الرئيسيةبحث

التحفة العراقية/الصفحة الثانية

فصل في الأعمال الباطنة

وهذه الأعمال الباطنة، كمحبة الله والإخلاص له والتوكل عليه والرضا عنه ونحو ذلك، كلها مأمور بها في حق الخاصة والعامة لا يكون تركها محمودًا في حال أحد، وإن ارتقى مقامه.

وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين، كقوله تعالى: { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [1]، وقوله: { وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } [2]، وقوله: { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا } [3]، وقوله: { وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ } [4]، وقوله: { لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } [5]. وأمثال ذلك كثير.

وذلك ؛لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به، نعم! لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم، كما يحزن على المصائب، كما قال النبي ﷺ: «إن الله لا يؤاخذ على دمع العين ولا على حزن القلب، ولكن يؤاخذ على هذا أو يرحم» وأشار بيده إلى لسانه، وقال ﷺ: «تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى الرب»، ومنه قوله تعالى: { وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } [6].

وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه، فيكون محمودًا من تلك الجهة لا من جهة الحزن، كالحزين على مصيبة في دينه، وعلى مصائب المسلمين عمومًا. فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير، وبغض الشر، وتوابع ذلك، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع مضرة نهى عنه، وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن.

وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله ورسوله به، كان مذمومًا عليه من تلك الجهة، وإن كان محمودًا من جهة أخرى.

وأما المحبة لله، والتوكل عليه، والإخلاص له ونحو ذلك، فهذه كلها خير محض، وهي حسنة محبوبة في حق كل أحد من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ومن قال: إن هذه المقامات تكون للعامة دون الخاصة فقد غلط في ذلك إن أراد خروج الخاصة عنها، فإن هذه لا يخرج عنها مؤمن قط، وإنما يخرج عنها كافر أو منافق. وقد تكلم بعضهم في ذلك بكلام، بينا غلطه فيه وأنه تقصير في تحقيق هذه المقامات بكلام مبسوط وليس هذا موضعه.

ولكن هذه المقامات ينقسم الناس فيها إلى: خصوص وعموم، فللخاصة خاصها، وللعامة عامها. مثال ذلك أن هؤلاء قالوا: إن التوكل مناضلة عن النفس في طلب القوت، والخاص لا يناضل عن نفسه. وقالوا: المتوكل يطلب بتوكله أمرًا من الأمور، والعارف يشهد الأمور بفروعها منها فلا يطلب شيئًا. فيقال: أما الأول فإن التوكل أعم من التوكل في مصالح الدنيا، فإن المتوكل يتوكل على الله في صلاح قلبه ودينه وحفظ لسانه وإرادته وهذا أهم الأمور إليه؛ ولهذا يناجي ربه في كل صلاة بقوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }، كما في قوله تعالى: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [7]، وقوله: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [8]، وقوله: { قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ } [9].

فهو قد جمع بين العبادة والتوكل في عدة مواضع؛ لأن هذين يجمعان الدين كله؛ ولهذا قال من قال من السلف: إن الله جمع الكتب المنزلة في القرآن، وجمع علم القرآن في المفصل، وجمع علم المفصل في فاتحة الكتاب، وجمع علم فاتحة الكتاب في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.

وهاتان الكلمتان هما الجامعتان اللتان للرب والعبد، كما في الحديث الذي في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: «يقول الله سبحانه: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، نصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل» قال رسول الله ﷺ: «يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله: حمدني عبدي. يقول العبد: الرحمن الرحيم، يقول الله: أثنى على عبدي. يقول العبد: مالك يوم الدين، يقول الله: مجدني عبدي. يقول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، يقول الله: فهذه الآية بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، يقول الله: فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل». فالرب سبحانه له نصف الثناء والخير، والعبد له نصف الدعاء والطلب. وهاتان جامعتان ما للرب سبحانه، وما للعبد، فإياك نعبد للرب، وإياك نستعين للعبد.

وفي الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه قال: كنت رديفًا للنبي ﷺ على حمار فقال: «يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، أتدري ما حق العباد على اللهّ إذا فعلوا ذلك؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «حقهم عليه ألا يعذبهم». والعبادة هي الغاية التي خلق الله لها العباد من جهة أمر الله ومحبته ورضاه كما قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي } [10]، وبها أرسل الرسل وأنزل الكتب، وهي اسم يجمع كمال الحب لله ونهايته، وكمال الذل لله ونهايته، فالحب الخلي عن ذل، والذل الخلي عن حب لا يكون عبادة، وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين؛ولهذا كانت العبادة لاتصلح إلا لله، وهي وإن كانت منفعتها للعبد والله غني عن العالمين، فهي له من جهة محبته لها ورضاه بها؛ولهذا كان الله أشد فرحًا بتوبة العبد من الفاقد لراحلته عليها طعامه وشرابه في أرض دوية مهلكة إذا نام آيسًا منها ثم استيقظ فوجدها، فالله أشد فرحًا بتوبة عبده من هذا براحلته، وهذا يتعلق به أمور جليلة قد بسطناها وشرحناها في غير هذا الموضع.

