الرئيسيةبحث

المقدمة البحر المحيط

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤلف

قال الشيخ الإمام العالم العلامة البحر الفهامة المحقق المدقق حجة وقدوة النحاة والأدباء الأستاذ ( ( أبو عبد الله محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي الجياني ) ) - رحمه الله تعالى - وأمتع بعلومه المسلمين آمين ( الحمد لله ) مبدئ صور المعارف الربانية في مرايا العقول ومبرزها من محال الأفكار إلى محال المقول وحارسها بالقوتين الذاكرة للمنقول والمفكرة للمعقول ومفيض الخير عليها من نتيجة مقدمات الوجود السائر روح قدسه في بطون التهائم وظهور النجود المبرز في الاتصالات الإلهية والمواهب الربانية على كل موجود محمد ذي المقام المحمود والحوض المورود المبتعث بالحق للأنام داعياً وبالطريق الأنهج إلى دار الإسلام منادياً الصادع بالحق الهادي للخلق المخصوص بالقرآن المبين والكتاب المستبين الذي هو أعظم المعجزات وأكبر الآيات البينات السائرة في الآفاق الباقي بقاء الأطواق في الأعناق الجديد على تقادم الأعصار اللذيد على توالي التكرار الباسق في الإعجاز إلى الذروة العليا الجامع المصالح الآخرة والدنيا الجالي بأنواره ظلم الإلحاد الحالي بجواهر معانيه طلى الأجياد صلى الله على من أنزل عليه وأهدى أرج تحية وأزكاها إليه وعلى آله المختصين بالزلفى لديه ورضي الله عن صحبه الذين نقلوا عنه كتاب الله أداء عرضا وتلقوه من فيه جيناً وغضاً وأدوه إلينا صريحاً مخصاً وبعد فإن المعارف جمة وهي كلها مهمة وأهمها ما به الحياة الأبدية والسعادة السرمدية وذلك علم كتاب الله هو المقصود بالذات وغيره من العلوم كالأدوات هو العروة الوثقى والوزر الأقوى الأوقى والحبل المتين والصراط المبين وما زال يختلج في ذكري ويعتلج في فكري أني إذا بلغت الأمد الذي يتغضد فيه الأديم ويتنغص برؤيتي النديم وهو العقد الذي يحل عرى الشباب المقول فيه إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب ) ألوذ بجناب الرحمن وأقتصر على النظر في تفسير القرآن فأتاح الله لي قبل بلوغ ذلك العقد وبلغني ما كنت أروم من ذلك القصد وذلك بانتصابي مدرساً في علم التفسير في قبة السلطان الملك المنصور قدس الله مرقده وبل بمزن الرحمة معهده وذلك في دولة ولده السلطان القاهر الملك الناصر الذي رد الله به الحق إلى أهله وأسبغ على العالم وارف ظله واستنقذ به الملك من غصابه وأقره في منيف محله وشريف نصابه وكان ذلك في أواخر سنة عشر وسبعمائة وهي أوائل سنة سبع وخمسين من عمري فعكفت على تصنيف هذا الكتاب وانتخاب الصفو واللباب أجيل الفكر فيما وضع الناس في تصانيفهم وأنعم النظر فيما اقترحوه من تآليفهم فألخص مطولها وأحل مشكلها وأقيد مطلقها وأفتح مغلها وأجمع مبددها وأخلص منقدها وأضيف إلى ذلك ما استخرجته القوة المفكرة من لطائف علم البيان المطلع على إعجاز القرآن ومن دقائق علم الإعراب المغرب في الوجوه أي إغراب المقتنص في الأعمار الطويلة من لسان العرب وبيان الأدب فكم حوى من لطيفة فكري مستخرجها ومن غريبة ذهني منتجها تحصلت بالعكوف على علم العربية والنظر في التراكيب النحوية والتصرف في أساليب النظم والنثر والتقلب في أفانين الخطب والشعر لم يهتد إلى إثارتها ذهن ولاصاب بريقها مزن وأني ذلك وهي أزاهر خمائل غفل ومناظر ما لمستغلق أبوابها من قفل في إدراك مثلها تتفاوت الأفهام وتتبارى الأوهام وليس العلم على زمان مقصوراً ولا في أهل زمان محصوراً بل جعله الله حيث شاء من البلاد وبثه في التهائم والنجاد وأبرزه أنواراً تتوسم وأزهاراً تتنسم وما زال المغربي الأندلسي على بعده من مهبط الوحي النبوي علماء بالعلوم الإسلامية وغيرها كملة وفهماء تلاميذ لهم دراة نقلة يروون فيروون ويسقون فيرتوون وينشدون فينشدون ويهدون فيهدون هذا وإن اختلفوا في مدارك العلوم وتباينوا في المفهوم فكل منهم له مزية لا يجهل قدرها وفضيلة لا يسر بدرها ومما برعوا فيه علم الكتاب انفردوا باقرائه مد أعصار دون غيرهم من ذوي الآداب أثاروا كنوزه وفكوا رموزه وقربوا قاصيه وراضوا عاصيه وفتحوا مقفله وأوضحوا مشكلة وأنهجوا شعابه وذللوا صعابه وأبدوا معانيه في صورة التمثيل وأبدعوه بالتركيب والتحليل فالكتاب هو المرقاة إلى فهم الكتاب إذ هو المطلع على علم الأعراب والمبدي من معالمه ما درس والمنطق من لسانه ما خرس والمحيي من رفاته ما رمس والراد من نظائره ما طمس فجدير لمن تاقت نفسه إلى علم التفسير وترقت إلى التحقيق فيه والتحرير أن يعتكف على كتاب ( ( سيبويه ) ) فهو في هذا الفن المعول عليه والمستند في حل المشكلات إليه ولم ألق في هذا الفن من يقارب أهل قطرنا الأندلسي فضلاً عن المماثلة ولا من يناضلهم فيداني في المناضلة وما زلت من لدن ميزت أتلمذ للعلماء وأنحاز للفهماء وأرغب في مجالسهم وأنافس في نفائسهم وأسلك طريقهم وأتبع فريقهم فلا أنتقل إلا من إمام إلى إمام ولا أتوقل إلا ذروة علام فكم صدر أودعت علمه صدري وحبر أفنيت في فوائده حبري وإمام أكثرت به الإمام الإلمام وعلام أطلت معه الاستعلام أشنف المسامع بما تحسد عليه العيون وأذيل في تطلاب ذلك المال المصون وأرتع في رياض وارفة الظلال وأكرع في حياض صافية السلسال وأقتبس بها من أنوارهم وأقتطف من أزهارهم وأبتلج من صحفاتهم وأتأرج من نفحاتهم وألقط من نثارهم وأضبط من فضالة إيثارهم وأقيد من شورادهم وأنتقي من فرائدهم فجعلت العلم والنهار سحيري وبالليل سميري زمان غيري يقصر ساريه على الصبا ويهب للهو ولا كهبوب الصبا ويرفل في مطارف اللهو ويتقمص أردية الزهو وبؤثر مسراتك الأشباح على لذات الأرواح ويقطع نفائس الأوقات في خسائس الشهوات من مطعم شهي ومشرب روي وملبس بهي ومركب خطي ومفرش وطي ومنصب سني وأنا أتوسد أبواب العلماء وأتقصد أماثل الفهماء وأسهر في حنادس الظلام وأصبر على شظف الأيام وأوثر العلم على الأهل والمال والولد وأرتحل من بلد إلى بلد حتى ألقيت بمصر عصا التسيار وقلت ما بعد عبادان من دار هذه مشارق الأرض ومغاربها وبها طوالع شموسها وغواربها بيضة الإسلام ومستقر الأعلام فأقمت بها المعرفة أبديها وعارفة علم أسديها وثأي أرأبه وفاضل أصحبه وبها صنفت تصانيفي وألفت تآليفي ومن بركاتها على تصنيفي لهذا الكتاب المقرب من رب الأرباب المر أن يكون نوراً يسعى بين يدي وستراً من النار يضفو علي فما لمخلوق بتأليفة قصدت ولا غير وجه الله به أردت جعلت كتاب الله والتدبير لمعانية أنيسي إذ هو أفضل مؤانس وسميري إذا أخلو لكتب ظلم الحنادس

