الرئيسيةبحث

الحماسة البصرية - تتمة باب الأدب

الحماسة البصريةالجزء الثانيتتمة باب الأدب


الجزء الثّانيِ من الحَماسة

تأليف الشَّيخ العَلاّمة، شيخُ الأَدَب وحُجَّة العَرَب، صَدْر الدِّين عليّ بن أبي الفَرَج بن الحَسَن البَصْرِي. وفَقَّه الله لمَرْضاتِهِ.

بسم الله الرحمن الرحيم رب يَسِّر وقال إسْحَق بن إبراهيم المَوْصِلِيّ

وآمِرَةٍ بالبُخْلِ، قُلتُ لها: اقْصِري * * * فذلكَ شَيْءٌ مـا إلـيه سَـبِـيلُ

فمِنْ خَيْرِ حالاتِ الفَتَى لو عَلِمْتِـهِ * * * إذا نـالَ شَـيْئاً أنْ يَكُـونَ يُنِـيلُ

فإِنِّي رَأَيْتُ البُخْلَ يُزْرِي بأَهْـلِـهِ * * * فأَكْرَمْتُ نَفْسِي أنْ يُقالَ بَـخِـيلُ

فِعالِي فِعالُ المُكْثِرِينَ تَـكَـرُّمـاً * * * ومالِي قد تَـعْـلَـمِـينَ قَـلِـيلُ

أَرَى النّاسَ خُلاّنَ الجَوادِ، ولا أرَى * * * بَخِيلاً له في العَالَمِـينَ خَـلِـيلُ

وكَيْفَ أَخافُ الفَقْرَ أو أحْرَمُ الغِنَى * * * ورَأْيُ أَمِيرِ المُؤْمِنـينَ جَـمِـيلُ

وقال

آخر

ومــا كـــانَ ظَـــنِّـــي أَنْ تُـــرَى لِـــيَ زَلَّةٌ * * * ولـكـنْ قَـضـاءُ الـلـه مـا عَـنْـــه مَـــذْهَـــبُ

إذا اعْتَذَرَ الجانِي، مَحا العُذْرُ ذَنْبَهُ * * * وكُلُّ امرئٍ لا يَقْبَلُ العُذْرَ مُذْنِبُ

وقال آخر

كَفَى حَزَناً أنَّ الغِنَى مُـتَـعَـذِّرٌ * * * عليّ، وأَنِّي بالمَكـارِمِ مَـغْـرَمُ

وما قَصَّرَتْ بِي في المَكارِمِ هِمَّةٌ * * * ولكّننِي أسْعَى إليهـا فـأُحْـرَمُ

وقال طُرَيْح بن إسماعيل الثَّقَفِيّ

ما لِي أَذادُ وأُقْصَى حينَ أَقْصِدُكُمْ * * * كما تُوَقَىَ مِن ذِي العُرَّةِ الجَرَبُ

كَأَنَّـنِـي لَـمْ يكُـــنْ بَـــيْنِـــي وبَـــيْنـــكُـــمُ * * * إِلٌّ ولا خُـــلَّةٌ تَـــرْعَـــى ولا نَـــسَـــــــبُ

لو كـانَ بـالـوُدِّ يُدْنَـى مِــنْـــكَ أَزْلَـــفَـــنِـــي * * * بِقُـرْبِــكَ الـــوُدُّ والإِشْـــفـــاقُ والـــحَـــدَبُ

وكـنـتُ دُونَ رجِـالٍ قـد جَـــعَـــلْـــتَـــهُـــمُ * * * دُونِـي، إذا مـا رَأَوْنِـي مُـقْـبِـــلاً قَـــطَـــبُـــوا

رَأَوْا صُدُودَكَ عَنِّي في اللِّقاءِ فقَدْ * * * تَرامَسُوا أَنَّ حَبْلِي مِنْكَ مُنْقَضِبُ

فإِنْ وَصَلْتَ فأَهْلُ العُرْفِ أَنتَ، إِنْ * * * تَدْفَـعُ يَدَيَّ فـلِـي بُــقْـــيا ومُـــنْـــقَـــلَـــبُ

أَينَ الـذَّمــامَةُ والـــحَـــقُّ الـــذي نَـــزَلَـــتْ * * * بِحِـفْـظِـهِ وبـتَـعْـظِــيمٍ لـــه الـــكُـــتُـــبُ

وهَـــزِّيَ الـــعِـــيسَ مِـــن أَرْضِ يَمـــانِـــيَةٍ * * * إلـيكَ خُـوصـاً، بِـهـا الـتَّـعْـيِينُ والـــنَّـــقَـــبُ

يَقُـودُنِـي الـوُدُّ والإِخْــلاصُ مُـــخْـــتَـــرمِـــي * * * مِن أَبْـعَـدِ الأَرْضِ حـتَّـى مَـنْـزِلـــي كَـــثَـــبُ

وحَوْكِيَ الشِّعْرَ أُصْفِيهِ وأَنْظِمُهُ * * * نَظْمَ القِلاَدَةِ فِيها الـدُّرُّ والـذَّهَـبُ

وكنتُ جاراً وضَيْفاً منكَ في خَفَرٍ * * * قد أَبْـصَـرَتْ مَـنْـزِلِـي فـي ظِـلِّــكَ الـــعَـــرَبُ

وكـانَ مَـنْـعُـكَ لِـي كـالـنَّــارِ فـــي عَـــلَـــمٍ * * * فَرْدٍ يَشُـبُّ سَـنـاهــا الـــرِّيحُ والـــحَـــطَـــبُ

وقَـــدْ أَتـــاكَ بـــقَـــوْلِ آثِـــمٍ كَـــــــذِبٍ * * * قَوْمٍ بـغَـوْنِـي، فَـنـالُـوا فـيَّ مــا طَـــلَـــبُـــوا

ومـا عَـهِـدْتُـكَ فِـــيمـــا زَلَّ تَـــقْـــطَـــعُ ذا * * * قُرْبَـى ولا تَـدْفَـــعُ الـــحَـــقَّ الـــذي يَجِـــبُ

فقَـدْ تَـقَـرَّبْـتُ جُـهْـدِي فــي رِضـــاكَ بِـــمـــا * * * كانَـتْ تُـنـالُ بِـه مِـن مِـثْـــلِـــكَ الـــقُـــرَبُ

فلا أَرانِـي، بـإِخْــلاصِـــي وتَـــنْـــقِـــيَتِـــي * * * لكَ الـثَّـنـاءَ وقُـرْبَــى، مِـــنْـــكَ أَقْـــتَـــرِبُ

قد كنْتُ أَحْسَبُنِي غيرَ الغَرِيبِ، فقَدْ * * * أصْبَحْتُ أُعْلِنُ أَنِّي اليومَ مُغْتَرِبُ

أَمُشْمِتٌ بِيَ أَقْواماً صُدُورُهُمُ * * * علـيَّ فِـيكَ إلــى الأَذْقـــانِ تَـــلْـــتَـــهِـــبُ

فاحْفَظُ ذِمامَكَ، واعْلَمْ أَنَّ صُنْعَكَ بِيبِ * * * مَسْمَعٍ مِن عُداةٍ ضِغْنُهُمْ ذَرِبُ

إِنْ يَعْلَمُوا الخَيْرَ يُخْفُوهُ، وإِنْ عَلِمُوا * * * شَرّاً أَذاعُوا، وإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا كَذَبُوا

وقال

عِصام بن عُبَيْدَة الزِّمّانِي

أَبْـلِـغْ أبـا مِـسْـمَـعٍ عـنّـي مُـغَـــلْـــغَـــلَةً * * * وفـي الــعِـــتـــابِ حَـــياةٌ بَـــيْنَ أَقْـــوامِ

أدْخَلْتَ قَبْلِيَ قَوْماً لم يَكُنْ لَهُمُ * * * في الحَقَّ أَنْ يَلِجُوا الأَبْوابَ قُدّامِي

لو عُدَّ قَبْرٌ وقَبْرٌ كنتُ أَكْرَمَهُمْ * * * مَيْتـاً، وأَبْـعَـدَهُــمْ عـــن مَـــنْـــزِل الـــذَّامِ

فقَـدْ جَـعَـلْـتُ إذا مـا حَـاجَـتِــي عَـــرَضَـــتْ * * * بِبـــابِ دارِكَ أَدْلُـــوهـــا بـــأَقْـــــــوامِ

وقال الأَعْوَر الشَّنِّي

يا أُمَّ عُقْبَةَ إِنِّي أَيُّما رَجُلٍ * * * إذا النُّفُوسُ ادَّرَعْنَ الرُّعْبَ والرَّهَبا

لا أَمْدَحُ المَرْءَ أَبْغِي فَضْلَ نائِلِهِ * * * ولا أَظَـــلُّ أُداجِـــيهِ إذا غَـــضِـــبــــا

ولا تَـرانِـي عــلـــى بـــابٍ أَراقِـــبُـــهُ * * * أَبْـغِـي الـدُّخُـولَ إذا مـا بـابُـهُ حُـجِـــبـــا

وقال آخر

أَبَيْتُ، ويَأْبَى البَأْسُ لِي أَنْ يُذِلَّنِـي * * * وُقُوفُ بِبابٍ صَدَّنِي عنه حاجِبُ

أَاُوجِبُ حَقاً لامْرِيءٍ غَيْرِ مُوجِبٍ * * * لِحَقِّي، لقَدْ ضاقَتْ عليَّ المَذاهِبُ

?

وقال

مَسْعُود بن شَيْبان المُرِّيّ

ما بالُ حاجِبِنا يَعْـتـامُ بِـزَّتَـنـا * * * ولَيْس للحَسَبِ الزّاكِي بمُعْـتـامِ

تَدْعُو أَمامِي رِجالاً لا يُعَدُّ لَـهُـمْ * * * جَدٌّ كَجَدِّي ولا عَمٌّ كأَعْـمـامِـي

مَتَى رَأَيْتَ الصُّقُورَ الجُدْلَ يَقْدُمُها * * * خِلْطانِ مِن رَخَمٍ قُرْعٍ ومِن هـامِ

لو كانَ يَدْعُو على الأَحْسابِ قَدَّمَنِي * * * مَجْدٌ تَلِيدُ وَجـدٌّ رَاجِـحٌ نـامِـي

وقال أبو المَيّاح العَبْدِي

إذا خِفْتَ مِن دارٍ هَواناً فَولِّـهـا * * * سِوَاكَ، وعن دارِ الأَذَى فتَحَـوَّلِ

ولا تَكُ مِمَّنْ يَغْلِقُ الهَـمُّ بـابَـهُ * * * عَلَيْه بِمِغْلاقٍ مِن العَجْزِ مَقْفَـلٍ

وما المَرْءُ إلاَّ حيثُ يَجْعَلُ نَفْسَـهُ * * * فَفِي صالِح الأَعمالِ نَفْسَكَ فاجْعلِ

وقال كَعْب بن زُهَيْر بن أَبِي سُلْمَى

لو كنتَ أَعْجَبُ مِن شَيءٍ لأَعْجَبَنِي * * * سَعْيُ الفَتَى وهْوَ مَخْبُوءٌ له القَدَرُ

يَسْعَى الفَتَى الأُمُورِ لَيْس يُدْرِكُهـا * * * فالنَّفْسُ واحِدَةٌ والهَمُّ مُنْـتَـشِـرُ

والمَرْءُ ما عاشَ مَمْدُودٌ له أَمَـلٌ * * * لا تَنْتَهِي العَيْنُ حتَّى يَنْتَهِي الأَثَرُ

وقال الحارِث بن خالِد بن العاصِ المَخْزُومِي

عليَّ لإِخْوانِي رقِيبٌ مِن الصَّفا * * * يَبيدُ اللَّيالِي وهْوَ لَـيْسَ يَبِـيدُ

يُذَكِّرُنِيهِمْ في مَغِيبٍ ومَشْـهَـدٍ * * * فَسِيَّانِ عِنْدِي غُيِّبٌ وشُـهُـودُ

وإِنِّي لأسْتَحْيِي أخِي أَنْ أَبَـرَّهُ * * * قَرِيباً، وأَجْفُو والمَزارُ بَعِـيدُ

وقال أَنس بن زُنَيْم

لمَّا طال مَقامُه ببابِ عُمَر بن عُبَيْد اللهِ التَّيْمِيّ

لقَـدْ كـنـتُ أَسْـعَـى فـي هَـواكَ، وأَبْــتَـــغِـــي * * * رِضـاكَ، وأَعْـصِـــي أُسْـــرَتِـــي والأَدَانِـــيا

حِفـاظـاً وإشْـفـاقـاً لِـمـا كــانَ بَـــيْنَـــنـــا * * * لِتَـجْـزِيَنِـي يَوْمـاً، فـمــا كـــنـــتَ جـــازِيا

أَرانِـي إذا مـا شِـمْـتُ مِـــنْـــكَ سَـــحَـــابَةً * * * لُتْـمِـطـرَنِـي عـادَتْ عَـجـاجـــاً وســـافِـــيا

إذا قُـلْـتُ نَـالَـتْـنِـي سَــمـــاؤُكَ، يَمـــانَـــتْ * * * شَآبِـيبُـهـا واثْـعَـنْـجَـرَتْ عـن شـــمـــالـــيا

وأَدَلَـــيْتُ دَلْـــوِي فـــي دِلاءٍ كَـــثِــــــيرةٍ * * * فأُبْـنَ مـلاءً غَـــيْرَ دَلْـــوِي كـــمـــا هِـــيا

أَأُقْصَى، ويُدْنَى مَنْ يُقَصِّرُ رَأْيُهُ * * * ومَنْ لَيْسَ يُغْنِي عَنْكَ مِثْلَ غَنائِيا

وقال

الحَجَّاج كُلَيْب بن يُوسف الثًّقَفِيّ

وكَتَب بها إلى عبد الملك

إذا أنـا لـــم أَطْـــلُـــبْ رِضـــاكَ وأَتَّـــقِـــي * * * أَذاكَ، فَـــيْومِـــي لا تُـــوارَى كَـــواكِـــبُـــهُ

أسـالِـمُ مَــن ســـالَـــمْـــتَ مِـــن ذِي قَـــرابَةٍ * * * وإنْ لَـمْ تُـسـالِـمْـهُ فـــإِنِّـــي مُـــحـــارِبُـــهُ

إذا قـارَفَ الـــحَـــجَّـــاجِ فِـــيكَ خَـــطِـــيَّةً * * * فقـامَـتْ عـلـيه فـي الـصَّـــبـــاحِ نَـــوادِبُـــهُ

إذا أَنـا لَـمْ أُدْنِ الـشَّــفِـــيقَ لِـــنُـــصْـــحِـــهِ * * * وأُقْـصِ الـذي تَـسْـــرِي إلـــيَّ عَـــقـــارِبُـــهُ

وأْعْـطِـي الـمَـواسِـي فـي الــبَـــلاءِ عَـــطِـــيَّةً * * * تَرُدُّ الـذي ضـاقَــتْ عـــلـــيه مَـــذاهِـــبُـــهُ

فمَنْ يَتَّقِي يَوْمِي، ويَرْعَى مَوَدَّتِي، * * * ويَخْشَى غَدِي، والدَّهْرُ جَمٌّ عَجائِبُهُ

وإلاَّ فَذَرْنِي في الأُمُورِ فإِنَّنِي * * * شَفِـيقٌ رَفِـيقٌ أَحْـكَــمَـــتْـــهُ تَـــجـــارِبُـــهُ

وقال الحارِث بن خالِد بن العاص بن هِشام بن المُغِيرةَ المَخْزُومي

لمَّا أقام ببابِ عبد الملك ولم يَصِلْ إليه فكَرّ رَاجِعاً، وقال:

صَحِبْتُكَ إذْ عَيْنِي عَلَيْهـا غِـشـاوَةٌ * * * فلمَّا انْجَلَتْ قَطَعْتُ نَفْسِي أَلُومُهـا

وما بِي، وإنْ أَقْصَيْتَنِي، مِن ضَراعَةٍ * * * ولا افْتَقَرَتْ نَفْسِي إلى مَنْ يَضِيمُها

عَطَفْتُ عليكَ النَّفْسَ حتَّى كَأَنَّـمـا * * * بِكَفَّيْكَ بُؤْسِي، أو إليكَ نَعِـيمُـهـا

وكتَبَها الوَليدُ بن يَزِيد إلى هشام بن عبد الملك:

أَليْسَ عَظِيماً أَنْ أَرَى كُـلَّ وارِدٍ * * * حِياضَكَ يوماً صادِراً بالنَّوافِـلِ

فأَرْجِعُ مَجْدُودَ الرِّجاءِ مَصَـرَّداً * * * بتَحْلِئَةِ عن وِرْدِ تلْكَ المَنـاهِـلِ

فأَصْبَحْتُ، مِمَّا كنتُ آمُلُ مِنْكُـمُ * * * ولَيْسَ بِلاقٍ ما رَجَا كُـلُّ آمِـلِ

كمُقْتَبِضِ يوماً على عَرْضِ هَبْوَةٍ * * * يَشُدُّ عَلَيْها كَفَّـهُ بـالأَنـامِـلِ

وقال آخر:

أَرَى دُوَلاً هذا الزَّمانَ بأَهْلِهِ * * * وبَيْنَهُمُ فيه تكونُ النَّـوائِبُ

فلا تَمْنَعَنْ ذا حاجةٍ جاء طالِبـاً * * * فإِنَّكَ لا تَدْرِي متى أَنتَ طالِبُ

وإنْ قلتَ، في شَيْءٍ: نَعَمْ، فأَتِمَّهُ * * * فإنَّ نَعَمْ حَقٌّ على الحُرِّ واجِبُ

وإلاَّ فقُلْ: لا، تَسْتَرِحُ وتَرِحُ بِها * * * لِكَيْ لا يَقُولَ النّاسُ إِنَّكَ كاذِبُ

وقال ثابت قُطْنَة العَتَكِيّ:

أَصْـبَـحْـتُ لا الـمـالُ فـي الـدُّنْـيا يُطــاوِعُـــنِـــي * * * لكَـنَّـه كـيْفَ مـا قَـلَّـــبْـــتُ يَعْـــصِـــينِـــي

وكَـمْ طَـمِـعْـتُ، فـمـا حَـصّـلـتُ مِـن طـــمَـــعٍ * * * غيرَ الـعَـنـــاءِ، وقـــوْلٍ لـــيس يرْضـــينِـــي

ومـا اشْـتَـرَيْتُ بـمـالِــي قَـــطُّ مَـــحْـــمَـــدَةً * * * إلاَّ تَـيَقــنْـــتُ أَنِّـــي غـــيرُ مَـــغْـــبُـــونِ

ومــا دُعُـــيِتُ إلـــى مَـــجْـــدٍ ومَـــكْـــرُمَةٍ * * * إلاّ أَجَـــبْـــتُ إلـــيه مَـــن يُنـــاديِنــــــي

كَمْ مِن عَدُوٍّ رَمانِي، لو قَصَدْتُ له * * * لَمْ يَأْخُذِ النِّصْفَ مِنِّي حينَ يَرْمِينِي

وقالت امرأةٌ من بَنِي سُلَيْم:

هَلاَّ سأَلتِ خَبِيرَ قَوْمٍ عنـهـمُ * * * وشِفاءُ عِلْمِكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلِي

يُبْدِي لكِ العِلْمَ الجَلِيَّ بفَهْمِـهِ * * * فَيَلُوُح قَبْلَ تَفَهُّـمٍ وتَـأَمُّـلِ

وقال آخر:

اسْتَخْبِرِ النّاسَ عمّا أنتَ جاهِـلُـهُ * * * مِن الأُمُورِ، فقَدْ يَجْلُو العَمَى الخَبَرُ

فإنْ أَقَمْتَ علـى أنْ لا مُـسـاءَلَةٌ * * * فلَسْتَ تَعْرِفُ ما تَأْتِي ومـا تَـذَرُ

وقال حاتم الطّائِي:

وإنِّي لَتَهْوانِي الضُّيُوفُ إذا رَأَتْ * * * بِعَلْياءَ نارِي آخِرَ اللَّيْلِ تُـوقَـدُ

ولا أَشْتَرِي مالاً بَغَدْرٍ عَلِمْـتُـهُ * * * ألا كُلُّ مالٍ خَالَطَ الغَدْرَ أَنْكَـدُ

وقال عبد الله بن عبد السّلام العَبْدِيّ:

إذا غَدَوْتُ فلا أَغْدُو علـى حَـذَرٍ * * * مِن خَيفَةٍ الشّمْسِ أَخْشاها ولا زُحَلِ

الله يُمْضِي الذي يَقْضِي عليَّ، فَلَـمْ * * * أَخْشَ البَوائِقَ من ثَوْرٍ ومنْ حَمَـلِ

وقال القُطامِيّ، عُمَيْر بن شُيَيْم التَّغْلِبِي:

أَرَى اليَأْسَ أَدْنَى للرَّشادِ، وإنَّـمـا * * * دَنا الغَيُّ للإِنْسانِ مِن حَيْثُ يَطْمَعُ

فَدَعْ أَكثْرَ الأَطماعِ عنكَ فـإنَّـهـا * * * تَضُرُّ، وإنَّ اليَأْسَ ما زالَ يَنْفَـعُ

وقال كَعْب بن بِلال:

ولمَّا رَأَيْتُ الوُدَّ ليس بِـنـافـعِـي * * * لَدَيْهِ، ولا يَرثِي لحـاجَةِ مَـوجَـعِ

زَجَرْتُ الهَوَى، إنِّي امْرُؤٌ لا يقُودُنِي * * * هَوايَ ولا رَأْيِ إلى غَيْرِ مَطْمَـعِ

وقال كُثِيرِّ عَزَّة:

أَوَدُّ لكُمْ خَيْراً وتَطَّـرِحُـونَـنِـي * * * أَكَعْبَ عَمْرِو لاخْتِلافِ الصَّنائِعِ

وكَيْفَ لكُمْ صَدْرِي سَلِيمٌ، وأَنْـتُـمُ * * * على حَسَكِ الشَّحْناءِ حِنْوُ الأَضالِعِ

إذا قَلَّ مالِي زادَ عِرْضِي كَرامَةً * * * عليَّ، ولم أَتْبَعْ دِقاقَ المَطامِـعِ

وقال المَرَّار بن سَعِيد:

إذا شِئْتَ يوماً أَنْ تَسُـودَ عَـشِـيرَةً * * * فبالحِلْمِ سُدْ، لا بالتَّسَرُّعِ والشَّـتْـمِ

وَللْحِلْمُ خَيْرٌ فاعْـلَـمَـنَّ مَـغَـبَّةً * * * مِن الجَهْلِ، إلاَّ أَنْ تَشَمَّسَ من ظُلْمِ

وقال الحَكَم بن عَبْدَل أموي الشعر:

أَطْلُبُ ما يَطْلُبُ الكَرِيمُ مِن الرِّزْ * * * قِ بنَفْسِي، وأَجْمِلُ الطَّـلـبَـا

وأَحْلُبُ الدِّرَّةَ الـصَّـفِـيَّ، ولا * * * أَحْمَدُ أَخْلافَ غَيْرِها حَـلَـبـا

إنِّي رَأَيْتُ الفَتـى الـكَـرِيمَ إذا * * * رَغَّبْتَهُ في صَنِـيعَةٍ رَغـبـا

والعَبْدُ لا يَطْلُـبُ الـعَـلاءَ ولا * * * يُعْطِيكَ شَـيْئاً إلاَّ إذا ُرهِـبـا

مِثْلُ الحَمارِ المُوَقًّعِ السَّـوْءِ لا * * * يُحْسِنُ مَشْـياً إلاَّ إذا ضُـرِبـا

قد يُرْزِقُ الخافِضُ المُقِيمُ ومـا * * * شَدَّ لِعَنْسِ رَحْلاً ولا قَـتَـبـا

ويُحْرَمُ الرِّزْقَ ذُو المَطِيَّةِ والرَّحْ * * * لِ ومَن لا يَزالُ مُـغْـتـرِبـا

وقال آخر:

ولا يَرْهَبُ ابنُ العَمِّ ما عِشْتُ سَطْوَتِي * * * ولا أَخْتَتِي مِن صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ

وإِنِّي وإنْ أَوْعَدْتُهُ، أبو وَعَدْتُهُ * * * لَمُـخْـلِـفُ إيعـادِي، ومُـنْـــجِـــزُ مَـــوْعِـــدِي

وقال المُقَنَّع الكِنْدِي محمد بن عُمَيْر:

يُعـاتِـبُـنـي فـي الـدِّيْنِ قَـــوْمِـــي، وإِنَّـــمـــا * * * دُيُونِـيَ فـي أَشْـياءَ تُـكْـسِـبُـــهُـــمْ حَـــمْـــدا

أَسُـدُّ بـه مــا قَـــدْ أَخْـــلُّـــوا وضَـــيَّعُـــوا * * * ثُغُـورَ حُـقُـوقٍ مـا أطـاقُـــوا لـــهـــا سَـــدّا

فمــا زَادَنِـــي الإقْـــتـــارُ إلاَّ تَـــقَـــرُّبـــاً * * * ومـا زادَنِـي فَـضْـلُ الـغِـنَـى مِـنْـهُـمُ بُـــعْـــدا

وفـي جَـفْـنَةٍ لا يُغْـلَــقُ الـــبـــابُ دُونَـــهـــا * * * مُكَـلَّــلَة لَـــحْـــمـــاً مُـــدَفَّـــقَةٍ ثَـــرْداً

وفـي فَـرَسٍ نَـهْـدٍ عَـتِــيقٍ جَـــعـــلْـــتُـــهُ * * * حِجـابـاً لـبَـيْتِـي، ثُـم أَخْـدَمْـــتُـــهُ عَـــبْـــداً

وإنّ الـذي بَـــيْنِـــي وبَـــيْنَ بَـــنِـــي أَبِـــي * * * وبَـيْنَ بَـنِـي عَـمِّـي لُـمَـخْــتَـــلِـــفٌ جِـــدّا

أَرَاهُـمْ إلـى نَــصْـــرِي بِـــطـــاءً، وإنْ هُـــمُ * * * دَعَـوْنِـي إلـى نَـصْـــرٍ أَتَـــيْتُـــهُـــمُ شَـــدّا

فإنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمُو * * * إنْ هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْداً

وإنْ ضَيَّعُوا غَيْبَي حَفِظْتُ غُيُوبَهُمْ * * * وإنْ هُمْ هَوُوا غَيِّي هَوِيتُ لَهْمْ رَشْداً

وإنْ زَجَرُوا طَيْراً بنَحْسِ تَمُرُّ بِي * * * زَجَـرْتُ لَـهُـمْ طَـيْراً تـمُـرُّ بـهِـــمْ سَـــعْـــدا

ولا أَحْـمِـلُ الـحِـقْـدَ الــقَـــدِيمَ عـــلـــيهـــمُ * * * ولَـيْس رَئَيسُ الـقَـوْمِ مَـنْ يَحْـمِـلُ الــحِـــقْـــدا

لهُـمْ جُـلُّ مـالِـي إنْ تَـتـابِــعَ لِـــي غـــنـــىً * * * وإنْ قَـلَّ مـالِـي لَـمْ أُكَــلِّـــفْـــهُـــمُ رِفْـــدا

وإنِّـي لَـعَـبْـــدُ الـــضَّـــيْفِ مـــا دام ثـــاوِياً * * * ومـا شِـيَمةٌ لِـي غَـيْرَهـا تُـشْـبِـه الــعَـــبْـــدا

علـى أنَّ قَـوْمِـي مـا تَـــرَى عَـــيْنُ نـــاظِـــرٍ * * * كَشِـــيبِـــهـــمُ ولا مُـــرْدِهِـــمْ مَـــــرْدا

بِفَـــضْـــلٍ وأحْـــلامٍ وجُـــودٍ وسُـــــــؤْدُدٍ * * * وقَـوْمِـي رَبِـيعٌ فـي الـــزَّمـــانِ إذا اشْـــتَـــدّا

وقال القُطامِيّ:

والعَيْشُ لا عَيْشَ إلاَّ ما تَقَـرُّ بـه * * * عَيْنٌ، ولا حالَ إلاّ سَوْفَ تَنْتَقِـلُ

قد يُدْرِكُ المُتَأَنِّي بَعْضَ حاجَـتِـهِ * * * وقَدْ يكونُ مع المُسْتَعْجِلِ الزَّلَـلَ

ورُبَّما فاتَ قَوْماً بعضُ أَمْـرِهِـمُ * * * مِن التَّأَنِّي، وكانَ الحَزْمُ لو عَجِلُوا

وقال محمد بن أمية:

ومن دعا الناس إلى ذمه * * * ذموه بالحق وبالباطـل

مقالة السوء إلى أهلهـا * * * أسرع من منحدر سائل

وقال عبد الله بن عبد الأعلى القرشي

إسلامي

عزف فلم تكسر، وإن هي مزقت * * * فالوهن والكسير للـمـتـبـدد

فمبثل هذا الدهر ألـف بـينـتـا * * * بتـواصـل وتـراحـم وتـودد

وقال آخر

كأَنَّ الغَدْرَ لم يُخْلَقْ لـحُـرٍّ * * * فلَسْتَ تَـراهُ إلاّ فـي لَـئِيمِ

يُمَيِّزُ بَـيْنَ أَقَـوامٍ فـيُبْـدِي * * * صَمِيمَ القَوْمِ مِن غَيْرِ الصَّمِيمِ

فهذا لَيْس يُوجَـدُ فـي لَـئِيمٍ * * * وهذا ليس يُوجَدُ في كَـرِيمِ

وقال الأبَيْرِد الرِّياحِيّ

أموي الشعر

مَتَى تَرْءَ مَوْصُوفاً مِن الناسِ غائِبـاً * * * تَراهُ عِياناً دُونَ ما قـالَ واصِـفُ

وما المَرْءُ في الأَخْلاقِ إلاّ كإِلْفِـهِ * * * وأَخْدَانِهِ، فانْظُرْ مَن المَرْءُ آلِـفُ

ويا رُبَّ كُرْهٍ جاءَ مِن حيثُ لم تَخَفْ * * * ومَيْسُورِ أَمْرٍ في الذي أَنتَ خائِفُ

وقال المُرَقِّشُ الأَصْغَر بن سُفْيان

متى ما يَشَأْ ذُو الوُدِّ يَصْرِمُ خَلِيلَهُ * * * وَيَعْبَدْ عليه لا مَحالَةَ ظالِـمـا

فمَنْ يَلْقَ خَيْراً يَحْمِدَ النّاسُ أمْرَهُ * * * ومَنْ يَغْوِ على الـغَـيِّ لائِمـا

أَلَمْ تَرَ أنَّ المَـرْءَ يَجْـذِمُ كَـفَّـهُ * * * ويَجْشَمُ مِن لَوْمِ الصَّدِيقِ العَظائِما

وقال النَّمِر بن تَوْلَب العُكْلِي

قالَتْ، لِتَعْذِلَنِي من اللّيلِ: اسْمَعِ، * * * سَفَهاً تَبَيُّتُكِ المَلامَةَ فاهْجَعِـي

لا تَعْجَلِي لغَدٍ، فأمْـرُ غـدٍ لـه * * * أَتعَجَّلينَ الشَّرَّ ما لَمْ تَمْنَـعِـي

قامَتْ تُبَكِّي أَنْ سَبَأْتُ لِـفْـتْـيَةٍ * * * زِقاً وخابِيَةً بِعَـوْدٍ مُـقُـطَـعِ

لا تَجْزَعِي إنْ مَنْقفساً أَهْلَكْـتُـهُ * * * وإذا هَلَكْتُ فعِنْدَ ذلكِ فاجْزَعِي

وإذا أتانِي إخْـوَتِـي فَـذَرِيهِـمُ * * * يَتَعَلَّلُوا في العَيْشِ أو يَلْهُوا مَعِي

لا تَطْرُدِيهِمْ عن فِراشِـيَ إنَّـهُ * * * لا بُدَّ يوماً أنْ سيخْلُو مَضْجَعِي

وقال عُمَيْر بن مِقْدام الأَسَدِيّ

مَضَى ما مَضَى مِن حُلْوِ عَيْشٍ ومُرِّهِ * * * كأَنْ لم يَكُـنْ إلاّ كـأَحْـلامِ راقِـدِ

وما الدَّهْـرُ إلاَّ لـيلةٌ مِـثْـلُ لَـيْلَةٍ * * * ويَوْمٌ كَـيْومٍ، صـادِرٌ مِـثْـلُ وارِدِ

وقال آخر

إذا أَنْتَ لم تَسْتَقْبِلِ الأَمْرَ لَمْ تَجِـدْ * * * لِكَفِّكَ في إِدْبارِهِ مُتَـعَـلَّـقـا

فإنْ أَنْتَ لم تَتْـرُك أَخـاكَ وزَلَّةً * * * إذا زَلَّها أَوْشَكْتُما أَنْ تَـفَـرَّقـا

إذا كَدِرَتْ أَخْلاقُ مَوْلاكَ فاقْتَصِرْ * * * على ما صَفا مِنْهُ وَدَعْ ما تَرَنَّقَا

وقال بَشّار بن بُرْد

أَخُوكَ الذي إْن تَدْعُهُ فـي مُـلِـمَّةٍ * * * يُجِبْكَ، وإنْ عاتَبْتَهُ لانَ جـانِـبُـهْ

إذا كنتُ في كُلِّ الأُمُورِ مُعـاتِـبـاً * * * صَدِيقَكَ، لم تَلْقَ الذي لا تُعاتِـبُـهْ

فعِشْ واِحداً، أو صِلْ أخاك، فإنَّـهُ * * * مُقارِفُ ذَنْبٍ تارَةً ومُـجـانِـبُـهْ

إذا أنتَ لم تَشْرَبْ مِراراً على القَذَى * * * ظَمِئْتَ، وأيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشارِبُهْ

إذا كانَ ذَوَّاقاً أَخُوكَ مِن الـسُّـرَى * * * مَوَجَّهَةً في كُـلِّ فَـجٍّ رَكـائِبُـهْ

