الرئيسيةبحث

الغابة المفقودة

الغابة المفقودة

الغابة المفقودة
المؤلف: إيليا أبو ماضي



يا لهفة النفس على غاية
 
كنت وهندا نلتقي فيها
أنا كما شاء الهوى و الصّبا
 
و هي كما شاءت أمانيها
تكاد من لطف معانيها
 
يشربها خاطر راثيها
آمنت بالله و آياته
 
أليس أنّ الله باريها ظ
نباغت الأزهار عند الضّحى
 
متّكئات في نواحيها
ألوى على الزّنبق نسرينها
 
و التفّ عاريها بكاسيها
و اختجلت في الشّمس ألوانها
 
كأنّها تذكر ماضيها
تآلفت ، فالماء من حولها
 
يرقص و الطير تغنّيها
من لقّن الطير أناشيدها؟
 
و علّم الزهر تآخيها؟
يا هند هذي معجزات الهوى
 
و إنّها فينا كما فيها
لا تستحي الزهر بإعلانها
 
فما لنا نحنت نواريها؟
و تهتف الطير بها في الربى
 
فما لنا نحن نعمّها ظ
لله في الغابة أيّمنا
 
ما عابها إلاّ تلاشيها
طورا علينا ظلّ أدواحها
 
و تارة عطف دواليها
و تارة نلهو بأعنابها
 
و تارة نحصى أقاحيها
تسكت إذ نشكو شحاريرها
 
كأنّما التغريد يؤدّيها
و إن تضاحكا سمعنا الصدى
 
يضحك معنا في أقاصيها
و إن مشينا فوق كئبانها
 
لاحت فشاقتنا أدانيها
و فوقنا الأغصان معقودة
 
ذوائب طال تدلّيها
إذا هززها عن غرّة
 
ألقت من الذعر لآليها
نسير من كهف إلى جدول
 
نكتشف الأرض و نطويها
و النور عطر في تعاريجها
 
و العطر نور في حواشيها
و تختبي هند فأشتاقها
 
و أختبي عنها فأغريها
كم أوهمتني الخوف من طارىء
 
تشجي بذا نفسي فتشجيها
فرحت أعدو نحوها مشفقا
 
فكان ما حاذرت تمويها!
فاعجب لأطواري و أطوارها
 
تعبت منّي و أجاريها!
ألله لو دام زمان الهوى
 
و دام من هند تجنّيها
لا غابتي اليوم كعهدي بها
 
و لا التي أحببتها فيها
و لا تلال كهنود الدمى
 
و لا سفوح كتراقيها
و لا الندى درّ على عشبلها
 
و لا الأقاحي في روابيها
و لا الضّحى يلقى على أرضها
 
شبّاك تبر من أعاليها
أهبطني أمس إلى حضنها
 
شوقي إلى سجع قماريها
فلم تخمّشني بأوراقها
 
و لم تهلّل لي سواقيها
قد بدّل الإنسان أطوارها
 
و اغتصب الطيّر مآويها
وفتّ بالبارود جلمودها
 
واتثّ بالفأس دواليها
و شاد من أحجارها قرية
 
سكّانها الناس و أهلوها
يا لهفة النّفس على غابة
 
كنت و هندا نلتقي فيها
جنّة أحلامي و أحلامها
 
ودار حبّي و تصابيها
نبكي من اليأس على شوكها
 
و كان يدميني و يدميها
كانت تغطّينا بأوراقها
 
فصارت الدّور تغطّيها!