين ، والمجرمين العاديين ، والباحثين عن الانتقام. وهذا لن يكون أمراً سهلاً عندما تقع حوادث قاتلة (مميتة ) رغم التعاون الفعال. وبغض النظر عن الصعوبات المثبطة ، فإن أساسات الثقة التي تتطلبها إعادة بناء شراكة فعالة ، تقوم علي قيام كل طرف بتقديم تطمينات استراتيجية للطرف الآخر.

التوصيات : علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية العمل بسرعة وحزم لوقف العنف. وبعدها يجب أن تكون أهدافهما المباشرة هي إعادة بناء الثقة واستئناف المفاوضات. إن ما نطلبه ليس سهلاً ، فالفلسطينيون والإسرائيليون - ليس القيادتان فقط بل الشعبان أيضاً - فقد كل منهما الثقة بالآخر. إننا نطلب من القادة السياسيين ، ومن أجل الشعبين ، القيام بما هو صعب سياسياً : أن يقودوا من دون أن يعرفوا كم من الناس سيتعبهم. لقد كان هدفنا خلال مهمتنا هذه أن ننجز المهمة التي اتفق عليها في شرم الشيخ. إننا نثمن الدعم الذي تلقاه عملنا من المشاركين في القمة ، ونثني علي الطرفين لتعاونهما. إن توصيتنا الرئيسية هي أن يعاودوا التزام روح شرم الشيخ ، وأن يطبقا القرارات التي اتخذت هناك عامي 1999 و 2000. إنننا نؤمن بأن المشاركين في القمة سيدعمون العمل الجريء من قبل الطرفين لتحقيق هذه الأهداف.

وقف العنف : علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية التأكيد مجدداً لالتزامهما الاتفاقيات والتعهدات القائمة والتطبيق الفوري لوقف العنف من دون شروط. إن آي جهد آقل من الجهد الكامل من الطرفين لوقف العنف سيجعل الجهد ذاته غير مجدٍ . ومن المحتمل آن يفسر من الطرف الآخر علي أنه دليل علي نيات عدائية. علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية آن يستأنفا التعاون الأمني فوراً. إن التعاون الثنائي الهادف إلي منع العنف سيشجع استئناف المفاوضات. إننا قلقون بشكل خاص من آنه في غياب التنسيق الأمني الفاعل والشفاف سيستمر الإرهاب وأعمال العنف الأخري ، وستبدو هذه الأعمال وكأنها مُجازة سواء كانت كذلك أم لا. إن علي الطرفين أن يبحثا في توسيع مدي التعاون الأمني ليعكس أولويات الشعبين، وفي السعي للحصول علي قبول الشعبين لهذه الأولويات. إننا نقر بموقف السلطة الفلسطينية القائل بأن التنسيق الأمني يمثل صعوبة سياسية في غياب سياق سياسي مناسب ، أي تخفيف الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة بالترافق مع مفاوضات مستمرة ومثمرة. كما نقر بخشية السلطة الفلسطينية من أن الحكومة الإسرائيلية بعد أن تضمن التنسيق الأمني قد لا تكون مستعدة للتعامل مباشرة مع الاهتمامات السياسية الفلسطينية. إننا نؤمن بأن التعاون الأمني لا يمكن أن يستمر طويلاً إذا تم تأجيل المفاوضات الجدية بشكل غير منطقي أو معقول ، وإذا اعتبرت الإجراءات الأمنية علي الأرض باعتبارها عدائية ، أو إذا اتخذت خطوات يمكن أن تعتبر استفزازية أو يمكن أن تؤثر علي نتائج المفاوضات.

إعادة بناء الثقة :

علي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية أن تعملا معاً من أجل خلق فترة تهدئة وأن تطبقا إجراءات إضافية لبناء الثقة ، سبق أن طرح بعضها في إعلان شرم الشيخ في أكتوبر 2000 ، كما طرح بعضها الآخر من قبل الولايات المتحدة في 7 يناير (كانون الثاني) 2001 في القاهرة. علي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية استئناف جهودهما لتحديد وإدانة ووقف التحريض بكل أشكاله. علي السلطة الفلسطينية أن توضح للفلسطينيين والإسرائيليين علي السواء ، وعبر الفعل الملموس ، أنها تستنكر الإرهاب وترفضه ، وأنها ستبذل جهدها الكامل لمنع العمليات الإرهابية ومعاقبة منفذيها. هذا الجهد يجب أن يتضمن خطوات فورية لاعتقال الإرهابيين الذين يعملون داخل مناطق السلطة الفلسطينية وسجنهم. علي الحكومة الإسرائيلية تجميد جميع النشاطات الاستيطانية ، بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات القائمة.