فخلِّ له وَجْهَ الطَّرِيقِ، ولا تَـكُـنْ * * * مَطِيَّةً رَحّالٍ كَثِـيرٍ مَـذاهِـبُـهْ

وما النّاسُ إلاّ حافِـظٌ ومُـضَـيِّعٌ * * * وما العَيْشُ إلاّ ما تَطِيبُ عَواقِبُـهْ

وقال مِسْكِين الدّارِمِي

رَبِيعَة بن عامر

إذا ما خَلِيلِي خانَنِي وائْتَـمَـنْـتُـهُ * * * ويَكْفِيكَ مِن قُبْحِ الأُمُورِ اسْتِماعُها

نَبَـذْتُ إلـيه وَدَّهُ وتَـرَكْـتُـــهُ * * * مُطَلَّقَةً لا يُسْتَطاعُ ارْتِجـاعُـهـا

وفتْيانِ صِدْقٍ لستُ مُطْلِعَ بَعْضِهِـمْ * * * على سِرِّ بَعْضِ غيرَ أَنِّي جِماعُها

يَظَلُّونَ شَتَّى في البِلادِ، وسِـرُّهُـمْ * * * إلى صَخْرَةٍ أَعْيا الرِّجالَ انْصِداعُها

لكُلِّ امْرِئٍ شِعْبٌ مِن القَلْبِ فـارِغٌ * * * ومَوضِعُ نَجْوَى لا يُرامُ اطِّلاعُهـا

وقالت امرأةٌ كان زوجُها في بَعْثِ عمر بن الخطّاب

تَطاوَلَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُـهْ * * * ولَيْس إلى جَنْبِي حَبِيبٌ ألاعِبُـهْ

فوالله لَوْلا الله لا شَـيْءَ غَـيْرُهُ * * * لَزُعْزِعَ مِن هذا السَّرِيرِ جَوانِبُهْ

مَخافَةَ رَبِّي والحَياءُ يَصُونُنِـي * * * وأُكْرِمُ زَوْجِي أَنْ تُنالَ مَراكِبُهْ

وقال الأَقْرع بن حابِس

أَصُدُّ صُدُودَ امْرِئٍ مُجْمِلٍ * * * إذا حالَ ذُو الوُدِّ عن حالِهِ

ولَسْتُ بِمُسْتَعْتِبٍ صاحِبـاً * * * إذا جَعَلَ الهَجْرَ مِن بالِهِ

ولكنَّنِي قاطِعٌ حَـبْـلَـهُ * * * وذلكَ فِعْلِي بأَمْـثـالِـهِ

وإنِّي على كُلِّ حـالٍ لـه * * * مِن ادْبارِ وُدٍّ وإِقْبـالِـهِ

لَراعٍ لأَحْسَنِ ما بَـيْنَـنـا * * * بِحِفْظِ الإِخاءِ وإجْـلالِـهِ

وقال مَعْن بن أَوس المُزَنِيّ

وذِي رحِـمٍ قَـلَّـمْـتُ أَظْـفـــارَ ضِـــغْـــنِـــهِ * * * بِحِـلْـمِـيَ عَـنْـهُ، وهُـوَ لَــيْسَ لـــه حِـــلْـــمُ

يُحـــاولُ رَغْـــمِـــي لا يُحـــاوِلُ غَــــــيْرَهُ * * * وكـالـمْـوتِ عِـنْـدِي أَنْ يَحِـلَّ بـــه الـــرَّغْـــمُ

فإنْ أَعْـفُ عـنـه أُغْـضِ عَـيْنـاً عـلـى الـــقَـــذَى * * * ولَـيْسَ بـالـعَـفْـوِ عــن ذَنْـــبِـــه عِـــلْـــمُ

وإِنْ أَنْـتَـصِـرْ مِــنْـــه أَكُـــنْ مِـــثْـــلَ رائِشِ * * * سِهـامَ عَـدُوٍّ يُسْـتَـهـاضُ بِـهــا الـــعَـــظْـــمُ

فبـادَرْتُ مِـنْـه الــنَّـــأْيَ، والـــمَـــرْءُ قـــادِرٌ * * * علـى سَـهْـمِـهِ مـا دامَ فـي كَـفِّـهِ الـسَّـــهْـــمُ

حَفِـظْـتُ لـه مـا كــان بَـــيْنِـــي وبَـــيْنَـــهُ * * * ومـا يَسْـتَـوِي حَـرْبُ الأَقــارِبِ والـــسِّـــلْـــمُ

ويَشْـتِـمُ عِـرْضِـي فـي الـمُـغَـــيَّبِ جـــاهِـــداً * * * ولَـيْس لـه عِـــنْـــدِي هَـــوانٌ ولا شَـــتْـــمُ

إذا سُـمْـتُـهُ وَصْـلَ الـقَـــرابَةِ ســـامَـــنِـــي * * * قَطِـعـيَتَـهـا، تـلـكَ الـسَّـفَـاهَةُ والــظُّـــلْـــمُ

وإن أَدْعُـهُ لـلـنِّـصْـفِ يَأْبَــى ويَعْـــصِـــنِـــي * * * ويَدْعُ بـحُـكْـمٍ جـــائِرٍ غَـــيْرُهُ الـــحُـــكْـــمُ

وَلـوْ لا اتـقـاءُ الـلــه والـــرَّحِـــمُ الـــتـــي * * * رِعـايَتُـهـا بِـرُّ وتَـعْـــطِـــيلُـــهـــا إِثْـــمُ

إذَنْ لَـعـلاهُ بــارِقِـــي، وخَـــطَـــمْـــتُـــهُ * * * بوَسْـــمِ شَـــنـــارٍ لا يُشـــارِكُـــهُ وَسْــــمُ

يَوَدُّ لَـــوَ أَنِّـــي مُـــعْـــدِمٌ ذُو خَـــصـــاصَةٍ * * * وأَكْـرَهُ جُــهْـــدِي أَنْ يُلِـــمَّ بـــه الـــعُـــدْمُ

ويَعْـتَـدُّ غُـنْـمـاً فـي الـحَـوادِثِ نَـكْــبَـــتِـــي * * * ولَـيْسَ لـه فِــيهـــا سَـــنـــاءٌ ولا غُـــنْـــمُ

رَأَيْت انْـثِـلامـاً بَـيْنَـنـــا فَـــرقَـــعْـــتُـــهُ * * * برِفْـقِـي وإحْـيائِي، وقَـدْ يُرْقَـــعُ الـــثَّـــلْـــمُ

وأَدْفَـعُ عـنـــه كُـــلَّ أَبْـــلَـــخَ ظـــالِـــمٍ * * * أَلَـدَّ، شَـدِيدِ الـشَّـغْـبِ، غـايَتُــهُ الـــغَـــشْـــمُ

فمـا زِلْـتُ فـي لِـينِـي لـه وتَــعَـــطُّـــفِـــي * * * عَلَـيْهْ، كـمـا تَـحْـنُـو عــلـــى الـــوَلَـــدِ الأَمُّ

وَقْـولِـي إذا أَخْـشَـــى عـــلـــيه مُـــصِـــيبَةً * * * ألا اسْـلَـمْ، فـذاكَ الـــخـــالُ والأَبُ والـــعَـــمُّ

وصَـبْـرِي عـلـى أَشْـياءَ مِـنْــهُ تَـــرِيبـــنِـــي * * * وَكَـظْـمِـي عـلـى غَـيْظِـي، وقـدْ يَنْـفَـعُ الـكَـظْـمُ

لأَسْتَلَّ مِنْه الضَّغْنَ، حتَّى اسْتَلَلْتُهُ * * * وقَدْ كان ذا حِقْدِ يَضِيقُ به الجِرْمُ

فأَبْرَأْتُ ضِغْنَ الصَّدْرِ مِنْهِ تَوَسُّعاً * * * بِحِلْمِي، كما يُشْفَى بأَدْوِيةٍ سُقْمُ

وأَطْفَأْتُ نارَ الحَربِ بَيْنِي وبَيْنَهُ * * * فأَصْبَحَ بَعْدَ الحَرْبِ وهْوَ لَنا سِلْمُ

وقال

نَهْشَل بن حَرِّيّ

ومَوْلىً عَصانِي، واسْتَبَدَّ بَرأْيِهِ * * * كما لَمْ يُطَعْ بالبَقَّتَيْنِ قَصِـيرُ

فَلَّما رَأَى ما غِبَّ أَمْرِي وأَمْرِهِ * * * وناءَتْ بأَعْجازِ الأُمُورِ صُدُورُ

تَمَنَّى نَئِيشاً أَنْ يَكُونَ أَطاعَنِـي * * * وقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأُمُورِ أُمُـورُ

وقال الأَحْوص عبد الله بن محمد الأَوْسِي

أَرانِـي إذا عــادَيْتُ قَـــوْمـــاً رَكَـــنْـــتُـــمُ * * * إلـيهـمْ، فـآيَسْـتُـمْ مِـن الـنَّـصْـرِ مَـطْـمَـعِـــي

وكَـمْ نَـزَلَـتْ بِـي مِـــن أُمُـــورٍ مُـــمِـــضَّةٍ * * * خَذَلَـتُـمْ عَـلَـيْهـا، ثَــم لَـــمْ أَتَـــخَـــشَّـــعِ

فأَدْبَـرَ عـنِّـي كَـرْبُـــهـــا لَـــمْ أُبـــالِـــهِ * * * ولَـمْ أَدْعُـكُـمْ فـي هُـوْلِـهـا الـمُـتَــطَـــلِّـــعِ

أُؤَمِّلُ فِيكمْ أَنْ تَرَوْا غَيْرَ رَأْيِكُمْوَشِيكاً، وكَيْما تَنْزِعُوا خَيْرَ مُنْزَعِ

وقَدْ أَبْقَتِ الحَرْبُ العَوانُ وعَضُّها * * * علـى خَـذْلِـكُـمْ مِـنِّـي فَـتـىً غـيرَ مُـقْــمَـــعِ

وقال عَمْرو بن أُمَيَّة

وتُرْوُى للغَطْمَّش الضَّبِّيّ

وإنِّي لأَسْتَبْقِي ابنَ عَمِّي واتَّقِـي * * * مُعاداتَهُ حتَّـى يَرِيعَ ويَعْـقِـلا

وأَلْبَسْتُهُ مِن فَضْلِ حِلْمِي خَلِـيقَةً * * * تكونُ لِذِي رَأْيٍ مِن الجَهْلِ مَوْئِلا

أُعِدُّ له مالِي إذا اعْـتَـلَّ مـالُـهُ * * * رُجُوعاً عَلَيه بالنَّدَى وتَفَـضُّـلا

لِيُعْتِبَ يوماً أو يُراجِعُ عَـقْـلَـهُ * * * فيُصْبِحَ ما في نَفْسِهِ قـد تَـبَـدَّلا

وآخُذُ أَقْصَى حَقِّـهِ مِـن عَـدُوِّهِ * * * له، وأُدُاجِيهِ وإنْ كان مُـوغِـلا

ولا طَوْلَ إلاّ لامْرِئٍ صانَ عِرْضَهُ * * * وحاوَلَ بالمَعْرُوفِ أَنْ يَتَـطَـوَّلا

وقال المُغِيرَة بن حَبْناء التَّمِيميّ

إذا ما رَفيقِي لَمْ يَكُنْ خَلْفَ ناقَـتِـي * * * له مَرْكَبٌ فَضْلٌ، فلا حَمَلَتْ رَحْلِي

وَلَمْ يَكُ مِن زادِي له نِصْفُ مِزْوَدِي * * * فلا كنتُ ذا زادٍ ولا كنتُ ذا رَحْلِ

شَرِيكَيْنِ فِيما نحنُ فـيه، وقَـدْ أَرَى * * * عليَّ له فَضْلاً بما نالَ مِن فَضْلِـي

وقال حاتِم الطّائِيّ

إذا كنتَ رَبًّا للقَـلُـوصِ فـلا تَـدَعْ * * * رَفِيقَكَ يَمْشِي خَلْفَها غـيرَ راكِـبِ

أَنِخْها، فأَرْدِفْهُ، فإنْ حَمَلَـتْـكُـمـا * * * فذاكَ، وإِنْ كان العِقابُ فـعـاقِـبِ

وما أنا بالسَّاعِي بِفَضْلِ زِمـامِـهـا * * * لِتَشْرَبَ ما في الحَوْضِ قَبْل الرَّكائِبِ

إذا أَوْطَنَ القومُ البُيوتَ وَجَـدْتَـهُـمْ * * * عُماةً عن الأخْبارِ خُرْقَ المَكاسِـبِ

وقال عُمارَة بن عَقِيل

تَجَرَّمْتَ لِي مِن غَيْرِ جُرْمٍ عَلِمْتُهُ * * * سِوَى أَنْ يكُونَ الدَّهْرُ لي قد تَغَيَّرا

فَأقْبَلَ بالأَعْداءِ مِن كُلِّ جانِبٍ * * * علـيَّ، ووَلَّـــى بـــالـــصَّـــدِيقِ فـــأَدْبَـــرا

وقَـدْ كـنـتَ لِـي عُـوْنـاً عـلـى الـدَّهِـر نــاصِـــراً * * * عَزِيزاً، وغَـيْثـاً كـلَّــمـــا شِـــئْتُ أَمْـــطَـــرا

ومـا كـنـتُ غَـدَّاراً كُــفُـــوراً، فـــلا تَـــكُـــنْ * * * بِصـاحِـــبِـــكَ الـــوافِـــي أَعَـــقَّ وأَغْـــدَرا

فمـــا أَنـــتَ إلاَّ مِـــن زَمـــانِـــكَ إنَّــــــهُ * * * زَمـانٌ جَـفَـــتْ خُـــلاَّنُـــهُ وَتَـــنَـــكَّـــرا

وقال

الأَخْطَل غِياث بن غَوْث

أَبَنِي أُمَيَّةَ إنْ أَخُذْتُ كَثيِرَكُـمْ * * * دُونَ الأَنامِ فَما أَخَذْتُمُ أَكْـثَـرُ

أَبَنِي أُميَّةَ لِي مَـدائِحُ فِـكُـمُ * * * تُنْسَوْنَ إنْ طالَ الزَمانُ وتُذْكَرُ

وقال مَعْن بن أَوْس المُزَنِيّ

لَعَمْرُكَ ما أَهْوَيْتُ كَـفِّـي لـرِيبَةٍ * * * ولا حَمَلَتْنِي نَحْوَ فاحِشَةٍ رِجْـلـي

وأَعْلَمُ أَنِّي لم تُصِبْنِـي مُـصِـيبَةٌ * * * مِن الدَّهْرِ إلاّ قد أَصابَتْ فَتىً قَبْلِي

ولا قادَنِي سَمْعِي ولا بَصَرِي لَهـا * * * ولا دَلَّنِي رَأْيٌ عَلَيْها ولا عَقْـلِـي

ولا مُؤْثِراً نَفْسِي على ذِي قَـرابَةٍ * * * وأُثِرُ ضَيْفِي، ما أَقامَ، على أَهْلِي

وقال عاصِم بن هِلال النَّمِريّ

أَلَمْ تَعْلَمِي أَنِّي، لـكُـلِّ مُـلِـمَّةٍ * * * تَحَيَّفُ أَمْوالَ الـرِّجـالِ، رَؤُمُ

وأَنَّ النَّدَى مَوْلَى طَرِيفي وتالِدِي * * * وأَنِّي قَرِيبٌ للعُـفـاةِ حَـمِـيمُ

أصُونُ ببَذْلِ المالِ عِرْضاً تَكَشَّفْت * * * صُرُوفُ اللّيالِي عَنْهُ وهْوَ سَليمُ

وقال صالِح بن عَبْد القُدُّوس الأَزْدِيّ

من شعراء الدولة العباسية

رَأَيْتُ صَغِيرَ الأَمْرِ يَنْمِي شُؤُونُهْ * * * فَيَكْبُرُ حتَّى لا يُحَدَّ، ويَعْـظُـمُ

وإنَّ عَناءً أنْ تُفَهِّـمَ جـاهِـلاً * * * ويَحْسِبُ جَهْلاً أنَّه مِنْكَ أَفْهَـمُ

متى يَبْلُغُ البَنْيانُ يَوْماً تَمـامُـهُ * * * إذا كنتَ تَبْنِيهِ وغَـيْرُكَ يَهْـدِمُ

وقال أيضاً

ما يَبْلُغُ الأَعْداءُ مِن جـاهِـلٍ * * * ما يَبْلُغُ الجاهِلُ مِن نَفْـسِـهِ

والشَّيْخُ لا يَتْـرُكُ أَخْـلاقَـهُ * * * حتَّى يَوارَى في ثَرَى رَمْسهِ

إذا ارْعَوَى عادَ إلى جَهْـلِـهِ * * * كذِي الضَّنا عادَ إلى نَكْـسِـهِ

وإنَّ مَنْ أَدَّبْتَهُ في الـصَّـبـا * * * كالعُودِ يُسْقَى الماءَ في غَرْسِهِ

حتَّى تَراهُ مُورِقاً نـاضِـراً * * * بَعْدَ الذي أَبْصَرْتَ مِن يُبْسِهِ

فالْقَ أَخا الضَّغْنِ بإِينـاسِـهِ * * * لتُدْرِكَ الفُرْصَةَ في أُنْسِـهِ

وقال أيضا

إذا ما أَهَنْتَ النَّفْسَ لَمْ تَلْقَ مُكْرِماً * * * لها، بَعْدَ إِذْ عَرَّضْتَهـا لِـهـوانِ