نعم السمير كتاب الله إن له

حلاوة هي أحلى من جنى الضرب

به فنون المعاني قد جمعن فما

يقتن من عجب إلا إلى عجب

أمر ونهي وأمثال وموعظة

وحكمة أودعت في أفصح الكتب

لطائف يجتليها كل ذي بصر

وروضة يجتنيها كل ذي أدب

منهجه في تأليف هذا الكتاب ( وترتيبي في هذا الكتاب ) أني أبتدئ أولاً بالكلام على مفردات الآية التي أفسرها لفظة فيما يحتاج إليه من اللغة والأحكام النحوية التي لتلك اللفظة قبل التركيب وإذا كان للكملة معنيان أو معان ذكرت ذلك في أول موضع فيه تلك الكلمة لينظر ما يناسب لها من تلك المعاني في كل موضع تقع فيه فيحمل عليه ثم أشرع في تفسير الآية ذاكراً سبب نزولها إذا كان لها سبب ونسخها ومناسبتها وارتباطها بما قبلها حاشداً فيها القراءات شاذها ومستعملها ذاكراً توجيه ذلك في علم العربية ناقلاً أقاويل السلف الخلف في فهم معانيها متكلماً على جليها وخفيها بحيث إني لا أغادر منها كلمة وإن اشتهرت حتى أتكلم عليها مبدياً ما فيها من غوامض الإعراب ودقائق الآداب من بديع وبيان مجتهداً أني لا أكرر الكلام في لفظ سبق ولا في جملة تقدم الكلام عليها ولا في آية فسرت بل أذكر في كثير منها الحوالة على الموضع الذي تلكم فيها على تلك اللفظة أو الجملة أو الآية وإن عرض تكرير فبمزيده فائدة ناقلاً الفقهاء الأربعة وغيرهم في الأحكام الشرعية مما فيه تعلق باللفظ القرآني محيلاً على الدلائل التي في كتب الفقه وكذلك ما نذكره من القواعد النحوية أحيل في تقررها والاستدلال عليها على كتب النحو وربما أذكر الدليل إذا كان الحكم غريباً أو خلاف مشهور ما قال معظم الناس بادئا بمقتضى الدليل وما دل عليه ظاهر اللفظ مرجحاً له لذلك ما لم يصد عن الظاهر ما يجب إخراجه به عنه منكباً في الأعراب عن الوجوه التي تنزه القرآن عنها مبيناً أنها مما يجب أن يعدل عنه وأنه ينبغي أن يحمل على أحسن إعراب وأحسن تركيب إذ كلام الله تعالى أفصح الكلام فلا يجوز فيه جميع ما يجوزه النحاة في شعر ( ( الشماخ ) ) و ( ( الطرماح ) ) وغيرهما من سلوك التقادير البعيدة والتراكيب القلقة والمجازات المعقدة ثم أختتتم الكلام في جملة من الآيات التي فسرتها إفراداً وتركيباً بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع ملخصاً ثم أتبع آخر الآيات بكلام منثور أشرح به مضمون تلك الآيات على ما أختاره من تلك المعاني جملها في أحسن تلخيص وقد ينجر معها ذكر معان لم تتقدم في التفسير وصار ذلك أنموذجاً لمن يريد أن يسلك ذلك فيما بقي من سائر القرآن وستقف على هذا المنهج الذي سلكته إن شاء الله تعالى وربما ألممت بشيء من كلام الصوفية مما فيه بعض مناسبة لمدلول اللفظ وتجنبت كثيراً من أقاويلهم ومعانيهم التي يحملونها الألفاظ وتركت أقوال الملحدين الباطنية المخرجين الألفاظ القريبة عن مدلولاتها في اللغة إلى هذيان افتروه على الله تعالى وعلى علي كرم الله وجهه وعلى ذريته ويسمونه علم التأويل وقد وقفت على تفسير لبعض رؤوسهم وهو تفسير عجيب يذكر فيه أقاويل السلف مزدرياً عليهم وذاكراً أنه ما جهل مقالاتهم ثم يفسر هو الآية على شيء لا يكاد يخطر في ذهن عاقل ويزعم أن ذلك هو المراد من هذه الآية وهذه الطائفة لا يلتفت إليها وقد رد أئمة المسلمين عليهم أقاويلهم وذلك مقرر في علم أصول الدين نسأل الله السلامة في عقولنا وأدياننا وأبداننا وكثيراً ما يشحن المفسرون تفاسيرهم من ذلك الإعراب بعلل النحو ودلائل أصول الفقة ودلائل أصول الدين وكل هذا مقرر في تآليف هذه العلوم وإنما يؤخذ ذلك مسلماً في علم التفسير دون استدلال عليه وكذلك أيضاً ذكروا ما لا يصح من أسباب نزول وأحاديث في الفضائل وحكايات لا تناسب وتواريخ إسرائيلية ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير ومن أحاط بمعرفة مدلول الكلمة وأحكامها قبل التركيب وعلم كيفية تركيبها في تلك اللغة وارتقى إلى تمييز حسن تركيبها وقبحه فلن يحتاج في فهم ما تركب من تلك الألفاظ إلى مفهم ولا معلم وإنما تفاوت الناس في إدراك هذا الذي ذكرناه فلذلك اختلفت أفهامهم وتباينت أقوالهم وقد جرينا الكلام يوماً مع بعض من عاصرنا فكان يزعم أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تراكبيه بالإسناد إلى ( ( مجاهد ) ) و ( ( طاوس ) ) و ( ( عكرمة ) ) وأضرابهم وأن فهم الآيات متوقف على ذلك والعجب له أنه يرى أقوال هؤلاء كثير ة الاختلاف متباينة الأوصاف متعارضة ينقض بعضها بعضاً ونظير ما ذكره هذا المعاصر أنه لو تعلم أحدنا مثلاً لغة الترك إفراداً وتركيباً حتى صار يتكلم بتلك اللغة ويتصرف فيها نثراً ونظماً ويعرض ما تعلمه على كلامهم فيجده مطابقاً للغتهم قد شارك فيها فصحاءهم ثم جاءه كتاب بلسان الترك فيحجم عن تدبره وعن فهم ما تضمنه من المعاني حتى يسأل عن ذلك ( ( سنقرأ ) ) التركي ( ( أو سنجراً ) ) ترى مثل هذا يعد من العقلاء وكان هذا المعاصر يزعم أن كل آية نثل فيها التفسير خلف عن سلف بالسند إلى أن وصل ذلك إلى الصحابة ومن كلامه أن الصحابة سألوا رسول الله ﷺ عن تفسيرها هذا وهم العرب الفصحاء الذين نزل القرآن بلسانهم وقد روي عن ( ( علي ) ) كرم الله وجهه ) ) وقد سئل هل خصكم رسول الله ﷺ بشيء فقال ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة أو فهماً يؤتاه الرجل في كتابه وقول هذا المعاصر يخالف قول علي رضي الله عنه وعلى قول هذا المعاصر يكون ما استخرجه الناس بعد التابعين من علوم التفسير ومعانيه ودقائقة وإظهارا ما احتوى عليه من علم الفصاحة والبيان والإعجاز لا يكون تفسيراً حتى ينقل بالسند إلى مجاهد ونحوه وهذا كلام ساقط

