البطل
البطل المؤلف: سيد قطب |
سجلي يا أرض وارعي يا سماء
مصرع الجبار بين العظماء
مصرع الجشّام ما إن ينثني
أو تدك الأرض أو تطوى السماء
يقف الهول لديه خاشعا
وهو يلقى الهول بسّـام الرضاء
نال منه الموت ما لم يستطع
نيله الغصّاب في سبعِ وِلاء
عذبوه ونفوه ومضوا
في فنون الظلم ما الظلم يشاء!
أرسلوه حيث واد الموت إذ
لا يرى الأحياء أطياف الرجاء
في مباءات تدوّي بينها
جلجلات الموت في هول الوباء
تصفر الريح بها معولة
تنذر الأحياء فيها بالفناء
وأرادوا والمنايا حوله
أن يذلوا فيه تلك الكبرياء
فمضى يأنف في سخرية
عيش ذل هو والموت سواء
لم يقلها: لفظة، لو قالها
لقي النعماء منهم والولاء!
ليت أهل الأرض يدرون بما
صنع الغُصّاب بالنفس البراء
أترى أنعمتها وحشية
في ظلام الكهف لم تدر الضياء؟
أظلِمُ الوحشَ إذا شبهتهُ
بوحوش الغرب تمتص الدماء!
يفتك الوحش ليحيا بينما
يفتك الغربي حبا في الثراء!
يا شباب الشرق هذا موقف
تقشعر الأرض منه والسماء
ودم المختار ما زال نديّـ
ـاً يستحث الخانعين الضعفاء (1)
وضحايا الأمس والأمس نذير الـ
ـيوم يدعو من يجيبون الدعاء
يا شباب الشرق والشرق إذا
لم تكونوا جندهُ ضاع هباء
لا يرد الحق قول فارغ
تذهب الريح به عصف الهواء
إنما يجدي جهاد عارم
وخصام ونضال وعناء!
إنما يجدي إذا نبعثها
كهزيم الرعد تدوي في الفضاء
إنما يجدي إذا ما أيقنوا
اننا كالغرب قوم أقوياء!
يا شباب النيل ماذا؟ ويحكم!
أفأنتم حيث يحييكم دعاء؟
يا شبابا ناعما مستأنثاً
كذوات الخدر في ظل الخباء!
يا شبابا تافهاً محتقراً
تأنف الأجيال منه في ازدراء (2)
يا شبابا همه لذّاتهُ
فهو يحيا بين كأس وخناء
يا شبابا قصرت آمالهُ
كخشاش الأرض مرماهُ الغذاء
يا شبابا نكب النيلُ بهِ
في الأماني والتعلات الوضـاء
يا شباب النيل هل أبصرتمو
في فتى السودان كيف الشهداء؟
عمر الإيمان بالحق لهُ
مجهة حرّى فجادت بالفداء
يا شباب النيل هذا مثلٌ
لجلال الموت في ظل الإباء
ما يقول الشعرُ في هذا وما
حيلة الشعر؟وما طوق الرئاء؟
موقف جلّ عن الشعر فهل
يكمل التاريخ بدء الشعراء؟