الرئيسيةبحث

بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ

بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ

بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ
المؤلف: محمود سامي البارودي



بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ
 
وَ غزلانُ " نجدٍ " ما لهنَّ حميمُ؟
يَقُدْنَ زِمَامَ النَّفْسِ وَهْيَ أَبيَّة ُ
 
وَ يخدعنَ لبَّ المرءِ وَ هوَ حكيمُ
فإِيَّاكَ أَنْ تَغْشَى الدِّيارَ مُخَاطِراً
 
فدونَ حماها للأسودِ نئيمُ
فوارسُ لاَ يعصونَ أمرَ حمية ٍ
 
وَ لاَ يرهبونَ الخطبَ وَ هوَ عظيمُ
يَصُونُونَ فِي حُجْبِ الأَكِلَّة ِ ظَبْيَة ً
 
لها نسب بينَ الحسانِ صميمُ
منَ الهيفِ، أما نعتُ ما في إزارها
 
فرابٍ، وأما خصرها فهضيمُ
أَناة ٌ بَرَاهَا اللهُ فِي الْحُسْنِ آية ً
 
يدينُ إليها جاهلٌ وَ حليمُ
يميلُ بها سكرُ الشبابِ إذا مشتْ
 
كمَا مَالَ بِالْغُصْنِ الرَّوِيِّ نَسِيمُ
لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي، أَدُمْيَة ُ بِيعَة ٍ
 
تَرَدَّدُ فِيهَا الْحُسْنُ، أَمْ هِيَ رِيمُ؟
يلومونني أنْ همتُ وجداً بحسنها
 
وَأَيُّ امْرِىء ٍ بِالْحُسْنِ لَيْسَ يَهِيمُ؟
وَهَلْ يَغْلِبُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ غَالِبٌ
 
وَيُخْفِي شَكَاة َ الْقَلْبِ وَهُوَ كَلِيمُ؟
فإنْ أكُ محسوراً بها، فلربما
 
مَلَكْتُ عِنَانَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَظِيمُ
وَ كابدتُ فيها ما لوِ انقضَّ بعضهُ
 
على جبلٍ لانهالَ منهُ قويمُ
فيا ربة َ البيتِ المنيعِ جوارهُ
 
أَمَا مِنْ مُسامٍ عِنْدَكُمْ فَأُسِيمُ؟
بَخِلْتِ عَلَيْنَا بِالسَّلاَمِ ضَنَانَة ً
 
وجدكِ مطروقُ الفناءِ كريمُ
فَكَيْفَ تَلُومِينِي عَلَى مَا أَصَابَنِي
 
مِنَ الْحُبِّ يا «لَيْلَى » وَأَنْتِ غَرِيمُ؟
وَ قدْ عشتُ دهراً لا أدينُ لظالمٍ
 
وَلَمْ يَحْتَكِمْ يَوْماً عَلَيَّ زَعِيمُ
فأنتِ التي مرهتِ عينيَ بالبكا
 
وَأَسْقَمْتِ هَذَا الْقَلْبَ وَهْوَ سَلِيمُ
تَنَامِينَ عَنْ لَيْلِي، وَعَيْنِي قَرِيحَة ٌ
 
و تشجينَ قلبي، وَ هوَ فيكِ مليمُ
منحتكِ نفسي، وَ هيَ نفسٌ عزيزة ٌ
 
عَلَيَّ، وَمَا لِي مِنْ هَوَاكِ قَسِيمُ
فإنْ يكُ جسمي عنْ فنائكِ راحلٌ
 
فَإِنَّ هَوَى قَلْبِي عَلَيْكِ مُقِيمُ
شَكوْتُ إِلَى مَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ بَاكِياً
 
وَمَا كُلُّ مَنْ يُشْكَى إِلَيْهِ رَحِيمُ
فحتامَ ألقى في الهوى ما يسوءني
 
وَ أحملُ عبءَ الصبرِ وَ هوَ عظيمُ
وَ إني لحرٌّ بينَ قومي، وَ إنما
 
تعبدني حلوُ الدلالِ رخيمُ
وَإِنِّي وإِنْ كُنْتُ الْمُسَالِمَ فِي الْهَوَى
 
لَذُو تُدْرَإٍ فِي النَّائِبَاتِ خَصِيمُ
أفلُّ شباة َ الخصمِ وَ هوَ منازلٌ
 
وَ أرهبُ كرَّ الطرفِ وَ هوَ سقيمُ
ألاَ، قاتلَ اللهُ الهوى، ما ألذهُ!
 
عَلَى أَنَّهُ مُرُّ الْمَذَاقِ أَلِيمُ
طويتُ لهُ نفسي على ما يسوءها
 
وَأَصْبَحْتُ لا يَلْوِي عَلَيَّ حَمِيمْ
فَمَنْ لِي بِقَلْبٍ غَيْرِ هَذَا؟ فَإِنَّنِي
 
بِهِ عِنْدَ رَوْعَاتِ الْفِرَاقِ عَلِيمُ
كَأَنِّي أُدَارِي مِنْهُ بَيْنَ جَوَانِحِي
 
لَظًى، حَرُّهَا يَكْوِي الْحَشَا، وَيَضِيمُ
بَلَوْتُ لَهُ طَعْمَيْنِ: أَمَّا مَذَاقُهُ
 
فعذبٌ، وأما سؤرهُ فوخيمُ
وَ جربتُ إخوانَ الصفاءِ، فلمْ أجدْ
 
صَدِيقاً لَهُ فِي الطَّيِّبَاتِ قَسِيمُ
لَهُمْ نَزَوَاتٌ بَيْنَهُنَّ تَفَاوُتٌ
 
وَعَنٌّ ـ عَلَى طُولِ اللِّقَاءِ ـ ذَمِيمُ
بِمَنْ يَثِقُ الإِنْسَانُ وَالْغَدْرُ شِيمَة ٌ
 
لِكُلِّ ابْنِ أُنْثَى، وَالْوَفَاءُ عَقِيمُ؟
فَلاَ تَعْتَمِدْ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ فِي الَّذِي
 
تودُّ منَ الحاجاتِ؛ فهوَ رحيمُ
وَ لاَ تبتئس منْ محنة ٍ ساقها القضا
 
إِلَيْكَ، فَكَمْ بُؤْسٍ تَلاَهُ نَعِيمُ
فقدْ تورقُ الأشجارُ بعدَ ذبولها
 
وَيَخْضَرُّ سَاقُ النَّبْتِ وَهْوَ هَشِيمُ
إذا ما أرادَ اللهُ إتمامَ حاجة ِ
 
أَتَتْكَ عَلَى وَشْكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