العلوم التي يحتاج إليها المفسر

وإذ قد جر الكلام إلى هذا فلنذكر ما يحتاج إليه علم التفسير من العلوم على الاختصار وننبه على أحسن موضوعات التي في تلك العلوم المحتاج إليها فيه فنقول النظر في تفسير كتاب الله تعالى يكون من وجوه الوجه الأول علم اللغة أسماً وفعلاً وحرفاً الحروف لقلتها تكلم على معانيها النحاة فيؤخذ ذلك من كتبهم أما الأسماء والأفعال فيؤخذ ذلك من كتب اللغة وأكثر الموضوعات في علم اللغة كتاب ( ( ابن سيده ) ) فإن الحافظ أبا محمد ( ( علي بن أحمد الفارسي ) ) ذكر أنه في مائة سفر بدأ فيه بالفك وختم بالذرة ومن الكتب المطولة فيه كتاب ( ( الأزهري ) ) و ( ( الموعب ) ) لابن التياني و ( ( ( الصحاح ) ) للجوهري و ( ( البارع ) ) لأبي على لقالي و ( ( مجمع البحرين ) ) للصاغاني وقد حفظت في صغرى في علم اللغة كتاب الفصيح لأبي العباس أحمد بن يحيى الشيباني ) ) و ( ( اللغات ) ) المحتوي عليها دواوين مشاهير العرب الستة ( ( امرئ القيس ) ) ( ( النابغة ) ) و ( ( علقمة ) ) و ( ( زهير ) ) و ( ( طرفة ) ) و ( ( عنترة ) ) وديوان ( ( الأفوه الأودي ) ) لحفظي عن ظهر قلب لهذه الدواوين وحفظت كثيراً من اللغات المحتوي عليها نحو الثلث من كتاب الحماسة واللغات التي تضمنها قصائد مختارة من شعر ( ( حبيب بن أوس ) ) لحفظي ذلك ومن الموضوعات في الأفعال كتاب ابن القوطية وكتاب ( ( ابن طريف ) ) وكتاب ( ( السرقنطي ) ) المنبوز بالحمار ومن أجمعها كتاب ( ( ابن القطاع ) ) الوجه الثاني معرفة الأحكام التي للكلم العربية من جهة إفرادها ومن جهة تركيبها ويؤخذ ذلك من علم النحو وأحسن موضوع فيه وأجله كتاب ( ( أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه ) ) - رحمه الله تعالى - وأحسن ما وضعه المتأخرون من المختصرات وأجمعه للأحكام كتاب ( ( تسهيل الفوائد ) ) لأبي عبد الله محمد بن مالك الجياني الطائي مقيم دمشق وأحسن ما وضع في التصريف كتاب ( ( الممتع ) ) لأبي الحسن ( ( علي بن مؤمن بن عصفور ) ) الحضرمي الإشبيلي رحمه الله تعالى وقد أخذت هذا الفن عن أستاذنا الأوحد العلامة أبي جعفر ( ( أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي ) ) في كتاب ( ( سيبويه ) ) وغيره الوجه الثالث كون اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح ويؤخذ ذلك من علم البيان والبديع وقد صنف الناس في ذلك تصانيف كثيرة وأجمعها ما جمعه شيخنا الأديب الصالح أبو عبد الله ( ( محمد بن سليمان النقيب ) ) وذلك في مجلدين قدمهما أمام كتابه في التفسير وما وضعه شيخنا الأديب الحافظ المتبحر أبو الحسن ( ( حازم بن محمد بن حازم الأندلسي الأنصاري القرطاجني ) ) مقيم تونس المسمى ( ( منهاج البلغاء وسراج الأدباء ) ) وقد أخذت جملة من هذا الفن عن أستاذنا أبي جعفر بن الزبير رحمه الله تعالى الوجه الرابع تعيين مبهم وتبيين مجمل وسبب نزول ونسخ ويؤخذ ذلك من النقل الصحيح عن رسول الله ﷺ وذلك من علم الحديث وقد تضمنت الكتب والأمهات التي سمعناها ورويناه ذلك ( ( كالصحيحين ) ) و ( ( الجامع للترمذي ) ) و ( ( سنن أبي داود ) ) و ( ( سنن النسائي ) ) و ( ( سنن ابن ماجة ) ) و ( ( سنن الشافعي ) ) و ( ( مسند الدارمي ) ) و ( ( مسند الطيالسي ) ) و ( ( مسند الشافعي ) ) و ( ( سن الدار قطني ) ) و ( ( معجم الطبراني الكبير ) ) و ( ( المعجم الصغير له ) ) و ( ( مستخرج أبي نعيم ) ) على مسلم وغير ذلك الوجه الخامس معرفة الإجمال والتبيين والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد ودلالة الأمر والنهي وما أشبه هذا ويختص أكثر هذا الوجه بجزء الأحكام من القرآن ويؤخذ هنا من أصول الفقه ومعظمه هو في الحقيقة راجع لعلم اللغة إذ هو شيء يتكلم فيه على أوضاع العرب ولكن تكلم فيه غير اللغويين أو النحويين ومزجوه بأشياء من حجج العقول ومن أجمع ما في هذا الفن كتاب المحصول لأبي عبد الله محمد بن عمر الرازي وقد بحثت في هذا الفن في كتاب ( ( الإشارة ) ) لأبي الوليد الباجي ) ) على الشيخ الأصولي الأديب ( ( أبي الحسن فضل بن إبراهيم المعافري ) ) الإمام بجامع ( غرناطة ) ) والخطيب به وعلى الأستاذ العلامة ( ( أبي جعفر بن الزبير ) ) في كتاب ( ( الإشارة ) ) وفي شرحها له وذلك بالأندلسي وبحثت أيضاً في هذا الفن على الشيخ ( ( علم الدين عبد الكريم بن علي بن عمر الأنصاري المعروف بابن بنت العراقي ) ) في مختصره الذي اختصره من كتاب المحصول وعلى الشيخ ( ( علاء الدين علي بن محمد بن عبد الرحمن بن خطاب الباجي ) ) في ( ( مختصره ) ) الذي اختصره من كتاب ( ( محصول ) ) وعلى الشيخ شمس الدين ( ( محمد بن محمود الأصبهاني صاحب ( ( شرح المحصول ) ) بحثت عليه في كتاب ( ( القواعد ) ) من تأليفه رحمه الله تعالى الوجه السادس الكلام فيما يجوز على الله تعالى وما يجب له وما يستحيل عليه والنظر في النبوة ويختص هذا الوجه بالآيات التي تضمنت النظر في الباري تعالى وفي الأنبياء وإعجاز القرآن ويؤخذ هذا من علم الكلام وقد صنف علماء الإسلام من سائر الطوائف في هذا كتباً كثيرة وهو علم إذ المزلة فيه والعياذ بالله مفض إلى الخسران في الدنيا والآخرة وقد سمعت منه مسائل تبحث على الشيخ شمس الدسن الأصفهاني وغيره الوجه السابع اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص أو تغيير حركة أو إتيان بلفظ بدل لفظ وذلك بتواتر وآحاد ويؤخذ هذا الوجه من علم القرآن وقد صنف علماؤنا في ذلك كتباً لا تكاد تحصى وأحسن الموضوعات في القراءات السبع كتاب ( ( الإقناع ) ) ( ( لأبي جعفر بن الباذش ) ) وفي القراءات العشر كتاب ( ( المصباح ) ) لأبي الكرم الشهرزوري ) ) وقد قرأت القرآن بقراءة السبعة بجزيرة الأندلس على الخطيب أبي جعفر ( ( أحمد بن علي بن محمد الرعيني ) ) عرف بابن الطباع بغرناطة وعلى الخطيب أبي محمد ( ( وعبد الحق بن علي بن عبد لاله الأنصاري ) ) الوادي تشبتي ( ( بمطحشارش ) ) من حضرة غرناطة وعلى غيرها بالأندلس وقرأت القرآن بالقراءات الثمان بثغر ( ( الإسكندرية ) ) على الشيخ الصالح رشيد الدين أبي محمد عبد النصير بن علي بن يحيى الهمداني عرف بابن المربوطي وقرأت القرآن بالقراءات السبع بمصر حرسها الله تعالى الشيخ المسند العدل فخر الدين أبي الطاهر إسماعيل بن هبة الله بن علي المليجي وأنشأت في هذا العلم كتاب ( ( عقد اللآليء ) ) قصيداً في عروض قصيد ( ( الشاطبي ) ) ورويه يشتمل على ألف بيت وأربعة وأربعين بيتاً صرحت فيها بأسامي القراء من غير رمز ولا لغز ولا حوشي لغة وأنشأته من كتب تسعة كما قلت

