بقية القصة
بقية القصة المؤلف: إبراهيم ناجي |
كلاّ ولا لغة له إلا الذي
قد جال في عينيك أو عينيّا
أنتِ التي علمتِني معنى الحياة
حبيبةً ونجيَّةً وصديقا
لا تسأليني عن غدٍ لا تسألي
فغداً أعود كما بدأتُ غريبا
بَكياكِ بالحبَب الحزين وربما
بكت الكؤوسُ على النديم السالي!
وكأن راهبة هناك سجينةٌ
مغمورة بدموعها وعذابها
حتى إذا عفتِ الصبابةُ وانقضى
ما بيننا أقبلت أسألهنَّ
يا زهرة عذراء تنشرُ عطرَها
وتذيعُ في جفن الضُّحى أحلامها
وحبيس شجوٍ في دمي أطلقته
متدفقاً ودعَوتُه أشعارا
يا حِصنيَ الغالي فقدتُكِ وانطوى
ركني وأقفر موئلي وملاذي
هل كان عهدَكِ قبل تشتيت النوى
إلا مخالسة الخيال الطارق؟
شفتاكِ في لجِّ الخواطرِ لاحَتا
كالشاطئين وراءَ لُجٍّ ثائر
نسق الخيالُ زهورَها وورودَها
فقطفتُها وشممتُ عطرَكِ فيها!
إن كان داءً فالسقامُ دواؤَه
أو كان ذنباً فالمآب قصاص!
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً
وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
يا ربِّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا
وهناك تشرقُ في الحمى والدُّورِ
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي
وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!
قد كان قلباً فاستحال على المدى
لحناً تناقله الرواةُ فسارا!
يا حِصنيَ الغالي فقدتُكِ وانطوى
ركني وأقفر موئلي وملاذي
والدهر يغريني فأُعرض لاهياً
فيظل يفتنُني بتلك وهذي
يا حِصنيَ الغالي فقدتُكِ وانطوى
ركني وأقفر موئلي وملاذي
نعطي نأخذ في الحديث ومقلتي
مسحورةٌ بجمالك الأخَّاذِ
والدهر يغريني فأُعرض لاهياً
فيظل يفتنُني بتلك وهذي
والدهر يَهزل والغرام يجدُّ بي
ما كنتِ ساخرة. ولا أنا هاذي
هل كان عهدَكِ قبل تشتيت النوى
إلا مخالسة الخيال الطارق؟
أو لمعةٌ لم تتئدْ ذهبتْ بها
دكناء مدَّتْ كفها من حالقِ
هل كان عهدَكِ قبل تشتيت النوى
إلا مخالسة الخيال الطارق؟
إشراقة وطغى عليها مَغرب
غيران يخطفها كخطف السارقِ
أو لمعةٌ لم تتئدْ ذهبتْ بها
دكناء مدَّتْ كفها من حالقِ
شفتاكِ في لجِّ الخواطرِ لاحَتا
كالشاطئين وراءَ لُجٍّ ثائر
وكأن ثغرَك والنوى تعدو بنا
شفقٌ يلوحُ على نضيد زنابقِ
إسعادُ ملهوفٍ ونجدةُ غارقٍ
وعناقُ أحبابٍ وعَودُ مسافرِ
شفتاكِ في لجِّ الخواطرِ لاحَتا
كالشاطئين وراءَ لُجٍّ ثائر
لهما إذا التقتا على أغرُودةٍ
خرساء في ظلِّ الجمالِ الساحرِ
إسعادُ ملهوفٍ ونجدةُ غارقٍ
وعناقُ أحبابٍ وعَودُ مسافرِ
وبراءةُ الملكِ المتوجِ حُسنه
بجمالِ رحمنٍ وطيبةِ غافرِ
صحب الحياة فآده استصحابُها
ركبٌ على طرقِ الحياةِ كليلُ
فتلفَّتَ الساري لعل لعينه
يبدو صباحٌ أو يلوحُ دليل
خدعت ضلالاتُ الحياةِ تبيعَها
والدربُ وعرٌ والطريقُ طويل
فتلفَّتَ الساري لعل لعينه
يبدو صباحٌ أو يلوحُ دليل
فبدا له نورٌ وأشرق منزلٌ
أَلِقٌ ورفت جنةٌ وخميل
يحمي مغارسَها ويرعى نبتها
راعٍ يجنِّبُها البلى ويقيها
لكِ في خيالي روضةٌ فينانةٌ
غنّى على أغصانِها شاديها
يحمي مغارسَها ويرعى نبتها
راعٍ يجنِّبُها البلى ويقيها
نسق الخيالُ زهورَها وورودَها
فقطفتُها وشممتُ عطرَكِ فيها!
فإذا النوى طالت عليَّ وشفَّني
جرحي وعاد لمهجتي يدميها
نسق الخيالُ زهورَها وورودَها
فقطفتُها وشممتُ عطرَكِ فيها!
فيكون فيه القيد وهو تحرّرَ
- ويكون فيه الموت وهو خلاصُ
بعض الهوى فيه الدمارُ وإنما
بعض النفوس على الدمار حراصُ
إن كان داءً فالسقامُ دواؤَه
أو كان ذنباً فالمآب قصاص!
فيكون فيه القيد وهو تحرّرَ
- ويكون فيه الموت وهو خلاصُ
آمنت بالحب القوي وحتمه
ما من هوايَ ولا هواكِ مناص
فسخرْتُ من صرخاتِهم وبكائهم
لا دمع إلا الدمع في أحداقي
إن كان داءً فالسقامُ دواؤَه
أو كان ذنباً فالمآب قصاص!
أصبحتُ والدنيا وداع أحبَّةٍ
ودموع خلاّن وحزن رفاقِ
متدفقاً مثل العُباب ومزبداً
متفجراً كالسيل في أعماقي!
فسخرْتُ من صرخاتِهم وبكائهم
لا دمع إلا الدمع في أحداقي
لا صوت إلا صوت حبك في دمي
أُصغي له وأراه في أطواقي
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً
وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
متدفقاً مثل العُباب ومزبداً
متفجراً كالسيل في أعماقي!
ساهراتُ أحلامَ الظلامِ وكلها
أشاح هجر أو طيوف وادعِ
أبصرتُ في المرآة آخرَ قصتي
ونَعى بها نفسي إليَّ الناعي!
مرّت مواكبُه عليَّ بطيئةً
وإلى الفناء مشينَ جِدَّ سِراعِ
حتى إذا سَفكَ الصباحُ دماءَهُ
وهوى قتيلُ الليلِ بعد صِراعِ
يا ربِّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا
وهناك تشرقُ في الحمى والدُّورِ
أبصرتُ في المرآة آخرَ قصتي
ونَعى بها نفسي إليَّ الناعي!
وأُحِسُّ في نفسي نقاءَ سمائِها
أَصفى برونقِها من البَلُّورِ
يا ربِّ أرسلتَ الأشعَّةَ ها هنا
وهناك تشرقُ في الحمى والدُّورِ
ومن الشموس دفينةٌ في خاطري
مخبوءةُ الأضواء طيَّ شعوري
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي
وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي
وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!
وأُحِسُّ في نفسي نقاءَ سمائِها
أَصفى برونقِها من البَلُّورِ
يا ربِّ أودعتَ الضحى في مهجتي
وأنا الذي أشقى بهذا النورِ!