► | نسخة مشكولة | ☰ |
☰ جدول المحتويات
- ذكر النهي عن سب الصحابة رضي الله عنهم وما في معناه
- ما ذكر عن علي عليه السلام في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
- ذكر قول الله عز وجل: {ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا}
- قول الحسن بن محمد بن الحنفية
- قول زيد بن علي بن الحسين
- ما ذكر من قول أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم
- قول الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رحمه الله
- قول عبد الله بن الحسن بن علي رحمة الله عليه
- قول التيار ملك المياه
- ذكر دعاء سعد بن أبي وقاص على من شتم عليا وطلحة والزبير رضي الله عنهم
- قول عمار بن ياسر فيمن نال من عائشة رضي الله عنها
- ومن أقوال الأئمة رحمهم الله فيمن يسب أصحاب رسول الله ﷺ
- ذكر بعض ما بلي به من كان يشتم الصحابة رضي الله عنهم
ذكر النهي عن سب الصحابة رضي الله عنهم وما في معناه
1- قرئ على الشيخ أبي محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الدار قزي رحمه الله ونحن نسمع بدار القز بالجانب الغربي من بغداد أخبركم الإمام القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به قال أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى المقرئ الباقلاني قال ثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق إملاء ثنا عمر بن إسماعيل بن سلمة الثقفي وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز قالا ثنا علي بن الجعد قال ثنا شعبة وأبو معاوية عن الأعمش عن ذكوان عن أبي سعيد الخدري
عن النبي ﷺ قال: «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه».
صحيح متفق على صحته وثبوته من حديث أبي صالح ذكوان عن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخدري وثابت من رواية سليمان بن مهران الأعمش عنه. اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في صحيحيهما فرواه البخاري عن آدم بن أبي إياس العسقلاني عن شعبة فهو من الأبدال العوالي. ورواه مسلم عن عبيد الله بن معاذ العنبري عن أبيه عن شعبة وقد أخرجه مسلم أيضا من رواية وكيع وجرير عن الأعمش وعن يحيى بن يحيى وأبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب كلهم عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
2- أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني أن أبا علي الحداد أخبرهم وهو حاضر أنبأنا أبو نعيم الحافظ أنبأنا أبو القاسم الطبراني أنبأنا أحمد بن علي الأبار ثنا مخلد بن مالك ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ: «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه».
3- أخبرنا أبو طاهر المبارك بن أبي المعالي الحريمي ببغداد أن هبة الله بن محمد أخبرهم أنبأ أبو علي الحسن بن علي أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سعد بن إبراهيم بن سعد ثنا عبيدة بن أبي رايطة الحذاء التميمي قال حدثني عبد الرحمن بن زياد أو عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله بن مغفل المزني قال:
قال رسول الله ﷺ: الله الله في أصحابي الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه.
هكذا رواه الإمام أحمد رضي الله عنه في مسنده. وقد رواه بعض المحدثين عن إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رايطة عن عبد الله بن عبد الرحمن بغير شك والله أعلم.
4- أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري قراءة عليها بالقاهرة قيل لها أخبركم أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قراءة عليه أنبأنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري أنبأ أبو حفص عمر بن شاهين ثنا عبد الله بن محمد البغوي ثنا إسماعيل بن عيسى العطار ثنا إبراهيم بن سعد عن عبيدة بن أبي رايطة عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مغفل قال:
قال رسول الله ﷺ: الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا من بعدي ثلاثا من أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن يأخذه.
وقد رواه البغوي عن محمد بن جعفر الوركاني وأحمد بن إبراهيم الموصلي كذلك.
5- أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني بأصبهان أن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية أخبرتهم قالت أنبأ محمد بن عبد الله بن ريذة أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني ثنا خلف بن عمرو العكبري قال ثنا الحميدي ثنا محمد بن طلحة التيمي حدثني عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده
أن رسول الله ﷺ قال: إن الله تعالى اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل.
6- أخبرنا الإمام العالم أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي قراءة عليه أن أحمد بن علي بن الناعم أخبرهم أنبأ المبارك بن الحسين الغسال المقرئ أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلال ثنا أبو حفص عمر بن محمد بن علي الزيات ثنا الحسن بن الطيب البلخي ثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ثنا أبو الربيع السمان واسمه أشعث عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال:
قال رسول الله ﷺ: إن الناس يكثرون وأصحابي يقلون فلا تسبوهم فمن سبهم فعليه لعنة الله.
7- أخبرنا أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الشروطي أنبأنا طاهر بن سهل بن بشر بن أحمد أنبأنا الحسين بن محمد أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله هلال الحنائي ثنا أبو يوسف الجصاص ثنا عبد الله بن أيوب ثنا عبد الله بن سيف عن مالك بن مغول عن عطاء عن ابن عمر قال:
قال رسول الله ﷺ: لعن الله من سب أصحابي.
8- أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر المؤدب أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري أخبرهم أنبأنا الحسن بن محمد الجوهري ثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز ثنا أبو عبيد بن حربويه ثنا أبو السكين الطائي قال حدثني سليمان بن داود الهاشمي قال حدثني خالد بن عمرو بن محمد بن محمد الأموي -وهو ابن عم عبد العزيز بن أبان- عن سهل بن يوسف بن سهل بن مالك الأنصاري عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال:
لما قدم رسول الله ﷺ من حجة الوداع صعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس إن أبا بكر لم يسؤني قط فاعرفوا ذلك له يا أيها الناس إني راض عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن مالك وعبد الرحمن بن عوف والمهاجرين الأولين فاعرفوا ذلك لهم يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد غفر لأهل بدر والحديبية يا أيها الناس احفظوني في أختاني وأصهاري وفي أصحابي لا يطالبنكم الله بمظلمة أحد منهم فإنها ليست تذهب يا أيها الناس ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين وإذا مات الرجل فلا تقولوا إلا خيرا. ثم نزل ﷺ.
9- أخبرنا الإمام العالم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي رحمة الله عليه أن أبا بكر أحمد بن المقرب بن الحسين الكرخي أخبرهم ببغداد قال قرئ على الشريف النقيب أبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي أنبأ أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون النرسي البزاز ثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز قال ثنا ابن أبي العوام محمد بن أحمد قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يسأل أبا النضر هاشم بن القاسم عن هذا الحديث فسمعت هاشم بن القاسم يقول حدثنا عبد العزيز بن النعمان القرشي أنبأنا يزيد بن حيان عن عطاء عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله ﷺ: لا يجتمع حب هؤلاء الأربعة إلا في قلب مؤمن، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. رضي الله عنهم.
ما ذكر عن علي عليه السلام في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما
10- قرئ على الشيخ الإمام أبي الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي ونحن نسمع سنة سبع وسبعين بدمشق أخبركم الشيخ أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان بقراءتك عليه أنبأنا الشيخ الفقيه الإمام أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي من لفظه بدمشق أنبأنا أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان البغدادي أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد الوراق المعروف بابن العسكري ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي في سنة إحدى وثلاثمائة ثنا علي بن عيسى الكراجكي ثنا حجين بن المثنى ثنا كثير بن مروان عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن سويد بن غفلة قال:
مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين مررت بنفر من أصحابك آنفا يتناولون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له من هذه الأمة أهل فلولا أنك تضمر على مثل ما أعلنوا عليه ما تجرءوا على ذلك، فقال علي: ما أضمر لهما إلا الذي أتمنى المضي عليه، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل. ثم نهض دامع العين يبكي قابضا على يدي حتى دخل المسجد فصعد المنبر وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها وهي بيضاء حتى اجتمع له الناس ثم قام فخطب خطبة موجزة بليغة ثم قال: ما بال قوم يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين أنا مما قالوا برئ وعلى ما قالوا معاقب، ألا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي ولا يبغضهما إلا فاجر ردي، صحبا رسول الله ﷺ على الصدق والوفاء يأمران وينهيان وما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله، ولا كان رسول الله ﷺ يرى بمثل رأيهما ولا يحب كحبهما أحدا، مضى رسول الله ﷺ وهو عنهما راض ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمر رسول الله ﷺ أبا بكر بصلاة المؤمنين فصلى بهما سبعة أيام في حياة رسول الله ﷺ، فلما قبض الله تعالى نبيه ﷺ واختار له ما عنده ولاه المؤمنون أمرهم وقضوا إليه الزكاة لأنهما مقرونتان ثم أعطوه البيعة طائعين غير كارهين، أنا أول من سن ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره يود أن أحدنا كفاه ذلك، وكان والله خير من اتقى أرحمه رحمة وأرأفه رأفة وأثبته ورعا وأقدمه سنا وإسلاما، شبهه رسول الله ﷺ بميكائيل رأفة ورحمة وبإبراهيم عفوا ووقارا، فسار فينا سيرة رسول الله ﷺ حتى مضى على ذلك. ثم ولي عمر الأمر من بعده فمنهم من رضي ومنهم من كره، فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، فأقام الأمر على منهاج النبي ﷺ وصاحبه يتبع آثارهما كتباع الفصيل أمه، وكان والله رفيقا رحيما للمظلومين عونا وراحما وناصرا لا يخاف في الله لومة لائم، ضرب الله بالحق على لسانه وجعل الصدق من شأنه حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه، أعز الله بإسلامه الإسلام وجعل هجرته للدين قواما، ألقى الله تعالى له في قلوب المنافقين الرهبة وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله ﷺ بجبريل فظا غليظا على الأعداء وبنوح حنقا مغتاظا الضراء على طاعة الله آثر عنده من السراء على معصية الله. فمن لكم بمثلهما رحمة الله عليهما ورزقنا المضي على سبيلهما فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع آثارهما والحب لهما، ألا فمن أحبني فليحبهما ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة، ولكن لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم، فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت سميت الثالث. وأستغفر الله لي ولكم.