والتوكل والاستعانة للعبد؛ لأنه هو الوسيلة والطريق الذي ينال به مقصوده ومطلوبه من العبادة، فالاستعانة كالدعاء والمسألة. وقد روى الطبراني في كتاب الدعاء عن النبي ﷺ قال: »يقول الله عز وجل: يا بن آدم، إنما هي أربع: واحدة لي، وواحدة لك، وواحدة بيني وبينك، وواحدة بينك وبين خلقي. فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي هي لك فعملك أجازيك به أحوج ما تكون إليه، وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلىَّ الإجابة، وأما التي بينك وبين خلقي فأت للناس ما تحب أن يأتوا إليك».

وكون هذا لله وهذا للعبد هو باعتبار تعلق المحبة والرضا ابتداء، فإن العبد ابتداء يحب ويريد ما يراه ملائمًا له، والله تعالى يحب ويرضى ما هو الغاية المقصودة في رضاه، ويحب الوسيلة تبعًا لذلك، وإلا فكل مأمور به فمنفعته عائدة على العبد، وكل ذلك يحبه الله ويرضاه، وعلى هذا فالذي ظن أن التوكل من المقامات العامة ظن أن التوكل لا يطلب به إلا حظوظ الدنيا، وهو غلط بل التوكل في الأمور الدينية أعظم.

وأيضا، التوكل من الأمور الدينية التي لا تتم الواجبات والمستحبات إلا بها، والزاهد فيها زاهد فيما يحبه الله ويأمر به ويرضاه.

والزهد المشروع هو: ترك الرغبة فيما لا ينفع في الدار الآخرة، وهو فضول المباح التي لا يستعان بها على طاعة الله، كما أن الورع المشروع هو: ترك ما قد يضر في الدار الآخرة، وهو ترك المحرمات والشبهات التي لايستلزم تركها ترك ما فعله أرجح منها، كالواجبات. فأما ما ينفع في الدار الآخرة بنفسه أو يعين على ما ينفع في الدار الآخرة، فالزهد فيه ليس من الدين بل صاحبه داخل في قوله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [11]، كما أن الاشتغال بفضول المباحات، هو ضد الزهد المشروع، فإن اشتغل بها عن فعل واجب أو فعل محرم كان عاصيًا، وإلا كان منقوصًا عن درجة المقربين إلى درجة المقتصدين.

وأيضا، فإن التوكل هو محبوب لله مرضي له مأمور به دائمًا، وما كان محبوبًا لله مرضيًا له مأمورًا به دائما لا يكون من فعل المقتصدين دون المقربين، فهذه ثلاثة أجوبة عن قولهم: المتوكل يطلب حظوظه.

وأما قولهم: إن الأمور قد فرغ منها، فهذا نظير ما قاله بعضهم في الدعاء أنه لا حاجة إليه؛ لأن المطلوب إن كان مقدرًا فلا حاجة إليه، وإن لم يكن مقدرًا لم ينفع الدعاء، وهذا القول من أفسد الأقوال شرعًا وعقلًا.

وكذلك قول من قال: التوكل والدعاء لا يجلب به منفعة ولا يدفع به مضرة، وإنما هو عبادة محضة، وإن حقيقة التوكل بمنزلة حقيقة التفويض المحض، وهذا وإن كان قاله طائفة من المشائخ فهو غلط أيضا، وكذلك قول من قال: إن الدعاء إنما هو عبادة محضة.

فهذه الأقوال وما أشبهها يجمعها أصل واحد: وهو أن هؤلاء ظنوا أن كون الأمور مقدرة مقضية يمنع أن تتوقف على أسباب مقدرة أيضا تكون من العبد، ولم يعلموا أن الله سبحانه يقدر الأمور ويقضيها بالأسباب التي جعلها معلقة بها من أفعال العباد، وغير أفعالهم؛ ولهذا كان طرد قولهم يوجب تعطيل الأعمال بالكلية.

وقد سئل النبي ﷺ عن هذا الأصل مرات، فأجاب عنه كما أخرجا في الصحيحين عن عمران بن حصين قال: قيل لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، أعُلِم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: «نعم». قالوا: ففيم العمل؟ قال: «كل ميسر لما خلق له». وفي الصحيحين عن على بن أبي طالب قال: كنا في جنازة فيها رسول الله ﷺ فجلس ومعه مخصرة فجعل ينكت بالمخصرة في الأرض، ثم رفع رأسه وقال: «ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها من النار أو الجنة، إلا وقد كتبت شقية أو سعيدة». قال: فقال رجل من القوم: يا نبي الله، أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان من أهل السعادة ليكونن إلى السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة ليكونن إلى الشقاوة. قال: »اعملوا فكل ميسر لما خلق له. أما أهل السعادة فييسرون للسعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون للشقاوة»، ثم قال نبي الله ﷺ: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }» [12]، أخرجه الجماعة في الصحاح والسنن والمسانيد.

