| الغرب والشرق المؤلف: خالد الفرج |
|
| ||
| الغَرْبُ قد شدَّدَفي هَجْمَتِهْ | والشَّرْقُ لاهٍ بعدُ في غَفْلَتِهْ | |
| وكُلَّمَا جَدَّ بأعْمَالِهِ | يَسْتَسْلِمُ الشَّرْقُ إلى رَاحَتِهْ | |
| فيجمعُ الغربِيُّ وحْدَاتِهِ | والشرق مقسوم على وحدتِهْ | |
| وذاكَ يبني العِلْمَ في بحثِهِ | وذا يضيعُ الوقتَ في نظرته | |
| يستجمعُ الغَرْبُ قُوَاهُ لكي | يستعبد العالمَ في صَوْلَتِهْ | |
| فطوَّقَ الأرضَ بقضبانِهِ | وقرَّبَ النائي بِسَيَّارَتِهْ | |
| طبَّقَ سطحَ البحرِ أسطولُه | وامتلك القعْرَ بغوّاصتِه | |
| وذلَّلَ الريحَ بطيّارةٍ | واستنزلَ الأعْصَمَ من قُنَّتِه | |
| وغاص في العلم وأسرارهِ | فاستخرجَ المكنون من علته | |
| ولم ْتَفِ الأرضُ بأطْمَاعِهِ | حتى غزا الأفلاكَ في فكرَتِهْ | |
| مَصَالِحُ العالَمِ من نَهْبِهِ | وساكِنو الأقطار في سُخرتِهْ | |
| أينَ يَفِرُّ الشَّرْقُ منْ بطشِه | وكيف ينجي النفسَ من رِبقتِهْ | |
| لا الجوُّ يُنجيهِ وأنَّى لَهُ | وَهْوَ بطيءُ السيرِ في مِشيتِهْ | |
| والشرقُ ويحَ الشرق من جهلِهِ | وَهَى به الإحساسُ من عِلَّتِهْ | |
| يعلِّل النفسَ بأجدادهِ | وبالياتِ المجدِ من دولتِهْ | |
| ويقرع المدفعُ أسماعَهُ | فيَطَّبيهِ العودُ في نغمتِهْ | |
| وإن دهاهُ الغربُ في بأْسِهِ | فلِلقَضا التفريجُ مِنْ أزمتِهْ | |
| يكلِّفُ الأقدارَ إسعادَهُ | يحلمُ بالآمالِ في رقْدتِهْ | |
| كآكلِ الأفيونِ يسري به السْـ | ـسُمُّ ويستَرْسِلُ في لذَّتِهْ | |
| أرهقه الغربُ بويلاتِهِ | واستنزفَ القيراطَ من ثروتِهْ | |
| وكلُّ شرقيٍّ على وجهِها | يُحسُّ بالآلام في بُقعتِهْ | |
| فالهندُ قد ضجَّتْ ملايينُها | مِنِ امتصاص الغرب معْ قسوتِهْ | |
| والصينُ مَعْ تخدير أعصابِها | آلمها الممتصُّ في عضَّتِهْ | |
| ومستقلُّ الشرق في عِزِّهِ | كمُستذَلِّ الشرق في ذلَّتِهْ | |
| لا فرقَ فيه غيرُ عنوانِهِ | كلاهما يَشْقى بوضعيَّتِهْ | |
| منقسمٌ حتى على نفسهِ | مُشتَّت الأوصال في أسرتِهْ | |
| يجني به البعضُ على بعضِهِ | جهلاً ويخشى الأخُ من إخوتِهْ | |
| مكَّنَ للعادين من نفسِهِ | بحَلِّه المجموعَ من حُزْمتِهْ | |
| هذي بِلادُ العُرْبِ في ضَعفِها | لا يعطفُ الجارُ على جيرتِهْ | |
| في كُلَّ شِبْرٍ دَوْلَةٌ تَاجُهَا | كصاحِبِ التمثيلِ في جَوقتِهْ | |
| يلعب في تيجانها ضدها | كلاعبِ الشطرنج في رقعتِهْ | |
| وهذه الدولاتُ مجموعُها | أحقرُ أن يعتدَّ في كثرتِهْ | |
| لكنها لو جمعت لقمةٌ | قد تُتْعب الماضغ في مُضغتِهْ | |
| يا قومُ إنَّ الدَّاءَ مُستأصِلٌ | فينا سيفنى الجسمُ من وطأتِهْ | |
| فنحنُ كالمجذوم أعضاؤهُ | تفصِلها الأدواءُ من جثَّتِهْ | |
| فقد قضى الله على مسقطٍ | وأسقطَ السيّدَ من ذروتِهْ | |
| وهذه بغدادُ مغلولة | يقودها الغربُ إلى حُفرتِهْ | |
| يخنقها الغربيُّ في كَفِّهَا | وباسْمِهَا يسترُ مِنْ سوأتِهْ | |
| مسيطرٌ في كُلِّ أعمالِهَا | يندمجُ الكُلُّ بِشخصيَّتِهْ | |
| يظلمُ باسمِ العدلِ سكَّانَها | يسومها الخسفَ بِوحشيّتِهْ | |
| ما قيصر الطاغي على ظلمهِ | أقلُّ ظلماً منهُ في سُلطتِهْ | |
| فقيصر يُسألُ عن ظُلْمِهِ | وذاكَ لايُسْألُ عن فِعلَتِهْ | |
| إنْ كانَ خَيْراً فَهْوَ فَعَّالُهُ | أو كان شرَّاً فهو من طُغمتِهْ | |
| طُغْمَتُهُ أجْهُلُ سُكَّانِهَا | يخلِبُها المنصبُ في شهوتِهْ | |
| ومصدر العدلِ وقانونه | من فكرة البليوز أو حكمتِهْ | |
| والويلُ للحرِّ الأبِيِّ الذي | يشعر بالواخِزِ من إبرتِهْ | |
| قَدْ أبعَدَ الأحرارَ عن دارِهِمْ | وقرَّبَ الأنذالَ من حضرَتِهْ | |
| ورأس العاطلَ من قومِهِ | في وافر العيشِ وفي بسطتهْ | |
| ياقومُ في أحوالنا عِبرَةٌ | فليقم النائم من رقدته | |
| فَمَنْ تَغدَّى بأخي ضحوةً | حتماً تعشَّى بي في ليلتِهْ | |
| وكلنا ينشدُ في سِرِّهِ | ماقالَهُ الشاعرُ في حِكمتِهْ | |
| «مَنْ حُلِقتْ لِحْيةُ جارٍ لَهُ | فلْيسكبِ الماءَ على لِحيتِهْ» | |
| الوقت قد دار بدولابه | ونحن لا نعبأ في دورته | |
| ندور لكن دوران الرحى | والناس مثل النور في سرعته | |
| والغرب لا يسمع صوتاً لنا | إن لم يك المدفع في نبرته | |
| لا يدفع الغرب سوى بأسه | أو قوة تسمو إلى قوَّته | |
| أو لا فإن لم نجتمع عاجلاً | ونحصر العنصر في وحدته | |
| ستأكل الهرَّةُ أولادها | ويحصل القطُّ على حصته | |
| فحسبنا الإسلام من جامعٍ | ونحنُ من يعربَ في دوحته | |
| لا تسأل الآخرَ عن مَذهبٍ | في دِينِهِ واسألْهُ عن أمَّتِهْ | |
| يحمي كيان القوم إجْمَاعُهُمْ | أو لا فأرْسِلْهُمْ إلى رَحْمَتِهْ |