| الصحافة المؤلف: أحمد شوقي |
| لكلِّ زمانٍ مضى آيةٌ | وآيةُ هذا الزمانِ الصُّحُف |
| لسانُ البلادِ، ونبضُ العباد | وكهفُ الحقوق وحربُ الجنَف |
| تسيرُ مسيرَ الضحى في البلاد | إذا العلمُ مزَّق فيها السَّدف |
| وتمشى تُعلِّمُ في أُمةٍ | كثيرةِ مَنْ لا يخُطُّ الألِف! |
| فيا فتيةَ الصحْف، صبراً إذا | نبا الرزقُ فيها بكم واختلف |
| فإنُ السعادةَ غيرُ الظهو | رِ، وغيرُ الثراءِ، وغيرُ الترف |
| ولكنها في نواحى الضمير | إذا هو باللؤم لم يُكتنف |
| خذوا القصدَ، واقتنعوا بالكفاف | وخلوا الفضولَ يغلْها السَّرف |
| وروموا النبوغَ، فمن ناله | تلقَّى من الحظَّ اسنى التحَف |
| وما الرزقُ مجتنِبٌ حِرْفَةً | إذا الحظُّ لم يهجر المحترِف |
| إذا آختِ الجوهريَّ الحظوظ | كفلنَ اليتيمَ له في الصَّدف |
| وإن أعرضت عنه لم يحلُ في | عيونِ الخرائد غيرُ الخزف |
| رعى اللهُ ليلتَكم، إنها | تلت عنده ليلةَ المنتصَف |
| لقد طلع البدرُ من جُنْحها | وأوما الى صُحبِها أَن يقف |
| جلوتم حواشيَهَا بالفنون | فمن كل فنٍّ جميل طَرف |
| فإن تسألوا: ما مكانُ الفنون؟ | فكم شرفٍ فوق هذا الشرف |
| أريكةُ (مولييرَ) فيما مضى | وعرشُ (شِكسبيرَ) فيما سلف |
| وعودُ (ابن ساعدةٍ) في عُكاظَ | إذا سال خاطره بالطُّرَف |
| فلا يَرْقَيَنْ فيه إلا فتىً | إلى درجات النبوغ انصرف |
| تُعلِّمُ حكمتُه الحاضرين | وتُسْمِعُ في الغابرين النُّطف |
| حمدنا بلاءَكُم في النضالِ | وأمِس حمدنا بلاءً السلف |
| ومن نسىَ الفضلَ للسابقين | فما عرف الفضلَ فيما عرف |
| أليس إليهم صلاح البناءِ | إذا ما الأَساس سما بالغرف؟ |
| فهل تأذونون لذى خَلَّةٍ | يَفضُّ الراحين فوق الجيف؟ |
| فأين(اللواءُ)، وربُّ اللواءِ | إمامُ الشباب، مثالُ الشرف؟ |
| وأين الذي بينكم شِبْلُه | على غاية الحق نِعْمَ الخلف؟ |
| ولا بدّ للغرس من نقله | إلى من تعهّد أو من قطف |
| فلا تجحدنَّ يدَ الغارسين | وهذا الجَنى في يديك اعترف |
| أولئك مَرُّوا كدود الحرير | شجاها النَّفاعُ وفيه التلف |