وقد رواه عبد الحميد الحماني عن الحسن بن عمارة بنحوه.
11- أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري الكاتبة كتابة أن طراد بن محمد الزينبي أخبرهم أنبأنا علي بن عبد الله الهاشمي ثنا أبو جعفر بن البختري إملاء ثنا أحمد بن الوليد الفحام ثنا شاذان أنبأنا أبو معاوية عن أبي بكر الهذلي عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال:
بلغ عليا أن رجلا سب أبا بكر وعمر قال فبعث إليه فأتاه قال فجعل يعرض له بعيبهما ففطن فقال: أما والذي بعث محمد بالحق لو سمعت منك ما بلغني أو ثبتت عليك بينة لألقيت أكثرك شعرا.
ذكر قول الله عز وجل: {ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا}
12- أخبرنا أبو القاسم بن أحمد بن أبي القاسم بن محمد الخباز بأصبهان أن أبا الخير محمد بن رجاء بن إبراهيم بن عمر بن الحسن بن يونس أخبرهم أنبأنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن بن محمد أنبأنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه ثنا محمد بن معمر ثنا إبراهيم بن درستويه الفارسي ثنا أبو كريب ثنا المحاربي ثنا ليث بن أبي سليم قال:
بلغ ابن عمر أن رجلا نال من عثمان قال فدعاه عبد الله بن عمر فأقعده بين يديه فقرأ عليه: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم} إلى آخر الآية قال: من هؤلاء أنت؟ قال: لا، ثم قرأ عليه: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم} إلى آخر الآية ثم قال له: أمن هؤلاء أنت؟ قال: لا، ثم قرأ: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} ثم قال: أمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو أن أكون منهم. قال عبد الله: لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم.
13- أخبرنا أبو الحسين أحمد بن حمزة السلمي أن أبا علي الحسن بن أحمد الحداد أخبرهم إجازة أخبرنا أحمد بن عبد الله ثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ثنا محمد بن إسحاق السراج ثنا أبو مصعب ثنا إبراهيم بن قدامة وهو ابن محمد بن حاطب عن أبيه عن علي بن الحسين قال:
أتاني نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلما فرغوا قال لهم علي بن الحسين: ألا تخبروني أنتم المهاجرون الأولون {الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون}؟ قالوا: لا، قال: فأنتم {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين، ثم قال: أشهد أنكم لستم من الذين قال فيهم الله عز وجل: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} اخرجوا فعل الله بكم.
قول الحسن بن محمد بن الحنفية
14- أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي أن القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي أخبرهم أنبأنا أبو محمد الجوهري أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الحافظ قال ثنا يعقوب بن إبراهيم البزاز ثنا عمر بن شبة ثنا عامر بن مدرك ثنا عبد الواحد بن أيمن قال:
سمعت الحسن بن محمد بن الحنفية يقول: من كان سألنا عن أمرنا ورأينا فإنا قوم الله عز وجل ربنا والإسلام ديننا ومحمد ﷺ نبينا والقرآن إمامنا وهو حجتنا نرضى من أئمتنا بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ونرضى أن يطاعا ونسخط أن يغضبا نوالي وليهما ونعادي عدوهما.
قول زيد بن علي بن الحسين
15- أخبرنا عمر بن محمد أنبأنا محمد بن عبد الباقي أنبأنا الحسن بن محمد أنبأنا علي بن عمر الحافظ ثنا أحمد بن سعيد ثنا أحمد بن يحيى الصوفي ثنا عبد الرحمن بن دبيس الملائي ثنا محمد بن كثير [عن] هاشم بن البريد
عن زيد بن علي قال: قال لي: يا هاشم اعلم والله إن البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي رضي الله عنهم، فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر.
ما ذكر من قول أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم
16- قرئ على الشيخ أبي الحسين أحمد بن حمزة السلمي وأنا أسمع أخبركم أبو علي الحداد إجازة وأخبركم يحيى بن عبد الباقي قراءة عليه أنبأنا حمد بن أحمد قالا أنبأنا أبو نعيم ثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا أحمد بن يونس عن عمرو بن شمر عن جابر قال:
قال لي محمد بن علي: يا جابر بلغني أن قوما بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر ويزعمون أني آمرهم بذلك، فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله تعالى بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما، إن أعداء الله لغافلون عنهما.
17- وبه أنبأنا أبو نعيم ثنا محمد بن عمر بن سلم ثنا عباس بن أحمد بن عقيل حدثنا منصور بن أبي مزاحم قال حدثني شعبة الخياط مولى جابر الجعفي حدثني مولاي جابر الجعفي قال:
قال لي أبو جعفر محمد بن علي لما ودعته: أبلغ أهل الكوفة أني بريء ممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
18- وبه ثنا أبو نعيم ثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا إبراهيم بن شريك ثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق
عن أبي جعفر قال: من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد جهل السنة.
19- أخبرنا أبو علي ضياء بن أبي القاسم بن أبي علي ببغداد أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي البزاز أخبرهم ثنا أبو محمد الجوهري ثنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الحافظ ثنا أبو عبد الله بن محمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن محمد العتيق ثنا الفضل بن جبير ثنا يحيى بن كثير صاحب الكرابيسي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال:
جاء رجل إلى أبي فقال: أخبرني عن أبي بكر، قال: عن الصديق تسأل؟ قال: رحمك الله وتسميه الصديق؟ قال: ثكلتك أمك قد سماه صديقا من هو خير مني ومنك، رسول الله ﷺ والمهاجرون والأنصار، فمن لم يسمه صديقا لا صدق الله قوله في الدنيا والآخرة، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما فما كان من إثم ففي عنقي.
20- أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني المروزي أن أبا عامر سعد بن علي الغفاري أخبرهم ثنا أبو القاسم إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم الخلال ثنا أبو معمر المفضل بن إسماعيل بن أحمد ثنا الإمام جدي ثنا أبو الحسن علي بن محمد بن حاتم القومسي ثنا الحسين بن عبد المؤمن بن عبد الرحمن ثنا عبد الله يعني ابن داود الواسطي التمار ثنا يحيى بن المتوكل عن كثير النواء قال:
قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: إي جعلني الله فداك إن الناس يقولون إن أبا بكر وعمر ظلماكم وذهبا بحقكم، فقال: لا والذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ما ظلمانا ولا ذهبا من حقنا ما يزن حبة خردل، قلت: إي جعلني الله فداك أفأتولاهما؟ فضرب يده على عاتقي وقال لي: ويحك يا كثير تولهما في الدنيا والآخرة فما أصابك ففي عنقي، برئ الله ورسوله ممن كذب علينا أهل البيت -يعني المغيرة بن فلان الساحر وبيان المديني- إنهما كذبا علينا.
21- أخبرنا أحمد بن حمزة السلمي أن الحسن بن أحمد أجاز لهم ثنا أبو نعيم ثنا محمد بن علي بن حبيش ثنا إبراهيم بن شريك الأسدي حدثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير عن أبي عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله قال:
سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف فقال: لا بأس به قد حلى أبو بكر الصديق سيفه، قال: قلت وتقول الصديق؟ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال: نعم الصديق نعم الصديق نعم الصديق فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولا في الدنيا والآخرة.
قول الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رحمه الله
22- أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي في كتابه وأخبرنا عنه الإمام أبو عبد الله محمد بن خلف المقدسي أن أبا مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المصري أخبرهم أنبأ أبو بكر بن أبي علي القاضي أنبأ عبد الله بن جعفر بن فارس ثنا محمد بن عاصم ثنا شبابة ثنا الفضيل بن مرزوق قال:
سمعت الحسن بن الحسن أخا عبد الله بن الحسن وهو يقول لرجل ممن يغلو فيهم: ويحكم أحبونا لله عز وجل فإن أطعنا الله فأحبونا وإن عصينا الله فأبغضونا، قال: فقال له الرجل: أنتم ذوو قرابة من رسول الله ﷺ وأهل بيته، فقال: ويحكم لو كان الله نافعا بقرابة من رسوله بغير عمل بطاعته لنفع بذلك من هو أقرب إليه منا أباه وأمه والله إني لأخاف أن يضاعف للعاصي منا العذاب ضعفين والله إني لأرجو أن يؤتى المحسن منا أجره مرتين. قال ثم قال: لقد أساء بنا آباؤنا وأمهاتنا إن كان ما تقولون في دين الله حقا ثم لم يخبرونا به ولم يطلعونا عليه ولم يرغبونا فيه فنحن والله كنا أقرب منهم قرابة منكم وأوجب عليهم حقا وأحق بأن يرغبونا فيه منكم ولو كان الأمر كما تزعمون وأن الله ورسوله اختارا عليا لهذا الأمر وللقيام على الناس بعده إن كان أعظم الناس في ذلك خطيئة وجرما إذ ترك أمر رسول الله ﷺ أن يقوم فيه كما أمره أو يعذر فيه إلى الناس. قال فقال له الرافضي: ألم يقل رسول الله ﷺ لعلي من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: أما والله أن لو عنى رسول الله ﷺ بذلك الإمارة والسلطان والقيام على الناس لأفصح لهم بذلك كما أفصح لهم بالصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت ولقال لهم أيها الناس إن هذا ولي أمركم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا فإن أنصح الناس كان للمسلمين رسول الله ﷺ.