تنظم هذا العقد من در تسعة

من الكتب فالتيسير عنوانه انجلى

بكاف لتجريد وهاد لتبصره

وإقناع تلخيصين مكملا

جنيت له أنسي لفظ لطيفة

وجانبت وحشياً كثيفاً معقلا

فهذه سبعة وجوه لا ينبغي أن يقدم على تفسير كتاب الله إلا من أحاط بجملة غالبها من كل وجه منها ومع ذلك فاعلم أنه لا يرتقي من علم التفسير ذروته ولا يمتطي منه صهوته إلا من كان متبحراً في علم اللسان مترقياً منه إلى رتبة الإحسان قد جبل طبعه على إنشاء النثر والنظم دون اكتساب وإبداء ما اخترعته فكرته السليمة في أبدع صورة وأجمل جلبات واستفرغ في ذلك زمانه النفيس وهجر الأهل والولد والأنيس ذلك الذي له في رياضه أصفى مرتع وفي حياضه أصفى مكرع يتنسم عرف أزاهر طال ما حجبتها الكمام ويترشف كؤوس رحيق له المسلك ختام ويستوضح أنوار بدور سترتها كثائف الغمام ويستفتح أبواب مواهب الملك العلام يدرك إعجازك القرآن بالوجدان لا يالتقليد وينفتح له ما استغلق إذ بيده الإقليد وأما من اقتصر على غير هذا من العلوم أو قصر في إنشاء المنثور والمنظوم فإنه بمعزل عن فهم غوامض الكتاب وعن إدراك لطائف ما تضمنه من العجب العجاب وحظه من علم التفسير إنما هو نقل أسطار وتكرار محفوظ على مر الأعصار ولبتاين أهل الإسلام في إدراك فصاحة وتوقل في معارف الآداب وقوانينها أدرك بالوجدان أن القرآن أتى في غاية من الفصاحة لا يوصل إليها ونهاية من البلاغة لا يمكن أن يحام عليها فمارضته عنده غير ممكنة للبشر ولا داخلة تحت القدر ومن لم يدرك هذا المدرك ولا سلك هذا المسلك رأى أنه من نمط كلام العرب وإن مثله مقدور لمنشى ء الخطب فإعجازه عنده إنما هو بصرف الله تعالى إياهم عن معارضته ومناضلته وإن كانوا قادرين على مماثلته والقائلون بأن الإعجاز وقع بالصرف هم من نقصان الفطرة الإنسانية في رتبة بعض النساء حين رأت زوجها يطأ جارية فعاتبته فأخبر أنه ما وطئها فقالت له إن كنت صادقاً فاقرا شيئاً من القرآن فأنشدها بيت شعر قاله ذكر الله فيه ورسوله فصدقته فلم تزرق من الرزق ما تفرق به بين كلام الخلق وكلام الحق وحكى لنا أستاذنا العلامة ( ( أبو جعفر ) ) - رحمه الله تعالى - عن بعض من كان له معرفة بالعلوم القديمة ومعرفة بكثير من العلوم الإسلامية أنه كان يقول له يا أبا جعفر لا أدرك فرقاً بين القرآن وبين غيره من الكلام فهذا الرجل وأمثاله من علماء المسلمين يكون من الطائفة الذين يقولون بأن الإعجاز وقع بالصرفة وكان بعض شيوخنا من له تحقق بالمعقول وتصرف في كثير من المنقول إذا أراد أن يكتب فقرأ فصيحة أتى لبعض تلامذته وكلفة أن ينشئها له وكان بعض شيوخنا ممن له التبحر في علم لغة العرب إذا أسقط من بيت الشعر كلمة أو ربع البيت وكان المعين بدون ما أسقط لا يدرك ما أسقط من ذلك وأين هذا في الإدراك من آخر إذا حركت له مسكناً أو سكنت له محركاً في بيت أدرك ذلك بالطبع وقال إن هذا البيت مكسور ويدرك ذلك في أشعار العرب الفصحاء إذا كان فيه زحاف ما وإن كان جائزاً في كلام العرب لكن يجد مثل هذا طبعه ينبو عنه ويقلق لسماعه هذا وإن كان لا يفهم معنى البيت لكونه حوشء اللغات أو منطويا على حوشي فهذه كلها من مواهب الله تعالى لا تؤخذ باكتساب لكن الاكتساب يقويها وليس العرب متساوين في الفصاحة ولا في إدراك المعاني ولا في نظم الشعر بل فيهم من يكسر الوزن ومن لا ينظم ولا بيتاً واحداً ومن هو مقل من النظم وطباعهم كطباع سائر الأمم في ذلك حتى فحول شعرائهم يتفاوتون في الفصاحة وينفتح الشاعر منهم القصيدة حولاً حتى يسمى قصائد الحوليات فهم مختلفون في ذلك وكذلك كان بعض الكفار حين سمع القرآن أدرك إعجازه للوقت فوفق وأسلم وآخر أدرك إعجازه فكفر ولج في عناده ( بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده ) البقرة 90 فنسبه تارة إلى الشعر وتارة إلى الكهانة والسحر وآخر لم يدرك إعجاز القرى ن كتلك المرأة العربية التي قدمنا ذكرها وكحال أكثر الناس فإنهم لا يدركون إعجاز القرآن من جهة الفصاحة ممن أدرك إعجازه فوق وأسلم بأول سماع سمعه ( ( أبو ذر ) ) إعجازه وكفر عناداً ( ( عتبة بن ربيعة ) ) وكان من عقلاء الكفار حتى كان يتوهم ( ( أمية بن الصلت ) ) أنه هو يعني عتبة يكون النبي المنبعث في ( ( قريش ) ) فلما بعث الله محمداً ﷺ حسده عتبة وأضرابه مع علمهم بصدقة وأن ما جاء به معجز وكذلك ( ( الوليد بن المغيرة ) ) روى عنه أنه قال لبني مخزوم والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو وما يعلى ومع هذا الاعتراف غلب عليه الحسد والأشر حتى قال ما حكى الله عنه ( إن هذا إلا سحر يؤثر عن هذا إلا قول البشر ) المدثر 25 وممن

لم يدرك إعجازه أو أدرك وعاند وعارض مسيلمة الكذاب أتى بكلمات زعم أنها أوحيت إليه انتهت في الفهاهة والعي والغثاثة بحيث صارت هزأة للسامع وكذلك ( ( أبو الطيب المتنبي ) ) وقد ذكر القاضي أبو بكر محمد بن أبي الطيب الباقلاني في كتاب ( ( الانتصار في إعجاز القرآن ) ) شيئاً من كلام أبي الطيب مما هو كفر وذكر لنا قاضي القضاة أبو الفتح محمد بن علي بن وهب القشيري أن أبا الطيب أدعى النبوة واتبعه ناس من عبس وكلب وأنه اختلق شيئاً ادعى أنه أوحي إليه به سوراً سماها العبر وإن شعره لا يناسبها لجودة أكثرة ورداءتها كلها أو كلاما هذا معناه وإنما أتينا بهذه الجملة من الكلام ليعلم أن أذهان الناس مختلفة في الإدراك على ما شاء الله تعالى وأعطى كل أحد ( ولنبين )

