الناس للموت كخيل الطراد
الناس للموت كخيل الطراد المؤلف: ابن النبيه |
الناس للموت كخيل الطراد
فالسابق السابق منها الجواد
والله لا يدعو إلى داره
إلا من استصلح من ذي العباد
والموت نقاد على كفه
جواهر يختار منها الجياد
والمرء كالظل ولا بد أن
يزول ذاك الظل بعد امتداد
لا تصلح الأرواح إلا إذا
سرى إلى الأجساد هذا الفساد
أرغمت يا موت أنوف القنا
ودست أعناق السيوف الحداد
كيف تخرمت عليا وما
أنجده كل طويل النجاد
نجل أمير المؤمنين الذي
من خوفه يرعد قلب الجماد
مصيبة أذكت قلوب الورى
كأنما في كل قلب زناد
نازلة جلت فمن أجلها
سن بنو العباس لبس السواد
مأتمه في الأرض لكن له
عرس على السبع الطباق الشداد
فالخود في المسح لها رنة
والحور تجلى في المروط الجساد
طرقت يا موت كريما فلم
يقنع بغير النفس للضيف زاد
قصفته من سدرة المنتهى
غصنا فشلت يد أهل الفساد
يا ثالث السبطين خلفتني
أهيم من همي في كل واد
يا نائما في غمرات الردى
كحلت أجفاني بميل السهاد
ويا ضجيع الترب أقلقتني
كأنما فرشي شوك القتاد
دفنت في الترب ولو أنصفوا
ما كنت إلا في ضمير الفؤاد
لو لم تكن أسخنت عيني سقت
مثواك عيناي كصوب العهاد
خليفة الله اصطبر واحتسب
فما وهي البيت وأنت العماد
في العلم والحلم بكم يقتدي
إذا دجا الخطب وضل الرشاد
أنت سماء طلعت زهرها
لا ينقص الآفل منها عداد
وأنت لج البحر ما ضره
أن سال من بعض نواحيه واد
حبك فرض في قلوب الورى
وابن الولا يعدل بابن الولاد
يا نوح رث أعمارنا واحتكم
ملكك الله رقاب العباد العادليات قال بمدح سيف الدين أبا بكر بن أيوب ب
لمن شجر قد أثقلتها ثمارها
سفائن بر والسراب بحارها
حروف إذا استقرأتها في انفرادها
سطور إذا استولى عليها قطارها
حنايا إذا الساري السري ارتمى بها
فهن سهام يستطير شرارها
توالت كموج البحر مزبدة البرى
عليها قباب بالدموع احمرارها
أثار لها نقع الجياد سرادقا
به دون ستر الخدر عنا استتارها
لها طلعة من شعرها وجبينها
تعانق فيها ليلها ونهارها
لها من مهاة الرمل جيد مقلة
وليس لها استيحاشها ونفارها
وما سكنت وادي العقيق ولا الغضى
ولكن بعيني أو بقلبي دارها
إذا ما الثريا والهلال تقارنا
أشكك هل ذا قرطها وسوارها
فأي قضيب جال فيه وشاحها
وأي كثيب ضاق عنه إزارها
وما كنت تدري قبل لؤلؤ ثغرها
بأن نفيسات اللآلي صغارها
هي البدر إلا أن عندي محاقه
هي الخمر إلا أن حظي خمارها
أيا كعبة من خالها حجر لها
بعيد علينا حجها واعتمارها
فإن بلغتها النفس يوما بشقها
فقلبي لها هدي ودمعي جمارها
سقى الله ميافارقين وقد سقى
سجال سحاب لا يغب قطارها
ومالي أستسقي لها صيب الحيا
وراحة سيف الدين تطفو بحارها
ففي بحر مال قد تطلع قصرها
وفي بحر ماء يستقر قرارها
هو العادل الظلام للمال والعدى
خزائنه قد أقفرت وديارها
كريم له نفس تجود بما حوت
وأعجب شيء بعد ذاك اعتذارها
عليم بنور الله ينظر قلبه
فلم يغن أسرار القلوب استتارها
حسام له حد يروع مضاؤه
وصفحة صفح للذنوب اغتفارها
له راحة في السلم تجنى جنانها
ويوم هياج الحرب توقد نارها
فأنمله طورا غصون نواضر
وطورا سيوف داميات شفارها
إذا خطبت من كفه فوق منبر
فسود جلابيب الشعور شعارها
به دمر الله الصليب وأهله
به ملة الإسلام عال منارها
فلا زالت الأفلاك تجري بنصره
ولا زال عنه قطبها ومدارها آ وقال يمدحه ويذكر بناءه لقلعة الطور بالساحل