قول عبد الله بن الحسن بن علي رحمة الله عليه
23- أنبأنا زاهر بن أحمد الثقفي أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الملك أجاز لهم أن أبا القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده أذن لهم أنبأنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أنبأنا أبي ثنا محمد بن إسحاق السراج ثنا العباس بن أبي طالب ثنا بشر بن آدم ثنا عبثر بن القاسم أبو زبيد ثنا عمار بن رزيق الضبي
عن عبد الله بن الحسن قال: ما أرى رجلا يسب أبا بكر وعمر تيسر له توبة أبدا.
24- وبه أخبرنا عبد الرحمن بن محمد إذنا أنبأ عبد الصمد بن محمد العاصمي أنبأنا إبراهيم بن أحمد المستملي ثنا عبد الله بن محمد بن طرخان ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا شبابة بن سوار ثنا حفص بن قيس قال:
سألت عبد الله بن الحسن عن المسح على الخفين فقال: امسح فقد مسح عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قلت إنما أسألك أنت تمسح؟ قال: ذاك أعجز لك أخبرك عن عمر وتسألني عن رأيي فعمر كان خيرا مني ومن ملء الأرض. فقلت: يا أبا محمد فإن ناسا يزعمون أن هذا منكم تقية، قال فقال لي: ونحن بين القبر والمنبر اللهم إن هذا قولي في السر والعلانية فلا تسمعن علي قول أحد بعدي، ثم قال: من هذا الذي يزعم أن عليا رضي الله عنه كان مقهورا وأن رسول الله ﷺ أمره بأمر ولم ينفذه؟ وكفى بإزراء على علي ومنقصة أن تزعم أن رسول الله ﷺ أمره بأمر ولم ينفذه.
25- أخبرنا أبو الفضل سليمان بن محمد بن علي الموصلي ببغداد أن محمد بن محمد بن أحمد بن السلال أخبرهم قراءة عليه أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي بن محمد المهتدي بالله ثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني إملاء ثنا أحمد بن علي الجوزجاني ثنا زياد بن أيوب ثنا يعلى بن عبيد الطنافسي ثنا أبو خالد الأحمر قال:
سألت عبد الله بن الحسن عن أبي بكر وعمر، فقال: صلى الله عليهما ولا صلى على من لا يصلي عليهما.
قول التيار ملك المياه
26- أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب أن الشريف أبا منصور الأسعد بن عبد الله بن محمد بن المهتدي بالله أخبرهم قال أنبأنا الشريف أبو علي الحسن بن عبد الودود بن المهتدي بالله قال أنبأنا أبو عمرو عثمان بن عيسى الصموت المعروف بابن الباقلاني من كتابه وهو يسمع في مسجده قال ثنا أبو الطيب بن المنتاب ثنا أبو بكر محمد بن علي بن حمدان ثنا أحمد بن فضلان ثنا أحمد بن محمد ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن شرحبيل بن عبد الكريم الصنعاني عن إدريس بن سنان عن وهب بن منبه اليماني قال:
رأيت أسقف قيسارية مسلما وقد كان قبل ذلك نصرانيا تشير إليه النصرانية بالأصابع ويعظمونه فقلت له: ما الذي دعاك إلى الإسلام بعد تلك الرياسة ورغبتك فيها؟ فقال: ركبت البحر فكسرنا فأفلت أنا على لوح وحدي فلم يزل اللوح يسير بي وحدي والأمواج تلعب بي شهرا لا أدري أين أتوجه من بلاد الله ثم إن البحر نبذني إلى جزيرة كبيرة فيها شجر عظيم جدا ما رأيت شجرا أكبر منه وله ورق تغطي الورقة الفئام من الناس تحمل شيئا من النبق وليس به أحلى من التمر.. ونهر في الجزيرة جار عذب شديد الجريان فأكلت من ذلك الثمر وشربت من ذلك الماء وقلت لا أبرح من هذا الموضع أو يأتي الله بالفرج أو الموت. فلما أن أمسيت وغربت الشمس وأقبل الليل بسواده فإذا أنا بقائل يقول مثل الرعد في الشدة: لا إله إلا الله الملك الجبار العزيز الغفار محمد رسول الله الحبيب المصطفى المختار أبو بكر الصديق صاحب الغار عمر الفاروق مفتاح الأمصار عثمان بن عفان الحسن الجوار علي الرضي قاصم الكفار أصحاب محمد المصطفون الأخيار وقاهم الله عذاب النار على من سبهم لعنة الله ومأواه جهنم ولبئس القرار. فانخلع لذلك قلبي وطار نومي ثم هدأ الصوت فلما أن كان في وسط الليل عاد ذلك الكلام فلما أن كان في السحر عاد ذلك الكلام فلما أن أصبحت وطلعت الشمس إذا أنا بصورة رأس جارية في البحر تسبح لم أر أحسن وجها منها بشعر قد جللها وإذا أنا بالصورة تقول: لا إله إلا الله القريب المجيب محمد رسول الله المصطفى الحبيب أبو بكر الصديق الرفيق السديد عمر الفاروق قرن من حديد عثمان بن عفان المظلوم الشهيد علي الرضا.. ثم لم تزل تدنو مني حتى قربت وخرجت من الماء فإذا رأسها رأس جارية وعنقها عنق نعامة وبدنها بدن سمكة وساقاها ساقا ثور فقالت لي: ما دينك؟ قلت: النصرانية، فقالت: ويحك إن الدين عند الله الإسلام الحنيفية السمحة أسلم وإلا هلكت إنك قد حللت بجزيرة قوم صالحين مسلمين لا ينجو منهم إلا من كان على دين محمد وشريعته وهديه وسنته. قال: فقلت فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فقالت: تمم إسلامك، فقلت: بماذا قالت بالترحم على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة أجمعين وإلا لا يصح لك الإسلام ففعلت ما أمرتني به فقلت: الصوت الذي سمعت بالليل ثلاث مرات؟ قالت: ذاك التيار ملك المياه في البحر ونحن خلق كثير من خلق الله أمرنا بما سمعت منا فقلت: إني غريب في هذا الموضع وقد وجب حقي، قالت: تحب الرجوع إلى بلدك، قلت: نعم، قالت: الساعة تمر بنا مركب نحبسه لك. فبينما أنا كذلك إذا بمركب تسير في البحر بقلع إذ وقف المركب وحطوا القلع فتحير أهله لا يدرون القصة ما هي إذ أشرت إليهم ونظروا إلي فألقوا القارب وجاءوا فحملوني وحدثتهم بحديثي وكان في المركب بضعة عشر نصرانيا فأسلموا على يدي فهذا كان سبب إسلامي.
ذكر دعاء سعد بن أبي وقاص على من شتم عليا وطلحة والزبير رضي الله عنهم
27- أخبرنا أبو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل بن الحسين الخفاف ببغداد أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري أخبرهم أنبأنا إبراهيم بن أبي حفص البرمكي قراءة عليه أنبأنا أبو محمد بن ماسي البزاز قراءة عليه ثنا أبو مسلم الكجي ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال ثنا ابن عون قال أنبأني محمد بن محمد بن الأسود عن عامر بن سعد قال:
بينما سعد -يعني ابن أبي وقاص رضي الله عنه- يمشي إذ مر برجل وهو يشتم عليا وطلحة والزبير رضوان الله عليهم، فقال له سعد: إنك لتشتم قوما قد سبق لهم من الله ما سبق والله لتكفن عن شتمهم أو لأدعون الله عليك، قال: يخوفني كأنه نبي؟ قال فقال سعد: اللهم إن كان هذا يسب أقواما قد سبق لهم منك ما سبق فاجعله اليوم نكالا، قال: فجاءت بختية فأفرج الناس لها فتخبطته، قال: فرأيت الناس يتبعون سعدا ويقولون: استجاب الله لك أبا إسحاق.
قول عمار بن ياسر فيمن نال من عائشة رضي الله عنها
28- أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي ببغداد أن أبا القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن بن البنا أخبرهم أنبأنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن زنبور ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا هارون بن عبد الله ثنا أبو أسامة عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن غريب بن حميد قال:
قام رجل فنال من عائشة رضي الله عنها فقام عمار رضي الله عنه يتخطى الناس فقال: اجلس مقبوحا منبوحا أنت الذي تقع في حبيبة رسول الله ﷺ فوالله إنها لزوجه في الدنيا والآخرة.
ومن أقوال الأئمة رحمهم الله فيمن يسب أصحاب رسول الله ﷺ
29- أخبرنا الإمام العالم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي أن محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان أخبرهم أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون أنبأنا محمد بن عمر بن القاسم بن بشر النرسي أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ثنا إسحاق بن الحسن الحربي ثنا الحسن بن الربيع قال:
سمعت أبا الأحوص يقول: لو أن الروم أقبلت من موضعها يعني تقتل ما بين يديها وتقبل حتى تبلغ النخيلة ثم خرج رجل بسيفه فاستنقذ ما في أيديها وردها إلى موضعها ولقي الله وفي قلبه شيء على بعض أصحاب محمد ﷺ ما رأينا أن ذلك ينفعه.