الشروط الواجب توافرها في المفسر

إن علم التفسير ليس متوقفاً على علم النحو فقط كما يظنه بعض الناس بل أكثر العربية هم بمعزل عن التصرف في الفصاحة والتفنن في البلاغة ولذلك قلت تصانيفهم في علم التفسير وقل أن ترى نحوياً بارعاً في النظم والنثر كما قل أن ترى بارعاً في الفصاحة يتوغل في علم النحو وقد رأينا من ينسب للإمامة في علم النحو وهو لا يحسن أن ينطق بأبيات من أشعار العرب فضلاً عن أن يعرف مدلولها أو يتكلم على ما انطوت عليه من علم البلاغة والبيان فأنى لمثل هذا أن يتعاطى علم التفسير ولله در أبي القاسم الزمخشري حيث قال في خطبة كتابه في ( ( التفسير ) ) ما نصه إن أملأ العلوم بما يغمر القرائح وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح عن غرائب نكت يلطف مسلكها ومستودعات أسرار يدق سلكها علم التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وأجالة النظر فيه كل ذي علم كما ذكر الجاحظ في كتاب ( ( نظم القرآن ) ) فالفقيه وإن برز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام والمتكلم وإن بز أهل الدنيا في صناعة الكلام وحافظ القصص والأخبار وإن كان من ابن القرية أحفظ والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ والنحوي وإن كان أنحى من سيبويه واللغوي وإن علك اللغات بقوة لحييه لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن وهما المعاني وعلم البيان وتمهل في ارتيادهما آونة وتعب في التنقير عنهما أزمنة وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله وحرص على استيضاح معجزة رسول الله بعد أن يكون آخذاً من سائر العلوم بحظ جامعاً بين أمرين تحقيق وحفظ كثير المطالعات طويل المراجعات قد رجع زماناً ورجع إليه ورد ورد عليه فارساً في علم الإعراب مقدماً في جملة الكتاب وكان مع ذلك مسترسل الطبيعة منقادها مشتعل القريحة وقادها يقظان النفس دراً كالمجة وإن لطف شأنها منتبهاً على الرمزة وإن خفي مكانها لا كزاً جاسياً ولا غليظاً جافياً متصرفاً ذا درية بأساليب النظم والنثر مرتاضاً غير ريض بتلقيح نبات الفكر قد علم كيف يرتب الكلام ويؤلف وكيف نظم ويرصف طالما دفع إلى مضايقه ووقع في مداحضة ومزالقه انتهى كلام ( ( الزمخشري ) ) في وصف متعاطي تفسير القرآن وأنت ترى هذا الكلام وما احتوى عليه من الترصيف الذي يبهر بجنسه الأدباء ويقهر بفصاحته البلغاء وهو شاهد له بأهليته للنظر في تفسير القرآن واستخراج لطائف الفرقان حديثه عن الزمخشري وابن عطية وهذا ( ( أبو القاسم محمود بن عمر المشرقي الخوارزمي الزمخشري ) ) و ( ( أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي ) ) المغربي الغرناطي أجل من صنف في علم التفسير وأفضل من تعرض للتنقيح فيه والتحرير وقد اشتهرا ولا كاشتهار الشمس وخلدا في الأحياء وإن هدا في الرمس وكلامهما فيه يدل على تقديمها في علوم من منثور ومنظوم ومنقول ومفهوم وتقلب في فنون الآداب وتمكن من علمي المعاني والإعراب وفي خطبتي كتابيهما وفي غضون كتاب ( ( الزمخشري ) ) ما يدل على أنهما فارسا ميدان وممارسا فصاحة وبيان وللزمخشري تصانيف غير تفسيره منها ( ( الفائض ) ) في لغات الحديث و ( ( مختلف الأسماء ومؤتلفها ) ) و ( ( ربيع الأبرار ) ) و ( ( الرائض في الفرائض ) ) و ( ( المفصل ) ) وغير ذلك وقد ذكر الوزير أبو نصر الفتح بن خاقان الأشبيلي في كتابه المسمى ( ( قلائد العقيان ومحاسن الأعيان ) ) أبا محمد بن عطية فقال فيه نبعة روح العلا ومحرز ملابس الثنا فذ الجلالة وواحد العصر والأصالة وقار كما رسا الهضب وأدب كما اطرد السلسل العذب أثره في كل معرفة علم في رأسه نار وطوالعه في آفاقها صبح ونهار وقد أثبت من نظمه ما ينفخ عبيراً ويتضح منيراً وأورد له نثراً كما نظم قلائد ونظماً تزدان بمثله أجياد الولائد من ألفاظ عذبة تستنزل برقتها العصم ومعان مبتكرة تفحم الألد الخصم أبقت له ذكراً مخلداً على جبين الدهر وعرفاً أرجاً كتضوع الزهر ولما كان كتاباهما في التفسير قد أنجدا وأغارا وأشرقا في سماء هذا العلم وأنارا وتنزلا من الكتب التفسيرية منزلة الإنسانية من العين والذهب الا بريز من العين ويتيمة الدر من اللالي وليلة القدر من الليالي فعكف الناس شرقا وغربا عليهما وثنوا أعنه الاعتناء إليهما وكان فيهما على جلالتهما مجال لانتقاد ذوي التبريز ومسرح للتخييل فيهما والتمييز ثنيت إليهما عنان الانتقاد وحللت ما تخيل الناس فيهما من الاعتقاد أنهما في التفسير الغاية التي لا تدرك والمسلك الوعر الذي لا يكاد يسلك وعرضتهما على محك النظر وأرويت فيهما نار الفكر حتى خلص دسيسهما وبرز نفيسهما وسيرى ذلك من هو للنظر أهل واجتمع فيه إنصاف وعدل فإنه يتعجب من التولج على الضراغم والتحرز لأشبالها والأنف راغم إذ هذان الرجلان هما فارسا علم التفسير وممارسا تحريره والتحبير نشراه نشراً وطار لهما به ذكراً وكانا متعاصرين في الحياة متقاربين في الممات ( ولد أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الزمخشري ) ( ( بزمخشر ) ) قرية من قرى خوارزم يوم الأربعاء السابع عشر لرجب سنة سبع وستين وأربعمائة ( وتوفي بكركانج ) قصبة ( ( خوارزم ) ) ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ( وولد أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد الله بن تمام بن عطية المحاربي من أهل غرناطة ) سنة إحدى وثمانين وأربعمائة وتوفي بلورقة في الخامس والعشرين لرمضان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة هكذا ذكره القاضي ابن أبي جمرة في وفاة ابن عطية وقال الحافظ أبو القاسم بن بشكوال توفي يعني ( ( ابن عطية ) ) سنة اثنين