الخطب الفادح
الخطب الفادح المؤلف: إيليا أبو ماضي |
هيهات بعدك ما يفيد تصبّر
و لئن أفاد فأيّ قلب يصبر؟
إنّ البكاء من الرجال مذمّم
إلاّ عليك فتركه لا يشكر
لو كان لي قلب لقلت له ارعوي
إنّي بلا قلب فإنّي أزجر
لا زمت قبرك و البكاء ملازمي
و اللّيل داج و الكواكب سهّر
أبكي عليك بأدمع هطّالة
و لقد يقل لك النجيع الأحمر
ووددت من شجوي عليك و حسرتي
لو أن لحدك في فؤادي يحفر
إنّي لأعجب كيف يعلوك و حسرتي
لو ان لحدك في فؤادي يحفر
أمسيت مستترا به لكنّما
آثار جودك فوقه لا تستر
مرض الندى لمّا مرضت و كاد أن
يقضي من اليأس الملمّ المعسر
يرجوط أنّك جابر كسره
فإذا فقدت فكسره لا يجبر
و علت على تلك الوجوه سحابة
كدراء لا تصفو و لا تستمطر
كم حاولوا كتم الأسى لكنّه
قد كان يخترق الجسوم فيظهر
حامت حواليك الجموع كأنّما
تبغي وقاء الشرق مما يحذر
و الكلّ يسأل كيف حال إمامنا
ماذا رأى حكمائنا، ما أخبروا؟
و الداء يقوى ثم يضعف تارة
فكأنّه يبلو القلوب و يسبر
أوردته عذبا فأوردك الردى
تبّت يداه فذنبه لا يغفر
هيهات ما يثني المنيّة جحفل
عمّن تؤم و لا يفيد العسكر
رصد الردى أرواحنا حتى لقد
كدنا نعزّي المرء قبل يصور
نهوى الحياة كأنّما هي نعمة
و سوى الفواجع حبّها لا يثمر
و نظنّ ضحك الدهر فاتحة الرضى
و الدهر يهزأ بالأنام و يسخر
أفقيد أرض النيل أقسم لو درى
بالخطب أوشك ماؤه يتهسّر
و ضعوك في بطن التراب و ما عهد
ت البحر قلبك في الصفائح يذخر
ورأوا جلالك في الضريح فكلّهم
يهوى و يرجو لو مكانك يقبر
لم تخل من أسف عليك حشاشة
أبدا فيخلو من دموع محجر
آبو و ما آب العزاء إليهم
و الحزن ينظم و المدامع ينشر
و الكلّ كيف يكون حال بلادهم
من بعد ما مات الإمام يفكّر
لم يبلنا هذا الزمان بفقده
لو كان ممّن بالرزية يشعر