30- أخبرنا الإمام الحافظ أبوطاهر أحمد بن محمد الأصبهاني كتابة أن أبا صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني أخبرهم أنبأنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد النيسابوري المعروف بابن الطفال أنبأنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قراءة عليه وأنا أسمع ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا أبي ثنا يحيى بن زكريا ثنا الزبير بن أبي بكر الزبيري حدثني عمي مصعب بن عبد الله حدثني أبي عبد الله بن مصعب قال:
قال لي أمير المؤمنين: يا أبا بكر ما تقول في الذين يشتمون أصحاب رسول الله ﷺ؟ فقلت: زنادقة يا أمير المؤمنين، قال: ما علمت أحدا قال هذا غيرك فكيف ذلك؟ قلت: إنما هم قوم أرادوا رسول الله ﷺ فلم يجدوا أحدا من الأمة يتابعهم على ذلك فيه فشتموا أصحابه رضي الله عنهم يا أمير المؤمنين، ما أقبح بالرجل أن يصحب صحابة السوء فكأنهم قالوا رسول الله صحب صحابة السوء، فقال لي: ما أرى الأمر إلا كما قلت.
31- أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني أن أبا علي الحداد أخبرهم وهو حاضر أنبأ أبو نعيم أحمد بن عبد الله ثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ثنا أبو جعفر محمد بن عاصم الثقفي ثنا أبو أسامة عن سفيان بن عيينة عن خلف بن حوشب عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال:
قلت لأبي: ما تقول في رجل سب أبا بكر؟ قال: يقتل، قلت: سب عمر؟ قال: يقتل.
32- قرئ على أبي الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي ونحن نسمع أخبركم أبو علي الحسن بن أحمد الحداد إذنا وأخبركم يحيى بن عبد الباقي بن الغزال قراءة عليه أنبأ حمد بن أحمد الحداد قالا أنبأنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني ثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد هو ابن إسحاق ثنا سوار بن عبد الله العنبري ثنا أبي قال:
قال مالك بن أنس: من تنقص أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين. ثم تلا قول الله عز وجل: {ما أفاء الله على رسوله} حتى أتى على قوله عز وجل: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} الآية. فمن ينقصهم أو كان في قلبه عليهم غل فليس له في الفيء حق.
33- وبه أخبرنا أحمد بن عبد الله ثنا أبو محمد بن حيان ثنا إسحاق بن أحمد ثنا رسته ثنا أبو عروة رجل من ولد الزبير قال كنا عند مالك فذكروا رجلا ينتقص أصحاب رسول الله ﷺ فقرأ مالك هذه الآية: {محمد رسول الله والذين معه} حتى بلغ: {يعجب الزراع ليغيض بهم الكفار} فقال مالك: من أصبح من الناس في قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته الآية.
34- أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن علي بن محمد الفراء وأبو محمد طغدي بن خطلخ الأميري إذنا قال أخبرنا أبو الوقت عبد الأول السجزي قال أنبأنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد المعلم قراءة عليه قال أنبأنا الأمير أبو خلف بن أحمد بن محمد قدم علينا هراة أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ثنا محمد بن هارون بن عيسى بن أمير المؤمنين المنصور قال حدثني العباس بن الفضل أبو الفضل الهاشمي وإبراهيم بن إسحاق الشهيدي قالا ثنا يعقوب بن حميد قال سمعت سفيان بن عيينة يقول: حج هارون الرشيد أمير المؤمنين فدعاني فقال يا سفيان إن أبا معاوية الضرير حدثني عن أبي جناب الكلبي عن أبي سليمان الهمداني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: سيكون بعدي قوم لهم نبز يسمون الرافضة وآية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر فإذا وجدتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون. فقلت: يا أمير المؤمنين اقتلهم بكتاب الله، فقال: يا سفيان وأين موضع الرافضة من كتاب الله؟ فقلت: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} إلى قوله: {ليغيظ بهم الكفار} يا أمير المؤمنين فمن غاظه أصحاب رسول الله ﷺ فهو كافر.
35- أخبرنا الشيخ الزاهد أبو علي أحمد بن أبي القاسم بن أبي سعد الزوزني الصوفي بقراءتي عليه بمزة وقلت له أخبركم أبو الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي كتابة من واسط أن أبا الحسن علي بن محمد بن علي الحوزي كاتب الوقف بواسط أخبرهم قال سمعت أبا القاسم بن هارون هو عبيد الله بن هارون بن محمد القطان يقول سمعت أبا علي بن المعلى يقول سمعت أبا القاسم عبد الله بن أحمد يقول سمعت إسماعيل بن القاسم يقول:
قال لي عبد الله بن سليمان: يا إسماعيل ما تقول فيمن يسب أبا بكر وعمر؟ قال: قلت يستتاب فإن تاب وإلا قتل، قال لي: القتل؟ قال: قلت: نعم، قال: وأنى لك هذا؟ قال: قلت: بآية من كتاب الله تعالى، قال فقال له: وآية من كتاب الله؟ قال: قلت: نعم، قال: وأنى هي من كتاب الله؟ قال: قلت: قال الله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا} ولا فساد في الأرض أعظم من سب أبي بكر وعمر عليهما السلام. قال لي: أحسنت يا إسماعيل.
ذكر بعض ما بلي به من كان يشتم الصحابة رضي الله عنهم
36- أخبرنا الشيخ الإمام أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي الصوفي ببغداد أن أبا المعالي أحمد بن محمد بن الحسين بن عثمان المذاري أخبرهم أنبأنا أبو علي البناء أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا الحسين بن صفوان ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ثنا يحيى بن يوسف الزمي ثنا شعيب بن صفوان عن عبد الملك بن عمير قال:
كان بالكوفة رجل يعطى الأكفان فمات رجل فقيل له، فأخذ كفنا وانطلق حتى دخل على الميت وهو مسجى فتنفس وألقى الثوب عن وجهه وقال: غروني أهلكوني النار النار، قلنا له: قل لا إله إلا الله، قال: لا أستطيع أن أقولها، قيل: ولم؟ قال: بشتمي أبا بكر وعمر.
37- أخبرنا أبو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل بن الحسين بن عبد الله بن محمد الخفاف ببغداد أنبأنا أبو منصور بن عبد الرحمن بن محمد القزاز قراءة قال أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى قراءة عليه ثنا عبد الله بن محمد البغوي ثنا نعيم هو ابن الهيصم الهروي إملاء ثنا خلف بن تميم قال سمعت بشيرا ويكنى أبا الخصيب قال:
كنت رجلا تاجرا وكنت موسرا وكنت أسكن مدائن كسرى وذلك في زمن ابن هبيرة قال فأتاني أجير لي فذكر أن في بعض خانات المدائن رجلا قد مات وليس يوجد له كفن فأقبلت حتى دخلت ذلك الخان فدفعت إلى رجل ميت مسجى وعلى بطنه لبنة ومعه نفر من أصحابه فذكروا من عبادته وفضله قال: فبعثت يشترى الكفن وغيره وبعثت إلى حافر فحفر له وهيأنا له لبنا وجلسنا نسخن ماء لنغسله. فبينا نحن كذلك إذ وثب الميت وثبة فبدرت اللبنة عن بطنه وهو يدعو بالويل والثبور والنار قال: فتصدع أصحابه عنه قال: فدنوت حتى أخذت بعضده وهززته ثم قلت: ما رأيت وما حالك؟ فقال: صحبت مشيخة من أهل الكوفة فأدخلوني في دينهم أو في رأيهم -الشك من أبي الخصيب- في سب أبي بكر وعمر والبراءة منهما، قال: قلت: استغفر الله ثم لا تعد، قال: فأجابني وما ينفعني وقد انطلق بي إلى مدخلي النار ورأيته وقيل إنك سترجع إلى أصحابك فتحدثهم بما رأيت ثم تعود إلى حالك؟ فما انقضت كلمته حتى مال ميتا على حاله الأول. قال: فانتظرت حتى أتيت بالكفن فأخذته ثم قمت فقلت: لا كفنته ولا غسلته ولا صليت عليه، ثم انصرفت، فأخبرت بعد أن القوم الذين كانوا معه كانوا على رأيه وولوا غسله ودفنه والصلاة عليه. قال خلف: قلت: يا أبا الخصيب هذا الحديث الذي حدثتني شهدته؟ قال: بصر عيني وسمع أذني وأنا أؤديه إلى الناس.
38- أخبرنا أبو شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجاء الأصبهاني ببغداد أن أحمد بن محمد بن الحسين بن عثمان المذاري أخبرهم أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البناء أنبأنا علي بن بشران المعدل أنبأنا الحسين بن صفوان بن إسحاق البرذعي ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد قال وحدثني الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني ثنا أبي قال سمعت خلف بن حوشب يقول:
مات رجل بالمدائن فلما غطوا عليه ثوبه تحرك الثوب فقال به فكشف عنه، فقال: قوم مخضبة لحاهم في هذا المسجد -يعني مسجد المدائن- يلعنون أبا بكر وعمر ويتبرءون منهما، الذين جاءوني يقبضون روحي يلعنونهم ويتبرءون منهم، قلنا: يا فلان لعلك بليت من ذلك بشيء؟ قال: أستغفر الله أستغفر الله، ثم كأنما كانت حصاة فرمى بها.