إذا ما لَقِيتَ النّاسَ بالجَهْلِ والخَنـا * * * فَأَيْقِنْ بُـذلِّ مِـن يَدٍ ولِـسَـانِ

لَعَمْرُكَ ما أَدَّى امرؤٌ حَقَّ صاحِبٍ * * * إذا كانَ لا يَرْعاهُ في الحَـدَثـانِ

ولا أَدْرَكَ الحاجاتِ مِثْلُ مُثـابِـرٍ * * * ولا عاقَ عَنْها النُّجْحَ مِثْلُ تَـوانِ

وقال صالِح بن جَناح اللَّخْمِيّ

أحد الحُكَماء

أَلا إنَّما الإِنْسانُ غِمْدٌ لـقَـلْـبِـهِ * * * ولا خَيْرَ في غِمْدٍ إذا لَمْ يَكُنْ نَصْلُ

وإنْ تُجْمَعِ الآفاتُ، فالبُخْلُ شَرُّهـا * * * وشَرٌّ مِن البُخْلِ المَواعِيدُ والمَطْلُ

ولا خَيْرَ في وَعْدٍ إذا كان كـاذِبـاً * * * ولا خَيْرَ في قَوْلٍ إذا لَمْ يَكُنْ فِعْلُ

وقال مُحَلِّم بن بَشامَة

ورُبَّ ابنِ عَمٍّ سَنَّ لي حَدَّ سَهْمِـهِ * * * ونَكَّبَ عَمْداً عن مَقاتِلِهِ سَهْمِـي

رَعَيْتُ الذي لم يَرْعَ بَيْنِي وبَيْنَـهُ * * * وعادَ إلى ما دَلَّ مِنْ حِلْمِهِ حِلْمِي

وقال آخر

هَبَّتْ تلُومُ وتَلْحانِي على خُلُـقٍ * * * عُوِّدْتُهُ عادَةٌ، والخَيْرُ تَـعْـوِيدُ

قالَتْ: رَأَيْتُكَ مِتْلافاً لِما مَلَكَـتْ * * * مِنْكَ اليَمِينُ، فَهلاَّ فيكَ تَصْرِيدُ

قلتُ: اتْرُكِينِي أبعْ مالِي بمَكْرُمَةٍ * * * يَبْقَى ثَنائِي بِها ما أَوْرَقَ العُودُ

إنَّا إذا ما أَتَيْنا فِعْـلَ مَـكْـرُمَةٍ * * * قالَتْ لَنا أَنْفُسٌ مَحْمُودَةٌ: عُودُوا

وقال

أُحَيْحَة بن الجُلاح جاهِلي

اسْتَبْقِ مالَكَ، لا يَغْرُرْكَ ذُو نَشَبٍ * * * مِن ابنِ عَمِّ ولا عُـمٍّ ولا خـالِ

فَلنْ أَزالَ على الزَّوْراءِ أَعْمُرُها * * * إنَّ الحَبيبَ إلى الإخْوانِ ذُو المالِ

كُلُّ النِّداءِ إذا نادَيْتُ يَخْـذُلُـنِـي * * * إلاّ نِدايَ إذا نـادَيْتُ يا مـالِـي

وقال أيضا

وما يَدْرِي الفَقِيرُ مَتَى غِناهُ * * * وما يَدْرِي الغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ

وما تَدْرِي إذا يَمَّمْتَ أَرْضاً * * * بأَيِّ الأَرْضِ يُدْرِكُكَ المَقِيلُ

وقال أبو دُؤاد الإِيادِيّ

لا يَخافُ النَّدِيمُ جَهْلِي على الكَـأْ * * * سِ، ولا يَحْذَرُ الصَّدِيقُ عُقُوقِي

أَمْنَعُ النَّفْسَ لَذَّةَ المـاءِ ظَـمْـآ * * * نَ إذا لَمْ إذا لَمْ يَنَلْهُ قَبْلُ رَفِيقِي

وأُبِيحُ الصَّدِيقَ جاهِي ومـالِـي * * * إنْ دَعانِي بِظَهْرِ غَيْبٍ صَدِيقِـي

طامِحُ الطَّرْفِ، لا يُدَنِّسُ عِرْضِي * * * طَمَعٌ عِنْدَ نـاقِـصٍ مَـرْزُوقِ

وقال

عبد الله بن المُخارِق

تَوَدُّ عَدُوِّي، ثُمَّ تَـزْعَـمُ أَنَّـنِـي * * * صَدِيقُكَ، إنَّ الرَّأْيَ مِنْكَ لَعازِبُ

ولَيْس أخِي مَنْ وَدَّنِي بِلِسـانِـهِ * * * ولكنْ أخِي مَنْ وَدَّنِي وهْوَ غائِبُ

وقال عبد الله بن مُعاوِية الطَّالِبيّ

أنَّى يكُونُ أَخـاً ذا مُـحـافَـظَةٍ * * * مَن أنتَ مِن غَيْبِهِ مُسْتَشْعِرٌ وَجَلا

إذا تَغَيَّبْتَ لَمْ تَبْرَحْ تَـظُـنُّ بـه * * * ظَنَّاً، وَتَسْأَلُ عَمّا قالَ أو فَعَـلا

وقال آخر

إذا ما كنتَ في أَرْضٍ غَرِيباً * * * تَصِيدُ بها ضَراغِمَها البُغاثُ

فكُنْ ذا بِزَّةٍ، فالمَرْءُ يُزْرِي * * * به في الحَيِّ أَثْوابٌ رِثـاثُ

وقال مالِك بن حَرِيم الهَمْدانِيّ

وتُرْوَى لكَعْب بن سَعْد الغَنَوِيّ

وذِي نَدَبٍ دامِي الأظَلِّ قَسَمْتُهُ * * * مُحافَظَةً بَيْنِي وبَيْنَ زَمِيلِـي

وزادٍ رَفَعْتُ الكَفَّ عَنْه تَجَمُّلاً * * * لأُوثِرَ في زادٍ عليّ أَكِـيلِـي

وما أنا للشَّيْءِ الذي ليس نافِعِي * * * ويَغْضَبَ منه صاحِبِي، بقَؤُولِ

ولَنْ يَلْبَثَ الجُهَّالُ أَنْ يَتَهَضَّمُوا * * * أخا الحِلْمِ ما لَمْ يَسْتَعِنْ بجَهُولِ

وقال عَدِيّ بن الرِّقاع

وفراقِ ذِي حَسَبٍ ورَوْعَةِ فاجِعٍ * * * دَارَيْتُهُ بَـتَـجـمُّـلٍ وعَـزاءِ

ليَرَى الرِّجَالُ الكاشِحُون صَلابَتِي * * * وأكُـفُّ ذاكَ بِـعِـفَّةٍ وحَـياءٍ

وقال آخر

وذِي لَطَفٍ عَزَْتُ النَّفْسَ عَنْهُ * * * حِذارَ الشَّامِتِينَ وقَدْ شَجانِي

قَطَعْتُ قَرِينَتي مِنْهُ فأَغْنَـى * * * غِناهُ، فَلنْ أَراهُ ولَنْ يَرانِـي

وقال آخر

لَعَمْرُكَ ما أَتْلَفْتُ مـالاً كَـسَـبْـتُـهُ * * * إذا كنتُ مُعْتاضاً بـإِتْـلافِـهِ نُـبْـلاً

ولا قِيلَ لي، والحَمْـدُ لـلـه: غـادِرٌ * * * ولا اسْتَحْسَنَتْ نَفْسِي على صاحِبِ تَبْلا

ولا نَزَلَتْ بـي لـلـزَّمـانِ مُـلِـمَّةٌ * * * فأَحْدَثْتُ مِنْها حينَ تَـنْـزِلُ بـي ذُلاّ

صَبَرْتُ لرِيْبِ الدَّهْر يَفْعَلُ ما اشْتَهَـى * * * فلمَّا رَأَى صَبْرِي لأَفْـعـالِـه مَـلاً

وقال آخر

إذا مُتُّ فابْكِيني بشَيْئَيْنِ لا يُقَـلْ * * * كَذَبْتِ، وشَرُّ الباكِياتِ كَذُوبُهـا

بعِفَّةِ نَفْسٍ حِينَ يُذْكَرُ مَطْـمَـعٌ * * * وعِزَّتِها إنْ كان أَمْرٌ يُرِيبُـهـا

فإنْ قُلْتِ: سَمْحٌ بالنَّدى، لَمْ تُكَذَّبِي * * * فأمَّا تُقَى نَفْسِي فَرَبِّي حَسِيبُها

وقال آخر

أَبْقَى لِيَ الدَّهْرُ أَقْواماً أُجامِلُهُمْ * * * في شَتْمِ عِرْضِيَ، لا يَأْلُونَ ما قَدَحُوا

تَدْنُو مَوَدَّتُهُمْ مِنِّي إذا افْتَقَرُوا * * * يوماً إليَّ، وإنْ نالُوا الغِنَى نَزَحُوا

وقال زُهَيْر بن أبِي سُلْمَى

ومَـنْ يَعْــصِ أطـــرافَ الـــزِّجـــاجِ فـــإنَّـــه * * * يُطِـيعُ الـعَـوالِـي رُكِّـــبَـــتْ كُـــلَّ لَـــهْـــذَمِ

ومَنْ يُوفِ لا يُذْمَمْ، ومَنْ يُفْضِ قَلْبُهُ * * * إلي مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْـجَـمِ

ومضنْ هابَ أسْبابَ المَنايا يَنَلْنَهُ * * * ولَـوْ رامَ أَنْ يَرْقَـى الــسَّـــمـــاءَ بـــسُـــلَّـــمِ

ومَـنْ يَكُ ذا فَـضْـلٍ، فَـيبْـخَـلْ بـــفَـــضْـــلِـــهِ * * * علـى قَـوْمِـهِ يُسْـتَـــغْـــنَ عَـــنْـــه ويُذْمَـــمِ

ومَنْ لا يَزَلْ يَسْتَرْحِلُ النّاسَ نَفْسَهُ * * * ولضمْ يُعْفِها يَوْماً مِن الـذُلّ يَنْـدَمِ

ومَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسِبْ عَدُوَّاً صَدِيقَهُ * * * ومَـــنْ لا يُكَـــرّمْ نَـــفْـــسَـــهُ لا يُكَـــــرَّمِ

ومَـنْ لا يَذُدْ عــن حَـــوْضِـــهِ بِـــسِـــلاحِـــهِ * * * يُهَـدَّمْ، ومَـنْ لا يَظْـلِـــمِ الـــنَّـــاسَ يُظْـــلَـــمِ

ومَـنْ لا يُصـــانِـــعْ فـــي أُمُـــورٍ كَـــثِـــيرةٍ * * * يُضَـرَّسْ بـأَنْـــيابٍ ويُوطَـــأْ بـــمَـــنْـــسِـــمِ

ومَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ مِن دُونِ عِرْضِهِ * * * يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ

سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَياةِ، ومَنْ يَعِشْ، * * * ثَمـــانِـــينَ عـــامـــاً لا أُبـــالَـــكَ، يَسْـــأَمِ

رَأَيْتُ المَنايا خَبْطَ عَشْواءَ، مَن تُصِبْ * * * تُمتْهُ، ومَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فيَهْـرَمِ

وَمَهْما تَكُنْ عندَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ * * * ولَوْ خالَها تَخْفَى على النَّاسِ تُعْلَمِ

وأَعْلَمُ ما فِي اليومِ والأمْسِ قَبْلَهُ * * * ولـكـنَّـنِـي عـن عِـلْـم مـــا فِـــي غَـــدٍ عَـــمِ

وقال طَرَفة بن العبد

جاهلي

سَتُـبْـدِي لـكَ الأيامُ مـا كــنـــتَ جـــاهِـــلاً * * * ويأْتِـيكَ بـالأَخْــبـــارِ مَـــنْ لَـــمْ تُـــزَوِّدِ

ويَأْتِيكَ بالأَنْبَاءِ مَنْ لَمْ تَبِعْ له * * * بَتاتاً، ولَمْ تَضْرِبْ له وَقْتَ مَوْعِدِ

لعَمْرُكَ ما الأيّامُ إلاَّ مُعارَةٌ * * * فمـا اسْـطَـعْـتَ مِـن مَـعْـروفِـهـا فَـتَـــزَوَّدِ

عن الـمَـرْءِ لا تَـسْـأَلْ، وأَبْـصِــرْ قَـــرِينَـــهُ * * * فإنَّ الـقَـرِينَ بـالـمُـقــارَنِ مُـــقْـــتَـــدِي

وقال الحسَن بن عَمْرو الإباضِيّ

وتُرْوَى لأبِي محمد التَّيْمِيّ

إذا ما خَلَوْتَ الدَّهْرَ يوماً فلا تَقُـلْ * * * خَلَوْتُ، ولكنْ قُلْ علـيَّ رَقِـيبُ

ولا تَحْسَبَنَّ اللـه يَغْـفُـلُ سـاعَةً * * * ولا أَنَّ ما يَخْفَى عـلـيه يَغِـيبُ

إذا كانتِ السَّبْعُونَ أُمَّكَ لـمْ يكُـنْ * * * لِدائِكَ إلاّ أنْ تَـمُـوتَ طَـبِـيبُ

وإنَّ امرأً قد سارَ سَبْعِـينَ حِـجَّةً * * * إلى مَنْهَلٍ مِـنْ وِرْدِهِ لَـقَـرِيبُ

إذا ما انْقَضَى القَرْنُ الذي أَنْتَ مِنْهُمُ * * * وخُلِّفْتَ في قَرْنٍ فأَنـتَ غَـرِيبُ

وقال آخر

إذا قَلَّ إنْصافُ الفَـتَـى لِـصَـدِيقِـهِ * * * على غَيْرِ مَعْرُوفٍ فلا لَوْمَ في الهَجْرِ

وما النَّاسُ إلاَّ مُنْصِـفٌ فـي مَـوَدَّةٍ * * * وإلاّ مُعِينٌ للصَّدِيقِ علـى الـدَّهْـرِ

وقال آخر

سأَبْعُدُ ضارِباً في الأَرْضِ حتَّى * * * أَفُوتَ الفَقْرَ، أو يَفْنَى الطَّرِيقُ

ولا أُلْفَى على الإَخْـوانِ كَـلا * * * يُمِلُّهُمُ غُـدُوِّي والـطُّـرُوقُ

وقال مُسْلِم بن الوَلِيد

فإنَّ الهُوَيْنا تَخُونُ الـرِّجـالَ * * * إذا ما الشَّدائِدُ لم تُـرْكَـبِ

ولَمْ أَرَ كابْنِ السُّرَى في الفَلا * * * أُسَرَّ بِعاقِبَةِ الـمَـطْـلَـبِ

وقال المُمَزَّق العَبْدِيّ

ولَنْ يَسْتَطِيعَ الدَّهْرَ تَغْيِيرَ طَبْعِـهِ * * * لَئِيمٌ، ولا يَسْطِيعُـهُ مُـتَـكَـرِّمُ

كما أنَّ ماءَ المُزْن، ما ذِيقَ، سائِغٌ * * * زُلالٌ، وماءَ البَحْرِ يَلْفِظُهُ الفَـمُ

وقال عَدِيّ بن زَيْد العِبادِيّ

وعاذِلَةٍ هَبَّـتْ بـلَـيْلٍ تـلُـومُـنِـي * * * فلمَّا غَلَتْ في اللَّوْمِ، قلتُ لها: اقْصِدِي

أعاذِلَ إنَّ الجَهْلَ مِن لَـذَةِ الـفَـتَـى * * * وإنَّ المنَايا للـرِّجـالِ بِـمَـرْصَـدٍ

أَعـاذِلَ مـا يُدْرِيكِ أَنَّ مَـنِـيَّتِــي * * * إلى ساعةٍ في اليومِ أو ضُحَى الغَـدِ

ذَرِيني ومالِي، إنَّ مالِيَ ما مَـضَـى * * * أَمامِيَ من مـالٍ إذا خَـفَّ عُـوَّدِي

وللوارِثِ الباقِي مِن المالِ فاتْـرُكِـي * * * عِتابِيَ، إنِّي مُصْلِحٌ غـيرُ مُـفْـسِـدِ

كَفَى زاجِـراً لـلـمَـرْءِ أَيّامُ دَهْـرِهِ * * * تَرُوحُ له بالواعِظـاتِ وتَـغْـتَـدِي

بَلَيْتُ وأُبْلَيْتُ الرِّجالَ، وأَصْـبَـحَـتْ * * * سِنُونَ طِوالٌ قد أَتَتْ دُونَ مَـوْلِـدِي

فما أنا بِدْعٌ مِن حَـوادِثَ، تَـعْـتَـرِي * * * رِجالاً، أَتَتْ مِن بَعْدِ بُؤْسٍ بـأَسْـعُـدِ

