→ القاعدة الرابعة: وهي الزكاة | الإعلام بحدود قواعد الإسلام القاعدة الخامسة: وهي الحــج المؤلف: القاضي عياض |
وهو واجب مرة في العمر، وشروط وجوبه ستة:
الإسلام، أو بلوغ الدعوة، والعقل، والحرية، والبلوغ، وصحة البدن، والاستطاعة على الوصول دون مانع ولا ضرر.
وأركانه ستة:
النية، والإحرام، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة وقت الحج، واختلف في جمرة العقبة.
والحج على ثلاثة أضرب:
إفراد الحج وحده عند الإحرام وهو أفضلها، وقرانه مع العمرة معا، والتمتع، وهو أن يعتمر غير المكي في أشهر الحج الثلاثة: شوال والشهرين اللذين بعده، ثم يحل ويحج من عامه.
ولا يكون متمتعا إلا بشروط ستة: أن لا يكون مكيا، وأن يجمع بين العمرة والحج في عام واحد وفي سفر واحد، وتكون العمرة مقدمة، ويأتي بها أو ببعضها في أشهر الحج، ويحرم بالحج بعد الإحلال منها.وعلى القارن غير المكي والمتمتع الهدي ينحره بمنى بعد الفجر يوم النحر إن أوقفه بعرفة وإلا نحره بمكة، فإن لم يجده صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة في أهله إذا رجع
وسننه خمسون سنة:
وقد سردناها على نسق الحج من الإحرام إلى تمامه لتعلم كيفيته مع ذكرنا لفرائض الحج المتقدمة أثناء ذلك. فأولها أن يحرم في أشهر الحج الثلاثة، والإحرام من الميقات نفسه لا قبله ولا بعده.
والمواقيت خمسة:
ذو الحليفة لأهل المدينة، وقرن لأهل نجد، والجحفة لأهل الشام ومصر والمغرب، ويلملم لأهل اليمن، وذات عرق لأهل العراق ومن ورائهم، ومن منزله وراء الميقات إلى مكة فيحرم من منزله، وأهل مكة من مكة، وعلى متعدي الميقات دون إحرام، دم. والغسل عند الإحرام، والتجرد من المخيط والخفاف للرجال، وماله حارك من النعال يستر بعض القدم، وكشف الرأس والوجه للرجل، والوجه وحده للمرأة، ثم أن يحرم إثر صلاته، والأفضل أنى تكون نافلة، فينوي بقلبه حجة أو عمرة، ثم التلبية، وذلك إذا استوت به الراحلة، أو أخذ في المشي إن كان راجلا، رافعا بها صوته من غير إسراف، في أدبار الصلوات، وعند كل شرف، وعند اجتماع الرفاق، وبالمساجد، وبمسجد منى، والمسجد الحرام، إلا أنه يستحب عند دخوله للطواف الأول أن يقطعها حتى يتم سعيه بين الصفا والمروة، ويقطعها الحاج بعد الزوال من يوم عرفة، وعند الرواح إلى الموقف، ويقطعها المعتمر إذا دخل أوائل الحرم إن كان إحرامه من الميقات، وإن كان إحرامه من التنعيم ونحوه فحين يدخل بيوت مكة. وهي: "لبيك، اللهم لبيك، لا شريك لك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك "، ثم الغسل لدخول مكة دون تدلك، ثم طواف القدوم لغير المكي، فيبدأ عند دخول المسجد باستلام الحجر بفيه، ثم يجعل البيت عن يساره، ويطوف خارج الحجر سبعة أشواط، ثلاثة منها خبب، وأربعة مشي، وليس ذلك على النساء، ولا في غير طواف القدوم. ويشترط في الطواف من طهارة الحدث والخبث وستر العورة والموالاة ما يشترط في الصلاة إلا التفريق اليسير؛ وإذا قامت عليه صلاة فيصليها ويبني، ثم صلاة ركعتين، ثم يستلم الحجر، ثم الأخذ في السعي، فيبدأ بالصفا فيصعد عليهما حتی يری البيت، ويهلل ويكبر ويدعو، ثم ينحدر ماشيا إلی المروة، فإذا ظهر عليها فعل مثل ذلك حتى يكمل سبعة أشواط في ذهابه ورجوعه، ويختم بالمروة. وهاهنا يتم عمل