وأربعين وخمسمائة وكتاب ابن عطية أنقل وأجمع وأخلص وكتاب الزمخشري ألخص وأغوص إلا أن الزمخشري قائل بالطفرة ومقتصر من الذؤابة على الوفرة فربما سنح له آبي المقادة فأعجزه اعتياصه ولم يمكنه لتأنيه اقتناصه فتركه عقلاً لمن يصطاده وغفلاً لمن يرتاده وربما ناقض هذا المنزع فثنى العنان إلى الواضح والسهل اللائح وأجال فيه كلاماً ورمى نحو غرضه سهاماً هذا مع ما في كتابه من نصره مذهبه وتقحم مرتكبه وتجشم حمل كتاب الله عز وجل عليه ونسبه ذلك إليه فمغتفر إساءته لإحسانه ومصفوح عن سقطه في بعض لإصابته في أكثر تبيانه فما كان في كتابي هذا من تفسير الزمخشري رحمه الله تعالى فأخبرني به أستاذنا العلامة أبو جعفر ( ( أحمد بن إبراهيم بن الزبير ) ) قراءة مني عليه فيه وإجازة أيام كنت أبحث معه في كتاب سيبويه عن القاضي ( ( ابن الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السكوني ) ) عن ( ( أبي طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي ) ) ح وأخبرني به عالياً ( ( أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي عرف بابن البخاري ) ) في كتابه إلي من ( ( دمشق ) ) عن ( ( أبي طاهر الخشوعي ) ) وهو آخر من حدث عنه عن ( ( الزمخشري ) ) وما كان في هذا الكتاب من تفسير ( ( ابن عطية ) ) فأخبرني به القاضي الإمام ( ( أبو علي الحسين بن عبد العزيز بن أبي الأحوص ) ) القرشي قراءة مني عليه لبعضه ومناولة عن الحافظ ( ( أبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي ) ) قال أخبرنا أبو ( ( القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الأنصاري يعرف بابن حبيش ) ) قال أخبرنا به مصنفه قراءة عليه لجميعة وأخبرني به عالياً القاضي الأصولي المتكلم ( ( أبو الحسن محمد بن القاضي الأصولي المتكلم ) ) ( ( أبي عامر يحيى بن عبد الرحمن الأشعري ) ) نسباً ومذهباً إجازه كتبها لي بخطه ( ( بغرناطة ) ) عن أبي الحسن علي بن أحمد بن علي الغافقي الشقوري بقرطبة وهو آخر من حدث عن ( ( ابن عطية ) ) وهو آخر من روى عنه واعتمدت في أكثر نقول كتابي هذا على كتاب ( ( التحرير والتحبير ) ) لأقوال أئمة التفسير من جمع شيخنا الصالح القدوة الأديب ( ( جمال الدين أبي عبد الله محمد بن سليمان بن حسن بن حسين المقدسي ) ) عرف ( ( بابن النقيب ) ) - رحمه الله تعالى - إذ هو أكبر كتاب رأيناه صنف في علم التفسير يبلغ في العدد مائة سفر أو يكاد إلا أنه كثير التكرير قليل التحرير مفرط الإسهاب لم يعد جامعه من نسخ كتب في كتابه كذلك كان فيه بحال التهذيب ومراد الترتيب وهذا الكتاب روايتي بالإجازة من جامعه رحمه الله تعالى وقد شاهدناه غير مرة حين جمعه يقول للناسخ اقرا علي فيقرأ عليه فيقول اكتب من كذا إلى كذا وينقل ما في كتب التفسير التي اعتمدها ويعزو أكثر المواضع ما ينقل منها إلى مصنف ذلك الكتاب وكان فيه فضيلة أدب وله نثر ونظم متوسط رحمه الله تعالى ورضي عنه ( وقد تقدم أني قرأت كتاب الله تعالى على جماعة من المقرئين رحمهم الله تعالى ) وأنا الآن أسند قراءتي القرآن من بعض الطرق وأذكر شيئاً مما ورد في القرآن وفضائله وتفسيره على سبيل الاختصار فأقول قرأت القرآن برواية ( ( ورش ) ) وهي الرواية التي ننشأ عليها ببلادنا ونتعلمها أولاً في المكتب على المسند المعمر العدل أبي طاهر إسماعيل بن هبة اله بن علي المليجي بمصر وقرأتها على أبي الجود غياث بن فارس بن مكي المنذري بمصر وقرأتها على ( ( أبي الفتوح ناصر بن الحسن بن إسماعيل الزيدي ) ) ( ( بمصر ) ) وقرأتها على ( ( أبي الحسن يحيى بن علي بن أبي الفرج الخشاب ) ) ( ( بمصر ) ) وقرأتها علي ابن الحسن أحمد بن سعيد بن نفيس بمصر وقرأتها على ( ( ابن عدي عبد العزيز بن علي بن محمد عرف بابن الإمام ) ) ( ( بمصر ) ) وقرأتها على ( ( أبي بكر بن عبد الله بن مالك بن سيف ) ) ( ( بمصر ) ) وقرأتها على ( ( أبي يعقوب بن يوسف بن عمرو بن سيار ) ) ويقال يسار الأزرق ( ( بمصر ) ) وقرأتها على ( ( أبي عمر وعثمان بن سعيد بن عدي الملقب ) ) بورش ( ( بمصر ) ) وقرأتها على ( ( أبي عبد الرحمن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم ) ) يمدينة رسول الله ﷺ وقرأ ( ( نافع ) ) على ( ( أبي جعفر يزيد بن القعقاع ) ) بمدينة رسول الله ﷺ وقرأ ( ( يزيد ) ) على ( ( عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ) ) بمدينة رسول الله ﷺ وقرأ ( ( عبد الله ) ) على ( ( أبي المنذر أبي بن كعب ) ) بمدينة رسول الله ﷺ وقرأ ( ( أبي ) ) على رسول الله ﷺ هذا إسناد صحيح دائر بين مصري ومدني فمن شيخي إلى ورش مصريون ومن نافع إلى من بعده مدنيون ( ومثل هذا الإسناد عزيز الوجود بيني وبين رسول الله ﷺ ثلاثة عشرة رجلاً ) وهذا من أعلي الأسانيد التي وقعت لي وقد وقع لي في بعض القراءات أن بيني وبين رسول الله ﷺ اثني عشر رجلاً وذلك في قراءة ( ( عاصم ) ) وهي القراءة التي ينشأ عليها أهل العراق وهو إسناد أعلى ما وقع لأمثالنا وقرأت القرآن على ( ( أبي الطاهر بن المليجي ) ) قال قرأت على ( ( أبي الجود ) ) قال قرأت على ( ( أبي الفتوح الزيدي ) ) قال قرأت على ( ( أبي الحسن علي بن أحمد الأبهري ) ) قال قرأت على ( ( أبي محمد يحيى بن محمد بن قيس الأنصاري العليمي ) ) الكوفي قال قرأت على ( ( أبي بكر بن عياش ) ) قال قرأت على ( ( عاصم ) ) وقرأ ( ( عاصم ) ) على ( ( أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي ) ) على ( ( أبي بن كعب ) ) و ( ( عثمان بن عفان ) ) و ( ( علي بن أبي طالب ) ) و ( ( عبد الله بن مسعود ) ) و ( ( زيد بن ثابت ) ) وقرأ هؤلاء الخمسة على رسول الله