فَنَفْسَكَ فاحْفَظْها مِن الغَيِّ والـخَـنـا * * * مَتَى تَغْوِها يَغْوَ الذي بِـكَ يَقْـتَـدِي

وإنْ كانتِ النَّعْماءُ عـنـدَكَ لامْـرِئٍ * * * فَمِثْلاً بِها فاجْزِ المُـطـالِـبَ وازْدَدِ

إذا ما امْرؤٌ لم يَرْجُ مـنـكَ هَـوادَةً * * * فلا تَرجُها مِنْهُ ولا حِفْظَ مَـشْـهَـدِ

إذا أنتَ فاكَهْتَ الرِّجالَ فَـلا تَـمِـلْ * * * وقُلْ مِثْلَ مـا قـالُـوا ولا تَـتـزيَّدِ

ولا تَقْصَرَنْ عن سَعْي مَن قد ورِثْتَـهُ * * * وما اسْطَعْتَ مِن خَيْرٍ لنفْسِكَ فـازْدَدِ

وقال آخر

ولا تُفْشِيَنْ سِرّاً إلى غَيْرِ حِرْزِهِ * * * ولا تُكْثِرِ الشَّكْوَى إلى غَيْرِ عائِدِ

فيارُبَّ مَنْ يَشْجَى بِسِرِّكَ شامِتٍ * * * ومَوْلىً، وإنْ قَرَّبْتَهُ، مُتَبـاعِـدِ

ومَعْذِرَةٍ جَـرَّتْ إلـيكَ مَـلاَمَةً * * * وطارِفِ مالٍ هاجَ إتْلافَ تالِـدِ

وقال أَوْس بن حَجَر

جاهلي

وقَوْمُكَ لا تَجْهَلْ عليهمْ، ولا تكُنْ * * * لَهُمْ هَرِشاً تَغْتابُهُمْ وتُـقـاتِـلُ

فما يَنْهَضُ البازِي بغَيْرِ جَناحِـهِ * * * وما يَحْمِلُ الماشِينَ إلاَّ الحوامِلُ

ولا قـائِمٌ إلا بِـسـاقٍ سَـلــيمةٍ * * * ولا باطِشٌ ما لَمْ تُعْنْـهُ الأَنـامِـلُ

إذا أَنْتَ لَمْ تُعْرِضُ عن الجَهْلِ والخَنا * * * أُصَبْتَ حَلِيماً أو أصابَكَ جـاهِـلُ

وقال سالِم بن وابِصَة

أُحِـبُّ الـفَـتَـى يَنْـفِـي الـفَـواحِـشَ سَــمْـــعُـــهُ * * * كأَنَّ بـــه عـــن كُـــلِّ فـــاحِـــشَةٍ وَقْــــرا

سَلِـيمُ دَواعِـي الــصَّـــدْرِ، لا بـــاسِـــطـــاً أَذىً، * * * ولا مـانِـعـــاً خـــيْراً، ولا قـــائِلاً هُـــجْـــرا

إذا مـــا أَتَـــتْ مِـــن صـــاحِـــبٍ لـــكَ زَلَّةٌ * * * فكُـنْ أَنْـتَ مُـحْـتـــالاً لِـــزَلَّـــتِـــهِ عُـــذْرا

غِنَى النَّفْسِ ما يُغْنِيكَ مِنْ سَدِّ خَلَّةٍ * * * فإنْ زادَ شَيْئاً عادَ ذاكَ الغِنَى فَقْرا

وقال قَتادَة بن جَرِير

وتُرْوَى لعبد الله بن أُبَيّ

ولَمْ أَرْ مِثْلَ الحَقِّ أَنْكَرَهُ امْرُؤٌ * * * ولا الضَّيْمَ أَعْطاهُ امرؤٌ وهْوَ طائِعُ

متى ما يَكُنْ مَولاكَ خَصْمَكَ جاهِداً * * * تُضَـلَّـلْ، ويَصْــرَعْـــكَ الـــذين تُـــصـــارِعُ

وهَـلْ يَنْـهَـضُ الـبـازِي بـغَـيْرِ جَـــنـــاحِـــهِ * * * وإنْ جُــذَّ يَوْمـــاً رِيشُـــهُ فَـــهْـــوَ واقِـــعُ

وقال نُصَيْب بن رَباح

وما ضَرَّ أَثْوابِي سَوادِي، وإنَّـنِـي * * * لَكالمِسْكِ، لا يَسْلُو عن المِسْكِ ذائِقُهُ

ولا خَيْرَ في وُدِّ امرئٍ مُـتَـكـارِهٍ * * * عَليكَ، ولا في صاحِبٍ لا تُوافِقُـهْ

إذا المَرْءُ لم يَبْذُلْ مِن الوُدِّ مِثْلَـمـا * * * بَذَلْتُ له، فاعْلَمْ بأَنّي مُـفـارِقُـهْ

وقال سُحَيْم عَبْد بَنِي الحَسْحاس

أَشْـعـارُ عـبـدِ بَـنِـي الـحَـسْـحـاسِ قُـمْــنَ لـــه * * * يَوْمَ الـفَـخــارِ مَـــقـــامَ الأَصْـــلِ والـــوَرِقِ

إنْ كُنتُ عَبْداً فَنَفْسِي حُرَّةٌ كَرَماً * * * أَو أُسْودَ اللَّوْنِ، إنّي أَبْيَضُ الخُلُقِ

وقال الأحْوَص

وإنِّي لآتِي البَيْتَ ما إنْ أُحِـبُّـهُ * * * وأُكْثِرُ هَجْرَ البَيْتِ وهْوَ حَبِـيبُ

وإنِّي إذا ما جِئْتُكُمْ مُـتَـهَـلِّـلاً * * * بَدا مِنْكُمُ وَجْهٌ عليَّ قَـطُـوبُ

وأُغْضِي على أشْياءَ مِنْكُمْ تُرِيبُنِي * * * وأُدْعَى إلى ما سَرَّكُمْ فأُجِـيبُ

وقال قُراد بن أَقْرم الفَزارِيّ، أموي الشعر

أَبِي الإِسْلامُ، لا أَبَ لي سِواهُ * * * إذا هَتَفُوا بِبَكْرٍ أو تَـمِـيمِ

دَعِيُّ القَوْمِ يَنْصُرُ مُـدَّعِـيهِ * * * فيُلْحِقُهُ بذِي النَّسَبِ الصَّمِيمِ

وقال آخر

وزَهَّدَنِي في النَّاسِ مَعْرِفَتِي بِـهِـمْ * * * وطُولُ اخْتِبارِي صاحِباً بَعْدَ صاحِبِ

فلَمْ تُرِنِي الأَيَّامُ خِـلاًّ تَـسُـرُّنِـي * * * بَوادِيهِ إلاّ ساءَنِي في العَـواقِـبِ

ولا قُلْتُ أَرْجُوه لِـدَفْـعِ مُـلِـمَّةٍ * * * مِن الدَّهْرِ إلاّ كانَ إحْدَى النَّـوائِبِ

وقال عَقِيل بن عُلَّفَة

وللدَّهْرِ أَثْوابٌ، فكُـنْ فـي ثِـيابِـهِ * * * كَلِبْسَـتِـهِ يَوْمـاً أَجَـدَّ وأَخْـلَـقـا

وكُنْ أَكْيَسَ الكَيْسَى إذا كُنْـتَ فـيهـمُ * * * وإنْ كنتَ في الحَمْقَى فكُنْ أنتَ أَحْمقا

وقال آخر

إلى كَمْ يكُونُ الجَهْلُ مِنْـكَ وأَحْـلُـمُ * * * وتَظْلِمُنِـي حَـقِّـي ولا أَتـكَـلَّـمُ

وأَسْكُتُ عن شَكْواكَ، والحالُ ناطِـقٌ * * * وتَعْتُبُ أَفْعالِي وإنْ سكَـتَ الـفَـمُ

وما بِي قُصُورٌ، لو عَلِمْتَ، عن الأَذَى * * * ولكنْ ثَنانِي عـن أَذاكَ الـتَّـكَـرُّمُ

فَلَوْ قَدْ عَرَفْتَ الحَقَّ، لا كنتَ عارِفـاً * * * للامَكَ دُونِي مِـن سَـجـاياكَ لُـوَّمُ

وقال آخر

يَقِرُّ بعَيْنِي، وهْوَ يَنْقُصُ مُدَّتِي * * * مَمَرُّ اللَّيالِي أن يَشُبَّ حَكِـيمُ

مَخافَةَ أَنْ يَغْتالَنِي الموتُ قَبْلَهُ * * * فَيغْشَى بُيُوتَ الحَيِّ وهْوَ يَتِيمُ

وقال أبو الولِيد الكِنانِيّ

أُسَرُّ بمَرِّ يومٍ بَعْـدَ يَوْمٍ * * * وبالحَوْلَيْنِ والعامِ الجَدِيدِ

وأَفْرَحُ بالمُحاقِ وبـالـدَّآدِي * * * يَسُقْنَ البِيضَ في أَكْنافِ سُودِ

وفِي تَكْرارِهِنَّ نَفَادُ عُمْـرِي * * * ولكنْ كَي يَشِبَّ أبو الوَلِـيدِ

غُلامٌ مِن سَراةٍ بَنِـي لُـؤَيٍّ * * * مَنافِيُّ العُمُومَةِ والـجُـدُودِ

خَشاشٌ يَسْتَحِيلُ الطَّرْفُ منه * * * بناظِرَتَيْ قِطامِـيٍّ صَـيُودِ

خَلِيقٌ عن تَكَامُلِ خَمْسِ عَشْرٍ * * * بإنْجازِ المَواعِدِ والـوَعِـيدِ

وقال الحُمام الأَزْدِي

كُنّا نُدارِيها فَقَـدْ مُـزِّقَـتْ * * * واتَّسَعَ الخَرْقُ على الرَّاقِعِ

كالثَّوْبِ إذْ أَنْهَجَ فيه البِـلَـى * * * أَعْيا على ذِي الحِيلَة الصّانِعِ

وقال أبو الأسْوَد الدُّؤلِيّ

إذا قـلـتُ: أَنْـصِـفْـنِـي ولا تَــظْـــلِـــمَـــنَّـــي * * * رَمَـــى كُـــلَّ حَـــقٍّ أَدَّعِـــيهِ بِـــبـــاطِـــلِ

فَمَاطَلْتُهُ حتَّى ارْعَوَى وهْوَ كارِهٌو * * * قَدْ يَرْعَوِي ذو الشَّغْبِ بَعْدَ التَّحامُلِ

فإِنَكَ لَمْ تَعْطِفْ على الحَقِّ ظالِماً * * * بِمـثْـلِ خَـصِـيمٍ عــاقِـــلٍ مُـــتـــجـــاهِـــلِ

وقال عُرْوَة بن لَقِيط الأزْديّ

فَخِيْرُ الأَيادِي ما شُفِعْنَ بمِثْـلِـهـا * * * وخَيْرُ البَوادِي مـا أَتَـيْنَ عـوائِدا

ولستَ تَرَى مالاً على الدَّهْرِ خالِداً * * * وحَمْدُ الفَتى يَبْقَى على الدَّهْرِ خالِدا

وقال مُويال بن جَهْم المَذْحِجِيّ

وتُروى لمُبَشِّر بن الهُذَيْل الفَزارِيّ

وإنِّيَ لا أَخْزَى إذا قِيلَ: مُمْـلِـقٌ * * * جَوادٌ، وأَخْزَى أَنْ يُقالَ بَـخِـيلُ

فإلاَّ يَكُنْ جِسْمِي طَويلاً، فإنَّـنِـي * * * له بالخِصَالِ الصَّالِحاتِ وَصُـولُ

إذا كنتُ في القَوْمِ الطِّوالِ عَلَوْتُهُمْ * * * بِعارِفَةٍ حـتّـى يُقـالَ طَـوِيلُ

ولا خَيْرَ في حُسْنِ الجُسُومِ وطُولِها * * * إذا لم يَزِنْ حُسْنَ الجُسُومِ عُقُـولُ

وكَمْ قد رَأَيْنا مِنْ فُرُوعٍ كَـثِـيرةٍ * * * تَمُوتُ إذا لَمْ تُحْـيِهِـنَّ أُصُـولُ

ولَمْ أَر كالمَعْرُوفِ، أمَّا مَـذاقُـهُ * * * فَحُلْوٌ، وأما وجْهُـهُ فَـجَـمِـيلُ

وقال المُغِيرة بن حَبْناء التَّمِيميّ

أَعُـوذُ بـالـلـــه مـــن حـــالٍ تُـــزَيِّنُ لـــي * * * لَوْمَ الـعَـشـيرةِ أو تُــدْنِـــي مـــن الـــنّـــارِ

لا أَدْخُلُ البَيْتَ أَحْبُو مِنْ مُؤَخَّرِهِ * * * ولا أُكَسِّرُ في ابْنِ العَمِّ أَظْفارِي

إنْ يَحْجُبِ اللهَ أَبْصاراً أُراقِبُها * * * فَقَـدْ يَرَى الـلـهُ حـالَ الـمُـدْلِـــجِ الـــسَّـــارِي

وقال عبد الله بن مُعاوية

بن جعْفَر الطَّالِبِيّ من شعراء الدولتين

ولَسْتَ براءٍ عَيْبَ ذِي الوُدِّ كُلَّـهُ * * * ولا بَعْضَ ما فِيه إذا كنتَ راضِيا

فَعَيْنُ الرِّضا عن كُلِّ عَيْبٍ كَلِـيلَةٌ * * * ولكنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَساوِيا

أَأنتَ أَخِي ما لضمْ تَكُنْ ليَ حاجَةٌ * * * فإنْ عَرَضَتْ أيقَنْتُ أنْ لا أَخالِيا

فلا زادَ ما بَيْنِي وبَيْنَكَ بَـعْـدَمـا * * * بَلَوْتُكَ في الحالَـيْنِ إلاّ تَـمـادِيا

كِلانا غَنِيٌّ عـن أَخِـيهِ حَـياتَـهُ * * * ونحنُ إذا مُتْنا أَشَـدُّ تَـغـانَـيا

وقال والِبَةَ بن الحُباب

ولَيْسَ فَتَى الفِتْيانِ مَنْ راحَ أو غَدا * * * لشُرْبِ صَبُوحٍ أو لشُرْبِ غَبُوقِ

ولكنْ فَتى الْفِتْيانِ من راحَ أو غَدا * * * لضَرِّ عَدُوٍّ أو لنَـفْـعِ صَـدِيقِ

وقال زَرافَة بن سُبَيْع الأَسَدِيّ

وتُروَى لخالِد بن نَضْلَة الجَحْوانِي الأَسَدِيّ

لَعَمْرِي لرَهْطُ المَرْءِ خَـيْرُ بَـقِـيَّةٌ * * * عَليه، وإنْ عالَوْا به كُلَّ مَـرْكَـبِ

مِن الجانِبِ الأَقْصَى وإنْ كانَ ذا غِنىً * * * جَزِيلٍ، ولَمْ يُخْبِرْكَ مِثْلُ مُـجَـرَّبِ

إذا كنتَ في قَوْمٍ عِدىً لستَ مِنـهُـمُ * * * فكُلْ ما عُلِفْتِ مِن خَبِـيثٍ وطَـيِّبِ

وإن حَدَّثَتْكَ النَّفْـسُ أنَّـكَ قـادِرٌ * * * على ما حَوَتْ أَيْدِي الرِّجالِ فَكَذِّبِ

وقال ضابِئ بن الحارِث البُرْجُمِيّ

ومَنْ يَكُ أمْسَى في المَدِينةِ رَحْلُـهُ * * * فإنِّي، وقَيَّارٌ، بِـهـا لَـغَـرِيبُ

وما عاجِلاتُ الطَّيْرِ يُدْنِينَ مِلْ فَتَى * * * نَجاحاً، ولا فِي رَيْثِهِـنَّ يَخِـيبُ

ورُبَّ أُمُورٍ لا تَضِـيرُكَ ضَـيْرَةً * * * وللقَلْبِ مِن مَخْشاتِهِـنَّ وَجِـيبُ

ولا خَيْرَ فِيمَنْ لا يُوَطِّنُ نَفْـسَـهُ * * * على نائِباتِ الدَّهْرِ حينَ تَـنُـوبُ

وفي الشَّكِّ تَفْرِيطٌ، وفي العَزْمِ قُوَّةٌ * * * ويُخْطِي الفَتَى في حَدْسِهِ ويُصِيبُ

وقال طَرَفَة بن العَبْد

قد يَبْعَثُ الأَمْرَ العَظِيمَ صَـغِـيرُهُ * * * حتَّى تظَلَّ له الدِّماءُ تَـصَـبَّـبُ

والإثْـمُ داءٌ لا يُرَجَّـى بُــرْؤُه * * * والبِرُّ بُرْؤٌ لَيْسَ فيه مَـعْـطَـبُ

وقِرابُ مَنْ لا يَسْتَـفِـيقُ دَعـارةً * * * يُعْدِي كما يُعْدِي الصَّحيحَ الأَجْرَبُ