إن شكل التعاون الأمني الذي ترغب فيه الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن يستمر طويلاً مع استمرار النشاط الاستيطاني ، الذي وصف مؤخراً من قبل الاتحاد الأوروبي بأنه يسبب قلقاً شديداً ، ومن قبل الولايات المتحدة بأنه استفزازي . علي الحكومة الإسرائيلية أن تبحث جيداً فيما إذا كانت المستوطنات التي تمثل بؤراً لاحتكاكات كبري أوراق مساومة قيمة في المفاوضات المستقبلية ، أم هي استفزاز من المحتمل أن يحول دون انطلاق محادثات مثمرة. قد ترغب الحكومة الإسرائيلية في أن توضح للسلطة الفلسطينية أن السلام في المستقبل لن يشكل تهديداً للتواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية التي ستنشأ في الضفة الغربية وقطاع غزة.

علي جيش الدفاع الإسرائيلي أن ينظر في الانسحاب إلي المواقع التي كان يتواجد فيها قبل 28 أيلول 2000، الأمر الذي سيقلص عدد نقاط الاحتكاك وإمكانيات المواجهات العنيفة. علي الحكومة الإسرائيلية أن تضمن أن يتبني جيش الدفاع الإسرائيلي وينفذ السياسات والإجراءات التي تشجع ردود الفعل غير القاتلة علي التظاهرات السلمية ، بهدف تقليص عدد الإصابات والصدامات بين الشعبين. وعلي الجيش الإسرائيلي أن :

- يعيد تشكيل مؤسسات التحقيق العسكري والبوليسي في حالات وفاة فلسطينيين نتيجة أفعال الجيش الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية في الحالات التي لا تتعلق بالإرهاب. إن علي جيش الدفاع الإسرائيلي أن يتوقف عن التشخيص العام للانتفاضة الحالية علي أنها صراع مسلح يقرب من الحرب ، هذا التشخيص الذي يفشل في التمييز بين الإرهاب والاحتجاج. - يتبني أساليب السيطرة علي الجماهير تقلص عدد القتلي والمصابين ، بما في ذلك سحب الرصاص المعدني المغلف بالمطاط من الاستعمال، ويتأكد من وجود طواقم خبيرة ومجربة تعمل في كل الأوقات في نقاط الاحتكاك المعروفة. - يتأكد من أن القيم المنصوص عليها والإجراءات المتبّعة لدي جيش الدفاع الإسرائيلي تفرض واجب الاهتمام بالفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وللإسرائيليين الذين يعيشون هناك ، تماشياً مع النظام الأخلاقي لجيش الدفاع الإسرائيلي.