ذكر فضائل القرآن

( وأما ما ورد في القرآن وفضائله ) فقد صنف الناس في ذلك ( ( كأبي عبيد القاسم بن سلام ) ) وغيره ( ومما روي ) أن رسول الله ﷺ قال إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم قيل فما النجاة منها يا رسول الله

قال كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بنيكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبراً قصمه الله تعالى ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله تعالى وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن عصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم وقال رسول الله ﷺ من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن وقال رسول الله ﷺوسلم اتلوا هذا القرآن فإن الله تعالى يأجركم بالحرف عشر حسنات أما إني لا أقول ألم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف وروي عنه ﷺ أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وأهل بيتي وعترتي وهو الثقل الآخر فلا تسبوهم فتهلكوا وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال من قرأ القرآن فرأى أن أحداً أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله وعنه ﷺوسلم أنه قال ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك وعنه ﷺ أفضل عبادة أمتي القرآن وعنه ﷺ أنه قال أشرف أمتي حملة القرآن وعنه ﷺ أنه قال من قرأ مائة آية كتب من الفانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكن من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن وعنه ﷺ أنه قال القرآن شافع مشفع وما حل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة أكبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به القرآن من عدل عنه وضيعه وعنه ﷺ أنه قال إن أصغر البيوت بيت صفر من كتاب الله تعالى وعنه ﷺ أنه قال إن الذي يتعاهد القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة وعنه ﷺ أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه وقال قوم من الأنصار للنبي ﷺ أم تر يا رسول الله ( ( ثابت بن قيس ) ) لم تزل داره البارحة تزهر وحولها أمثال المصابيح فقال لهم فلعله قرأ سورة البقرة فسئل ( ( ثابت بن قيس ) ) فقال قرأت سورة البقرة وقد خرج البخاري في تنزيل الملائكة في الظلمة لصوت ( ( أسيد بن حضير ) ) بقراءة سورة البقرة وقال ( ( عقبة بن عامر ) ) عهد إلينا رسول الله ﷺ في حجة الوداع فقال عليكم بالقرآن وسئل رسول الله ﷺ عن أحسن الناس قراءة أو صوتاً بالقرآن فقال الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى

الترغيب في تفسير القرآن

( وأما ما ورد في تفسيره ) فروى ابن عباس أن رجلاً سأل النبي ﷺ فقال أي علم القرآن أفضل فقال النبي ﷺ عربيته فالتمسوها في الشعر وقال أيضاً ﷺ أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله تعالى يحب أن يعرف وقد فسرت الحكمة من قوله تعالى ( ومن يؤت الحمكة ) البقرة 269 بأنها تفسير القرآن وقال رسول الله ﷺ لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة وقال ( ( الحسن ) ) أهلكتم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيا بوجوهما حتى يفترى على الله بها وقال ( ( ابن عباس ) ) الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر ووصف علي ( ( جابر بن عبد الله ) ) لكونه يعرف تفسير قوله تعالى ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) القصص 85 ورحل ( ( مسروق ) ) إلى ( ( البصرة ) ) في تفسير آية فقيل له الذي يفسرها رجع إلى ( ( الشام ) ) فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها وقال ( ( مجاهد ) ) أحب الخلق إلى الله تعالى أعلمهم بما أنزل ( وما روى ) عن رسول الله ﷺ من كونه لا يفسر من كتاب الله إلا أبا بعدد علمه إياهن جبرائيل عليه السلام محمول ذلك على مغيبات القرآن وتفسيره لمجمله ونحوه مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ( وما روى ) عنه ﷺ من قوله ( من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ) محمول على من تسور على تفسيره برأيه دون النظر في أقوال العلماء وقوانين العلوم كالنحو واللغة والأصول وليس من اجتهد ففسر على قوانين العلم والنظر بداخل في ذلك الحديث ولا هو يفسر برأيه ولا يوصف بالخطا

المفسرون من الصحابة

والمنقول عنه الكلام في تفسير القرآن من الصحابة جماعة منهم ( ( علي بن أبي طالب ) ) و ( ( عبد الله بن مسعود ) ) و ( ( أبي بن كعب ) ) و ( زيد بن ثابت ) ) و ( ( عبد الله بن عمرو بن العاص ) ) فهؤلاء مشاهير من أخذ عنه التفسير من الصحابة رضي الله عنه تعالى عنهم وقد نقل عن غير هؤلاء غير ما شيء من التفسير

المفسرون من التابعين

( ومن المتكلمين ) في التفسير من التابعين ( ( الحسن بن أبي الحسن ) ) و ( ( مجاهد بن جبر ) )

و ( ( سعيد بن جبير ) ) و ( ( علقمة ) ) و ( ( الضحاك بن مزاحم ) ) و ( ( السدي ) ) و ( ( وأبو صالح ) ) وكان ( ( الشعبي ) ) يطعن على ( ( السدي ) ) و ( ( أبي صالح ) ) لأنه كان يراهما مقصرين في النظر

منهج التفسير في العصور المتقدمة له والمتأخرة

ثم تتابع الناس في التفسير وألفوا فيه التأليف وكانت تآليف المتقدمين أكثرها إنما هي شرح لغة ونقل سبب ونسخ وقصص لأنهم كانوا قريبي عهد بالعرب وبلسان العرب فلما فسد اللسان وكثرت العجم ودخل في دين الإسلام أنواع الأمم المختلفو الألسنة والناقصو الإدراك احتاج المتأخرون إلى إظهار ما انطوى عليه كتاب الله تعالى من غرائب التركيب وانتزاع المعاني وإبراز النكت البيانية حتى يدرك ذلك من لم تكن في طبعه ويكتسها من لم تكن نشأته عليها ولا عنصره يحركه إليها بخلاف الصحابة والتابعين من العرب فإن ذلك كان مركوزاً في طباعهم يدركون تلك المعاني كلها من غير موقف ولا معلم لأن ذلك لسانهم وخطتهم وبيانهم على أنهم كانوا يتفاوتون أيضاً في الفصاحة وفي البيان ألا ترى إلى قوله ﷺ حين سمع كلام ( ( عمرو بن الأهتم ) ) في ( ( الزبرقان ) ) إن من البيان لسحراً وقد أشرنا فيما تقدم إلى تفاوت العرب في الفصاحة

تعريف علم التفسير لغة واصطلاحاً

وقبل أن نشرع فيما قصدنا وننجز ما به وعدنا ونبدأ برسم لعلم التفسير فإني لم أقف لأحد من علماء التفسير على اسم له فنقول التفسير في اللغة الاستبانة والكشف قال ( ( ابن دريد ) ) ومنه يقال للماء الذي ينظر فيه الطبيب تفسرة وكانه تسمية بالمصدر لأن مصدر فعل جاء أيضاً على تفعله نحو جرب تجربة وكرم تكرمة وإن كان القياس في الصحيح من فعل التفعيل كقوله تعالى ( وأحسن تفسيراً ) وينطلق أيضاً التفسير على التعرية للانطلاق قال ( ( ثعلب ) ) تقول فسرت الفرس عريته لينطلق في حضره وهو راجع لمعنى الكشف فكأنه كشف ظهره لهذا الذي يريده منه من الجري وأما الرسم في الاصطلاح فنقول التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك فقولنا علم هو جنس يشمل سائر العلوم وقولنا يبحث فيه عن كيفية النظق بألفاظ القرآن هذا هو علم القراءات وقولنا ومدلولاتها أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا هو علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم وقولنا وأحكامها الإفرادية والتركيبية هذا يشمل علم التصريف وعلم الإعراب وعلم البيان وعلم البديع ومعانيها التي تحمل بها حالة التركيب شمل بقوله التي تحمل عليها ما لا دلالة عليه بالحقيقة وما دلالته عليه بالمجاز فإن التركيب قد يقضي بظاهره شيئاً ويصد عن الحمل على الظاهر صاد فيحتاج لأجل ذلك أن يحمل على الظاهر وهو المجاز وقولنا وتتمات لذلك هو معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما انبهم في القرآن ونحو ذلك.