المعتمر، ويحلق. فأما الحاج فإذا تم سعيه فعليه الخروج إلى منى يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، ثم الجمع بين الظهر والعصر بعرفة يوم التاسع، ثم الوقوف بسفح جبلها من حينئذ إلى غروب الشمس بالتزام التهليل والتكبير والدعاء راكبا، ثم الدفع بدفع الإمام لا قبله إلى مزدلفة، والجمع بها بين العشاءين، والمبيت بها، وإتيان المشعر الحرام بعد صلاة صلاة الصبح بها، والدعاء بعده، والتكبير والتهليل، ثم الرحيل منه بدفع الإمام قبل السفر، والهرولة إذا مر ببطن محسر، ثم رمي جمرة العقبة من أسفلها ضحى من ذلك اليوم راكبا كما أتى، وهي سبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر الهدي لمن ساقها قياما بعد أن تشعر وتقلد من موضع الإحرام، ينحر منها ما وقف به بعرفة بمنى وما لم يوقف به بها فبمكة. وبعد رمي جمرة العقبة حل للمحرم كل شيء حظر عليه غير الصيد والنساء والطيب، ثم الحلاق أو التقصير، ثم الرجوع إثر ذلك إلى مكة للطواف الواجب على هيئة طواف القدوم الأول الذي ذكرنا، ويركع بعده ركعتين إلا أنه لا يرمل فيه. وعلى من جاء عرفة مراهقا فلم يطف طواف القدوم ولا سعى، أن يسعى بإثر طواف الإفاضة كما تقدم، وبعد طواف الإفاضة يحل المحرم ويباح له كل ما منع منه، ثم الرجوع من يومه إلى منى، والمبيت بها أيام التشريق، ورمي الثلاثة الأيام ثلاث جمرات بعد الزوال وقبل الصلاة، وفي كل يوم، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل مع كل حصاة، ويقف للدعاء في الجمرتين الأخريين دون الأولى، ورميها من أعلاها، ثم النفر إلى مكة إثر آخر جمرة منها في اليوم الرابع من أعلاها، ثم النفر إلى مكة إثر آخر جمرة منها في اليوم الرابع من أيام التشريق قبل صلاة الظهر، فيصلى في الطريق، وللمتعجل النفر قبل هذا بيوم، ثم طواف الوداع بمكة لغير المكي على الصفة المتقدمة. وسنته اتصاله بالسفر، فمن أقام بعده أعاده.
ومن سنن الحج: العمرة، وقيل واجبة، ومن سننه: النسك فيه بدم.
مستحباته وفضائله خمس وعشرون فضيلة:
الإفراد به دون التمتع والقران، والاقتصار في عقده من حج أو عمرة على النية دون نطق، والإحرام في البياض، وصلاة نافلة قبله، وأن يكون أشعت أغبر رث الهيئة، وأن يدخل مكة من كداء بأعلاها، ويخرج من كدى بأسفلها، وأن يكون وقوفه وجميع عمله فيه على طهارة، إلا الطواف فإنه شرط في صحته، وأن يغتسل للوقوف بعرفة ومزدلفة وللطواف بالبيت، ولكن كل غسل بعد غسل الإحرام من هذه إنما هو صب الماء دون تدلك، والخبب في بطن المسيل في السعي، وركوع الطواف عند المقام، والدعاء عنده، والإكثار من ذكر الله تعالى، والدعاء والتكبير أيام الحج وفي مشاهده، وتعجيل طواف الإفاضة يوم النحر، والتلبية على كل شرف، وعند مجتمع الرفاق، وأدبار الصلوات، وفي المساجد، والقصد عند دخول مكة إلى البيت دون التعريج على غيره، وأن يدخل من باب بني شيبة، واستلام الحجر كلما مر به في الطواف إن قدر وإلا وضعت عليه اليد ووضعت على الفم، ووضع اليد على الركن اليماني كذلك، ومن لم يقدر على شيء من هذا أشار بيده وكبر ومضى، والحلاق للرجال دون التقصير إلا لمن لبد فيلزمه الحلاق، والحج ماشيا لمن قدر عليه، وقيل: الركوب أفضل ، وتولى نحر هديه بيده، وزيارة قبر رسول الله وشرف وكرم.
