اراكَ نسيتَ يا ظبي الصريم
اراكَ نسيتَ يا ظبي الصريم المؤلف: مصطفى صادق الرافعي |
اراكَ نسيتَ يا ظبي الصريم
ليالي ذلكَ الأنسِ القديمِ
ولجَّ بكَ الجفاءُ فما تبالي
بما ألقى من الوجدِ الأليمِ
وطالَ عليَّ همُّ الهجرِ حتى
لقدء سئمتْ ملازمتي همومي
وكنتُ أرى لهذا الدهرِ حلماً
ولكن ضاقَ بي صدرُ الحليمِ
وعهدي بالهوى ملكاً رحيماً
فأينَ تعطفُ الملكِ الرحيمِ
ليالي والصبا غصنٌ رطيبٌ
يكادُ يمجُّ من ماءِ النعيمِ
فكم من ليلةٍ بتنا نشاوى
كما شاءتْ لنا بنتُ الكرومِ
وقد أوحتْ إليَّ بكلِّ معنىً
أخفَّ عليكَ من مرِّ النسيمِ
فمن غزلٍ كأنَّ السحرَ فيهِ
ومن عتبٍ كعافيةِ السقيمِ
ولا غيٌّ سوى غيِّ التَّصابي
ولا عبثٌ سوى عبثِ النديمِ
وبتنا والكؤوسُ مصففاتٌ
تباهي الجيدَ بالعقدِ النظيمِ
إذا رُحنا لها تحنو علينا
حنوَّ المرضعاتِ على الفطيمِ
وتخدعنا مدامتُها فتُغضي
كما يُغضي الحميمُ عن الحميمِ
جلوناها وعينُ الفجرِ توحي
لواحظَها إلى الليلِ البهيمِ
وكانَ الروضُ مطلولَ الحواشي
وذاكَ النهرُ مصقولَ الأديمِ
تعرضَ للنجومِ على جفاها
فزارتهُ خيالاتُ النجومِ
ويومٍ قد قطعناهُ حديثاً
ألذُّ من الأماني للعديمِ
على إفكِ العواذلِ واللواحي
وظنة كلّ أفاكٍ أثيمِ
يلاحظني وألحظهُ كلانا
كما نَظَرَ اليتيمُ إلى اليتيمِ
وما أنسى مواعدهُ وقولي
عسى يومٌ أهنأُ بالعقيمِ
ولا أنسى بكائي يومَ غنى
إذا غضبتْ عليكَ بنو تميمِ
فيا ريحانَ كلِّ فتىً شجيِّ
حبيبٍ أو خليلٍ أو كليمِ
ويا ملكَ القلوبِ وقد أراهُ
علا منها على العرشِ العظيمِ
لقد عذبتني بالهجرِ ظلماً
فهل لي من يعينُ على الظلومِ
وما أبقيتَ يومَ صددتَ روحي
فما تبقى من الجسدِ الرميمِ
أحاطَ بكَ الوشاةُ وكنتَ تدري
غوايةَ كلِّ شيطانٍ رجيمِ
فما لكَ حلتَ عن عهدِ التصابي
وما عهدُ التصابي بالذميمِ
تباركَ من أعدَّ لكلِّ صبٍّ
عذولاً من لئيمٍ أو كريمِ