وقال أبو جَعْفَر المَنْصُور

إذا كنتَ ذا رأيْ فكُنْ ذا عَزِيمَةٍ * * * فإنَّ فَسادَ الرَّأْيِ أنْ تَـتَـردَّدا

ولا تُمْهِلِ الأَعْداءَ يَوْماً لِقُـدْرَةٍ * * * وبادِرْهُمُ أنْ يَمْلِكُوا مِثْلَها غَدا

وقال بَشّار بن بُرْد العُقَيْلِي

وقيل هو مَوْلَى بني سَدُوس

إذا بَلَغَ الرَّأْيُ المَشُورَةَ فاسْتَـعِـنْ * * * بَرَأْيِ لَبِيبٍ أو مَـشُـورَةِ حـازِمِ

ولا تَحْسِبِ الشُّورَى عليكَ غَضاضَةً * * * فإنَّ الخَوافِـي قُـوَّةٌ لـلـقَـوادِمِ

وخَلِّ الهُوَيْنا للضَّعِيفِ ولا تـكُـنْ * * * نَؤُوماً، فإنَّ الحَزْمَ لـيس بـنـائِمِ

فإنَّكَ لا تَسْتَطْرِدُ الهَمَّ بـالـمُـنَـى * * * ولا تَبْلُغُ العَلْيا بغَيْرِ الـمَـكـارِمِ

وقال عبد الله بن جَعْفَر الطّالِبِيّ

ومنهم مَن نَسَبها إلى صالح بن عبد القُدُّوس

إن الـلَّـبِـيبَ الـذي يَرْضَــى بِـــعِـــيشَـــتِـــهِ * * * لا مَـنْ يَظَـلُّ عـلـى مـا فـاتَ مُــكْـــتَـــئِبـــا

لاَ تَـحْـقِـرَنَّ مِـن الأقْـــوامِ مُـــحْـــتَـــقَـــرا * * * كُلُّ امْـرِئٍ سَـوْفَ يُجْـزَى الـذي اكْــتَـــسَـــبـــا

لا تُـفْـشِ سِـرّاً إلـى غَــيْرِ الـــلّـــبِـــيبِ ولا ال * * * خَرْقِ الـمُـشِـيعِ لــه يومـــاً إذا غَـــضِـــبـــا

قد يَحْـقِـرُ الـمَـرْءُ مـا يَهْـــوَى فـــيَرْكَـــبَـــهُ * * * حتّـى يكـونَ إلــى تَـــوْرِيطِـــهِ سَـــبَـــبـــا

شَرُّ الأَخِـــلاّءِ مَـــنْ كـــانَـــتْ مَـــوَدَّتُــــهُ * * * مع الــزَّمـــانِ إذا مـــا خـــاف أو رَغِـــبـــا

إذا وَتَرْتَ امرءاً فاحْذَرْ عَداوَتَهُ * * * مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لا يَحْصِدْ بهِ عِنَبا

إنَّ العَدُوَّ، وإنْ أَبْدَى مُسالَمَةً، * * * إذا رَأَىَ مِـــنْـــكَ يَوْمـــاً فُـــرْصَةً وَثْـــبَـــا

وقال أيضاً

إذا كنت في حاجَةٍ مُـرْسِـلاً * * * فأَرْسِلْ حَكِيماً ولا تُـوصِـهِ

وإنْ بابُ أَمْرٍ عليكَ الْـتَـوَى * * * فشاوِرْ لَبِيباً ولا تَـعْـصِـهِ

وإنْ ناصِحٌ مِنْـكَ يَوْمـاً دَنـا * * * فلا تَنْأَ عَنْه ولا تُـقْـصِـهِ

وذا الحَقِّ لا تَنْتَقِصْ حَـقَّـهُ * * * فإنَّ القَطِيعةَ في نَـقْـصِـهِ

ولا تَذْكُرِ الدَّهْرَ في مَجْلِـسٍ * * * حَدِيثاً إذا أنت لَمْ تُـحْـصِـهِ

ونُصَّ الحَدِيثَ إلـى أَهْـلِـهِ * * * فإنَّ الأَمـانَةَ فـي نَـصِّـهِ

فَكمْ مِن فَتىً عـازِبٍ لُـبُّـهُ * * * وقَدْ تَعْجَبُ العَيْنُ مِن شَخْصِهِ

وآخَرَ تَحْـسِـبُـهُ أَنْـوَكـاً * * * ويَأْتِيكَ بالأمْرِ مِن فَـصِّـهِ

وقال أبو المِنْهال بُقَيْلَة الأكْبَر

وإنَّما الشَّعْرُ لُبُّ المَرْءِ يَعْرِضُـهُ * * * على المَجالِسِ إنْ كَيْساً وإنْ حُمُقا

وإنَّ أشْعَرَ بَـيْتٍ أنـتَ قـائِلُـهُ * * * بَيْتٌ يُقالُ إذا أَنْشَدْتَـهُ صَـدَقـا

الْبَسْ جَدِيدَكَ إنِّي لابِسٌ خَلَقِي * * * و لا جَدِيدَ لِمَنْ لا يَلْبِسُ الخَلَقا

وقال حُمارِس بن عَدِيّ العُذْرِيّ

إنِّي لأَسْكُتُ عن عِلْـمٍ ومَـعْـرِفَةٍ * * * خَوْفَ الجَوابِ وما فِيهِ مِن الخَطَلِ

أَخْشَى جَوابَ جَهُولٍ لَيْسَ يُنْصِفُنِي * * * ولا يَهابُ الذي يَأْتِيهِ مِـن زَلَـلِ

وقال قيْس بن عاصِم المِنْقَرِيّ

وتروى لمِسْكِين الدَّارِمِيّ

أخاكَ أخاكَ، إنَّ مَنْ لا أخَا لـهُ * * * كَساعٍ إلى الهَيْجا بغِيرِ سِـلاحِ

وإنَّ ابنَ عَمِّ المَرْءِ فاعْلَمْ جَناحُهُ * * * وهَلْ يَنْهَضُ البازِي بغَيْرِ جَناحِ

وقال عَقِيل بن هاشِم القَيْنِيّ

يا آل عَمْرو أَمِيتُوا الضِّغْنَ بَيْنَكُمُ * * * إنَّ الضَّغائِنَ كَسْرٌ ليس يَنْجَبِرُ

قد كانَ في آلِ مَرْوانٍ لكُمْ عِبَرٌ * * * إذا هُمْ مُلُوكٌ وإذ ما مِثْلَهُمْ بَشَرُ

تَحاسَدُوا بَيْنَهُمْ بالغِشِّ فاخْتُرِمُوا * * * فما تُحَسُّ لَهُمْ عَـيْنُ ولا أَثَـرُ

وقال الهَيْثَم بن الأَسْوَد النَّخْعِيّ

بَنِي عَمِّنا، إنَّ الـعَـداوَةَ شَـرُّهـا * * * ضَغائِنُ تَبْقَى في نُفُوسِ الأَقـارِبِ

تكُونُ كَداءِ البَطْنِ لَيْس بظـاهِـرٍ * * * فَيَبْرا، وداءُ البَطْنِ مِن شَرِّ صاحبِ

بَنِي عَمّنا، إنَّ الجَـنـاحَ يشُـلُّـهُ * * * تَنَقُّصُ نَسْلِ الرِّيشِ مِن كُلِّ جانِبِ

وقال يَحْيَى بن زِياد الحارِثِي

تَهادَى رِجالٌ أنْ مَرِضْتُ، سَفاهَةً * * * بذاكَ، وأَيُّ النّاسِ سالَمَهُ الدَّهْـرُ

وإنَّ امْرَأً بالمَوْتِ أَصْبَحَ شامِتـاً * * * لَرَهْنٌ به يوماً وإنْ غَرَّهُ العُمْرُ

وقال الأَعْشَى ميْمُون

ومَنْ يَغْتَربْ عن قَوْمِهِ لا يَزَل يَرَى * * * مصَارِع مَظْلُومٍ مَجَرّاً ومَسْحَـبـا

تُدْفَنُ منه الصَّالِحـاتُ، وإنْ يُسِـئْ * * * يكُنْ، ما أَساءَ، النَّارَ في رأَسِ كَبْكَبا

لَيْسَ مُجِيراً، إنْ أَتَى الحَيَّ خـائِفٌ * * * ولا قائِلاً إلاَّ هو الـمُـتَـعِّـيبـا

وقال الأحْوَص

إنِّي لأَسْتَـحْـيِكُـمُ أَنْ يَقُـودَنِـي * * * إلى غَيْرِكِمْ من سائِرِ النّاسِ مَطْمَعُ

أَنْ أجْتَدِي للنَّفْعِ غَيْرَكَ مِـنْـهُـمُ * * * وأنتَ إِمامٌ لـلـبَـرِيَّةِ مَـقْـنَـعُ

وقال حُطائِط بن يَعْفُر

أخو الاَسْود النَّهْشَلِيّ

كقُول ابنةُ العَبَّابِ رُهْمٌ: حَرَبْتَنا * * * حُطائِطُ، لم تَتْرُك لنَفْسِكَ مَقْعَدا

إذا ما أَفْدْنا صِرْمَةً بعْدَ هَجْمَةٍ * * * تكونُ عَلَيْها كابْن أُمِّكَ أَسْـوَدا

قلتُ، ولَمْ أَعْيَ الجَوابَ تَبَيَّنِـي * * * أَكانَ الهُزالُ حَتْفَ زَيْدٍ وأَرْبَدا

أرِينِي أَكُنْ لِلْمالِ رَبّاً ولا يَكُـنْ * * * لِيَ المالُ رَبَّاً تَحْمَدِي غِبَّهُ غَدا

رِيني جَواداً ماتَ هَزْلاً لَعلَّنِـي * * * أَرَى ما تَرَيْنَ أو بَخِيلاً مُخَلَّدا

وقال حَسّان بن ثابت الأَنْصارِيّ

أَصُونُ عِرْضِي بمالِي لا أُدَنِّـسُـهُ * * * لا بارَكَ اللهُ بَعْدَ العِرْضِ في المالِ

أَحْتالُ للمالِ إنْ أَودَى فأَكْـسِـبُـهُ * * * ولسْتُ للعِرْضِ إنْ أَوْدَى بِمُحتـالِ

وقال كُلثُوم بن عَمْرو التَّغْلِبِيّ

من شعراء الدولة العباسية

إنَّ الكَرِيمَ لَيُخْفِي عَنْكَ عُسْرَتَـهُ * * * حَتَّى تَراهُ غَنِياً، وهْوَ مَجْهُـودُ

وللبَخِيلِ على أَمْوالِـهِ عِـلَـلٌ * * * زُرْقُ العُيُونِ عَلَيْها أَوْجُهٌ سُودُ

ذا تَكَرَّمْتَ عن بَذْلِ القَلِيلِ ولَـمْ * * * تَقْدِرْ على سَعَةٍ لم يَظْهَرِ الجُودُ

بثَّ النَّوالَ،لا تَمْنَعْكَ قِـلَّـتُـهُ * * * فكُلُّ ما سَدَّ فَقْراً فهْوَ مَحْمُـودُ

وقال قَيْس بن الخَطِيم

إذا جاوَزَ الإِثْـنَـيْنِ سِـرٌّ فـإنَّـهُ * * * بنَثٍّ وتَكْثِـيرِ الـحَـدِيثِ قَـمِـينُ

وإنْ ضَيَّعَ الإِخوانُ سِرَّاً فـإِنَّـنِـي * * * كَتُومٌ لأَسْرارِ الـعَـشـيرِ أَمِـينُ

أَبَى الذَّمَّ لِي آباءُ تَنْمِـي جُـدُودُهُـمْ * * * وفِعْلِي بِفعْلِ الصَّالِحـينَ مُـعِـينُ

سَلِي مَنْ جَلِيسِي في النَّدِيِّ ومَأْلَفِـي * * * ومَنْ هو لِي عِنْدَ الصَّفـاءِ خَـدِينُ

وإنِّي لأَعْتامُ الرِّجـالَ بـخُـلَّـتِـي * * * إلى الرَّأْيِ في الأحْداثِ حينَ تَحِينُ

فأُبْرِي لَهُمْ صَدْرِي، وأُصْفِي مَوَدَّتِي، * * * وسِرُّكَ عِنْدِي بَعْدَ ذاكَ مَـصُـونُ

أَمُرُّ على الباغِي، ويَغْلِظُ جانِـبِـي * * * وذُو الوُدِّ أحْـلَـوْلِـي لـه وأَلِـينُ

وقال آخر

لا يَعْلَمُ المَرْءُ لَيلاً ما يُصَبِّحُهُ * * * إلاَّ كَواذِبَ مِمَّا يُخْبِرُ الفـالُ

والفالُ والزَّجْرُ الكُهَّانُ كُلُّهُمُ * * * يُضَلِّلُونَ، ودُونَ الغَيْبِ أَقْفالُ

وقال

جَبَلَة العُذْرِي

عبد المَسِيح بن بُقَيْلَة الغَسّابِيّ

اسْتَقْدِرِ الـلـه خَـيْراً وارْضـيَنَّ بـه * * * فَبَيْنَما العُـسْـرُ إِذْ دارَتْ مَـياسِـيرُ

تَأْتِي أُمورُ فما تَـدْرِي أعـاجِـلُـهـا * * * خَيْرٌ لنَفْسِـكَ أَمْ مـا فِـيه تَـأْخِـيرُ

وبَيْنَما المَرْءُ في الأحْياءِ مُغْتـبِـطـاً * * * إذْ صارَ في الرَّمْسِ تَعْفُوهُ الأعاصِيرُ

يَبْكِي الغَرِيبُ عَلَـيه لَـيْسَ يَعْـرِفُـهُ * * * وذُو قَرابَتِهِ في الـحَـيِّ مَـسْـرُورُ

حَتَّـى كـأَنْ لـم يُكـنْ إلاّ تَـذَكُّـرُهُ * * * والـدَّهْـرُ أَيَّتَـمـا حـالٍ دَهـارِيرُ

الخيرُ والشَّرُّ مَقْرُونـانِ فـي قَـرَنٍ * * * والخَيْرُ مُتَّبَـعٌ والـشَـرُّ مَـحْـذُورُ

والنّاسُ أوْلادُ عَلاّتٍ فَمنْ عَـلِـمُـوا * * * أنْ قد أَقَلَّ فمَجْـفُـوٌّ ومَـحْـقُـورٌ

وهُمْ بنُـو الأُمِّ إنْ رَأَوْا لـه نَـشَـبـاً * * * فذاكَ بالغَيْبِ مَحْفُـوظٌ ومَـخْـفُـورُ

وقال النَّمِر بن تَوْلَب

أَعاذِلَ إنْ يُصْبِحْ صَدايَ بقَفْـرَةٍ * * * بَعِيداً نَآنِي صاحِبِ وقَـرِيبِـي

تَرَى أنَّ ما أَبْقَيْتُ لَمْ أكُ رَبَّـهُ * * * وأنَّ الذي أَنْفَقْتُ كانَ نَصِيبِـي

وذِي إبِلٍ يَسْعَى ويَحْسِبُهـا لـه * * * أَخِي نَصَبٍ في رَعْيِها ودُؤُوبِ

غَدَتْ، وغدا رَبٌّ سِواهُ يَسُوقُها * * * وبُدِّلَ أَحْجاراً وجالَ قَـلِـيبِ

وقال أبو الأَسْود الدُّؤلِيّ

أَفْنَى الشَّبابَ الذي أَبْلَيْتُ جِدَّتَـهُ * * * كَرُّ الجَدِيدَيْنِ مِن آتٍ ومُنْطَلِقٍ

لَمْ يَتْرُكا لي في طُولِ اخْتِلافِهما * * * شَيْئاً أَخافُ عليه لَذْعَةَ الحَـدَقِ

وقال مالِك بن أَسْماء الفَزارِيّ

كَتَمْتُ شَيْبِي لِيَخْفى بَعْدَ رَوْعَتِهِ * * * فلاحَ مِنْهُ وَمِيضٌ ليس يَنْكَتِمُ

راعَ الغَوانِي، فما يَقْرَبْنَ ناحِيَةً * * * رَأَيْنَ فِيها بُرُوقَ الشَّيْبِ تَبْتَسِمُ

