إني ليطربني العذولُ فأنثني
إني ليطربني العذولُ فأنثني المؤلف: صفي الدين الحلي |
إني ليطربني العذولُ، فأنثني،
فيظنُّ عن هواكم أنثني
ويلذُّ لي تذكارُكم، فأعيرُه
أُذناً لغيرِ حديثِكم لم تأذَنِ
وأقولُ للاحي الملحّ بذكرِكم:
زدني، لعمرُ أبيك، قد أطربتني
أسكَرتَني بسُلافِ ذكرِ أحبّتي،
يا مُترِعَ الكاساتِ، فاملأ واسقنِي
يا ساكِني جَيرونَ جُرتم في الهوى،
الجورُ شرُّ خلائقِ المتمكنِ
وسمعتمُ قولَ الوشاة ِ، وإنّه
ظنٌّ رميتُ بهِ بغيرِ تيقنِ
أيسومُ إشراكي بدينِ هواكمُ
مَن لَيسَ في شرعِ الغَرامِ بمؤمنِ
يا عاذلي إنْ كنتَ تجهلُ ما الهوَى،
فانظُرْ ظِباءَ التُّركِ كيفَ تركنني
واعجبْ لأعينهنَّ كيفَ أسرنني
من مَعشري وأخَذَننَي من مأمني
بيضُ الطُّلى سمرُ القدودِ نواصعُ الـ
وَجَناتِ حمرُ الحَلي سودُ الأعينِ
ومن كلِّ فاضحة ِ الجبينِ كأنّها
شمسُ النارِ بدتْ بليلٍ أدكنِ
يسمو لها كحلٌ بغيرِ تكحلِ،
ويزينُها حسنٌ بغبرِ تحسنِ
ومضعف الأجفانِ فوقَ لحظَه
نبلاً على بعدِ المدى لم يخطبني
إن قلتُ: مِلتَ على المُتَيَّمِ، قال لي:
أرأيتَ غصناً لا يميلُ وينثني
أو قلتُ: أتلفتَ الفؤادَ، أجابني:
دعني، فما أخربتُ إلاّ مسكني
أو قلتُ: يا دنيايَ، قال: فإن أكن
دنياكَ لمْ أنكرتَ فرطَ تلوني
لم أنسَ إذ نادمتهُ في ليلة ٍ
عدلَ الزمانُ بمثلها لم يمننِ
والرّاحُ تبذلُ في الكؤوسِ كأنّها
لَفظٌ تَلجلَجَ من لسانٍ ألكَنِ
حتى إذا ما السكرُ ثقلَ عطفَه
كسلاً، وسكنَ منهُ ما لم يسكنِ
عاجلتُه حَذَراً عليهِ من الرّدى،
عجلَ الجفونِ إلى حفاظِ الأعينِ
وضمَمتُه من غيرِ موضِعِ رِيبَة ٍ،
وأطعتُ فيهِ تعففي وتديني
نحنُ الذينَ أتَى الكتابُ مخبراً
بعفافِ أنفسنا وفسقِ الألسنِ
وكَذاكَ لا أنفَكُّ أُلقي مِقوَدي
طوعَ الهوى، وأعفُّ عند تمكّني
فإذا أقمتُ جعلتُ أنباءَ العُلى
سكَني، وأبنَية َ المَعالي مَسكَني
وإذا رحلتُ، فجنتي أجم القنا،
وعلى متونِ الصافناتِ تحصني
ولكم ألفتُ الإغترابَ، فلم يزلْ
جوادُ ابنِ أرتقَ في التغربِ موطني
الصالحُ الملكُ الذي إنعامهُ
كَنزُ الفَقيرِ، وطَوقُ جيد المُغتني
ملكٌ يريكَ، إذا خطبتَ سماحه،
عذرَن المسيءِ وجودَ كفّ المحسنِ
متألقٌ، متدفقٌ، مترفقٌ،
للمجتلي، والمجتدي، والمجتني
بفضائلٍ، وفواضلٍ، وشمائلٍ
قَيدُ الخَواطرِ والثّنا والأعيُنِ
فإذا تَبَدّى كانَ قيدَ عيونِنا؛
وإذا تلَفّظَ كانَ قيدَ الألسُنِ
يُرجى ويُخشَى جودُه ونَكالُه،
في يومِ مكرمة ٍ وخطبٍ مزمنِ
كالبَحرِ يُرغَبُ في جواهرِ لُجّهِ
عندَ الورودِ، وهولهُ لم يؤمنِ
يا طالباً منا حدودَ صفاتِه،
أتعبتنا بطلابِ ما لم يمكنِ
يا أيها الملكُ الذي في حربهِ
بالعزمِ عن حدّ الصوارمِ يغتني
لو أنّ رأيكَ للدجنة ِ لم تحلْ
صِبغاً، وللحِرباءِ لم تَتَلوّنِ
فإذا هززتَ الرمحَ نكسَ رأسهُ،
وأجابَ: ها إنّي كما عودتني
وإذا سألتَ السيفَ قال فرندُه:
لا علمَ لي إلاّ الذي علمتني
هذي يَمينُكَ والوغى ومَضاربي
ودَمُ الفَوارِسِ والظّما بي فاسقني
يا مَن رَماني عن قِسيّ سَماحِهِ
بسهامِ أنعمهِ التي لم تخطني
أغرَقتَني بالجُودِ مع سَأمي لهُ
رداً عليّ، فكيفَ لو قلتُ: اعطني
يعتادُني بالشامِ بركَ واصلاً،
طَوراً، وطَوراً في بِلادِ الأرمَنِ
ويَزورُني في غيبَتي، ويَحوطُني
في أوبتي، ويعودني في موطني
أتعبتني بالشكرِ أعجزَ طاقتي،
وظننتَ أنكَ بالنوالِ أرحتني
أخفيتَ بركَ لي، فأعلنَ منطقي،
لا يشكرُ النعماءَ من لم يعلنِ
شَهدتْ علومُكَ أنّني لك وامقٌ،
واللَّهُ يَعَلَمُ والأنامُ بأنّني
وعرفتُ رأيكَ بي، فلو كشفّ الغطا
عن حالة ٍ ما ازدادَ فيكَ تيقني
عودتني صفوَ الودادِ، فعدْ به،
واصبِرْ لعادَتكَ التي عَوّدتَني
واعذِرْ مُحبّاً حبُّه لعُلاكُمُ
طبعٌ، وصفو ودادِه من معدنِ
يعو لدولتكَ الشريفة ِ مخلصاً،
والناسُ بينَ مؤملٍ ومؤمنِ