39- أخبرنا الشيخ الإمام العالم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي أن أبا بكر أحمد بن المقرب بن الحسين بن الحسن الكرخي أخبرهم أخبرنا طراد بن محمد الزينبي أنبأنا علي بن محمد بن بشران أنبأنا الحسين بن صفوان ثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال سويد بن سعيد عن المحياه التيمي قال حدثني مؤذن عك قال:
خرجت أنا وعمي إلى مكران فكان معنا رجل يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فنهيناه فلم ينته فقلنا: اعتزلنا، فاعتزلنا فلما دنا خروجنا ندمنا فقلت: لو صحبنا حتى نرجع إلى الكوفة فلقينا غلام له، فقلنا له: قل لمولاك يعود إلينا، قال: إن مولاي قد حدث به أمر عظيم قد مسخت يداه يدي خنزير، قال: فأتيناه فقلنا ارجع إلينا قال: إنه قد حدث بي أمر عظيم، فأخرج ذراعيه فإذا هما ذراعا خنزير، قال: فصحبنا حتى انتهينا إلى قرية من قرى السواد كثيرة الخنازير فلما رآها صاح صيحة ووثب فمسخ خنزيرا وخفي علينا وجئنا بغلامه ومتاعه إلى الكوفة.
40- أخبرنا الشيخ العفيف أبو القاسم محمود بن الواثق بن أبي القاسم البيهقي المعروف بزنكي بقراءتي عليه بمرو قلت أخبركم عبد الأول بن عيسى قراءة عليه أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمد ابن محمد العاصمي ثنا أبو القاسم عبد الله بن عمر بن محمد المعروف بابن داية الكلواذي قرية من قرى بغداد قدم علينا مجتازا أنبأنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي بجرجان ثنا أبو حبيب محمد بن أحمد بن موسى حدثني محمد بن حميد البزار حدثني أيوب بن الحسن الفقيه حدثني مردك وكان ثقة وكان يبيع الساج قال:
بعت ساجا لي بالأهواز من رجل وكان له سلطان وهيبة فذهبت لأتقاضاه مالي فذكر عنده أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما فشتمهما فمنعني سلطانه وهيبته أن أرد عليه فرجعت إلى منزلي فبت ليلتي بغم الله به عليم فرأيت النبي ﷺ فيما يرى النائم فقلت: يا رسول الله هذا يشتم أبا بكر وعمر، فقال: هذا؟ فقلت: هذا.. فقال: هذا، قال لي: قم فأضجعه فقمت فأضجعته، فقال لي: قم فاذبحه، فعظم الذبح في عيني فقال لي ثلاث مرات: قم فاذبحه، فقمت فأمررت السكين على أوداجه فذبحته فلما دنا الإصباح قلت: والله لأذهبن إليه وأخبره بهذه الرؤيا، فلما أن دنوت من باب داره إذا أنا بالولولة والصياح من داره قلت: ما هذا الصياح؟ قالوا: فلان طرقته الذبحة في جوف الليل، قلت: أنا ذبحته بأمر من رسول الله ﷺ، قال: فخرج علي غلام ابن له فقال: أحب أن تكتمه علينا.
وهذه الحكاية مشهورة قد رواها عبد الله بن يزيد الأنصاري عن مردك هذا.
41- أنبأنا أبو القاسم سعيد بن محمد بن محمد بن عطاف الهمداني أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي أخبرهم إجازة أن أبا القاسم علي بن أحمد بن محمد بن علي أذن لهم في الرواية أنبأنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان ثنا أبو عمر غلام ثعلب قال أخبرني أبو بكر بي أبي الطيب مؤذن آل حماد قال أخبرني أبو محمد الخراساني قال:
كان عندنا ملك من ملوك خراسان وكان له خادم يتعبد فلما أخذ في التأهب للحج استأذن الخادم مولاه في الحج فلم يأذن له فقال له الخادم إنما استأذنتك في طاعة الله وطاعة رسوله قال فقال له لست آذن لك تضمن لي حاجة فإن أنت ضمنتها أذنت لك وإن أنت لم تضمنها لم آذن لك قال فقال الخادم هاتها قال أبعث معك برجال وخدم ونوق وزوامل فإذا بلغت إلى قبر المصطفى محمد ﷺ فقل يا رسول الله مولاي يقول إني بريء من ضجيعيك قال فقلت له سمعا وطاعة وربي يعلم ما في قلبي. قال ثم انتهينا إلى المدينة فبادرت إلى القبر فسلمت على النبي ﷺ وعلى أبي بكر وعمر واستحييت من رسول الله ﷺ أن أبلغه الرسالة المنكرة فنمت في المسجد بإزاء القبر فحملتني عيناي فرأيت في المنام كأن حائط القبر قد انفتح وإذا برسول الله ﷺ قد خرج وعليه ثياب خضر ورائحة المسك تنفح بين يديه وإذا أبو بكر عن يمينه وعليه ثياب خضر وإذا عمر عن يساره وعليه ثياب خضر وكان النبي ﷺ يقول لي: يا كيس ما لك لم تؤد الرسالة قال قلت يا رسول الله وقمت قائما هيبة للنبي ﷺ وقلت إني استحييت منك أن أسمعك في ضجيعيك ما قال لي مولاي قال فقال لي اعلم أنك تحج وترجع سالما إلى خراسان إن شاء الله فإذا بلغت إليه فقل له النبي يقول لك إن الله وأنا بريئان ممن تبرأ منهما فهمت قال قلت نعم يا رسول الله ثم قال لي واعلم أنه يموت في اليوم الرابع من قدومك عليه أفهمت قال قلت نعم قال ثم قال لي واعلم أنه يخرج في وجهه بثرة قبل أن يموت أفهمت قال قلت نعم يا رسول الله. قال ثم انتبهت فحمدت الله عز وجل في أن رأيت النبي ﷺ ورأيت ضجيعيه وحمدته على ما كفاني من تبليغي الرسالة المنكرة قال ثم إني حججت ورجعت إلى خراسان سالما وقد جئته بهدايا سنية فسكت عني يومين قال فلما كان في اليوم الثالث قال لي ما صنعت في الحاجة قال قلت قد قضيت قال هاتها قال قلت لا تريد يا مولاي أن تسمع الجواب قال فقال لي هاته قال فقصصت عليه القصة فلما بلغت إلى قوله وقل له إن الله وأنا بريئان ممن تبرأ منهما تضاحك ثم قال لي تبرأنا منهم وتبرءوا منا واسترحنا قال فقلت في نفسي سوف تعلم يا عدو الله. قال فلما كان في اليوم الرابع من قدومي ظهرت في وجهه بثرة فآلمته فلم يصل الظهر إلا وقد دفناه.
42- وحدثني الإمام أبو محمد عبد الله بن عبد الواحد بن عبد الجليل بن علي بن عبد الله اليماني اللبني بها أن عم أبيه عبد الوهاب بن علي حدثه عن رجل قال:
قال لي رجل لما أردت الحج: سلم على النبي ﷺ وقل له: لولا مكان ضجيعيك لزرتك، قال: فلما وصلت المدينة وزرت النبي ﷺ قلت له ذلك قال فرأيت النبي ﷺ في النوم فقال لي: أبصر هذا الموسى فأبصرته ووزنه فعرفت كم وزنه ثم قام النبي ﷺ إلى ذلك الرجل الذي أرسل معي الرسالة فذبحه به. قال فما قدمت إلى القرية التي فيها ذلك الرجل إذا الصياح وأهل القرية معهم السلاح فقلت أيش الخبر قالوا فلان أصبح هذه الليلة مذبوحا وما قتله إلا بنو فلان فقلت أرونيه فدخلت عليه وهو مذبوح وذلك الموسى الذي رأيته مع النبي ﷺ عنده قال فأخذته فوزنته فإذا هو كما وزنه النبي ﷺ. فقلت لهم هذا ما قتله إلا النبي ﷺ وحكيت لهم الحكاية فقلت لأبي محمد وأين كان هذا قال في ساحل عسقلان.
43- أخبرنا الشيخ العفيف أبو المعالي محمد بن صافي بن عبد الله النقاش ببغداد أن الإمام أبا بكر محمد بن الحسين بن علي الحاجي المقرئ أخبرهم قراءة عليه قال ثنا أبو الحسين محمد بن علي بن محمد المهتدي بالله أنبأنا عبيد الله هو ابن عثمان بن علي بن محمد البنا قراءة عليه ثنا عثمان هو ابن جعفر اللبان ثنا عبد الله بن معاذ النيسابوري المعروف بعبدوس ثنا سوار بن عبد الله حدثني عبيد الله بن معاذ عن أخيه مثنى قال حدثني حيان النحوي قال:
كان لي جليس يذكر أبا بكر وعمر فأنهاه فيغرى فأقوم عنه فذكرهما يوما فقمت عنه مغضبا واغتممت مما سمعت إذ لم أرد عليه الرد الذي ينبغي، فنمت فرأيت النبي ﷺ في منامي كأنه أقبل ومعه أبو بكر وعمر فقلت يا رسول الله إن لي جليسا يؤذيني في هذين فأنهاه فيغرى ويزداد قال: فالتفت ﷺ إلى رجل قريب منه فقال اذهب إليه فاذبحه فذهب الرجل. وأصبحت فقلت إنها لرؤيا فلو أتيته فخبرته لعله ينتهي قال فمضيت أريده فلما صرت قريبا من بابه إذا بالصراخ.. قلت ما هذا قالوا فلان طرقته الذبحة في هذه الليلة فمات.
44- أخبرنا أبو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل الخفاف ببغداد أن أبا منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرهم أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور أنبأنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى قراءة عليه ثنا عبد الله بن محمد البغوي ثنا نعيم هو ابن الهيصم الهروي إملاء ثنا خلف بن تميم ثنا أبو الحباب وهو عم عمار بن سيف الضبي قال:
كنا في غزاة في البحر وقائدنا موسى بن كعب ومعنا في المركب رجل من أهل الكوفة يكنى أبا الحجاج فأقبل يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فزجرناه فلم ينزجر ونهيناه فلم ينته فأرسينا إلى جزيرة في البحر فتفرقنا فيها نتأهب لصلاة الظهر فأتانا صاحب لنا فقال أدركوا أبا الحجاج فقد أكلته النحل فدفعنا إلى أبي الحجاج وهو ميت وقد أكلته الدبر وهو النحل.