وقال الحارِث بن كَلَدَة الثَّقَفِيّ

وتروى لغَيْلان بن سَلَمَة الثَّقَفِيّ

ألا أَبْلِغْ مُعاتَبَتِـي وقـوْلِـي * * * بَنِي عَمِّي، فقدْ حَسُنَ العِتابُ

وسَلْ هل كان لي ذَنْبٌ إليهِمْ * * * هُمُ مِنْهُ، فأَعْتِبُهُمْ، غِضـابُ

كَتَبْتُ إليهمُ كُتُـبـاً مِـراراً * * * فَلمْ يَرجِعْ إليَّ لهـا جَـوابُ

فما أَدْرِي أَغَيَّرَهُـمْ تَـنـاءٍ * * * وطُولُ العَهْدِ، أمْ مالٌ أَصابُوا

فمَنْ يكُ لا يَدُومُ لـه وَفـاءٌ * * * وفِيه حينَ يَغْتَرِبُ انْقِـلابُ

فعَهْـدِي دائِمٌ لَـهُـمُ ووُدِّي * * * على حالٍ إذا شَهِدُوا وغابُوا

وقال آخر

وإذا صاحَبْتَ فاصْحَبْ ماجِداً * * * ذا حَياءٍ وعَفَـافٍ وكَـرَمْ

قَوْلُهُ للشَّيء: لا، إنْ قُلْتَ: لا * * * وإذا قُلْتَ: نَعَمْ، قال: نَعَـمْ

وقال الحُطَيْئَةُ العَبْسِيّ

ولَسْتُ أَرَى السَّعادَةَ جَمْعَ مالٍ * * * ولكنَّ التَّقِيَّ هو الـسَّـعِـيدُ

وتَقْوَى الله خَيْرُ الزّادِ ذُخْـراً * * * وعندَ الله للأَتْـقَـى مَـزِيدُ

وما لا بُـدَّ أنْ يَأْتِـي قَـريبٌ * * * ولكنَّ الذي يَمْضِـي بَـعِـيدُ

وقال هُدْبَة بن خَشْرَم

أموي الشعر

وكُنْ مَعْقِلاً للحِلمِ، واصْفَحْ عن الخَنا * * * فإنَّك راءٍ مـا حَـيِيتَ وَسـامِـعُ

فأَحْبِبْ إذا أَحْبَبْتَ حُبَّـاً مُـقـارِبـاً * * * فإنَّكَ لا تَدْرِي مَتَـى أنـتَ نـازِعُ

وأبْغِضْ إذا أَبْغَضْتَ بُغْضاً مُقارِبـاً * * * فإنَّكَ لا تَدْرِي مَتَى أنـتَ راجِـعُ

وقال الأَعْوَر الشَّنِّيّ

جُهَيْم بن الحارث، من بني عائِذَة بن شَنّ

لَقد عَلِمَتْ عُمَـيْرَةُ أن جـارِي، * * * إذا ضَنَّ المُثَمِّرُ، مِـن عِـيالِـي

وأنِّي لا أَضَنُّ على ابنِ عَـمِّـي * * * بنَصْرِي في الخُطُوبِ ولا نَوالِي

ولستُ بقـائِلٍ قَـوْلاً لأحْـظَـى * * * بقَوْلٍ لا يُصَـدِّقُـهُ فَـعـالِـي

وما التَّقْصِيرُ، قد عَلِمَـتْ مَـعَـدٌّ * * * وأَخْلاقُ الدَّنِـيَّةِ مِـن خِـلالِـي

وأَكْرَمُ ما تُكونُ عليَّ نَـفـسِـي * * * إذا ما قَلَّ في اللَّزبـاتِ مـالِـي

فَتحْسُنُ نُصْرَتِي، وأَصُونُ عِرْضِي * * * وَيَجْمُلُ عِنْدَ أَهْلِ الرَّأْيِ حـالِـي

وإنْ نِلْتُ الغِنَى لَـمْ أَغْـلُ فِـيهِ * * * ولَمْ أَخْصُصْ بجَفْوَتِيَ المُوالِـي

وقدْ أَصْبَحْتُ لا أَحْـتـاجُ مـمّـا * * * بَلَوْتُ مِن الأمُورِ إلـى سُـؤالِ

وذلكَ أَنِّـنِـي أَدَّبْـتُ نَـفْـسِـي * * * وما حَلْتُ الرِّجالَ ذَوِي المِحـالِ

إذا ما المَرْءُ قَصَّـرَ ثُـمّ مَـرَّتْ * * * عَليه الأَرْبَعُون، من الـرِّجـالِ

ولَمْ يَلْحَقْ بصالِحـهِـمْ فـدَعْـهُ * * * فلَيْسَ بلاحِقٍ أُخْرَى الـلَّـيالِـي

وقال المُتَلَمِّس

واسمه جرير

وأعَلمَ علم حَقٍّ غَـيْرَ ظَـنٍّ * * * وتَقْوَى الله مِن خَيْرِ العَتـادِ

لَحِفْظُ المالِ خَيْرٌ مِن بُغـاهُ * * * وضَرْبٍ في البِلادِ بغَيْرِ زادِ

وإصْلاحُ القِلـيلِ يَزِيدُ فِـيهِ * * * ولا يَبْقَى الكَثِيرُ مع الفَسـادِ

وقال الأفْوَه الأوْدِيّ

صَلاءَة بن عَمْرو بن الحارث

الـبَـيْتُ لا يُبْــتَـــنَـــى إلا لـــهُ عَـــمَـــدٌ * * * ولا عِـــمـــادَ إذا لَـــمْ تُـــرْسَ أَوْتـــــادُ

وإنْ تَـــجَـــمَّـــعَ أَوْتـــادٌ وأَعْـــمِــــدَةٌ * * * وسـاكِـنٌ بَـلَـغُــوا الأَمْـــرَ الـــذي كـــادُوا

لا يَصْـلُـحُ الـنَّـاسُ فَـوْضَـى لا سَـراة لَـــهُـــمْ * * * و لا ســـراة إذا جـــالـــهـــم ســـــادوا

تُلْـفَـى الأُمُـورُ بـأَهْـلِ الـرَّأْيِ مـا صَـلَــحَـــتْ * * * فإنْ تَـوَلَّـتْ فـبِــالأَشْـــرارِ تَـــنْـــقـــادُ

إذا تَـوَلَّـى سَـــراةُ الـــقَـــوْمِ أَمْـــرَهُـــمْ * * * نَمَـى عـلـــى ذاكَ أَمْـــرُ الـــقَـــوْمِ وازْدادُوا

أَمارَةُ الغَيِّ أَنْ يُلْفَى الجَمِيعُ لَدَى * * * الإِبْرامِ للأمْرِ والأَذْنابُ أَكْتادُ

كَيْفَ الرَّشادُ إذا ما كنتَ مِن نَفَرٍ * * * لهُــمْ عـــن الـــرُّشْـــدِ أَغْـــلالٌ وأَقـــيادُ

أَعـطَـوا غُـواتَـهُـمُ جَـهْـلاً مَـقـــادتَـــهُـــمْ * * * فُكُّـلـهُـمْ فـي حِـبـالِ الـغَـيِّ مُـــنْـــقـــادُ

حانَ الـرَّحِــيلُ إلـــى قـــومٍ وإنْ بَـــعُـــدُوا * * * فيهِــمْ صَـــلاحٌ لِـــمُـــرْتـــادٍ وإرشـــادُ

فسَـوْفَ أَجْـعَـلُ بُـــعْـــدَ الأرْضِ دُونَـــكُـــمُ * * * وإنْ دَنَــتْ رَحِـــمٌ مـــنـــكُـــمْ ومِـــيلادُ

وقال المُغِيرة بن حَبْناء

خذ مِن أخيكَ العَفْوَ واغْفِرْ ذُنْوبَـهُ * * * ولا تَكُ في كُلِّ الأُمُورِ ومُعـاتِـبُة

فإنَّكَ لَنْ تَلْقَـى أَخـاكَ مُـهَـذَّبـاً * * * وأيُّ امْرئٍ يَنْجُو مِن العَيْبِ صاحِبهُ

أَخُوكَ الذي لا يَنْقُضُ النَّأْيُِ عَهْدَهُ * * * ولا عِنْدَ صَرْفِ الدَّهْرِ يَزوَرُّ جانِبُه

ولَيْسَ الذي يَلْقاكَ بالبِشْرِ والرِّضَى * * * وإنْ غِـبْـتَ عـنـه لَـسَّـعَـتْـــكَ عَـــقـــارِبُـــهُ

وقال أيضاً، وتُرْوى للجَعْجاع الزِّيادي

إذا المَرْءُ أُوْلاَك الهَوانَ فـأَوْلِـهِ * * * هَواناً، وإنْ كَانَتْ قَريباً أَواصِرُهْ

فإنْ أنْتَ لَمْ تَقْدِرْ على أَنْ تُهِنَـهُ * * * فدَعْهُ إلى اليومِ الذي أنتَ قادِرُهْ

وقارِبْ إذا لم تَجِـدْ لـكَ حِـيلَةً * * * وصَمِّمْ إذا أَيْقَنْتَ أنَّكَ عـاقِـرُه

وإنِّي لأَجْزِي بالمَودَّةِ أهْـلَـهـا * * * وبالشَّرِّ حتَّى يَسْأَمَ الشَّرَّ حافِـرُهْ

وأَغْضَبُ للموْلَى فأَمْنَعُ ضَيْمَـهُ * * * وإنْ كان غِشَّاً ما تُجِنُّ ضَمائِرُهْ

فأَحْلُمُ ما لَمْ أَلْقَ في الحِـلْـمِ ذِلَّةً * * * وللجاهِلِ العِرِّيضِ عِندِيَ زاجِرُهْ

وقال حاتِم الطّائِيّ

أَماوِيَّ قد طالَ التَّجَنَّبُ والـهَـجْـرُ * * * وقَدْ عَذَرَتْنِي في طِلابِكُـمُ الـعُـذْرُ

أَمـاوِيَّ إنَّ الـمـالَ غــادٍ ورائِحٌ * * * ويَبْقَى مِن المالِ الأَحادِيثُ والذِّكْـرُ

أَماوِيَّ إنْ يُصْبِحْ صَدايَ بـقَـفْـرَةٍ * * * مِن الأرْضِ لا مالٌ لَدَيَّ ولا خَمْـرُ

تَرَىْ أنَّ ما أنْفَقْتُ لَمْ يَكُ ضَـرَّنِـي * * * وأنَّ يَدِي مِمّا بَخِلْـتُ بـه صِـفْـرُ

أَماوِيّ ما يُغْنِي الثَّراءُ عن الفَـتَـى * * * إذا حَشْرَجَتْ يَوْماً وضاقَ بِها الصَّدْرُ

وقَدْ عَلِمَ الأَقْـوامُ لـو أنَّ حـاتِـمـاً * * * أَرادَ ثَراءَ المـالِ كـانَ لـهُ وَفْـرُ

وأَنِّيَ لا آلُـو لِـمـالِـي صَـنِـيعَةً * * * فأَوَّلُـهُ زادٌ وآخِـــرُهُ ذُخْـــرُ

يُفَكُّ به العـانِـي ويُؤْكَـلُ طَـيِّبـاً * * * ولا أَنْ تُعَرِّيهِ القِداحُ ولا الخَـمْـرُ

غَنِينا زَماناً بالتَّصَعْلُـكِ والـغِـنَـى * * * وكُلاًّ سَقاناهُ بِكَأْسَيْهِـمـا الـدَّهْـرُ

وما ضَرَّ جاراً يا ابنةَ القَوْمِ فاعْلَمِـي * * * يُجاوِرُني أنْ لا يَكُونَ لـه سِـتْـرُ

بِعَيْنِيَ عن جاراتِ قَوْمِـيَ غَـفْـلَةٌ * * * وفِي السَّمْعِ مِنِّي عن حَدِيثِهمُ وَقْـرُ

وقال عامر بن عَمْرو

من بني البَكّاء

خُذِي الـعَـفْـوَ مِـنِّـي تَـسْـتَـدِيمـــي مَـــوَدَّتِـــي * * * ولا تَـنْـطِـقـي فـي سَـوْرَتِـي حــينَ أَغْـــضَـــبُ

ولا تَـنْـقُــرِينِـــي نَـــقْـــرَكِ الـــدُّفَّ دائِمـــاً * * * فإنَّـــكِ لا تَـــدْرِينَ كَـــيفَ الـــمُـــغَــــيَّبُ

فإنِّي رَأَيْتُ الحُبَّ في القَلْبِ والأَذَى * * * إذا اجْتَمعا لم يَلْبَثِ الحُبُّ يَذْهَبُ

وقال أعْرابي من بني قَرِيْع

مَتَى ما يَرَ النَّاسُ الغَنِيَّ، وجـارُهُ * * * فَقِيرٌ، يَقُولُوا: عاجِـزٌ وجَـلـيدُ

وليس الغِنَى والفَقْرُ من حِيلَةِ الفَتَى * * * ولكنْ أَحاظٍ قُسّـمَـتْ وجُـدُودُ

إذا المَرْءُ أَعْيَتْهُ السِّـيادَةُ نـاشِـئاً * * * فَمطْلَبُها كَهْـلاً عـلـيه شَـدِيدُ

وكائِنْ رَأَيْنا مِن غِـنـيٍّ مُـذمَّـمٍ * * * وصُعْلُوكِ قَوْمٍ ماتَ وهْوَ حَمِـيدُ

وقال عمّار بن جابِر الهِلالِيّ

يا رُبَّ قائِلةٍ يَوْماً لِجـارَتـهـا: * * * هل أنتِ مُخْبِرَتِي ما شأْنُ عَمَّارِ

قالَتْ: أَرَى رَجُلاً عارٍ أشاجِعُـهُ * * * كَأَنَّه ناقِهٌ أو نِضْـوُ أَسـفـارِ

إمِّا تَرَيْنِي لجِسْمِي غيرَ مُحْتَشِـدٍ * * * فإنَّنِي حَشِدٌ للضَّيْفِ والـجـارِ

وما على الحُرِّ أنْ تَعْرَى أشاجِعُهُ * * * ويَلْبَسُ الخَلَقَ المَرْقُوعَ مِن عارِ

وقال آخر

لِلجِدِّ ما خُلِقَ الإنْسانُ، فالْتَمِسَنْ * * * بالجِدِّ حَظَّكَ لا باللَّهْوِ واللّعِبِ

لا يَلْبَثُ الهَزْلُ أَنْ يَجْنِي لِصاحِبهِ * * * ذَمَّاً ويُذْهِبَ عَنْهُ بَهْجَةَ الأدَبِ

وقالت مَيْسُون الكَلْبِيّة

لما تَزوّج بها معاوِية

لَبَيْتٌ تَخْفِـقُ الأَرْواحُ فِـيهِ * * * أحَبُّ إليَّ من قَصْرٍ مُنِيفِ

وأَصْواتُ الرِّياحِ بكُلِّ فَـجٍّ * * * أَحب إلي من نقر الدُّفُوفِ

وكَلْبٌ يَتْبَعُ الأظْعانَ صَعْبٌ * * * أَحَبُّ إليّ مِن هِـرٍّ أَلِـيفِ

ولُبْسُ عَباءَةٍ وتَقِرَّ عَـيْنِـي * * * أَحَبُّ إليَّ مِن لُبْسِ الشُّفُوفِ

وخِرْقٌ مِن بَنِي عَمِّي نَجِيبٌ * * * أَحَبُّ إليَّ مِن عِلْجٍ عَلِـيفِ

فقال معاوية: ما كفى أن جَعَلْتَنِي عِلْجاً حتَّى جَعَلْتَنِي عَلِيفاً، ثم أوْلَدَها يَزِيد.

