الحمد لله ولي الحمد والثناء وأهل الكرم والنعماء حمد مستمتع بدوام نعمه ومستوزع للشكر على جليل قسمه ومؤد فرض محامده وآلائه ومستمد من فوائد كرمه ونعمائه وصلى الله على سيدنا محمد نبيه المكين ورسوله الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الكرام المنتجبين وسلم وعظم ومجد وكرم وبعد فإنني لما أعنت على تصنيف كتابي المسمى أحدهما بإغراب العمل في إعراب أبيات الجمل والآخر المسمى الوضاح في شرح أبيات الإيضاح أردت أن أعززهما بثالث يجري في مسارهما ويحسن في تتبع آثارهما ذكر ت من عجائب اللغة التي شرف الله قدر منزلتها وجعل علم الدين والدنيا منوطا بفهمها ومعرفتها ما بينت فيه ما أتفقت مبانيه واختلفت ألفاظه ومعانيه.
ودعاني ذلك إلى أن أشفعه بما أتشفع به إلى مجلس المولى الأجل الأشرف الأمين بهاء الدين أبي العباس أحمد بن القاضي الأجل الفاضل أبي علي عبد الرحيم بن القاضي الأجل الأشرف بهاء الدين أبي الحسن علي لأنه أعزه الله فريد دهره ووحيد عصره يرى بالعلم ما لا يراه الظمئان بزلال قد عذب أو المحب بوصال من أحب فهو كما قال الشاعر:
ولنعم سوق العلم أنت لمن كسدت عليه بضاعة العلم
قاض أدق الناس معرفة يرمي ويعلم موقع السهم
جمل الله وجود الجود ببقائه وارتقائه وثبت سعود الصعود بإدامة مجده وعلائه وذب عن مسالك الممالك بحراسة حوبائه وبذل حبائه.
فحملت هذا المؤلف إلى خزائنه المعمورة بدائم عزه وبقائه المبرورة بصالح ادخاره واقتنائه تيمنا بانضمامه إلى حاشية مالكها وانتظامه في سلك عقود ممالكها فإن وافق إصابة الغرض أعين على أداء المفترض وإن وقع دون المرمى وكنى عن غير ما أسمى فما أولى المولى أيده الله لإقالة الكبوة وتغمد الهفوة وسد الخلل ورد الزلل والله أسأل الإعانة على تنفيذ خدمه ومراسمه ومشاهدة أعياد الزمان بدوام أيامه ومواسمه ليكون من ذخائر آدابها ونفائس جواهر علومها وألبابها ولله أرغب في إتمام ذلك بلطف السؤال ودرجه في صحف العمل المقبول إنه ولي الإجابة وأهل الرغبة والإنابة وهذا حين ابتدئ الكتاب والله الموفق للصواب فمن ذلك ما أخبرني به الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن محمد ابن حامد بن مفرج بن غياث الأرتاحي قراءة عليه وأنا أسمع قال أنبأني الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي وقال أخبرنا أبو اسحق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال قال أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل بن خرذاد النجيرمي قال أخبرنا أبو القاسم جعفر بن شاذلي القمي قال أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد قال حدثنا أبو العباس محمد ابن يزيد المبرد بجميع ما اتفق لفظه واختلف معناه من القرآن قال أبو العباس: هذه حروف ألفناها من كتاب الله عز وجل متفقة الألفاظ مختلفة المعاني متقاربة في القول مختلفة في الخبر على ما يوجد في كلام العرب لأن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين واختلاف اللفظ والمعنى واحد واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين قال المبرد فأما اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين نحو ذهب وجاء وقام وقعد ويد ورجل وفرس وحمار.
وأما اختلاف اللفظين والمعنى واحد فكقولك ظننت وحسبت وقعدت وجلست وذراع وساعد وأنف ومرسن.
وأما اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين فنحو قولك وجدت شيئا إذا أردت وجدان الضالة ووجدت على الرجل من الموجدة ووجدت زيدا كريما أي علمت.
ثم قال بعد ذلك فمما اتفق لفظه واختلف معناه قول الله عز وجل: (إلا أماني وإن هم إلا يظنون) هذا لمن يشك ثم قال: (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم فهذا يقين).