قال خلف: فزادني في هذا الحديث ابن المبارك: قال أبو الحباب: فحفرنا لندفنه فاستوعرت علينا الأرض قلت ما استوعرت قال صلبت فلم نقدر على أن نحفر له فألقينا عليه ورق الشجر والحجارة وتركناه.
45- سمعت أبا العباس أحمد بن شعيب بن علي بن جعفر اليمني غير مرة يقول: حدثني رجل من أهل اليمن من خولان اسمه علي
أن جماعة من أهل اليمن قدموا للحج فنزلوا في طريقهم في صعدة على رجل من المتشيعة فلما أرادوا فراقه قال لهم: لي إليكم حاجة تأخذون هذا الحجر فتتركونه عند قبر النبي ﷺ، قال حجر نحو الأوقية، قال: فأخذوه فتركوه في جراب الدقيق فلما ارتحلوا قالوا: وما نصنع بهذا الحجر فرموه في الطريق فلما كان بعد ذلك إذا هاتف يقول يا صاحب الأمانة أد أمانتك فلما فتحوا الجراب إذا الحجر في الدقيق فلما وصلوا إلى قبر النبي ﷺ تركوه عنده. فلما كانت تلك الليلة رأى رجل منهم كأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يقولان للنبي ﷺ: ألا ترى إلى هذا اللعين الملعون كيف رجمنا بالحجر، فقال النبي ﷺ: ارجموا اللعين الملعون قال فأرخوا تلك الليلة من الشهر فلما رجعوا مروا ببيت الذي أنزلهم فخرجت إليهم امرأته فقالت: ما رأيتم ما أصاب نزيلكم؟ فقالوا: وما أصابه؟ قالت: مات، قالوا: بماذا كان موته؟ قالت: رجم بحجر، قال: أي ليلة؟ قالت: الليلة الفلانية من الشهر الفلاني، فنظروا فيما كتبوا فإذا هي الليلة التي أرخوها، فقالوا لها: عندك الحجر الذي رمي به، قالت: نعم، فأخرجته فإذا هو الحجر الذي كان معهم بعينه. وهذا معنى ما حكاه.
46- أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم المروزي بها أن والده أخبرهم إجازة أنبأنا أبو الحارث عبد المؤمن بن أحمد بن عبد المؤمن بن أبي هاشم المغماتي بآمل أنبأنا أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني قراءة عليه قال ثنا الأستاذ الإمام إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني أنبأنا عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد المزكي ثنا محمد بن الحسين بن الحسن بن الخليل القطان ثنا محمد بن يزيد ثنا حماد بن قيراط ونوح بن يزيد البلخي قالا ثنا صفوان وأثنى عليه خيرا قال:
اكتريت إبلا إلى الشام فدخلت مسجدا فصليت خلف إمام فلما انفتل من صلاته أقبل على الناس بوجهه وذكر أبا بكر وعمر بسوء قال فخرجت من ذلك المسجد ورجعت من قابل ودخلت ذلك المسجد فصليت خلف إمام آخر فلما انفتل من صلاته أقبل على الناس بوجهه وقال اللهم ارحم أبا بكر وعمر فقلت لرجل إلى جانبي ما فعل الذي كان يلعنهما فقال لي تشاء أن أريكه فقلت نعم فأدخلني دارا فأراني كلبا مربوطا إلى سارية فقال للكلب هذا رجل صلى خلفك عام أول وأنت تشتم أبا بكر وعمر، فأومأ الكلب برأسه أن نعم، قال فقال الرجل: قد مسخه الله عز وجل كما ترى.
47- حثني الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن محمود المعروف بالمزابني قال حدثني الخطيب يحيى بن عبد الرحمن قال حدثني أبي قال:
جاء إلى قريتنا وهي قرية من العراق رجلان من الحلة اسم أحدهما مسعود والآخر بلك فكانا متوليين عليها وكانا متشيعين ثم غابا عنا مدة ثم جاءا فإذا هما قد رجعا عما كانا عليه فقلت لهما في ذلك فقالا رجعنا عما كنا عليه فقلت لهما ما السبب فحدثني أحدهما قال: مضينا إلى الحج وكان معنا رجل ضرير من أهل الحلة وكان يقرأ كل يوم ختمة فلما قضينا الحج وكنا بالطريق توفي فدفناه وكان معنا مرزبة خشب قال فلما دفناه لم نرها فقلنا لعلنا دفناها مع الميت فنبشناه إلى اللحد فلم نجدها فكشف أحدنا اللحد فصاح وغشي عليه ساعة ثم أفاق فقلنا أيش بك أو ماذا رأيت فقال وجدت الرجل قد جمعت رجلاه وعنقه في خرم المرزبة قال فعجبنا من ذلك فلما رجعنا إلى بيته قلنا أيش كان يفعل فقيل لنا كان مجتهدا في العبادة وقراءة القرآن أو كما قيل إلا أنه كان يسب أبا بكر وعمر قالا فلأجل ذلك رجعنا عما كنا عليه.
48- وسمعت الشيخ أبا بكر بن أحمد الطحان قال كان الشيخ عبد الله البطايحي بالمسجد الذي بالعقبة وكان لا يكاد يقعد إلا وحده وكان رجل اسمه إسماعيل ينقل الفخار على ظهره ويتقوت من ذلك وكان الشيخ عبد الله يأنس به فكان بعض الأيام عنده وأنا حاضر فقال له يا شيخ إسماعيل ألا تحدثني عن أعجب شيء رأيته فقال:
أنا أتردد إلى كفر عامر أشتري الفخار ولم يكن بها من أهل السنة إلا رجل واحد فكنت إذا وصلت إليه يأتيني فيقعد عندي فبينا أنا وهو ليلة من الليالي في المسجد إذا الباب قد فتح ودخل رجل أشعث أغبر فصلى ركعتين ثم أراد أن يخرج فتعلقنا به وقلنا ادع الله لنا فبكى وقال أسأل الله السلامة أسأل الله السلامة فقلنا أيش قصتك فقال أنا كنت من أهل القرافة وكان بها شيخ يقرأ القرآن بالروايات فقرأت عليه القرآن فلما ختمت عليه جئت إلى لبنان فأقمت به مدة ثم إنني مضيت إلى ثم فأشرقت ثم مضيت إلى الشيخ أبصره فلما جئته قالت لي امرأته هو مريض وهو يقول ما يريد أن يموت إلا يهودي فادخل إليه فمره بالشهادة فدخلت إليه فعرفني فقلت له: قل أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أجدها شديدة، فما زلت به أرددها عليه ويقول هي شديدة ولم يقلها ثم جعل يده في عنقه ثم مات. فقالت لي امرأته هو له عليك حق فاغسله وادفنه قال فكنت أغسله وأصب عليه الماء فأرى الماء كأنه نار ثم دفنته فقذفته الأرض فبقيت متحيرا في أمره وكان ثم شيخ فمضيت إليه فحدثته حديثه فقال يا بني تريد أن تغير قضاء الله امض فادفنه في مقابر اليهود فمضيت به إلى مقابر اليهود فدفنته بها فكأنما شربته الأرض. فمضيت إلى امرأته فسألتها عن أمره فقالت ما كان إلا يقرأ القرآن ولكن كان عنده صورتان فكان بالليل يضربهما ويقول إنهما ظلما عليا حقه قال فإذا هما صورتا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
49- وسمعت الشيخ أبا طالب بن يوسف بن إبراهيم البعلبكي قال حدثني الشيخ محمد النوري قال:
كنت بالموصل وكانت أم صاحب الموصل تعتقد في وكان ابنها يجيء إلي بعض الأوقات قال فخرجت بعض الليالي فطفت في المقابر فإذا مقبرة مبيضة وعليها باب حجر وإذا أنا أسمع فيها صوتا كتهارش الكلاب وليس به فجئت إلى بابها ففتحته وإذا فيها قبران أو ثلاثة ولم أر شيئا ثم خرجت فإذا أنا أسمع ذلك الصوت فبقيت متعجبا. قال واتفق أن صاحب الموصل جاء إلينا فجلس وجرى الحديث وذكروا الرافضة وقالوا ما كان عندنا منهم إلا الخادم فلان فقيل ووزير صاحب مازندران أيضا وماتا وهما مدفونان هاهنا بمقبرة لهما فقلت أين فقيل هذه المقبرة البيضاء قال فقلت لقد جرى لي كذا وكذا ولو كان لي قدرة لنبشت عنهما فقال صاحب الموصل أنا أنبش عنهما فنبش عنهما فإذا هما خنزيران.
50- وسمعت الشيخ أبا بكر مسعود بن ممدود بن أبي بكر الهكاري قال:
كنت أخدم مع ميمون القصري بحلب فجرى ذكر الرافضة في بعض الأيام عنده فقيل إذا مات منهم أحد تغيرت خلقته خنزيرا فأنكر ذلك ميمون ثم قال عندنا مسنهم فلان البزدار إن مات أبصرناه قال فاتفق أن ذلك الرجل مات فقال ادفنوه في موضع وحده قال ثم خرج ونحن معه إلى المقبرة وبات.. وأمر بنبشه فإذا هو خنزير فأبصرناه وأمر ميمون بحطب ثم أمر به فأحرق.