علي الحكومة الإسرائيلية أن ترفع الأطواق، وأن تحول إلي السلطة الفلسطينية كل عائدات الضرائب التي تدين لها بها ، وأن تسمح للفلسطينيين الذين كانوا يعملون في إسرائيل بالعودة الي أعمالهم ، وعليها أن تضمن أن تكف قوات الأمن والمستوطنين عن تدمير البيوت والطرق، وكذلك الأشجار وغيرها من الممتلكات الزراعية في المناطق الفلسطينية. إننا نقر بموقف الحكومة الإسرائيلية بأن هذا النوع من الأعمال قد تم لأسباب أمنية، ومع ذلك ، فإن آثارها الاقتصادية ستستمر لسنوات. علي السلطة الفلسطينية أن تجدد التعاون الأمني مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حتي تضمن، لأكبر مدي ممكن، أن الفلسطينيين العاملين داخل إسرائيل قد تم فحصهم والتأكد من أنهم ليست لديهم أي صلات بمنظمات أو أفراد لهم علاقة بالإرهاب. علي السلطة الفلسطينية أن تمنع المسلحين من استخدام المناطق الفلسطينية المأهولة لإطلاق النار علي المناطق الإسرائيلية المأهولة ومواقع جيش الدفاع الإسرائيلي. إن هذا التكتيك يعرض المدنيين من الجانبين إلي مخاطر غير ضرورية. علي الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي أن يتبنيا ويضعا موضع التنفيذ السياسات والإجراءات الهادفة إلي ضمان أن تحرص ردود الفعل علي أي عملية إطلاق نار صادرة من المناطق الفلسطينية الآهلة بالسكان علي تقليص الخطر علي حياة وممتلكات المدنيين الفلسطينيين، آخذين في الاعتبار أنه ربما يكون هدف المسلحين هو استدراج رد فعل عنيف من الجيش الإسرائيلي. علي الحكومة الإسرائيلية اتخاذ كل الخطوات اللازمة لمنع أعمال العنف من قبل المستوطنين. علي الطرفين التزام بنود اتفاق واي ريفر التي تحرّم استخدام الأسلحة غير المشروعة. علي السلطة الفلسطينية اتخاذ كل الخطوات اللازمة لإنشاء تسلسل واضح وصلب للضبط في القوات المسلحة التي تعمل تحت سلطتها. علي السلطة الفلسطينية أن تؤسس وتفرض تنفيذ معايير للسلوك والمساءلة ، سواء داخل القوات الرسمية ، أو بين قوات الشرطة والقيادة السياسية التي تقدم تقاريرها إليها. علي السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية أن تبحثا في التزام مشترك المحافظة علي الأماكن المقدسة عند المسلمين واليهود والمسيحيين وحمايتها. إن مبادرة من هذا النوع يمكن أن تساهم في تحويل التوجه القائم المقلق : الاستخدام المتزايد للمواضيع الدينية لتشجيع وتبرير العنف. علي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية أن تقوما معاً برعاية ودعم عمل المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والإسرائيلية ، العاملة في المبادرات المشتركة التي تربط بين الشعبين. إن من المهم أن تتلقي هذه النشاطات بما في ذلك الدعم الانساني للقري الفلسطينية من المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية الدعم الكامل من كلا الطرفين.

اسئناف المفاوضات : اننا نكرر اعتقادنا بأن الجهد الكامل من أجل وقف العنف، والعودة الفورية الي التعاون الأمني ، وتبادل إجراءات بناء الثقة هي أمور شديدة الأهمية من أجل استئناف المفاوضات. ولكن أيا من هذه الخطوات لن يتمكن من الصمود طويلاً دون العودة إلي مفاوضات جادة. إننا لسنا مفوضين لإعطاء وصفات حول مسار أو اسس أو جدول المفاوضات. لكن ، ومن أجل توفير إطار سياسي فعال للتعاون العملي بين الطرفين ، يجب ألا نؤجل المفاوضات أكثر مما يجب ، كما يجب من وجهة نظرنا أن تعبر عن روح الحلول الوسط والمصالحة والشراكة ، بغض النظر عن أحداث الشهور السبعة الماضية.

انطلاقاً من روح اتفاقات وتفاهمات شرم الشيخ لعامي 1999 و 2000، فإننا نوصي بأن يلتقي الطرفان ليعيدا تأكيد التزامهما الاتفاقات الموقعة والتفاهمات المتبادلة ، وليتخذا الخطوات العملية الملائمة. ويجب أن يكون هذا هو الأساس لاستئناف مفاوضات شاملة وذات معني.

إن الطرفين يقفان علي مفترق طرق، إذا لم يعودا إلي طاولة المفاوضات ، فسيواجهان احتمال أن يستمرا في القتال سنوات طويلة ، بحيث يغادر الكثير من مواطنيهما إلي شواطيء بعيدة ليعيشوا حياتهم ويربوا أطفالهم. إننا نصلي من أجل أن يتخذوا الخيارات الصائبة. وهذا يعني وقف العنف الآن. إن علي الفلسطينيين والإسرائيليين أن يعيشوا ويعملوا وتزدهر حياتهم معاً. لقد شاء التاريخ لهم أن يكونوا جيراناً ، وهذا لا يمكن تغييره. وفقط عندما يوجه هذا الإدراك أفعالهم سيكونون قادرين علي تحقيق رؤية وحقيقة السلام والرفاه المشترك