ومحظورا ته خمسة وعشرون أيضا:
لبس المخيط للرجال، ولبس البرانس والعمائم والقلانس، وتغطية رأسه ووجهه، ولبس الخفين والجرموقين وما في معناهما مما هو أخفض منهما مع القدرة على النعلين، ولبس القفازين، وهذا للرجال.
وأما النساء فلا تمنع المرأة إلا من ستر وجهها ويدها، فهو إحرامها، ولبس المصبوغ بالزعفران والورس، وحلق شعر الرأس، وسائر الجسد، أو نتفه، أو قصه، وقص الأظفار، واستعمال الطيب، أو مسه، وإزالة الشعث عن رأسه أو بدنه بدهنه أو ترجيله أو غسل درنه، وقتل القمل، وقتل الصيد، وصيده، وإمساكه إن صاده غيره، والأكل من صيد حلال صيد من أجل الحرام، وأما صيد المحرم أو صيد الحرم فغير مذكى لا يؤكل، والاستمناء، والإيلاج، وعقد النكاح لنفسه أو لغيره، والخطبة له، والكحل للمرأة وإن لم يكن فيه طيب، واختلف في الرجل، والاختضاب بالحناء في الرأس واليدين والرجلين، وطرح القراد وشبهه عن بعيره.
ومكروهاته خمسة وعشرون أيضا :
الإحرام قبل أشهر الحج وقبل الميقات، والإكثار من التلبية، ورفع الصوت بها في المساجد، لكن يسمع نفسه ومن يليه إلا المسجد الحرام ومسجد منى فيرفع بها صوته كما يرفعه في غيرهما من المواضع، ولبس المعصفر، والتلبية في السعي وفي الطواف، وقراءة القرآن فيه، وكثرة الكلام، وشرب الماء إلا لمضطر، وتغطية ما فوق الذقن، وشم الطيب، ودخول الحمام، وشم الريحان، أو غسل اليد به، وغمس الرأس في الماء، ومحادثة النساء، ورفث القول، وأكل ما فيه طيب، والحجامة، والتظلل في غير بيت ولا خباء، والسجود على الحجر الأسود، وتقبيل اليد إذا وضعت عليه أو على الركن اليماني، بل توضع على الفم من غير تقبيل، والمبيت بمزدلفة في بطن محسر، والوقوف بعرفة في جبالها، لكن في سفح الجبل، إلا بطن عرنة، فلا يوقف فيه، والدفع من المشعر الحرام عند الإسفار وبعده، لكن قبله إلا للضعفة والنساء، والرمي بحصى قد رمي به، وركوب المحامل فيه دون الرحال. وأحكام الحج والعمرة إذا فسد بوطء أو إنزال آو فوات أو نقص ركن من أركانها أو فرض من فروض الحج أو سنة من سننهما ثمانية أحكام:
التمادي على العمل، والقضاء لما أسقط ، والتحلل من فائته، والإعادة، والتكميل، والهدي، والجزاء، والفدية، فيجب بفسادها المضي على عملها وإتمامها، والتحلل بالعمرة لمن فاته الحج، وإعادتهما بعد في أوقاتهما، كانا تطوعا أو فرضا، إلا لمحصر بعدو فليتحلل من إحرامه، ولا قضاء عليه ولا دم، والتفريق بين الزوجين تنكيلا لهما في القضاء من حين يحرمان إلى تمامه، إذا كانا قد أفسداه بوطء، وقضاء ما نسي أو ترك منه من سننها أو فروض الحج مما لم يفت وقته، أو نقص حد من حدود ذلك، وكذلك في اختلال أركانه، كترك الطواف، أو شوط منه، |أو من السعي، أو الطواف منكسا، أو على غير وضوء، أو على سقائف