إِنَّمَا فَازَتْ قِدَاحُ المَنَايَا
إِنَّمَا فَازَتْ قِدَاحُ المَنَايَا المؤلف: ابن دريد |
إِنَّمَا فَازَتْ قِدَاحُ المَنَايَا
يومَ حازتْ خصلها بتنوفا
يَوْمَ قَالَتْ لِلرَّدَى اسْتَقْصِ حَظِّي
يَوْمَ لَمْ تَصْطَفِ إِلاَّ الشَّرِيفَا
وَصُنِ التَّالِدَ مَجْدَاً وَعِزّاً
إِنَّ عَجْزاً أَنْ تَصُونَ الطَّرِيفَا
واحدٌ أفضلُ منْ ألفِ ألفٍ
فَخُذِ الوَاحِدَ وَاسْفِ الأُلُوفَا
إنما انهضتْ هضابُ المعالي
وَاكْتَسَتْ أَقْمَارُهُنَّ الخُسُوفَا
يومَ سقى الدهرُ أرواحَ قومي
تَحْتَ ظِلِّ الخَافِقَاتِ الحُتٌوفَا
عجباً منْ جرأة ِ الموتِ إذْ لمْ
يَنْقَمِعْ عَنْهُمْ مَرُوعاً مَخُوفَا
وَبِهِمْ كَانَ يَرِيشُ وَيَبْرِي
وَبِهِمْ كَانَ يُجِيلُ الصُّفُوفَا
فقدهمْ هدَّ منَ المجدِ ركناً
كَانَ، عَمْرُ اللَّهِ، صَعْباً مَنِيفا
فقدهمْ غادرَ ما روضتهُ
هضباتُ الجودِ قلاًّ قصيفا
فقدهمْ غادرَ ما شملتهُ
نَفَحَاتِ العَرْفِ حُزْناً حَلِيفَا
فقدهمْ غادرَ منْ بعدِ لينٍ
خَفْضَ عَيْشِ النَّاسِ فَظّاً عَنِيفَا
إنَّ بالروضة ِ عصوادَ حربٍ
قَطَّعَتْ فِيهِ السُّيُوفُ السُّيُوفَا
طفقتْ تجدعُ فيهِ رجالُ الأ
زدِ جهلاً بالأكفِّ الأنوفا
حكمَ الموتُ فضمَّ إلى الســــ
ـادَة ِ المَحْضِ لَفَاءً لَفِيفَا
يَا لَهُ مِنْ مُسْتَكَفِّ حِمَامٍ
وَاجَهَتْ فِيهِ الصُّفُوفُ الصُفُوفَا
سدلَ النقعُ عليهمْ سجوفاً
هَتَكَتْ فِيهِ الرَّدَايَا السُّجُوفَا
فترى الأرواحَ تجتثُّ سوقاً
وَتَرَى فِيهِ المَنَايا وُقُوفَا
صارَ منْ صوبِ الدماءِ ربيعاً
صَارَ مِنْ كَيِّ الضِّرابِ مَصِيفَا
ما انجلى حتى اكتستْ منْ دجاهُ
بهجة ُ الأرضِ ظلاماً كثيفا
تَرَكَ الدَّهْرُ وَسَاعَ المَعَالِي
بَعْدَ شَيْخِ الأَزْدِ نَصْرٍ قَطُوفَا
يا سويدَ بنَ سراة ٍ ترقبْ
ضَرْبَة ً تَجْتَثُّ مِنْكَ الصَّلِيفَا
قَدْ كَفَاكَ النُّجْحُ يَوْماً
تتركُ الصاحيَ منهُ نزيفا
وابنُ منهالٍ سعيدٌ سيسقى
بِظُبَاة ِ البِيضِ سُمًّا مَدُوفَا
مثلَ ما مدتْ يداهُ اختلاساً
لفتى الشيخينِ نصلاً نجيفا
إِنْ تَكُنْ أَسْلاَفُ قَوْمِي تَوَلَّوا
فَلَقَدْ أَبْقَوْا أُنَاساً خُلُوفَا
سنجاري الوترَ بالسفحِ حتى
يَدَعَ الصِّنْفُ لَدَيْهِمْ صُنُوفَا
عكفَ الدمعُ على كلّ عينٍ
رأتِ الطيرَ عليهمْ عكوفا
كيفَ لا نأسى عليهمْ لحربٍ
تَتَحَدَّى بِالزُّحُوفِ الزُّحُوفَا
كيفَ لا نأسى عليهمْ لعانٍ
عَصَّبَ الأَرْكَانُ مِنْهُ الرَّصِيفَا
كيفَ لا نأسى عليهمْ لخطبٍ
تجفُ الأكبادُ منهُ وجيفا
كيفَ لا نأسى عليهمْ إذا ما
أَلْجَأَ الخَوْفُ المُضَافَ اللَّهِيفَا
عَجَباً لِلأَرْضِ كَيْفَ طَوَتْهُمْ
في الثوى الغامضِ طيا لطيفا
وَهُمُ الهَضْبُ الشَّوَامِخُ عِزّاً
وَهُمُ الأَبْحُرُ سَيْبَا وَرِيفَا
أبلغا فهماً وإنْ جشمتهُ
حلقاتُ النكلِ مشياً رسيفا
لاَكَهُ نَابُ المُبِيرِ المُعَادِي
مَرَّة ً ضَغْماً وَطَوْراً صَرِيفَا
وَهْوَ قُطْبُ الأَزْدِ أَنَّى اسْتَدَارَتْ
شاءَ أنْ يعدلَ أوْ أنْ يحيفا
أفلا تعلمُ راشدُ أنَّ ذا اللــــــ
بِّ لاَ يُقْدِمُ حَتًّى يَطِيفَا
وَكَذَاكَ الصَّقْرُ إِمَّا تَعَالَى
فَهْوَ لاَ يَنْحَطُّ حَتَّى يَعِيفَا
فوقِ السهمَ ولا ترمِ حتى
تَعْرِفَ النَّزْعَ لِكَيْ لاَ يَصِيفَا
إِنْ يَكُنْ يَوْمٌ تَصَدَّى بِنَحْسٍ
فلعلَّ السعدَ يأتي رديفا
أَوْ يَكُنْ مَا انْفَكَّ لَدْغُ زَمَانٍ
فَعَسَاهُ أَنْ يَرُفَّ رَفِيفِا
لا تهللنْ فربتَ ريحٍ
قدْ قفا منها النسيمُ الهيوفا
ليسَ يومُ الروضة ِ الدهرَ جميعاً
إنَّ للأيامِ كراً عطوفا
جَرِّدِ العَزْمَ وَشَمِّرْ لِيَوْمٍ
يَتْرُكُ العَارَ الثَّقِيلَ خَفِيفَا
أقعودٌ والقلوبُ تلظى
فانبذِ المغفرَ والبسْ نصيفا
ليسَ ينجو المشمئزُّ بكودِ الضـــ
ــالِ أوْ يدني إليهِ الغريفا