إِلَيكَ التَهاني تستحث وُفودُها
إِلَيكَ التَهاني تستحث وُفودُها المؤلف: شكيب أرسلان |
إِلَيكَ التَهاني تستحث وُفودُها
وَفيكَ القَوافي يُستَمالُ شُرودُها
وَتُسلِكُنا فيها مَعانيكَ هَينَةً
إِذا اِستَصبَحَت أَقبالُها وَنُجودُها
تُعاتِبُ عَزمي فيكَ كُلَّ خَليقَةٍ
عَلَيها سَرابيلُ العُلى وَبُرودَها
كَأَنّي قَرَضتُ الشِعرِ قَبلَ زَمانِهِ
لِيوجِبَ في يَومٍ عَلى نَشيدِها
وَكُنتُ إِذا ما اِعتَمتُ صَمتي عَنِ الثَنا
أُكَلِّفُ نَفسي خُطَّةً ما تُريدُها
فَإِن كُنتُ لِلحُسنى عَميداً وَصاحِباً
فَإِنّى مَديحاً صَبَّها وَعَميدَها
وَإِن صيغَ عِقدُ المَدحِ فيكَ فَطالَما
تَحَلَّت بِكَ العَلياءَ وَاِزدانَ جيدُها
كَأَنَّكَ مِن ماءِ الشَهامَةِ مَنهَلٌ
تَظَلُّ العُلى حَرى إِلَيهِ كُبودُها
لَقَد شَمِلَت مِنكَ الجَميعُ بِلُطفِها
شَمائِلَ يُزري بِالشُمولِ وُرودُها
وَقَد فُزتُ حَظّاً بِالمُعَلّى مِنَ العُلى
فَتَقَدَّحَ ناراً في يَدَيكَ صُلودُها
حَصَلتُ عَلى شَمِّ المَعالي فَلَم يَزَل
بِأُفقِ العَنانِ البَدرَ وَهوَ حَسودُها
صَبَوتُ إِلَيها وَهيَ نَحوَكَ قَد صِبتُ
فَلا غَروَ أَن تَفتَنَّ بِحُسنِكَ غيدُها
غَلَبتُ القَوافي كُلَّها وَسَبَقتُها
وَإِن يَزرُ بِالدرِ النَضيدِ نَضيدُها
بِهِمَّةِ مِقدامِ العَزيمَةِ لا تَرى
عَياءَ وَلا وَقعُ الصِعابِ يَؤودُها
وَأَخلاقُ مَيمونِ النَقيبَةِ ما يَني
يَصوبُ بِها غَيثُ الثَنا وَيجودُها
فَتى لَو أَعارَ الشَمسَ ضَوءَ جَبينِهِ
لَمّا ساغَ تَحتَ الدَجُنِّ يَوماً رُبودُها
وَلَو لا بَسَ الظَلماءَ نورَ جَنانِهِ
لَما اِحتيجَ مِن نورِ الصَباحِ وَقودُها
وَلَو مَزَجَ اللَهُ الحَياةَ بِلُطفِهِ
لَمّا اِحتَمَلَت سَقمَ الجُسومِ جُلودِها
نَشا كَلَفاً بِالمَكرُماتِ فَلَم تَزَل
لَهُ نَفَحاتٌ لَيسَ يَجحَد جودُها
إِلى الغايَةِ القُصوى مَنازِعُ هَمِّهِ
فَأَقرَبُ هاتيكَ المَغازي بِعيدِها
توليهِ ذاتَ الأَروعِيَّةِ نَفسَهُ
عَلى عَقَباتٍ لا يُرامُ كُؤودِها
يَهتِكَ أَستارَ المَغالِقِ حَزمَهُ
لَدى مُعضِلاتٍ لا يُنادي وَليدُها
إِذا اِعتَرَضَت دَهمُ عَوابِسٍ في الوَرى
فَمِنهُ لَهُم مَهديها وَرَشيدُها
عَلى مُلتَقى سُبُلِ المَعاني تَخالُهُ
فَمُبتَدِرٌ مِن كُلِّ صَوبٍ يَصيدُها
أَما لَت لَهُ كُلِّ القُلوبِ مِنَ الوَرى
مَكارِمٌ تَترى في القُلوبِ قُيودَها
لَقَد أَلِفَ الأَفضالَ وَهوَ رَبيبُهُ
وَهَل تَألَفِ الأَغيالَ إِلّا اِسوَدَّها
وَلا قَت بِهِ زَهرَ السُعودِ جُدودَهُ
كَما تَتَلاقى في البُروجِ سُعودَها
رَعى اللَهُ مَن يَرعى المَوَدَّةَ وَالوَلا
بِباصِرَةٍ ما يَطَّبيها هُجودَها
أَيا حَسَناً لَم يَبقَ حَسَناً لِغَيرِهِ
بِرِفعَةِ شَأنٍ لَم يَزَل يَستَزيدَها
وَيا مَخولاً لا تارِكاً طارِفَ العُلى
إِذا كانَ أَولاكَ الغِناءَ تَليدَها
عَشِقنا مَعانيكَ الحِسانَ وَإِنَّها
وَحَقُّكَ عَينٌ لا يُطاقُ صُدودَها
تَضاحَكَ ثَغرُ الأُقحُوانِ ثُغورَها
وَتَفضَحُ وَاللَهُ الشَقيقُ خُدودَها
تَباهَت بِكَ الأَقلامُ أَنَّكَ رَبَّها
وَأَنَّكَ مَطبوعُ المَعاني مَجيدُها
فَخُذها مِنَ الشِعرِ العِراقي غادَةً
تَناهَت إِلى ماءِ السَماءِ جُدودَها
عَلى غَيرِ عَهدٍ بِالثَناءِ وَلَم يَكُن
حِداها إِلى ناديكَ إِلّا عُهودَها
وَقَد أَنفَذَتها نَحوَ مَدحِكَ هِمَّةً
تَجاذَبَها إِقدامُها وَقُعودَها
أَخا الحُسنِ فَاِهنَأ بِالزَفافِ الَّذي زَها
وَدامَت لَكَ الدُنيا وَأَنتَ سَعيدُها
وَدُم بِهَنا هَذا القَرانَ مُمَتَّعاً
قَرينُكَ مِن هَذي الحَياةِ غيدُها
بَقيتَ بَقاءَ الدَهرِ فَخراً لِأَهلِهِ
وَخُلِّدَت لَو نَفسٌ يَرجى خُلودُها
وَلا زِلتَ بَدرَ الشَرقِ ماذَرَّ شارِقٌ
وَما طَلعَةَ الإِصباحِ لاحَ عَمودُها