الرئيسيةبحث

بحر الدموع/ الفصل الثاني عشر


الفصل الثاني عشر

يا من عمي عن طريق القوم، عليك باصلاح نور البصر. القلب المظلم يمشي في شوك الشك وما عنه خبر. وقت التائب كله عمل: نهاره صوم، وليله سهر، ووقت البطال كله غفلة، وبصيرته عميت عن النظر. من ذاق حلاوة الزهد، استحلى التهجد والسهر، ان تدرك المتجهدين في أول الليل، ففي أعقاب السحر. تيقّظ من نوم الغفلة، فهذا فجر المشيب انفجر، وأذلة التخلف اذا تخلف عن الباب وما حضر!.

قال رسول الله ﷺ:" لا يكونن أحدكم كالعبد السوء، ان خاف عمل، وان لم يخف فلا عمل، أو كالأجير السوء، ان لم يعط أجرا وافرا لم يعمل".

أوحى الله الى داود عليه السلام: يا داود، العاشقون يعيشون في حلم الله، والذاكرون يعيشون في رحمة الله، والعارفون يعيشون في لطف الله، والصّدّيقون يعيشون في بساط الأنس بالله يطعمهم ويسقسهم.

قال أبو بكر الرازي: قا ابن عطاء: لما أكل آدم من الشجرة، طرده كل شيء ونفاه عن نفسه، وأبعده عن نفسه، وأبعده عن قربه، الا شجرة العود، فانها آوته. وبكى عليه كل شيء الا الذهب والفضة.

فأوحى الله اليهما: ما لكما لا تبكيان على محب طرده محبوبه؟ فقالا: الهنا، وما كنا لنبكي على محب عصى محبوبه. فقال: وعزتي وجلالي، لأعزنّكما ولأجعلنّكما قيمة كل شيء، ولأجعلنّ لأولاد آدم خدّاما لكما. وأوحى الله الى العود: ومالك أويت طريد مولاه؟فقال: رحمة مني على ذلك.

فقال: وعزتي وجلالي، لأعذبنك بالنار في الدنيا، ولا ينتفع بك الا بعد احراقك، لأنك آويت من عصى في جوار مولاه بمرأى منه واطلاع عليه. وأنشدوا:

لقد ورد التقاة فما وردنا فهمنا والهين وما فهمنا أحبّتنا بطيب الوصل جودوا فغير الجود منكم ما عرفنا فان جدتم فعفوكم رجونا وبابكم الكريم به وقفنا تذللنا بباكم عساكم بلطف جنابكم فارضوا علينا وحقّكم لقد جئنا حماكم وآوينا لكم لكن طردنا وحالت بيننا حجب المعاصي ولولا الذنب عنكم ما حجبنا وما كان النوى والبعد منكم ولكن أصله مما افترقنا فتحتم باب جودكم امتنانا علينا بعد جرم كان منا فلم نصلح لقربكم ولكن أسأنا ثم تبنا ثم عدنا وعاملناكم بالعدل دهرا وعاهدناكم زمنا فخنّا ولم ينقض لكم عهد ولكن علينا قد نقضنا ما نقضنا طردنا بالجرائم عن رضاكم ولو كنا له أهلا قبلنا وأقررنا بزلتنا لديكم فجودوا بالرضا انّ اعترفنا ومن يرجو العبيد يوى الموالي فأنتم راحمونا كيف منا وهل في غيركم عنكم بديل وهل لولاكم للحق معنى فما أشهى وصالكم وأحلى وما أعلى مقامكم وأسنى فعزتنا تذللنا اليكم وأشرف حالنا لكم ان خضعنا بجاه محمد خير البرايا تشفعنا لكم وبه اعتصمنا عليه تحيّة ما لاح برق وتاق لحبّه قلب المعنّى