وروى الترمذي أن النبي ﷺ سئل فقيل: يا رسول الله، أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقى بها وتقى نتقيها هل ترد من قدر الله شيئًا؟ فقال: «هي من قدر الله».

وقد جاء هذا المعنى عن النبي ﷺ في عدة أحاديث.

فبين ﷺ أن تقدم العلم والكتاب بالسعيد والشقي لا ينافى أن تكون سعادة هذا بالأعمال الصالحة، وشقاوة هذا بالأعمال السيئة، فإنه سبحانه يعلم الأمور على ما هي عليه، وكذلك يكتبها، فهو يعلم أن السعيد يسعد بالأعمال الصالحة، والشقي يشقى بالأعمال السيئة، فمن كان سعيدًا ييسر للأعمال الصالحة التي تقتضي السعادة، ومن كان شقيًا ييسر للأعمال السيئة التي تقتضى الشقاوة، وكلاهما ميسر لما خلق له، وهو ما يصير إليه من مشيئة الله العامة الكونية التي ذكرها الله سبحانه في كتابه في قوله تعالى: { وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } [13].

وأما ما خلقوا له من محبة الله ورضاه وهو إرادته الدينية التي أمروا بموجبها فذلك مذكور في قوله: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [14].

والله سبحانه قد بين في كتابه في كل واحدة: من الكلمات والأمر والإرادة والإذن والكتاب والحكم والقضاء والتحريم ونحو ذلك ما هو ديني موافق لمحبة الله ورضاه وأمره الشرعي، وما هو كوني موافق لمشيئته الكونية.

مثال ذلك أنه قال في الأمر الديني: { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى } [15]، وقال تعالى: { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } [16]، ونحو ذلك. وقال في الكوني: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [17]، وكذلك قوله: { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ } [18] على إحدى الأقوال في هذه الآية.

وقال في الإرادة الدينية: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ } [19]، { يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [20]، { مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } [21]، وقال في الإرادة الكونية: { وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [22]، وقال: { فَمَنْ يُرِدْ اللهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } [23]، وقال نوح عليه السلام: { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ } [24]، وقال تعالى: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [25].

وقال تعالى في الإذن الديني: { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } [26]، وقال تعالى في الكوني: { وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ } [27].

وقال تعالى في القضاء الديني: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [28] أي: أمر، وقال تعالى في الكوني: { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ } [29].

وقال تعالى في الحكم الديني: { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } [30]، وقال تعالى: { ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } [31]، وقال تعالى في الكوني عن ابن يعقوب: { فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ } [32]، وقال تعالى: { قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [33].

وقال تعالى في التحريم الديني: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ } [34]، { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ } الآية [35]. وقال تعالى في التحريم الكوني: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ } [36].

وقال تعالى: { وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } [37]، وقال تعالى في الكلمات الدينية: { وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } [38]، وقال تعالى في الكونية: { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا } [39]، ومنه قوله ﷺ المستفيض عنه من وجوه في الصحاح والسنن والمسانيد أنه كان يقول في استعاذته: «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بَرٌّ ولا فاجر». ومن المعلوم أن هذا هو الكوني الذي لا يخرج منه شيء، عن مشيئته وتكوينه. وأما الكلمات الدينية فقد خالفها الفجار بمعصيته.


هامش

  1. [آل عمران: 139]
  2. [النحل: 127]
  3. [التوبة: 40]
  4. [يونس: 56]
  5. [الحديد: 23]
  6. [يوسف: 84]
  7. [هود: 123]
  8. [هود: 88، الشورى: 10]
  9. [الرعد: 30]
  10. [الذاريات: 56]
  11. [المائدة: 87]
  12. [الليل: 5 10]
  13. [هود: 118، 119]
  14. [الذاريات: 56]
  15. [النحل: 90]
  16. [النساء: 58]
  17. [يس: 82]
  18. [الإسراء: 16]
  19. [البقرة: 185]
  20. [النساء: 26]
  21. [المائدة: 6]
  22. [البقرة: 253]
  23. [الأنعام: 125]
  24. [هود: 34]
  25. [يس: 28]
  26. [الحشر: 5]
  27. [البقرة: 102]
  28. [الإسراء: 23]
  29. [فصلت: 12]
  30. [المائدة: 1]
  31. [الممتحنة: 10]
  32. [يوسف: 80]
  33. [الأنبياء: 112]
  34. [المائدة: 3]
  35. [النساء: 23]
  36. [المائدة: 26]
  37. [المعارج: 24، 25]
  38. [البقرة: 124]
  39. [الأعراف: 137]