51- وسمعت أبا الفتيان علي بن هبة الله الزيداني بعد سؤالي له: كيف رجع والدك عن مذهب الشيعة فإن أقاربك على مذهبهم أو نحو هذا فقال: كان لأبي صديق منهم فسافر وإذا هو بعد أيام قد رجع.. مريضا فمات فقال لرجل يغسله فنظر إليه المغسل فإذا خلقته قد تحولت خلقة قبيحة فأعلم أبي بذلك فنظر إليه وقال: لا تغسله، وأمر بدفنه ثم رجع عن مذهبهم.
هذا معنى ما حكاه لي. وقد سمعت الإمام أبا محمد عبد الحميد بن عبد الهادي وهو الذي كان سبب معرفتي بأبي الفتيان يقول: حدثني والدي عن هبة الله الزيداني بهذه الحكاية بنحو من هذا.
52- سمعت أبا العباس أحمد بن سليمان بن عبد السيد الخليلي قال:
كنا بمدينة النبي ﷺ نحوا من أربعة فقراء فكنا نسلم على النبي ﷺ وعلى صاحبيه رضي الله عنهما فسمعنا رجل من أهل المدينة فدعانا إلى بيته فمضينا معه ونحن نظن أنه يطعمنا شيئا فلما دخلنا أغلق الباب وضربنا ضربا كثيرا حتى كسر مرفقي فخرجنا ومضينا إلى نخل حمزة فقعدنا هناك فإذا شاب قد جاءنا فقال: يا فقراء هل يحسن أحد منكم يغسل الميت، فقلت له: نعم فقال: تعالوا ثم جاء بنا إلى دار الرجل الذي ضربنا فقال: إن أبي هو الذي ضربكم وقد مات فغسلوه وأعلمكم أني قد رجعت عن مذهبه، قال: فكشفنا وجهه فإذا هو وجه خنزير قال فغسلته وكفنته.
53- أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي في كتابه قال سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن علوان التاجر الآمدي بضمير يقول سمعت يحيى بن عطاف المعدل بالموصل يقول:
حكى لي شيخ دمشقي جاور بالحجاز سنين قال: جاورت بالمدينة سنة مجدبة فخرجت إلى السوق لأشتري برباعي دقيقا فأخذ الدقيقي مني الرباعي وقال: العن الشيخين حتى أبيعك الدقيق فامتنعت من ذلك فراجعني مرات وهو يضحك فضجرت وقلت لعن الله من لعنهما فلطم عيني ورجعت إلى المسجد والدموع تسيل منها. قال: وكان لي صديق من ميافارقين شاهد جاور بالمدينة سنين فسألني عن حالي فذكرت له القصة فقام معي إلى التربة وقال السلام عليك يا رسول الله وقد جئناك مظلومين فخذ بثأرنا وتضرع كثيرا ورجعنا. فلما جن علي الليل نمت فحين أصبحت صادفت العين أحسن مما كانت كأنها لم يصبها ضرب قط ثم لم تكن إلا ساعة وإذا رجل مبرقع قد دخل من باب المسجد يسأل عني فدل علي فجاء وسلم وقال: ناشدتك الله إلا جعلتني في حل فأنا الرجل الذي لطمتك فقلت: لا أو تذكر قصتك، فقال: نمت فرأيت رسول الله ﷺ قد أقبل ومعه أبو بكر وعمر وعلي فتقدمت وقلت: السلام عليكم فقال: علي لا سلم الله عليك ولا رضي عنك أنا أمرتك أن تلعن الشيخين وجعل أصبعه هكذا في عيني ففقأها فانتبهت، وأنا تائب إلى الله تعالى وأسألك التجاوز عن جرمي فحين سمعت قوله قلت: اذهب فأنت في حل من قبلي.
قال أبو نصر: ثم إن هذا الدمشقي قدم علينا الموصل فدلني عليه يحيى بن عطاف فمضيت إليه وحكى لي القصة على وجهها وكان شيخا صالحا متدينا.
54- سمعت الشيخ أبا الحسن بن أحمد بن أبي الحسن الواسطي القيم قال:
كنا جماعة نتحدث في علم الكيمياء وعمله في الكلاسة يعني بدمشق ومعنا قوم يتشيعون فجرى بينهم وبين رجل من أهل السنة كلام فقال رجل منهم شريف: أما أنا فإنني والله لا أسب أصحاب رسول الله ﷺ ولا يجوز لأحد سبهم، وقد كان رجل من أصحابنا ممن يسبهم رأى مناما حدثني عنه ابنه ثم لقيته فحدثني به قال: رأيت في منامي كأن القيامة قد قامت وقد خرجت من قبري عطشان شديد العطش وخرج الناس من قبورهم كذلك فمشينا إلى جهة فانتهينا إلى حوض ملآن من الماء لا يرى طرفاه فيه ماء أبيض من الثلج وعليه أربعة من أحسن الناس وجوها يسقون الناس فقيل هؤلاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فأتيت أبا بكر فقلت: اسقني، فغرف لي من ذلك الماء وناولني فإذا هو دم منتن قبيح فقلت: إنما فعل بي هذا لأنني كنت أسبه فتركته ثم جئت إلى عمر ففعل بي كذلك ثم جئت إلى عثمان ففعل بي كذلك ثم جئت عليا فقلت: هذا كنت أتولاه وأحبه فما يغشني فغرف لي وناولني الإناء فإذا هو دم منتن قبيح فقلت: يا أمير المؤمنين أنا كنت أتولاك وأحبك وأسب الصحابة من أجلك وتغشني؟ فقال: وأي شيء أنت؟ قال: قلت: رافضي، قال: ويحك والله ما غششتك ولكن هذا بعملك وسوء مذهبك فتب إلى الله عز وجل فإنك إن مت على هذا دخلت النار، فقلت: يا أمير المؤمنين، وتقبل توبتي؟ قال: نعم باب التوبة مفتوح. قال فتبت إلى الله عز وجل في منامي فصار الماء الذي في إنائي أبيض لون ماء الحوض فشربت منه حتى رويت وانتبهت وأنا أترضى عن الصحابة ويرفع صوته بذلك فقال أهله: ما خبرك؟ فأخبرهم بقصته وبقي سبعة عشر يوما لا يشرب ماء ويجد الري على صدره من تلك الشربة.
55- أخبرنا أبو المجد زاهر بن أحمد بن حامد الثقفي بأصبهان أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم قراءة عليه وهم يسمعون ثنا شيبان هو ابن عبد الله بن أحمد بن محمد بن شيبان أبو المعمر المحتسب ثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل ثنا محمد بن عثمان بن محمد العبسي ثنا الحسن بن سهل الخياط قال سمعت عبد الله بن إدريس يقول:
قال محرز أبو القاسم وكان يتشيع: رأيت أبا بكر وعمر أخذاني قال فقلت: ما لكما؟ قالا: نذهب بك إلى النار، قال: فبينا أنا معهما إذ لقينا علي بن أبي طالب قال فقلت: يا ابن عم رسول الله ﷺ حبي لكم أهل البيت، قال: فالتفت إليهما فقال: ما لكما وله؟ فقالا: إن هذا يسبنا ويشتمنا، فقال لي علي: ما أغني عنك من الله شيئا، فجاءا بي حتى وقفا بي على النار فقالا لي: هذا مقعدك منها. قال محرز أبو القاسم: لا أذكرهما بسوء أبدا.
56- ومن أعجب الحكايات ما حدثني به الشيخ الكبير حسين ابن المعمر بن أبي الحسين المؤذن ببغداد قال:
حدثني الشيخ أبو منصور وكان حافظا لكتاب الله تعالى قال: لما كنت شابا اشتهيت أن أتفرج في البلاد فخرجت من بغداد فقدمت أرض صور فوجدت خلقا كبيرا من المسلمين يقتتلون فقلت: ما لهم؟ فقيل لي: هؤلاء السنة والشيعة فقعدت أنظر إليهم فغلب أهل السنة الشيعة وكان أهل السنة أقل منهم بكثير وقتلوا منهم خمسة عشر ثم مضوا إلى البلدة يتحاكمون إلى ملك الكفار، فقلت: ما يكون فرجة أحسن من هذه لأمضين معهم أبصر ماذا يكون، فدخلت معهم على الملك في دار كبيرة وإذا رجل على سرير وعليه قميص خام وسروال خام كأنه يتزهد فقال للترجمان وهو قائم على رأسه ما للمحمديين؟ فقال: لا أعلم، فقال: ادع لي القسيس، فدعوه له فإذا قد جاء رجل لابس ثوب شعر وسراويل شعر أسود وقلنسوة كذلك فقام إليه الملك وقبل رجليه وأجلسه موضعه ثم قال له: ما لهؤلاء المحمديين؟ قال: أيها الملك أليس قد كان لعيسى اثنا عشر حواري؟ قال: بلى، قال: فلو بلغك عن أحد أنه يسب أحدا من الحواريين ما كنت تصنع به؟ قال: كنت أقتله وأحرقه وأسحقه وأذريه في الهواء، قال: فإن محمدا كان له عشرة من أصحابه مثل حواري عيسى صدقوه ونصروه فهؤلاء السنة يحبون جميع العشرة وهؤلاء الآخرون يحبون واحدا ويلعنون التسعة، قال: فقال الملك: أخرجوهم، وقال لأصحابه: ابزقوا عليهم، ثم قال لأهل السنة: لا ترجعوا تكلموهم قد شكوا منكم، فقال أهل السنة: لولا كرامتك كنا قتلناهم كلهم، فقال: كنتم قتلموهم، فإن هؤلاء ليسوا المسلمين ولا نصارى ولا يهود.