المسجد دون زحام اضطره إليها، فإنه يرجع فيفعله على ما يجب، فإن لم يذكر ذلك حتى يرجع إلى بلاده فليرجع إلى مكة على إحرامه، ويقض ما فاته، ويقض ما أفسده. ويلزم الهدي لفساد الحج وفواته، بدنة، وكذلك للمحصر بمرض مع التمادي على أحكامه حتى يحج أو يعتمر، وكذلك يلزم الهدي من تمتع أو قرن. والهدي هنا شاة، وكذلك كل من ترك سنة من واجبات سننه ومؤكداته كمتعدي الميقات دون إحرام، وترك الرمي حتى فات وقته، وترك النزول بمزدلفة، وترك ركعتي الطواف الواجب حتى رجع إلى بلاده، أو التلبية جملة، أو طواف القدوم لغير المراهق، أو تقديم الحلق على رمي جمرة العقبة، أو دخول مكة حلالا، أو ترك طواف الإفاضة أو بعضه حتى خرجت أشهر الحج؛ فمن لم يجد الهدي من هؤلاء كلهم ممن كان قد لزمه الدم قبل عمل الحج منهم، كمتعدي الميقات والقارن والمتمتع وشبهه، فليصم عشرة أيام، ثلاثة في الحج آخرها أيام التشريق، وسبعة بعدها، ومن عداهم صاموها متى شاءوا.وأما الجزاء فلقتل الصيد وأكله، كما قال الله عز وجل : ﴿ فجزاء مثل ما قتل من النعم﴾، ينحر بمنى إن وقف به بعرفة وإلا فبمكة، أو قيمة الصيد طعاما، أو صيام يوم عن كل مد.وأما الفدية فلزوال الأذى، من حلق الرأس، ولبس المخيط، والخف، ومس الطيب، ونحو هذا مما منع المحرم، كما قال الله تعالى﴿ ففدية من صيام﴾، وذلك ستة أيام ﴿ أو صدقة﴾، وذلك إطعام ستة مساكين مدان لكل مسكين ﴿أو نسك﴾، وذلك شاة تخرج حيث كانت من البلاد. والله الموفق للصواب.هذه، وفقنا الله وإياك، قواعد الإسلام التي من جحد قاعدة منها فهو كافر حلال الدم، خارج من جملة المسلمين.فأما من تركها تهاونا واستخفافا مع اعترافه بوجوبها، فإن ترك اللفظ بالشهادتين ولم يقلها ولو مرة في عمره فهو كافر يقتل ولو قال مع ذلك :إني أقر بصحتها ، وأومن بمقتضاها.وأما الصلاة فيقتل تاركها إذا قال: لا أصليها، أو قال أصليها ولم يصل، قتل حدا لا كفرا على الصحيح، وقد قيل: يقتل كفرا وإن كان معترفا بوجوبها. وأما الزكاة فتؤخذ منه كرها إن منعها، فإن امتنع قهر على ذلك وقوتل إن كانت له منعة حتى يؤديها أو تؤخذ منه، وعلى المسلمين محاربته مع الإمام.وأما الصوم فمن تركه متهاونا أدب وبولغ في عقوبته، وحبس على التوصل إلى انتهاكه بما قدر عليه.وأما الحج فمن تركه بعد الاستطاعة عليه زجر ووعظ ووبخ، لكونه موسع الوقت.وذهب بعض العلماء إلى أن من ترك شيئا من هذه القواعد وإن اعترف بوجوبه فإنه كافر يقتل كتارك الصلاة، ولم يختلفوا في كفر جاحد وجوبها، ولا قتله.والله تعالى يعصمنا أجمعين من الزلل والخطأ، ويوفقنا لسديد القول والعمل، بمنه لا إلاه غيره، ولا رب سواه .وصلى الله على محمد نبيه المصطفى، وعلى آله وسلم تسليما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.