وقال آخر

إنِّي سأَسْتُر ما ذُو العَقْلِ ساتِـرهُ * * * مِن حاجةٍ، وأمِيتُ السِّرَّ كِتْمانـا

وحاجةٍ دُونَ أُخْرَى قد سَنَحْتُ بِها * * * جَعلْتُ للَّتِي أَخْفَيْتَ عُـنْـوانـا

وقال مالِك بن أَسْماء بن خارِجَة

وتُرْوَى لأبِي دَهْبَل الجُمَحِيّ، والأوّل أكثر. وتروى لأيْمَن بن خُرَيْم

أَتانِي بِها يَحْيَى وقَدْ نِمْتُ نَوْمَةً * * * وقَدْ غابَتِ الجَوْزاءُ وانْحَدَرَ النَّسْرُ

فقلتُ: اصْطَبِحْها، أو لغَيْرِيَ سَقِّها * * * فمـا أنـا بَـعْـدَ الـشَّـيْبِ ويْبَـكَ والـــخَـــمْـــرُ

إذا الـمَـرْءُ وَفَّــى الأَرْبَـــعِـــينَ ولَـــمْ يَكُـــنْ * * * لَه دُونَ مـــا يَأْتِـــي حَـــياءٌ ولا سِـــتْــــرُ

فذَرْهُ ولا تَـنْـفَـــس عـــلـــيه الـــذي أَتـــى * * * ولَـوْ مَـدَّ أسْـبـابَ الـحَـــياةِ لـــه الـــدَّهْـــرُ

وقال النابِغَة الجَعْدِيّ

وَبَيْضاءَ مِثْلِ الرِّئْمِ، لو شِئْتُ قد صَبَتْ * * * إليَّ، وفِيها للمُخـاتِـلِ مَـلْـعَـبُ

تَجَنَّبْتُها، إِنِّي امْرُوٌ فـي شَـيْبَـتِـي * * * وتَلْعابَتِي عن جانِبِ الجارِ أَجْـنَـبُ

وصَهْباءَ لا تَنْفِي القَذَى وهْيَ دُونَـهُ * * * تُصَفَّقُ في راوُوقِها ثم تُـقْـطَـبُ

تَمَزَّزْتُها والدِّيكُ يَدْعُـو صَـبـاحَـهُ * * * إذا ما بَنُو نَعْشٍ دَنَوْا فَتَـصـوَّبُـوا

وقال أبو الأَسْوَد الدُّؤلِيّ

دَعِ الخَمْرَ يَشْرَبْها الغُواةُ، فإنَّنِي * * * رَأَيْتُ أَخاها مُغْنِياً لِمَكانِـهـا

فإلاّ يَكُنْها أَو تَكُـنْـهُ، فـإنَّـهُ * * * أَخُوها غَذَتْهُ أُمُّها بِلِبـانِـهـا

وقال حارِثَة بن بَدْر

إذا ما شَرِبْتُ الرَّاحَ أَبْدَتْ مَكارِمِـي * * * وجُدْتُ بِما حازَتْ يَدايَ مِن الوَفْـرِ

وإنْ مَسَّنِي جَهْلاً نَـدِيمِـيَ لـم أَزِدْ * * * علي: اشْرَبْ هَداكَ اللهُ، طَيِّبَة النشْرِ

أَرَى ذاكَ حَقَّاً واجِباً لـمُـنـادِمِـي * * * إذا قال لي غَيْرَ الجَمِيلِ مِن السُّكْـرِ

وقال الأُقَيشِر المُغِيرَة

بن عبد الله بن عَمْرو

لا تَشْرَبَنْ أَبَداً راحـاً مُـسـارَقَةً * * * إلاّ مع الغُرِّ أَبْنَاءِ الـبَـطـارِيقِ

أَفْنَى تِلادِي وما جَمَّعْتُ مِن نَشَـبٍ * * * قَرْعُ القَواقِـيزِ أَفْـواهَ الأَبـاريقِ

كأنَّهُنَّ وأيْدِي الـقَـوْمِ مُـعْـمَـلَةٌ * * * إذا تلألأْنَ في أيْدِي الـغَـرانِـيقِ

عليكَ كُلَّ فَتَى سَـمْـحٍ خَـلائِقُـهُ * * * مَحْضُ العُرُوقِ كَرِيمٌ غيرُ مَمْذُوقِ

وقال بَكْر بن النَّطّاح

بن أَبِي حِمار الحَنَفِي

إذا ما طَوَى دُونِي امرؤٌ بَطْنَ كَفِّهِ * * * طَوَيْتُ يَمِينِي دُونَهُ وشِـمـالِـيا

يَبِينُ لنا ذُو الحِلْمِ مِن حُلَـمـائِنـا * * * إذا ما تَعاطَيْنا الزُّجاجَ تَعـاطِـيا

أَرَى الكَأْسَ تُهْدِي للَّـئِيمِ مَـلامَةً * * * وتَتْرُكُ أخْلاقَ الكَرِيمِ كما هـيا

رأَيْتُ أَقَلَّ النَّاسِ عَقْلاً إذا انْتَشَـى * * * اقَلّهُمُ عَقْلاً إذا كـانَ صـاحِـيا

وقال قَعْنَب بن أُمِّ صاحِبِ

ونَسَبها ثَعْلَب إلى طيلة الفَزارِيّ

مَهْلاً أعاذِلَ قد جَرَّبْتِ مِن خُلُـقِـي * * * أَنّي أَجُودُ لأقْـوامٍ وإنْ ضَـنِـنُـوا

مِثْلُ العَصافِيرِ أَحْلامـاً ومَـقْـدِرَةً * * * لو يُوزَنُونَ بِزِفِّ الرِّيشِ ما وَزَنُـوا

مالِي أَكَفْكِفُ عن سَعْدٍ وتَشْتِمُـنِـي * * * ولَوْ شَتَمْتُ بَنِي سَعْدٍ لقَدْ سِكَـنُـوا

جَهْلاً عَلَيْنا وجُبْنـاً عـن عَـدُوِّهُـمُ * * * لَبِئسَتْ الخَلَّتانِ الجَهْلُ والـجُـبُـنُ

إنْ يَسْمَعُوا رِيَبَةً طارُوا بها فَـرَحـاً * * * عنِّي، وما سَمِعُوا مِن صالِحٍ دَفَنُـوا

وقَدْ عَلمْتُ على أَنِّي أُعـاشِـرُهُـمْ * * * لا تَبْرَحُ الدَّهْرَ إلاّ بَـيْنَـنـا إحَـنُ

كُلٍّ يُداجِي على البَغْضاءِ صاحِـبَـهُ * * * ولَنْ أُعالِنَهُمْ إلا كـمـا عَـلَـنُـوا

ولَنْ يُراجِعَ قَـلْـبِـي وُدَّهُـمْ أَبَـداً * * * زُكِنْتُ مِن بُغْضِهِمْ مِثْلَ الذي زَكَنُوا

وقال آخر

تَعَلَّمْ، فَلَيْسَ المَرْءُ يُولَدُ عالِمـاً * * * ولَيْسَ أَخُو عِلْمٍ كمَنْ هو جاهِلُ

وإنَّ كَبِيَر القومِ لا عِلْمَ عِـنْـدَهُ * * * صَغِيرٌ إذا الْتَفَّتْ عليه المَحافِلُ

وقال الرَّبِيع بن أبي الحُقَيْق اليَهُودِيّ

إنَّا إذا مالَتْ دَواعِي الهَوَى * * * وأَنْصَتَ السَّامِعُ للقَـائِلِ

واعْتَلَجَ القَوْمُ بأَلْبـابِـهِـمْ * * * نَقْضِي بحُكُمْ عادِلٍ فاصِلِ

نَكْرَهُ أَنْ نَسْفَهَ أَحْلامَـنـا * * * فنَخْمُلَ الدَّهْرَ مع الخامِلِ

لا نَجْعَلُ الباطِلَ حَقَّـاً ولا * * * نَلِطُّ دُونَ الحَقِّ بالباطِـلِ

وقال آخر

أَلَمْ تَعْلَم، جزَاكَ الله خَـيْراً * * * بأن أَخا المَكارِمِ لا يَخُونُ

وحِلْفُ الخَيْرِ مُؤْتَمَنٌ حَفُوظٌ * * * ولكنْ قَلَّ في النَّاسِ الأَمِينُ

وقال آخر

سأَرْعَى كُلَّ ما اسْتُودِعْتُ جُهْدِي * * * وقَدْ يَرْعَى أَمانَـتَـهُ الأمِـينُ

وذُو الخَيْرِ المُـؤَثَّـلِ ذو وَفـاءٍ * * * كَرِيمٌ لا يَمَـلُّ ولا يخُـــونُ

وقال حُنَيْف بن عُمَيْرِ اليَشْكُرِيّ

وتُروى لنَهار ابن أخت مُسَيْلَمَة الكَذّاب

اصْبِرِ النَّفْسَ عِنْدَ كُلِّ مُلِـمِّ * * * إنَّ في الصَّبْرِ حِيلَةَ المُحْتالِ

لا تَضِيقَنَّ بالأُمُورِ فقدْ تُـكْ * * * شَفُ غَمّاؤُها بِغَيْرِ احْتِـيالِ

رُبَّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِـن الأمْ * * * رِ له فَرْجَةٌ كَحَلِّ العِقـالِ

وقال مالِك بن قُرَّة، أموي الشعر

وذِي حَنْقٍ عَلـيَّ يَوَدُّ أنِّـي * * * أَتَى دُونِي الصَّفائِحُ والتُّرابُ

تَرَكْتُ عِتابَهُ وصَفَحْتُ عَنْهُ * * * ويَبْقَى الوُدُّ ما بَقِيَ العِتـابُ

وقال آخر

إنَّ الكَـرِيمَ إذا مـا كـانَ ذا كَـذِبٍ * * * شانَ التَّكَرُّمَ مِنْـهُ ذلـكَ الـكَـذِبُ

والصِّدْقُ أَفْضَلُ شَيْءٍ أَنتَ فاعِـلُـهُ * * * لا شَيْءَ كالصِّدْقِ لا فَخْرٌ ولا حَسَبُ

وقال الحَجَّاج السُّلَمِيّ

بَخِيلٌ يَرَى في الجُودِ عاراً، وإنَّما * * * على المَرْءِ عارٌ أَنْ يَضَنَّ ويَبْخَلا

إذا المرْءُ أَثْرَى، ثُمَّ لَمْ يَرْجُ نَفْعَهُ * * * صَدِيقٌ، فلاقتْهُ الـمَـنِـيَّةُ أَوَّلا

وقال آخر

وما أُبالي إذا ضَيْفٌ تَضَـيَّفَـنِـي * * * ما كان عِنْدِي إذا أعْطَيْتُ مَجْهُودِي

وقال امرؤُ القَيْس بن حُجْر الكِنْدِيّ

إذا ما لم تَكُنْ إِبِلٌ فمِعْـزَى * * * كَأَنَّ قُرُونَ جِلَّتِها قِـسِـيُّ

فَتملأُ بَيْتَنا أَقِطاً وسَـمْـنـاً * * * وحَسْبُكَ مِن غِنَى شِبَعٌ ورِيُّ

تَرُوحُ كَأَنَّها مِمَّا أَصـابَـتْ * * * مُعَلَّقَةٌ بأحقِـيهـا الـدُّلِـيُّ

وقال آخر

أَجُودُ بمالِي دُونَ عِرْضِي، ومَنْ يُرِدْ * * * رَزِيَّةَ عِرْضِي يَعْتَرِضْ دُونَه البُخُلُ

إذا المَرْءُ أَثْرَى ثُم ضَنَّ بـمـالِـهِ * * * أَبَى النَّاسُ يوماً أَنْ يكُونَ له الفَضْلُ

وقال الحَكَم بن عَبْدَل الأُسَدِيّ

وإنّ لأسْتَغْنِي فما أَبْطَـرُ الـغِـنَـى * * * وأَبْذُلُ مَيْسُورِي لمَنْ يَبْتَغِي قَرْضِـي

وأُعْسِرُ أَحْياناً فتَـشْـتَـدُّ عِـزَّتِـي * * * وأُدْرِكُ مَيْسُورَ الغِنَى ومَعِي عِرْضِي

وقال آخر

تُعَلِّمُنِي بالعَيْشِ عِرْسِي كَأَنَّمـا * * * تُعَلِّمُنِي الأمْرَ الذي أنا جاهِلُـهْ

يَعِيشُ الفَتَى بالفَقْرِ يَوْماً وبالغِنَى * * * وكُلاً كأَنْ لم يَلْقَ حينَ يُزايِلُـهْ

وقال الأُقَيْشِر الأسَدِيّ

إنْ كنتَ تَبْغِي العِلْمَ أو أهْلَهُ * * * أو شاهِداً يُخْبِرُ عن غائِبِ

فاعْتَبِرِ الأرْضَ بأَرْبابِـهـا * * * واعْتَبِرِ الصاحِبَ بالصَّاحِبِ

وقال عُيَيْنَة بن هُبَيْرَة

وما صاحِبِي عِنْدَ الرَّخاءِ بِصاحِبٍ * * * إذا لم يَكُنْ عندَ الأُمورِ الشَّـدائِدِ

إذا ما رَأى وَجْهِي فأَهْلاً وَمَرْحَباً * * * وَيَرْمِي وَرائِي بالسِّهامِ القَواصِدِ

إذا انْتَقَدَ النَّاسُ الـكِـرامَ رَأَيْتَـهُ * * * يَطِنُّ طَنِينَ الزَّيْفِ في كَفِّ ناقِدِ

وقال عُرْوَة بن أُذَيْنَة القُرَشِيّ

أموي الشعر

لقَدْ عَلِمْتُ، وما الإشْرافُ مِن خُلُقِي * * * أنَّ الذي هو رِزْقِي سَوْفَ يَأْتِينِـي

أَسْعَى له فيُعَنِّـينِـي تَـطَـلُّـبُـهُ * * * ولو قَعَدْتُ أَتانِـي لا يُعَـنِّـينـي

لا أَرْكَبُ الأَمْرَ تَزْرِي بي عواقِبُـهُ * * * ولا يُعابُ به عِرْضِـي ولا دِينـي

كم مِن فَقِيرٍ غَنِيَّ النَّفْسِ تَعْـرِفُـهُ * * * ومنْ غَنِيٍّ فَقِيرِ النَّفْسِ مِسْـكِـينِ

إِنِّي لأنْطِقُ فِيما كانَ مِـن أرَبِـي * * * وُكْثِرُ الصَّمْتَ عَمَّا ليس يَعْنِـينِـي

لا خَيْرَ في طَمَعٍ يُدْنِي إلى طَبَـعٍ * * * وغُبَّرٌ من كِفافِ العَيْشِ تَكْفِـينـي

وقال أبو الرُّبَيْس الثَّعْلَبِيّ

أَيُّ عَيْشٍ عَيْشِي إذا كُنْـتُ فـيه * * * بَيْنَ حَلٍّ وبَـيْنَ وَشْـكِ رَحِـيلِ

كُلُّ فَجٍّ مِـن الـبِـلادِ كـأَنِّـي * * * طالِبٌ بَعْضَ أهْـلِـهِ بـذُحُـول

ما أَرَى الفَضْلَ والـتَّـكَـرُّمَ إِلاّ * * * تَرْكَكَ النَّفْسَ عن طِلابِ الفُضُول

وبلاءٌ حَـمْـلُ الأيادِي وأنْ تَـسْ * * * مَعَ مَنَّاً تُؤْتَى بـه مِـن مُـنِـيلِ

وقال الأَعْوَر الشَّنِّيّ

أَلَمْ تَرَ مِفْتاحَ الفُـؤادِ لِـسـانَـهُ * * * إذا هو أَبْدَى ما يَقُولُ مِن الـفَـمِ

وكائِنْ تَرَى مِن صامِتٍ لكَ مُعْجِبٍ * * * زِيادَتُهُ أو نَقْصُهُ في التَّـكَـلُّـمِ

لِسانُ الفَتَى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُـؤادُهُ * * * فَلَمْ يَبْقَ إلا صُورَةُ اللَّحْـمِ والـدَّمِ

وقال جَرِير بن الخَطَفَي

وكنتُ إذا عَلِقْتُ حِبالَ قَـوْمٍ * * * صَحِبْتُهُمُ وشِيمَتِيَ الـوَفـاءُ

فأُحْسِنُ حِينَ يُحْسِنُ مُحْسِنُوهُمْ * * * وأَجْتَنِبُ الإساءَةَ إنْ أَساءُوا

وأَنْظُرُ ما بِعَيْنِهمُ بـعَـيْنِـي * * * عَلَيْها مِن عُيُوبِهِمُ غِـطـاءُ

وقال فَضَالَة بن زَيْد العَدْوانِيّ

وكان من المعمرين

إذا جَلَّ خَطْبٌ صُلْتُ بالمالِ حَيْثُما * * * تَوَجَّهْتُ من أَرْضى فَصِيحٍ وأَعْجَمِ

وهابَكَ أَقوامٌ وإنْ لَمْ تُـصِـبْـهُـمُ * * * بِنَفْعٍ، ومَنْ يَسْتَغْنَ يُحْمَدْ ويُكْـرِمِ

وفي الفَقْرِ ذُلٍّ للرِّقابِ، وطالـمـا * * * رَأَيْتُ فَقِيراً غيرَ نِكْـسٍ مُـذَمَّـمِ

يُلامُ وإنْ كان الصَّوابُ بـكَـفِّـهِ * * * وتُحْمَدُ آلاءُ البَخِيلِ الـمُـدَرْهَـمِ

كذلكَ هذا الدَّهْرُ يَرْفَعُ ذا الغِنـى * * * بلا كَرَمٍ مِـنْـه ولا بـتَـحَـلُّـم

وقال أبُو جِلْدَة

ما يَسَّرَ الله مِن خَيْرٍ قَنِعْتُ بـه * * * ولا أَمُوتُ على ما فاتَنِي جَزَعَا

ولا أُخاتِلُ جارَ البَيْتِ غَفْلَـتَـهُ * * * ولا أَقْولُ لشَيْءٍ فاتَ ما صَنعا

وقال زُهَيْر

ومَـــنْ لا يُقَـــدِّمْ رِجْـــلَـــهُ مُـــطْـــمَــــــئِنَّةً * * * فيُثْـبِـتَـهـا فـي مُـــسْـــتَـــوَى الأَرْضِ تَـــزْلَـــقِ

وفي الحِلْمِ إدْهانٌ، وفي العَفْوِ دُرْبَةٌ * * * وفي الصِّدْقِ مَنْجاةٌ مِن الشَّرِّ، فاصْدُقِ

ومَنْ يَلْتَمِسْ حُسْنَ الثَّناءِ بِمالِهِ * * * يَصُـنْ عِـرْضَـهُ مِـن كُـلِّ شَــنْـــعـــاءَ مُـــوبِـــقِ

وقال عبيد بن الأَبْرَص

مَن يَسْأَلِ النَّاسَ يَحْرِمُـوهُ * * * وسـائِلُ الـلـه يَخِــيبُ

وكُـــلُّ ذِي أَوْبَةٍ يَئُوبُ * * * وغائِبُ الـمَـوْتِ لايَئوبُ

أَفْلِحْ بما شِئْتَ فقدْ يُبْلَغُ بال * * * ضَّعْفِ وقَدْ يُخْدَعُ الأَرِيبُ

والمَرْءُ ما عاشَ في تَكْذِيبٍ * * * طُولُ الحَياةِ له تَـعْـذِيبُ

آخِرُ بابِ الأَدَب