57- أخبرنا خالي الإمام أبو عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي إجازة أن الشيخ المقرئ أبا بكر بن علي بن عبد الله ابن الحراني نزيل بغداد حدثه سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمحلة الصالحين في جبل قاسيون قال:
خرجت إلى زيارة قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في آخر خلافة المستضئ أنا وجماعة فنزلنا على نقيب من نقباء العلويين وهو متولي الموضع وكان عرف بيننا وبينه رجل هاشمي صديق لي فأكرمنا وأحسن مثوانا وكان له خادم يهودي متولي أمره وخدمته فقال الشريف الهاشمي للنقيب وأنا أسمع: أيها النقيب إن أمورك كلها حسنة وقد جمعت الشرف والمروءة والكرم إلا أننا قد أنكرنا استخدامك لهذا اليهودي واستدناءك إياه مع مخالفته دينك أو كما قال، فقال النقيب: إني قد اشتريت مماليك كثيرة وجواري فما رأيت منهم أحدا وافقني ولا وجدت فيهم أمانة ونصحا مثل هذا اليهودي يقوم بأمر البستان والدار والخدمة وفيه الأمانة وما من خدمة خارجة ولا داخلة إلا قد كفانيها أو نحو هذا، فقال بعض الجماعة: إذا كان على هذه الصفة فاعرض عليه الإسلام فلعله يسلم. فبعث إلى اليهودي فكان من قوله أن قال: والله لقد عرفت حين دعوتموني ما تريدون مني، فقيل له: إن هذا النقيب قد عرفت فضله وبيته ورئاسته وهو يحبك، فقال: وأنا أحبه، فقيل له: فلم لا تتبعه على دينه وتدخل في الإسلام؟ فقال لهم: قد علمتم أني أعتقد أن عزيرا نبي كريم أو قال موسى عليه السلام، ولو علمت أن في اليهود من يتهم زوجة نبي بالفاحشة ويلعن أباها أو أصحاب نبي لما تبعت دينهم، فإذا أنا أسلمت لمن أتبع؟ قال له الهاشمي: تتبع النقيب الذي أنت في خدمته، قال: ما أرضى هذا لنفسي، قال: ولم؟ قال: لأن هذا يقول في عائشة ما يقول ويسب أبا بكر وعمر، لا أرضى هذا لنفسي أن أتبع دين محمد وأقذف زوجته وألعن أصحابه فرأيت أن ديني أولى. قال: فوجم الشريف ساعة ثم قال لليهودي: مد يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله وإني تائب عما كنت عليه من هذا الأمر، فقال اليهودي: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن كل دين غير دين الإسلام باطل. فأسلم وحسن إسلامه وتاب النقيب عن الرفض وحسنت توبته.
58- أخبرنا الشيخ أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن بوش إجازة أن أبا طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن يوسف أخبرهم قراءة عليه أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءة عليه أنبأنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان الفقيه العكبري قال وحدثني أبو بكر الآجري قال: سمعت ابن أبي الطيب يقول:حدثنا جعفر الصائغ وأشار إلى أسطوانة في المسجد الجامع يعني مدينة المنصور يقول عند تلك الأسطوانة:
كان في جيران أبي عبد الله أحمد بن حنبل رجل وكان ممن يمارس المعاصي والقاذورات فجاء يوما إلى مجلس أحمد بن حنبل فسلم عليه وكأن أحمد لم يرد عليه مردا تاما وانقبض منه، فقال له: يا أبا عبد الله لم تنقبض مني فإني قد انتقلت عما كنت تعهده مني برؤيا رأيتها، قال: وأي شيء رأيت تقدم؟ قال: رأيت النبي ﷺ في النوم كأنه على علو من الأرض وناس كثير أسفل جلوس قال فيقوم رجل رجل منهم إليه فيقول ادع لي فيدعو له حتى لم يبق غيري قال: فأردت أن أقوم فاستحييت من قبيح ما كنت عليه قال فقال لي: يا فلان لم لا تقوم إلي تسألني أدعو لك؟ قال: قلت: يا رسول الله يمنعني الحياء لقبح ما أنا عليه، فقال: إن كان يمنعك الحياء فقم فسلني أدعو لك فإنك لم تسب أحدا من أصحابي، قال: فقمت فدعا لي، قال فانتبهت وقد بغض الله إلي ما كنت عليه. قال فقال لنا أبو عبد الله: يا جعفر يا فلان يا فلان حدثوا بهذا واحفظوه فإنه ينفع.
59- أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني قراءة عليه بأصبهان قيل له أخبركم أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد بن الأشقر الصيرفي قراءة عليه وأنت حاضر أنبأنا أبو مسلم عمر هو ابن علي بن أحمد الليثي البخاري قراءة عليه سمعت أبا عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي يقول دخلت على الحاكم أبي عمرو خليد بن الحسن بن سفيان النسوي بنيسابور وكان معه شيخ يقال له علان فقال له الحاكم: اقصص حديثك على هذا، فقال:
كنت في بلد الري وكنت أذكر فضائل الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فأنهي ذاك إلى الصاحب فأمر بأخذي ففررت منه إلى جرجان فكنت يوما في سوقي إذا بقوم جاءوني وشدوني على جمازة فحملت إلى الري فلما أدخلت ثم أمر الصاحب بقطع لساني فقطع ذاك وكنت على حالة من الألم وضيق الصدر فلما أن دخل الليل رأيت فيما يرى النائم رسول الله ﷺ ومعه أبو بكر وجماعة من أصحابه رضي الله عنهم فقالا: يا رسول الله هذا الذي أصيب فينا فدعا لي رسول الله ﷺ ونفث في فمي فانتبهت وليس بي شيء من الوجع ورد علي الكلام وخرجت من ولايته إلى همذان وكانوا أهل السنة فقصصت عليهم قصتي فظهر لي هناك قبول وكنت ثم مدة أنشر من فضائل الشيخين. قال عبد الواحد ففتح لنا علان فاه فما رأينا في فيه لسانا فشاهدناه على ذلك وكان يكلمنا بكلام فصيح كما تكلم ذو اللسان.
60- قرئ على أبي الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي ونحن نسمع قيل له أخبركم الحسن بن أحمد الحداد إذنا أنبأنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني ثنا عبد الله بن محمد ثنا محمد بن جعفر بن الهيثم ثنا الحسن بن محمد الشامي ثنا إبراهيم بن إدريس المصري ثنا مخلد بن حسين قال:
سمعت سفيان الثوري يقول: كان على طريقي إلى المسجد كلب يعقر الناس فأردت يوما الصلاة والكلب على الطريق فتنحيت عنه، فقال: يا أبا عبد الله جز فإنما سلطني الله على من يشتم أبا بكر وعمر أو كما قال.
61- أنشدنا الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي قال أنشدنا نصر بن منصور النميري لنفسه:
أحب عليا والبتول وولدها ** ولا أجحد الشيخين فضل التقدم
وأبرأ ممن نال عثمان بالأذى ** كما أتبرأ من ولاء ابن ملجم
62- أخبرنا أبو الضوء شهاب بن محمود بن أبي الحسن الشذباني بجامع هراة ثنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال أنشدنا أبو الحسن سعد الله بن محمد بن علي بن طاهر الدقاق قال أنشدني أبو العز محمد بن الحسين المقرئ الواسطي لنفسه:
إن من لم يقدم الصديقا ** لم يكن لي حتى يموت صديقا
والذي لا يقول قولي في الفاروق ** أنوي لشخصه تفريقا
ولنار الجحيم باغض ذي النورين ** يهوي منها مكانا سحيقا
من يوالي عندي عليا وعاداهم ** طرا عددته زنديقا
63- وأخبرنا أبو الضوء بهراة ثنا عبد الكريم قال سمعت أبا الفضل هبة الله بن الحسين الدباس بالحلة على الفرات يقول رأى أبو الفضل بن الخازن أبا عبد الله بن الحجاج في المنام فسأله ما صنع الله بك فأنشده:
أفسد حسن مذهبي ** في الشعر سوء المذهب
وحملي الجد على ** ظهر حصان اللعب
لم يرض مولاي على ** سبي أصحاب النبي
وقال لي ويلك يا ** أحمق لم لم تتب
من بغض قوم من رجا ** ولاءهم لم يخب
رمت الرضا جهلا بما ** أصلاك نار الغضب
64- أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري كتابة وأخبرنا عنها شيخنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي أن الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي أخبرهم أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد الحنائي قراءة عليه أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد حدثنا أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم الختلي قال: وقال ابن المبارك:
إني امرء ليس في ديني لغامزه ** لين ولست على الأسلاف طعانا
شغلت عن بغض أقوام مضوا ** سلفا وللرسول مع الفرقان أعوانا
فما الدخول عليهم في الذي عملوا ** بالظن مني وقد فرطت عصيانا
فلا أسب أبا بكر ولا عمرا ** ولا أسب معاذ الله عثمانا
ولا ابن عم رسول الله أشتمه ** حتى ألبس تحت الترب أكفانا
ولا الزبير حواري الرسول ولا ** أهدي لطلحة شتاما عز أو هانا
ولا أقول علي في السحاب لقد ** والله قلت ظلما إذا وعدوانا
ولا أقول بقول الجهم إن له ** قولا يضارع أهل الشرك أحيانا
ولا أقول تخلى من خليفته ** رب العباد وولى الأمر شيطانا
ما قال فرعون هذا في تجبره ** فرعون موسى ولا هامان طغيانا
لكن على ملة الإسلام ليس لنا ** اسم سواها بذاك الله سمانا
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا ** بها فإنها العروة الوثقى لمن دانا
آخر الجزء.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.